حرمتني النوم يا جمان

By rewaiati_soso

16K 824 148

كنت أعتقد طوال تلك السنوات أنك قد مت إلی أن رأيت العم خالد يدخل لغرفتك اليوم... دهشت حين رأيته...فقد غادر الح... More

الفصل الأول:قتلت طفلة!!
الفصل الثاني:عمرها ثمانية عشر
الفصل الثالث: جمان حية
الفصل الرابع: مجرد أوهام!
الفصل الخامس:معجزة طبية
الفصل السادس:هناك شرط
الفصل السابع:الخيار الصعب..
الفصل الثامن :سر مروان
الفصل العاشر: لست مريضاً
الفصل الحادي عشر: هوازن..
الفصل الثاني عشر:هل أنا سيئة ماما؟؟
الفصل الثالث عشر:انني أتألم..
الفصل الرابع عشر:طعم الحرية
الفصل الخامس عشر:جمان هنا
تابع الفصل الخامس عشر:جمان هنا..
الفصل السادس عشر:قرار
الفصل السابع عشر:اختطاف!!
الفصل الثامن عشر:المواجهة..
الفصل التاسع عشر:انه يحبني!!
الفصل العشرون:مذكرات قيد النسيان
الفصل الحادي والعشرون:بداية النهاية
الفصل الثاني والعشرون:ظلام
الفصل الثالث والعشرون:قلب طفلة
الفصل الرابع والعشرون:الى الجحيم..
الفصل الأخير:قفزة عبر الزمن
بعد ثلاث سنوات

الفصل التاسع:من أجل سارة

560 28 2
By rewaiati_soso




لم يلحظ أحد صراخي..


فقد قطع صوتي..

كل ما كنت أسمعه هو صوت ضحكات ذلك الخبيث نادر..

حاولت جاهدة معاودة الصراخ ولكني عجزت عن ذلك..

شعرت أن حبالي الصوتية قد بدأت بالتمزق..

ولكن لا فائدة...لا يوجد أي صوت لصراخي..

بدأت أفقد الاحساس بجسدي تدريجياً..

التفت الى النادر فوجدته ينظر الي باستهزاء..

وفجأة تحولت ملامحه الى الحزن..

اقترب مني وبدأ يتحسس شعري ويهمس بحنان:

سارة..سارة..هل أنت بخير..

وددت ان ابعد يده ولكني لم استطع الحركة..

اريد أن اصرخ..

اتركني ..لا تلمسني..

أين أنت يا مروان ..

بدأت الرؤية تتلاشى أمامي تدريجياً..

كلا ..كلا..لا اريد أن افقد وعيي..

اقترب مني اكثر الى أن بدأت أشعر بأنفاسه: سارة..سارة..

شعرت برغبة بالبكاء..

بدأت الرؤية تتلاشى الى أن أظلم كل شيء حولي..

لم أعد أرى شيئاً..

اسمع صوته وهو يهمس فقط..

سارة...سارة..

ولكن مهلاً..

هذا الصوت..

هذا الصوت هو صوت مروان..

فتحت عيني بسرعة ..

وبدأت أتلفت حولي بخوف..

دقات قلبي مرتفعة..

أنفاسي متسارعة..

لقد كان كابوساً..

نظرت الى مرون..

كان يجلس بجانبي وهو يتحسس شعري..

حين فتحت عيني... ابتسم براحة..

-الحمد لله..هل أنت بخير يا عزيزتي؟؟

ابعدت يده بحركة سريعة وبدأت اتلفت حولي بفزع:مروان اين انا ؟؟

-لا تقلقي يا عزيزتي..لقد كانت انتكاسة بسيطة وانتهى الامر ولكنك ستبيتين في المشفى اليوم..

نظرت اليه بخوف: مروان اخرجني من هنا..

قلتها ثم انفجرت بالبكاء..

