حصون من جليد

By Durah2016

731K 13.4K 1.5K

غرفة ذات جدران قاتمة اللون رغم طلائها الفاتح ومكتبة برفوف ضخمة خشبية مدعمة بالحديد كي لا تتآكل مع مرور الزمن... More

1
2
3
4
5
6
7
8
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
50
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62 the end

25

10.2K 204 6
By Durah2016

الفصل الخامس والعشرون

سمعت طرقته على الباب فتنهدت ووقفت وفتحت له وأعلم ما

يريد سيطلب مني مجددا أن آكل معه , وقفت أمامه وأرخيت

نظري لا إراديا وعن نفسي لا أعلم لما أصبحت هكذا دمعتي

قريبة جدا ونظري أكره رفعه فيه , قال بهدوء ممزوج بالجدية

" جهزي نفسك سنذهب لمنزل عمي صابر ونتعشى معهم

فهم يصرون عليا من وقت "

التفتُّ وتوجهت لعباءتي ورفعتها دون كلام ولا اعتراض

ولبستها ورفعت قطعة القماش التي لازالت حجابي ولففتها

على رأسي وأنا أخرج مجتازة له وهوا يتبعني بنظره ثم سار

أمامي وفتح باب المنزل وخرج وخرجت بعده وأغلق الباب

وسار بجانبي هذه المرة ولم يركض هربا مني كالسابق وكان

الصمت ثالثنا حتى وصلنا وفتح الباب ودخل وأنا خلفه وحمحم

بصوت واضح ونادى إسراء فخرجت له راكضة لتتبعها الأخريات

الصغيرات وسلموا علينا واضطررت للنزول لهم لأن كل واحدة

تريد أن تحضنني وتقبل خدي رغم أنهم لا يعرفونني ولم يروني

سوا مرة واحدة إلا أنهم يعاملونني وكأني شخص منهم وكله حب

لآسر طبعا فهم ينادونه أخي قبل اسمه كشيء أساسي فلا تذكر أي

واحدة منهم اسمه إلا قائلة ( أخي آسر ) ويبدوا لأني زوجته صرت

عندهم بمكانته هوا لديهم , خرجتْ بعدها والدتهم قائلة بابتسامة

" وجدتم شخصا غير آسر تخنقوه بالأحضان والقُبل "

سويت حينها وقفتي مبتسمة ولم يعلق أي منا على كلامها ووصلت

عندنا وسلمت علينا ثم أدخلتنا لكن هذه المرة لغير الغرفة التي دخلتُ

لها سابقا حيث كان رجل يبدوا ناصف الستين أو قارب من السبعين

في العمر مفترشا الأرض مغطيا ساقيه بلحاف وثلاث من بناته يجلسن

حوله , سلم عليه آسر بأن قبل رأسه وسأله عن حاله ثم اقتربت أنا منه

وقبلت رأسه أيضا وقلت " كيف حالك يا عمي ومدك الله بالعافية

وأطال في عمرك "

قال مبتسما " وأطال في عمرك وأبقاك يا ابنتي ويوفقكما

وأسعدكما معا "

جلس آسر بجواره فجلست أنا عند الفتيات وخرجت والدتهم ومضى

بعض الوقت في السؤال عن الحال وأغلبه كان بين آسر والرجل ثم

الفتيات التي انظم لهن أللآتي خرجن لنا عند وصولنا وقال للتي

لازالت اللاصقة على عينها " هل مازالت تؤلمك "

هزت رأسها بلا وقالت " لم تعد كالسابق ونمت البارحة

ولم أستيقظ "

قال مبتسما " جيد سينزعونها لك قريبا إذا وعليك أن تلتزمي

بالعلاج وتحافظي عليها حسنا "

هزت رأسها بحسنا مبتسمة وقال والدها " لما لا تترك

علاجها للشهر القادم "

قال وهوا يسكب الشاي الموجود هنا من الإبريق في الكأس

" هذه عين والتعامل معها ليس لعبا ولن نؤجل من علاجها شيئا "

تنهد حينها وقال " ستستلف إذا وأعرفك لا تحب ذلك "

رشف رشفة من كوب الشاي وقال " لا تفكر في كل هذا

فقضية أموال والدتي باتت وشيكة "

قفزت إسراء حينها وقالت " هل سنذهب لمنزلنا الجديد الكبير قريبا "

نظر حينها ناحيتي من فوره فشغلت نظري بعيدا عنه قبل أن

يراني ووصلني صوته قائلا " نعم فالقاضي بنفسه أخبرني بذلك "

قالت إحداهن بسعادة " سنعيش هناك معا أليس كذلك "

قال آسر من فوره " أنتم نعم أنا لا "

رفعت نظري له كما الجميع فكان ينظر لي وأبعد نظره عني

لكوب الشاي في يده وقالت إسراء " وأين ستعيش ؟ "

قال بعدما رشف آخر ما في الكوب ووضعه مكانه " في منزلي

الحالي ومن أراد أن يذهب هناك ليذهب وحده أنا لن أغادر "

وكان الحديث موجها لي بالتأكيد ولن تفهمنه الصغيرات لكن والدهم

مؤكد فهم المغزى مثلي فكل مرة سآتيهم هنا سأتعرض للإحراج

وعليا أن أرضى وأسكت , نظرت لي إسراء وقالت

" أنتي ستأتي معنا أليس كذلك ؟؟ "

ابتسمت لها بحزن وهززت رأسي بلا فقالت بعبوس

" ولما لا تريدان كليكما العيش معنا "

قلت مبتسمة " إن كنتِ متزوجة ولك زوج هل تتركينه

وتعيشي في مكان آخر "

هزت رأسها بقوة وقالت " لا طبعا أسافر معه "

فضحك الجميع عليها فيما عدا آسر الذي لم أسمع صوت ضحكته

وقال والدها " كل هذا طمع تضنه سيسافر لتسافر معه هذه الجشعة "