حاول مروان تهدأتي:لا تقلقي يا عزيزتي سأخرجك حالما تتحسن صحتك.
ولكنك بحاجة لهذه المحاليل ولا استطيع اعطاءك اياها في المنزل..
أرجوك استلقي الآن انك بحاجة للراحة..

ازداد بكائي:مروان أنا خائفة..أرجوك أخرجني...

نظر الي بحنان: ولماذا تخافين..أنا بجانبك..لن أتركك أبداً.

اجبته بصوت متهدج:لقد رأيت نادر في حلمي..

لم يرد..نظر الي بصدمة ثم نظر الى الارض بارتباك..

تابعت حديثي:مروان اريد التنازل عن القضية..

اعاد نظره الي بسرعة:ولكن ..سارة..

قاطعته: مروان ارجوك..
كل ما اريده أن أعيش حياتي بهدوء ..
لم أعد أحتمل العيش هكذا مروان..
في اليوم الذي اخبرتني فيه انك تود رفع القضية قاموا بشج رأسك..
مروان ..لا أريدك أن تتأذى بسببي..
أنا...أنا.. خـــائــفــة..

أمسك بيدي ثم نظر الى عيني و بدأ يمسح دموعي وهو يهمس:صدقيني يا سارة انهم لا يجرؤون على فعل شيء..
انهم يرتعبون لرؤيتي لانهم يخافون الفضيحة..
على كل لا اريدك ان تفكري بهذا الامر الآن..اتفقنا؟؟

أومأت برأسي..

ابتسم بحنان:هيا اوقفي دموعك الآن والا تشوه وجهك الجميل..

لا أعلم كيف تلاشى الخوف بداخلي فجأة..

بدأت أشعر بالأمان..

نعم..أنا اسعد باهتمام مروان..

حتى وان كان بدافع الشفقة..

لا يهمني ان كان يحبني أم لا..

يكفيني أن يكون بجانبي..

يكفيني أن أعلم هذا..

أنني أحبه..
.
.
.

لا زالت مترددة في مراسلته..

أشعر بالخوف...

ان سألني من أكون..

مالذي سأقوله؟؟؟

بالطبع لن أخبره من أنا والا سيعلم أبي..

سأقوم بأخباره ثم أحذف رقمه و انتهى الامر..

ولكن الأفضل أن أخبره بهذا حين تذهب الخاله هوازن لهناك..

ابتسمت على اثر تلك الفكرة..

ستكون مداهمة خطيرة ههه..

قطع تفكيري على صوت الخالة هوازن: ألم تنامي بعد..

نظرت إليها بارتباك: اا..سأنام الآن..

وقفت من الأريكة وأنا أنوي الذهاب لغرفتي:تصبحين على خير..

وصلني صوتها:ان لم تكوني تريدين النوم فأنا احتاج لمساعدتك..

نظرت اليها باستغراب: أنا!!

ابتسمت بهدوء: نعم ان كنت ترغبين طبعاً..

اجبتها بعد تفكير: ولم لا..

في الحقيقة لقد انتابني الفضول في تلك اللحظة..انها المرة الأولى التي تطلب بها مساعدتي..

دخلت الى المطبخ ودخلت خلفها..

التفت الي: حنين هل تملكين أي حقيبة قديمة..

عقدت حاجبي:حقيبة؟؟

-نعم حقيبة مدرسية..

اجبتها باستغراب: نعم ولكن لماذا؟؟

ابتسمت : احضريها من فضلك سأخبرك الآن..

ذهبت الى غرفتي وبدأت أبحث عن الحقيبة..

انها امرأة عجيبة حقاً..

مالذي تريده بحقيبة!!

عدت الى المطبخ وأنا أحمل الحقيبة بيدي..

وجدتها تقوم بفرد العجين لصنع الفطائر..

نظرت اليها بدهشة: اوه متى قمت بصنع العجين..

نظرت الي بابتسامة: اعددتها منذ الصباح..هل أحضرتي الحقيبة..