ماتت حينها ابتسامتي وشعرت أن سيفا ضرب جسدي من كلمته ولا

شعوريا امتلأت عيناي بالدموع التي كنت أترجاها أن تجمد مكانها

ولا تنزل وأنزلت رأسي أرضا كي لا يلحظوا شيئا وقالت إحداهن

" والجشع كما قال أخي آسر يضعه الله في النار فويلك يا إسراء "

سقطت حينها دمعتي رغما عني على عباءتي ومسحت عيني سريعا

فقال آسر بهدوء " سراب أخبري عمتي في المطبخ أنك لا تحبين

البطاطا إلا نصف نضج فهي لا تعلم "

فوقفت من فوري وغادرت الغرفة ووقفت خارجها أمسح دموعي

فأنا آكل البطاطا كيفما كانت وهوا يعلم ذلك جيدا وأراد إخراجي

من الغرفة لأنه يبدوا لاحظ دموعي

*~~***~~*

بقيت سجينة السرير حتى عاد ولم يتأخر على ما يبدوا ومؤكد

أخبروه أني نمت مبكرا بسبب ألم رأسي , أغمضت عيناي

ومثلت الموت أكثر من النوم فأنا كنت البارعة في هذا ومن

صغري فكم خدعت تلك العجوز وشقيقها , سمعت باب الغرفة

انفتح وتتبعت صوت خطواته فيها وأول ما فعل أن لف جهتي

ورفع شريط الحبوب من الطاولة ثم رماه عليها ودخل بعدها

لغرفة الملابس وخرج ودخل الحمام , سترى نتائج تعمدك فعل

ذلك يا إياس وتريد مني اكتشافه وهذا الأكيد لكن الخوف أن يضن

أني استحليت الأمر وكررتها كي يفعلها مجددا , لا بأس في كل

الأحوال سيعرف حقيقة الأمر , بعد وقت طويل خرجت البيضة

المسلوقة فهوا إن استحم مات في الداخل , دسست شعري تحتي

بحركة سريعة وجمدت مكاني حتى شعرت بثقله على السرير

ورائحة الصابون وصلت أنفي وكأنه خرج به على جسده

بعد قليل قال " ترجمان هل أنتي مستيقظة "

وأنا طبعا ولا نفس جثة هامدة , شعرت به اتكئ ويبدوا على

مرفقه وقال بصوت فيه ابتسامة " لو فقط يبقى يؤلمك كل ليلة "

وشدني من ذراعي نحوه وأنا مات تنفسي من الصدمة حين قلبني

على ظهري وفسدت كل التمثلية التي أجدتها لسنوات حين شعرت

بشفتيه على عنقي فتوتر تنفسي بشكل كبير وانتفضت مبتعدة

عنه حين لامست أصابعه ياقة بيجامتي وقلت بحدة

" ماذا تفعل يا وقح "

سوىّ من جلسته ونظر لي بصمت بادئ الأمر ثم قال بسخرية

" أول مرة أسمع عن امرأة تقول لزوجها وقح في شيء من حقه "

أغلقت زر البيجامة الذي فتحه ووقفت خارج السرير وقلت

" أي حق هذا وأنت من أسقطه وتنازل عنه من أول ليلة بل

وقلت أن نفسك لا تهفوا لي ولن أؤثر بك مهما حدث "

بقي على صمته ينظر لي بجمود وأنا تنفسي كان في تزايد

مستمر, لم أتوقع منه ذلك توقعته سيكتشفني أو سيسخر مني

أو يتحدث عن مخططه لكنه لم يفكر حتى أني قد أكون لاحظت

ما فعله البارحة , حاولت تهدئة أنفاسي المتلاحقة ثم قلت

" ماذا فعلت ليلة أمس ؟ "

نصب ركبته ووضع ذراعه عليها فقد كان يلبس بنطلون من

دون قميص وقال بابتسامة جانبية " يفترض أنك تعلمين مثل الليلة "

قلت بحدة " تكلم ماذا غير الـ.... "

وتيبس لساني عن قولها بل وشعرت بالحرارة ارتفعت في جسدي

ولم أعرف حياتي شعور التوتر هذا إلا معه , حرك أصابعه في

شعره الرطب ولازال ينظر لي ببرود فقلت " قل ماذا فعلت "

أمال حينها ابتسامته وأشار برأسه وقال " تعالي أريك "

فتراجعت خطوة للخلف وقلت " تريني ماذا ؟؟ "

قال بذات ابتسامته " أريك ما تسألين عنه طبعا "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " وأين طار كل كلامك

ذاك واقتربت من الرجل عديمة الأنوثة التي لا تاستهويك

نفسك للمسها "

اضطجع على السرير ولم يجب فقلت بضيق " تكلم "

قال ونظره للسقف " إن تكلمت هل تستمعين للنهاية ولا

تهربي من الغرفة "

نضرت له بصدمة فما يعني بما يقول !! نظر جانبا لي وقال

" أو سأخبرك شيئا لقد غيرت رأيي بك هل لديك مانع "

سحبت الوسادة من السرير قائلة " لا طبعا ومنذ متى

كان لدي رأي "

ثم أخرجت لحافا من الخزانة ونمت على الأريكة فوصلني

صوته قائلا " ما النوم الذي في هذا الوقت ؟؟ ثم هل

تري هذا سيمنعني عنك إن أردت "

غطيت رأسي باللحاف وقلت " نعم لأنك كاللصوص

لا تأخذ إلا بالحيل "

ثم أبعدت اللحاف عن رأسي وقلت بصوت مرتفع

" وكاذب وتناقض نفسك ومـ... "

ثم صرخت وغطيت رأسي حين قفز من السرير متوجها

نحوي وهوا يقول " وليلتك لن تمر على خير يا ترجمان "

غادر عندها الأريكة ركضا ووقفت عند الزاوية وقلت بتهديد

" ابتعد أو قسما صرخت بعلو صوتي "

ضحك وقال متوجها نحوي " لن ينال الفضيحة غيرك "

التصقت بالجدار واقترب هوا حتى وقف مقابلا لي لا يفصلنا شيء

وأمسك وجهي بيديه وقال بمكر " الذنب عليك كنتِ أخذتي

الحبوب كليلة البارحة "

قلت بصدمة " فعلتها يا إياس "

قال بهمس " لا أعلم "

دفعته بكل قوتي وبلا جدوى وقلت بضيق " قل الحقيقة "

دفع يداي بجسده وقبّل خدي بقوة ثم قال مغادرات جهة السرير

" لن أقول شيئا وتعالي نامي هنا أو رميت الأريكة خارجا "

مسحت خدي بقوة أنظر له بغيظ , مستحيل كيف يفعلها ولا أشعر

ولما لا يريد قول شيء وتركي هكذا بين وبين فإن فعلها يكون أفسد

مخططي كله بأن أتحرر منه وأتركه , عاد للاضطجاع على السرير

نائما على ظهره متكئ على ذراعه وقال " تعالي أخبرك سرا "

قلت بضيق " إن فعلت شيئا فلن يكون حسابي معك يسيرا يا إياس "

قال بسخرية " حقا وما ستفعلين لي "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " أنت من حدد هذا ووافقت

أنا عليه وأنها ستكون فترة محددة وكلن يذهب في حال سبيله "

قال ببرود " قد أكون على الاتفاق ولن تخسري شيئا وقد

أكون غيرت رأيي ولن تخسري شيئا أيضا "

اقتربت من السرير بضع خطوات وقلت بحدة " بلى وحدي

من ستخسر وأنت تعلم ذلك جيدا "

نام وغطى جسده باللحاف ثم انقلب جانبا وقال وهوا يتثاءب

" تعالي نامي ورائي عمل يوم غد من الفجر وليس مثلك "

جلست على الأريكة ولم أنم حتى تأكدت من أنه نام وأنا أراقب

ملامحه لأتأكد , هذا المحتال كيف سأعلم حقيقة ما حدث ويبدوا

يتعمد عدم إخباري , أمسكت رأسي بقوة فكلما ترجح عندي أمر

منهما نسفه الآخر فقد نال مني هذا البيضة , وقفت واقتربت منه

لأتأكد من أنه نام وليس مثلي يجيد التمثيل , اقتربت أكثر وبقيت

أحدق في ملامحه , بيضة مسلوقة حقا لا أعرف كيف نمى له شارب

ولحية ؟ حتى أن لونهما بنيا من شدة بياضه , يع كيف يكون رجل

هكذا هذا فتاة متلثمة بشعرها , ابتسمت بخبث ومددت يدي للحيته

لأمسك شعرة منها وأنتفها فأمسك يدي بسرعة لأصرخ بفزع

وشدني للسرير متنحيا جانبا وقال " نامي أو قسما أريتك

ليلة كالبارحة "

شددت يدي منه بقوة ورميت يده عنها فقال مغادرا السرير

" أنتي لن تنامي ولن تدعي أحد ينام وليس هذا وقت نوم "

ثم وقف عند الباب وفتحه وقال مغادرا " هل تعلمي أنه

لك شيء يشبه الشامة في فخذك الأيمن "

ففتحت حينها عيناي على اتساعهما من الصدمة واختفى

هوا ضاحكا ومغلقا الباب خلفه

*~~***~~*

بقيت معهم في المطبخ الذي لا يقل سوءً عن مطبخنا ذاك حتى

أنهوا العشاء وأخذناه للغرفة وأغلبهن لم يجلسن معنا بل كيف

سنستطيع أن نجتمع جميعنا على سفرة واحدة أربعة عشر نفرا

وكنت طوال فترة العشاء ألوذ بالصمت وأكلت طبعا فلن أستطيع

أن أعتذر وأتحجج وحينما أخذوا الأواني غادرت معهم للمطبخ

وأصررت أن أغسل مع الفتيات الثلاث الكبار وأساعدهن بينما

البقية بقوا هناك لا نسمع سوا صوت الضحك والأحاديث المتفرقة

وآسر يشاركهم , يبدوا شخصا مختلفا هنا ليس ذاك الذي لا يعرف

سوا السخرية مني أو انتقادي والتسلي بي والذي تحول في الآونة

الأخيرة لغاضب مني دائما وقاسي , نظرت لصفاء وقلت ونحن

نجلي الأطباق معا " كيف والداك بهذا السن وأنتي في

الخامسة عشرة ؟؟ "

وضعت الصحن في المغسلة حيث ستشطفه دلال بالماء وتعيده

دالية لمكانه وقالت " والداي لم يرزقا بنا سريعا حتى عشر سنوات

أو يزيد وحين ولدت أنا كان أخي آسر في الخامسة عشرة "

قلت بصدمة " حقا كان كبيرا هكذا !! "

قالت مبتسمة " نعم وهوا من سماني صفاء وبعدها تتالينا كل

عام تنجب أمي واحدة ووالدي ربا أخي آسر منذ كان في الخامسة

والسنة التي دخل فيها كلية الشرطة كانت السنة التي ولدتُ فيها

ولم يتخرج منها إلا وأنا ودلال وداليا وعبير موجودات "

ثم تنهدت بحزن وقالت " وبعدها بثلاث أعوام أصيب والدي في

مكان عمله وهوا مقعد هكذا منذ ذاك الوقت "

قلت بحزن " يعني أنه على هذا الحال منذ ثماني سنوات "

هزت رأسها بنعم وقالت " وحين أصيب كنا سبع بنات وولدت

بعدها راوية وعلياء وإسراء وكله على أمل أن ينجبا ولدا يكبر

على الأقل ويساعد أخي آسر لكن الله لم يكتب ذلك وزادوا

على عنقه عدد الفتيات فقط "

غسلت الملعقة ووضعتها لداليا وقلت " الله لم ينساكم فمثلما

ربا والدكم آسر صغيرا وجده حين كبر "

نظرت لي وقالت " ألا يزعجك أنه يصرف راتبه علينا ؟؟ "

ثم نظرت للأرض وقالت " حتى أن فستانك ذاته الذي

زرتنا به سابقا ونحن السبب "

غسلت يداي بالماء لأزيل الصابون منهما ولففتها جهتي ممسكة

ذراعيها وقلت بجدية " صفاء لا تفكري أنتي ولا واحدة منكم في

هذا وآسر كما لا يقصر معكم لا يقصر معي وأنتم أولى مني لديه "

قالت داليا " لكنه رفض تزويج صفاء وقال أنه سيتكفل بدراستنا

جميعنا ويزوجنا أيضا فماذا إن لم يحصل على مال والدته من

زوجها السابق ؟ ستبقي كل حياتك في ذاك المنزل مثلنا "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " لو سمعكم آسر لغضب

منكما , ثم لو أنه ترككم لكنت غضبت منه فكيف ينسى

فضل والدك عليه "

ثم عدت لجلي الملاعق قائلة " ولا تخافا من كل هذا فآسر قال

أن قضية أمواله باتت وشيكة الحل وستنتقلون من هنا وتتغير

حياتكم فبسرعة ننهي عملنا قبل أن تأتينا والدتكم "

ضحكن معا وقالت داليا مقلدة لها " ألم تنتهين بعد يا كسولات

آسر وزوجته سيغادران وأنتن نائمات هنا ولم تعددن

ولا حتى الشاي "

ثم ضحكنا جميعنا وأنهينا باقي عملنا وسكبت دلال الشاي في

الكئوس وعدنا للغرفة , رغم أنها في الصف السابع الابتدائي

تبدوا تجيد كل شيء وتفهم كل شيء في الحياة وتبدوا أكبر من

سنها فهل صدق آسر حين قال أنهن لسن مثلي ولم يؤثر بهن

الفقر ؟؟ لكن لما لم يشعرن بما كنت أشعر ؟ ما المختلف بيننا

هل هوا وجود الأبوين والعائلة أم ماذا ؟؟!!!

بعدما شربنا الشاي غادرنا من عندهم وعدنا للمنزل في الصمت

الذي رافقنا ونحن ذاهبان لهم حتى وصلنا ودخلت وهوا يتبعني

وتوجه لغرفته قائلا " نهاية الأسبوع سأآخذك لزوجة أواس "

ودخل وأغلق الباب دون أن يضيف شيئا فتنهدت بأسى ودخلت

الغرفة وأغلقت الباب خلفي , على الأقل سأرى شقيقتاي أخيرا

فكم اشتقت لهما وخصوصا دُرر فلم أراها منذ ذاك اليوم في

قسم الشرطة أي قرابة الشهرين أو يزيد , خلعت العباءة وجهزت

فراشي ونمت نومتِ المعتادة مفترشة الأرض أحاول أن لا أفكر

في شيء بعدما حُسم الأمر ولن أخرج من هنا حتى لو استعاد

أمواله ولا أعلم يفعلها عمدا ليقهرني أم لسبب آخر ؟ أغمضت

عيناي وتمتمت بهمس " نامي يا سراب ولا تفكري في شيء "

*~~***~~*

جلست على طاولة التزيين لوقت ليس لشيء معين ولست

أعرف لما سوا لكي أكون مولية ظهري له بينما هوا مكانه

جالس على السرير وفي يده أوراق يراجعها أو لا أعلم ما يفعل

بها كل هذا الوقت ولا أسمع سوا صوت تحريكه لها من وقت

لآخر طويل , أي يأخذ في كل واحدة منها وقتا وليس يتحجج بها

مثلي , وما الذي سيضطره للتحجج فكل الأمر بيده يقول أطفئي

النور وينام من سيمنعه ؟ أنا مثلا التي بأمر واحد منه عاد مساءً

ووجدها في غرفته , إن أغضبته لن أنجى منه ولا من حساب الله

أيضا وهذا أكثر ما يكبلني ويبدوا كما يقولون إن شعر الرجل أنه

لا ظهر للمرأة يسندها لن يردعه عن أديتها شيء وأنا لا أحد لي

يخاف منه لذلك إن رضي علي تعامل معي بلين وإن غضب مني

عاقبني كما يريد , ترى ما وضع سراب لأنها مثلي لا أحد لها

عكس ترجمان عمها رئيسه ووالدته عمتها وسراب ليست مثلنا

تنظر للحياة من منظور مختلف وتافه حتى ترجمان أفكارها

تختلف عنها فكم يشغل بالي أمرها وأتمنى أن أعلم أخبارها

" دُره تعالي أريدك في أمر "

أخرجني صوته الجاد من شرودي فوضعت المشط الذي أمسكه

من وقت ووقفت وتوجهت نحوه ووقفت عنده فحتى اسمي غيّره

وعليا أن أرضى ولا أعترض , قال ونظره على الأوراق

في يده " تعالي اجلسي "

لففت حول السرير وجلست في الجانب الآخر فمد لي مجموعة

منها وقال " قارني لي هذه الأشهر أنتي عملتِ في محلات

عدة وتفهمين هذا بالتأكيد "

أخذتها منه ونظرت فيها قليلا ثم قلت " نعم سبق وعملت

على حاسبات ورقية مثلها "

مد لي قلم حبر وقال " إذا خلصيني من شيء لأنشغل

بغيره فالسنة قاربت على نهايتها "

أخذت القلم منه وأصبحت مثله عيناي على الأوراق وذهني

مع الأرقام أعمل عليها بتركيز حتى قلت " هل ستسافر

عمتك لترى ابنتها "

قال من فوره " سأتركها تأتيها لأيام وأخرج أنا "

نظرت له وهوا لازال ينظر لأوراقه ويكتب فيها وقلت

" لا .. اتركها هي تذهب لها "

نظر حينها لي بسرعة فقلت بنظرة ثابتة لعينيه " لماذا

ترفض مجيئها والبقاء هنا في وجودها "

لم يتحدث وعاد بنظره لأوراقه ففهمت أنه لن يجيب فعدت

بنظري لورقتي أيضا , لم أعد أريد مجيئها لأني لا أريد مشاكل

أكثر يكفي زوجته تلك تحملت غضبه مرارا بسببها وفي النهاية

اتهمتني بمحاولة قتلها , وضع الأوراق على الطاولة بجانبه

وقال " أطفئي النور وتعالي واتركي الورق والكلام

في هذا لغد "

*~~***~~*

نظرت للساعة في معصمي للمرة ما يقارب العاشرة وتأففت

وعدت بنظري للباب أراقب الداخلين والخارجين منه , تأخر كثيرا

من المفترض أنه هنا من ساعة , بعد قليل دخل من الباب متجنبا

الاصطدام بأحد المارة ونظر لي مبتسما ووصل عندي قائلا

" أعلم أني تأخرت ... آسف يا خالد "

قلت بضيق " وما أصنع بأسفك تتركني هنا في الصباح الباكر

لساعة كاملة ونسيت أنه ورائي دوام في الشركة "

سحب الكرسي وجلس أمامي وقال " سماح يا أخي كنت

مطرا وإلا ما كنت تأخرت "

قلت مباشرة " المهم بسرعة ماذا جد لديك "

هز رأسه بيأس وقال " والدتي مازالت مصرة أن لا أتزوجها

خصوصا بعدما رفضت شقيقتها شقيقي وقالت ستكون مطلقة

ولديها ابنة ومن ذاك الحديث الذي تعرفه لكني مصر

على رأيي ولن أتراجع عنه "

تنهدت وقلت " وأنا ضحية خططك يا بسام فلم ترى نظرات

شقيقها لي وأنا أخطبها منه , وضعي كان مزريا يا رجل "

قال بابتسامة صغيرة " لو لم تفعل هذا لن يوافقوا عليا يا خالد

فأن يصر عليها شقيق طليقها ستكون مصيبة ولا منجى لهم

منه سوا الموافقة علي "

قلت بهدوء حذر " اسمعني جيدا يا بسام إن كنت تنوي شرا

وتريد الانتقام منها فأخرجني من الموضوع يكفيها

ما رأته من شقيقي "

تأفف وقال " كم مرة ذكرتني بهذا يا خالد لا تنسى أنها

ابنة عمي ولن تشعر بها أكثر مني "

هززت رأسي في صمت فقال " والخطوة القادمة باتت

وشيكة ما أن تحكم المحكمة بطلاقها لأني أريد كلمة

فيها قبل أن تكمل عدتها "

قلت " وهي "

قرب وجهه مني قليلا مستندا بساعديه على الطاولة وقال

بصوت منخفض " تتحدث معها هي "

قلت بصدمة " ماذا !! ما هذا الذي تقوله يا بسام كيف أكلمها هي ! "

نظر حولنا وقال بضيق " أشششش أغلب رواد هذا المقهى

يعرفونني لا تفضح أمرنا يا رجل "

قلت بريبة " بسام أريد أن أفهم كيف تريد أن تتزوجها وتقول

أنها ابنة عمك وتخاف عليها وتطلب مني محادثتها "

هز رأسه وقال " لا تستعجل فهم الأمور أقصد أن تحاول فتح

الموضوع معها وهي سترفض بالتأكيد أي ستضغط عليها فقط "

قلت ببرود " بسام يكفي عند هنا ودوري انتهى ما أن أخبرتهم

أني سأصر عليها مرارا ولا أريد لها المشاكل فأبعدني عن باقي

مخططك وأقسم لولا معرفتي الجيدة بك ما وافقتك على هذا "

نظر جانبا وقال باستياء " جلبتك هنا دون نتيجة إذا "

فوقفت حينها وقلت مغادرا " إذا وداعا وأراك لاحقا "

ثم خرجت من هناك ركبت سيارتي وغادرت متمنيا أن لا

أكون سببا في مشاكل أخرى لها ولولا يقيني من نية بسام في

الزواج بها فعلا وتيقني من أخلاقه ومعدنه ما وافقته على كل

هذا لأني أعلم أن أهلها قد يضنوا بي وبها الظنون رغم

تأكيدي لإياس أنه لا شيء بيننا , وصلت الشركة ودخلت قسم

الموظفين وبدأ يومي الروتيني هناك الذي بدأته بالنظر لخلفية

هاتفي حيث صورة ندى ابنة مصطفى مبتسمة , كم أعشق هذه

الطفلة ولا أعلم لما فليست وحدها ابنة لأحد أشقائي لكنها تسرق

قلبي حقا ولا أطيق أن يمر أسبوع دون أن أراها وأسمع صوتها

وكلماتها المتقطعة , ماتت ابتسامتي عندما أظلمت شاشة هاتفي

معلنة أن وقت نظرتي الصباحية لها انتهت فنحينه جانبا وبدأت

عملي بجد وبدأ المكتب يعج بالعملاء لينهوا أوراقهم هنا ويصعدوا

للطابق الآخر ولم أرفع رأسي عن الملفات وطباعة الورق حتى

الثانية ظهرا وهوا وقت انتهاء يومي هنا فحملت هاتفي ووقعت على

انصرافي وخرجت وتوجهت من فوري للمنزل وما أن دخلت حتى

تقابلت والنازلة من السلالم فأنزلت رأسي وبصري عنها وقلت

بصوت مرتفع " أمي أين أنتي "

وتذكرت حينها تلك أن ترجع للأعلى راكضة فتوجهت للمطبخ

ووجدتها هناك وقلت بضيق " متى ستستحي زوجة ابنك على

وجهها أو ليخرج من هنا هوا وإياها "

نظرت لي وقالت بضيق مماثل " وما فعلته لك , لم يعد لدي

غيرك وهوا هل يخرج مثل إخوته أيضا وأبقى وحيدة ؟

أريد أن يكونوا أبنائه حولي "

قلت بضيق أكبر " فلتحتشم وتستر نفسها إذاً أليست

تعلم أنه يوجد شاب يعيش معكم هنا "

غسلت يديها متأففة ثم توجهت للخزانة قائلة " عروس

هل سنخنقها , ومؤكد لا تعلم بأنك هنا "

صررت على أسناني من الغيظ من تلك الوقحة وقلت " وكيف لا

تعلم أن هذا وقت قدومي فلم تدخل المنزل بالأمس فقط ثم لما

زوجته السابقة لم تكن هكذا وهي عروس "

نظرت لي نظرة حادة وقالت " هل تقارن هذه

بتلك الوقحة قليلة الحياء "

قلت بغضب " أمي أنا عشت هنا معها مثلك ولم أرى من

في أخلاق رغد , على الأقل كانت تراعي أن في المنزل رجل

آخر ولا تنزل إلا للضرورة وبحجاب وملابس ساترة , هذه

وكأنها في غرفة نومها فمعك حق لا وجه مقارنة بينهما "

كانت ستتحدث طبعا وتعترض والغضب على ملامحها أكبر

دليل لكني قطعت عليها الطريق بأن قلت مغادرا " نبهيها على

تصرفاتها أو أنا من سيخرج من هنا لتأخذ راحتها أكثر "

*~~***~~*

استيقظت صباحا ولم أجده فيبدوا نام خارج الغرفة , تكاسلت

كثيرا أمد يداي ثم غادرت السرير ودخلت الحمام وخرجت

صليت الصبح بما أن الفجر فآتني فهوا من كان يزن على رأسي

ويوقظني وكأن الله أرسله بدلا عن دُرر المزعجة , لبست بعدها

فستانا بألوان صيفية معاكس لأجواء الخريف الآن وزخات المطر

الرقيقة وجمعت شعري للأعلى ونزلت وأول ما قابلني شيء أصفر

مر مسرعا فابتسمت من فوري فهذه الطفلة ستسبب الجنون

لسدين بالتأكيد , وكما توقعت كانت تركض خلفها منادية

لها " ندى تعالي لن أتركك حتى تأكليه "

فنزلت أهز رأسي وعلى شفتاي ذات الابتسامة التي ترسمانها

هاتان الاثنتين كلما اجتمعتا أمامي , ما أن نزلت آخر عتبة حتى

كانت رغد خارجة من جهة غرفة الطعام وفي يدها علبة زبادي

وفي الأخرى ملعقة فتحولت ابتسامتي لسعادة فها قد خرجت من

غرفتها أخيرا , هذه العائلة أصبحت جزءً مني وأصبحت أشعر

بالفعل بالانتماء لها لو أزلنا ابنهم طبعا فهم طيبون حقا وطوال

هذه الفترة لم اسمع منهم أي كلمة جارحة ولا بغير قصد , قلت

بذات ابتسامتي " وماذا إن أمسكتم بها هل ستجبرونها على تناوله "

قالت بتذمر " عليها أكله فهي لا تحب الحليب وهذا

البديل الوحيد له "

رفعت كتفاي وقلت " هناك بدائل أخرى كقرنبيط

الزهرة مثلا غني بالكلسيوم "

قالت ونظرها على سدين قادمة وممسكة لندي بذراعيها

وتلك تبكي وترفس " الخضار تكرهه أيضا "

نظرت لهما أيضا وقلت " كله بسبب عمها وخالها يحضران

الحلوى والشيكولاته لها دائما فكيف ستأكل الخضار "

وصلت سدين حينها وهي تحاول إبعاد وجهها كي لا يكون

هدفا ليدي ندى التي ترميها في كل اتجاه وهزت رغد رأسها

وقالت بيأس " وكيف ستأكله وهي هكذا فمها مفتوح

على اتساعه "

ضحكت رغما عني ثم أخذته منها وقلت

" ندى هيا نضع فيه الشيكولا "

نظرت لي حينها ودمعة تتدحرج على خدها الصغير وقالت

بعد شهقة صغيرة " شيكولا "

هززت رأسي بنعم وقلت متوجهة جهة المطبخ

" اتبعيني بها فلا طريقة غيرها "

ثم دخلت هناك وهما خلفي وندى لازالت في قبضة سدين وقلت وأنا

أفتح الثلاجة " سنرى إن تركت لنا عروسنا سلسبيل شيئا هنا "

ثم أخرجت لوحا منها وأزلت غلافه وبدأت بكسره ورمي

القطع في علبة الزبادي على صوت ندى المعترض وهي

تمد يدها قائلة " لي أعتها لي جمان "

ولم آبه لها حتى خلطتها به وغرفت منه بالملعقة ومددتها

لفهمها قائلة " والآن أصبح أفضل أليس كذلك "

فأكلت الملعقة في الفور وجلست بها سدين على الكرسي

وقالت بتعب " أتعبتِ لي ساقاي من الركض يالك من مُتْعِبة "

ثم نظرت لي وأنا أطعمها وقالت لحظة خروج رغد من المطبخ

" متى قال إياس سيرجع اليوم ؟ مؤكد أخبرك "

نظرت لها محاولة إخفاء صدمتي فأين يكون وهوا البارحة

قال أن لديه اليوم عمل في المركز ! هل كان يكذب علي ؟ وكيف

سأنقذ نفسي من هذا المأزق الآن ؟؟ فلا خيار أمامي غير الكذب

عدت بنظري لندى وأنا أطعمها الملعقة الأخيرة وقلت

" لا لم يخبرني قال فقط قد يتأخر "

على صرخة ندى حينها وفمها مليء بالزبادي قائلة " إيااااث "

ونزلت من حجر سدين راكضة لمن وقف عند الباب أما أنا فتحولت

ملامحي لشيء يشبه الكرسي أمامي من الصدمة والإحراج وكأنه

يتعمد الظهور الآن ليُكذبني , رفعها للأعلى يقبل خدها بقوة بقبلات

متتالية وهي تضحك فتأففت ناظرة للسقف وحين نظرت لهما

كان ينظر لي وهوا يعض خدها وهي لازالت في ضحكة واحدة

فخرجت من هناك وللحديقة الخلفية فورا حيث عمتي وسلسبيل

ورغد التي تقطف بعض أوراق النعناع من أجل الشاي الذي كان

أمامهم , وصلت عندهم وقبلت رأس عمتي قائلة

" صباح الخير يا قمر "

فقالت مبتسمة " صباح النور اجلسي هيا كلي من

هذه الشطائر فأنتِ لم تفطري معنا "

جلست وسحبت لي واحدة منها وبدأت بأكلها لحظة خروج

إياس متوجها نحونا فتعمدت عدم لنظر جهته , وصل وقبّل

رأس والدته التي قالت بحنان " ماذا حدث معك بني "

جلس في الطرف الآخر مقابلا لي وسحب شطيرة له وقال

" كل شيء يسير على ما يرام وأخبرتك أني لن أتأخر

وها قد عدت مبكرا "

نظرت حينها له فكان ينظر لي مبتسما وكأنه يشمت بي لأني

ظهرت كاذبة أمامهم فتجاهلته تماما وسكبت كوب شاي وانشغلت

بشربه , حديثهم كان عن زواج سلسبيل وكيف سيتصرفون في عقد

قران سدين حيث أن سلسبيل ترفض فكرة جمعهما ورأي عمتي أن

يكون زواجهما معا حيث يكون سدين بعقد قران فقط أما سلسبيل

ستذهب مع زوجها وجيد أن سدين ليست هنا لصرنا في حرب

أما أنا فلم أشارك بشيء أشغل نظري عنهم بكل شيء حولنا

حتى وقف إياس وقال " سأرى ما يناسب أمين ونفعله وأفكار

النساء الناقصة هذه لا تدخل رأسي "

ثم لف حول جلستنا ومر من خلفي ووقف ورائي مباشرة ثم

انحنى لأدني ممسكا كتفاي بيديه وهمس فيها " لا داعي لأن

تغاري منها فهي مجرد طفلة "

ثم قبل خدي وغادر ليتركني آكل نفسي من الغيظ , وقح أنا غرت

منها ومن قبلاتك لها يا مريض , لا ويقبل خدي أمامهم وكأنه يقول

هذا تعويض لك , نظرت لعمتي فكانت تنظر له مبتسمة وهوا مغادر

أما سلسبيل فغمزت لي بمشاكسة فهددتها بأن عضضت على شفتي

وحمدت الله أن سدين ليست هنا طويلة اللسان تلك , كله بسببه

ذاك البيضة المغرورة

*~~***~~*

دخلت الحمام باللحاف كنهار أمس وكأنه لازال هنا ولست وحدي

في الغرفة , استحممت وخرجت بمنشفة الحمام هذه المرة وتوجهت

للخزانة فتحتها وأخرجت من الملابس التي اشتريناها يومها ولا

خيار أمامي غيرها فانتقيت بنطلون جينز وقميصا من الشيفون

بطبقتين كان أبيض اللون يميل للسكري وبه رسوم لأزهار كبيرة

باللون السماوي تقارب للون البنطلون وجففت بعدها شعري جيدا

بالمنشفة ثم نزلت للأسفل حيث أن مجفف الشعر ولباس الصلاة

هناك فلن أستطيع تجفيفه ولا أن أصلي الضحى إلا إن نزلت لغرفة

تلك الفتاة ولا يحق لي أخذ أغراضها للأعلى , وصلت للأسفل

لأفاجئ بالخادمات يخرجن بحقائب من ذاك الممر فوقفت

عندهم وقلت " ما هذا ؟؟ "

وقفت ووضعت الحقيبة على الأرض وقالت " هذه ثياب الآنسة

غدير , أمر السيد أواس بوضعها في حقائب لتأخذها السيدة

خديجة معها "

ثم عادت لحملها مجددا وتوجهت بها لباب المنزل ووضعتها

عنده وغادرت , يبدوا أنه قرر إخراج حتى ثيابها وسيقوم بإلغاء

غرفتها من المنزل فما هذا الجرم الكبير الذي ارتكبته بحقه أم أنه

كعادته يغضب من أي شيء ؟؟ لكن أن تدخل غرفته وهوا نائم

أمر لا يمكن تحمله من رجل لديه شهامة ويخاف الله حيث أنها

لم تخف ولا على نفسها فماذا إن كان دنيئا واستغل الوضع حينها

وأخسرها الكثير بسبب طيشها ذاك , توجهت للغرفة ودخلتها فكانت

فارغة سوا من أثاثها وإحدى الخادمات تخرج كيسا كبيرا فقلت قبل

أن تخرج " ماذا قال أواس بشأن الغرفة "

قالت من فورها " قال ننزل لها أغراض السيدة وجد "

نظرت لها بصدمة وكنت سأتحدث لولا أوقفتني اليد التي لامست

خصري وأرجفت جسدي بأكمله وقال صاحبها " هل أنهيتم كل شيء "

قالت الخادمة وهي ترفع الكيس " نعم وسننزل أغراضها كما أمرتنا "

وخرجت به تحمله بصعوبة ونظر هوا لي وقال

" هل من مشكلة يا دُره "

نظرت له فكانت ملامحه جامدة كعادته فنزلت بنظري للأرض

وقلت " بعض أغراضها كنت ... "

ولم يتركني أنهي كلامي وقال مقاطعا لي " ولما لم تخبريني

حين خرجنا "

نظرت له مجددا وقلت " المكان الذي أخذتني له لا يوجد

فيه ما كنت أسـ.... "

أبعد يده عن خصري وقاطعني مجددا وبضيق هذه المرة وقال

" كنتِ قلتِ أنك تحتاجين أشياء ليست هناك , نحن خرجنا

لتشتري ما تريدين ليس لأسوقك أنا حيث أريد "

كتمت غصتي في نفسي وتنهدت بقوة وضيق , يضع اللوم علي بينما

هوا وبائعاته لم يتركوني حتى أختار ما أريد , قال بذات ضيقه

" تكلمي خيرٌ من أن تسمعيني تأففك وتنهداتك "

رفعت نظري له وقلت " وإن تحدثت هل سيعجبك كلامي وتتقبله "

قال بذات ملامحه الجامدة ونبرته الحادة " إن كان يعكر المزاج

فاحتفظي به لنفسك وكفي عن التأفف وأنا أمامك "

أشحت بنظري بعيدا ولذت بالصمت لأني أعلم أمرا واحدا أن

كلامه لم ينتهي بعد وكما توقعت تابع قائلا بضيق " وكأني لست

موجودا لم تكلفي نفسك عناء إخباري ما تريدين وحتى الثياب التي

أحضرناها لم تلبسيها إلا اليوم , لا أكون لا أعجبك ولا أعلم "

أنزلت نظري للأسفل أفرغ ما بداخلي بضغطي على يداي في

بعضهما وقلت ببعض الضيق " هل سنصنع مشكلة من أجل ثياب

وأشياء تافهة , أخبرتك سابقا وقلتَ أنه ليس وقته فلم أفتح

معك الموضوع مجددا "

كان سيتحدث بل يبدوا كان سيصرخ بي هذه المرة لولا

دخلت عمته قائلة " أنا جاهزة هل نغادر "

فقال مغادرا " انتظرك في السيارة واسأليها ما تحتاج وأحضريه

معك من هناك فيبدوا أني لا أملأ عينها "

ولم أسمع بعدها سوا صوت خطواته الغاضبة مغادرا فهلاّ

شرح لي ما الذي فعلته أو قلته أزعجه أم عليا أن أسمع فقط

وأسكت ولا أدافع عن نفسي على الأقل , وجيد أن عمته دخلت

لكان تحول الأمر لشجار ولا أستبعد أن يسحبني لتلك الغرفة

مجددا , وما يعنيه بما قاله لها الآن ؟ لما عليها أن تشهد على كل

ما حدث بيننا , لا أعلم حتى متى سيعاملني كنكرة كخادمة من

خادمات منزله بل لا وضيفة لها سوا امرأة ينام معها حتى أبناء

منها لا يريد , قالت عمته ما أن غادر " ماذا بكما ؟؟ "

قلت ببحة مغادرة من أمامها " لا شيء "

فأمسكت يدي قبل أن أخرج وقالت " تحمليه يا دُرر أعلم أن

مزاجه متقلب وصعب التعامل معه لكنه ليس السبب في

ذلك ويستحق منك المحاولة "

سحبت يدي منها برفق وكنت سأغادر فقالت " أخبريني على

الأقل ما ينقصك لأحضره كي لا يغضب مجددا "

قلت مغادرة " لباس صلاة فلا بديل له هنا لما كنت طلبته "

ثم غادرت من عندها مسرعة وصعدت للأعلى

*~~***~~*

عند وقت الغداء وبعدما وضعته له على الطاولة ودخلت غرفتي

فاجأني بأن فتح الباب ودخل ودون حتى أن يطرق لكي أخرج

له كعادته , وقف واضعا يديه وسط جسده ينظر لي بضيق وأعلم

لما لأني لم آكل طبعا وما في الثلاجة كما هوا لم ألمسه , نظرت

للأرض أتجنب النظر له وخرج هوا من صمته قائلا " أَفهميني

فقط سبب توقفك عن تناول الطعام ؟ هل كله كرها لي "

ضغطت على يداي في حجري بقوة ونظري لازال للأسفل

وقلت بأسى " بل كره لي أنا وغضب من نفسي "

لاذ بالصمت ولا أعرف تأثير كلماتي عليه لأرفع نظري له

مصدومة حين قال بحزم " إذا لا تطبخي لي ولن آكل منك "

فهززت رأسي بلا دون كلام فقال " إذا أخرجي لتأكلي معي "

لذت بالصمت نتبادل النظرات وكان ينظر لي بتصميم على كلامه

فأنزلت نظري وقلت بشبه همس " وننسى كل ما حدث يومها "

قال من فوره " ليس بهذه السهولة يا سراب "

أغمضت عيناي بقوة وألم فخرج قائلا " انتظرك في الخارج

إن لم تخرجي فلن آكل "

مسحت الدمعة الوحيدة قبل أن تسبقها غيرها ووقفت وخرجت

وتوجهت للطاولة وجلست أمامه كي لا يكبر الأمر ويرفض

حتى طعامي فمن سيعده له ولا يمكنه جلب طعام جاهز من

المطاعم ولا أخذه من العائلة التي ربته , سمى بالله وبدأ الأكل

وبدأت آكل أيضا وفي صمت تام من كلينا

المخرج كلمات لإحدى مبدعاتنا أغاني الوفاء

حنت علينا رجالنا،،

بعد أن كنا مجرد

ترجمان: حمل ثقيل ..

سراب: هم بغيض..

درر:ألم من الماضي البعيد..

*****

فوقفنا نتعجب من سر هذا التغيير،،أهو

ترجمان:تحدي..

درر:حب ينهض من جديد..

سراب:أم تأنيباً للضمير؟؟!

*****

لازلنا لانفقه ماتخبئ الأيام لنا،، ولكن إلهي اجعلها...

درر: شفاءً من شبح الماضي..

ترجمان: حاضراً يبدد الأحزان..

سراب: حقوقاً تعود لأصحابها ،، فيزدهر ذاك المستقبل البعيد..

* سلمت الأيادي *

Continue Reading

You'll Also Like

71.5K 3.1K 10
رومان طالب عبقري بكلية الطب فى جامعة فرانكفورت الألمانية . يأمل ان تسير حياته بهدوء ، ولكن تنقلب حياته رأسا على عقب ؛ عندما يورطه صديقه مع أخطر و أق...
364K 39K 9
مَن اراد عالمنا فـ ليدخُل اليه حتى كتابنا لم يُفهم من عنوانهُ
262K 15.7K 43
قصه من أرض الواقع.. بقلمي أنا آيات علي ها أنا قد خلقتُ من الظُلم و العذاب الذي جار علي من وحش جبار فہ لقد وقعت بيد من لا يعرف معنى الرحمه و انهُ ذو...
3.1M 291K 42
• حقيقة.!!! يتشاءمون بالغُراب إِذا نعق ويتشاءمون من الغربيب إذا زهقّ بـكّرَ بُـكُورَ الغُـرابِ أذا تَـوهَق ماكـر وحـذر، شـرس، وسـفاحٌ جاء لِيشرق ويغ...