أومأت برأسي وأنا أضعها على الطاولة..

وضعت يدي على خدي وبدأت أتأملها..

كم تحب هذه المرأة اجهاد نفسها..

بدلاً من صنع العجين لماذا لا تقوم بحشو الخبز فقط؟؟

ان قمت بحشو قطعة من الخبز ببعض الجبنة سأشعر بالشبع..

اما فطائرها هذه فحتى لو أكلت عشر حبات منها لن أشبع..

لم الحظ ان الابتسامة قد ارتسمت على وجهي الى ان سمعت صوتها..

-ههه ما الأمر هل هناك امر مضحك؟؟؟

نظرت اليها: ها ..كلا ولكني كنت اتساءل لم طلبت الحقيبة..

ارتمست على وجهها ابتسامة وقد لمعت عيناها بالدموع: حدث هذا قبل شهر من الحادثة تقريباً..
قامت عمتك أمل بشراء حقيبة مدرسية من أجل يوسف ..
وقتها بدأت جمان بالبكاء بدون توقف..
كانت تريد الذهاب للمدرسة هي أيضاً..

ضحكت بهدوء وهي تمسح دموعها: لقد كانت جمان تغار من يوسف كثيراً وتريد كل شيء يملكه..
قامت عمتك أمل بإعطائها احدى حقائب يوسف القديمة...
اوووه لقد طارت من الفرح في ذلك الوقت..
ومن يومها اصبحت أعد الفطائر وأملأ الحقيبة بها ..
وحين يذهب يوسف الى المدرسة اذهب مع عمتك وجمان الى السطح لتناول الفطور..
ههههه المسكين يوسف كان يتمنى أن يتغيب عن المدرسة للجلوس معنا..
أما جمان فقد كانت في قمة سعادتها ..كانت تظن ان هذه هي المدرسة...

نظرت الي بابتسامة:فكرت بأن أعيد تلك الذكريات الى جمان..

امتلأت عيناي بالدموع:لين فعلت هذا أيضاً..

عقدت حاجبيها: ماذا؟؟

اجبتها وأنا أعود بذاكرتي لتلك لأيام: حين دخلت الى المدرسة بدأت لين بالبكاء هي أيضاً..
في ذلك الوقت قامت أمي بشراء حقيبة من أجلها..
ههه وقتها كنت أقوم بدور المعلمة حين أعود للمنزل..
وأمي...أمي..
هه..

لم أستطع متابعة الحديث..نظرت الى الارض والدموع تملأ عيني..

وضعت الخالة هوازن يدها على كتفي وهمست بحزن: حنين..

نظرت اليها بعينين دامعتين: خالة هوازن..انا....أنا...افتقد أمي كثيراً..

خرجت مني تلك الشهقة لتعلن عن بكائي..

قامت الخالة هوازن باحتضاني، ليتفجر سيل الدموع المكبوت بداخلي..

لقد كانت تلك المرة الاولى التي اتحدث بها عن امي منذ وفاتها..

قد تستغربون هذا ولكنني لم أكن أبكي على أمي أمام أي أحد..

فمنذ توفيت أخبرني أبي أن أخوتي يحتاجون إلي..

كنت اتجنب ذكرها امامهم كي لا اضعف..

ادعي القوة من أجلهم..

ولكن في داخلي..

كنت مكسورة....حزينة ..وحيدة..

أمي..

أنا اقتقدك..

كثيراً..
.
.
.
بقيت بجانب سارة الى ان نامت أخيراً..

كانت خائفة جداً..

استطيع القول بأنها تعاني من فوبيا المستشفيات..

بعد ان اصيبت بالصرع قمت بنقلها الى مستوصف قريب من المنزل..

صحيح أن تكاليف العلاج هنا أكثر من تلك المشفى بكثير ولكن ماذا أفعل..

كانت حالتها ستسوء أكثر لو لم أحضرها ..

فقد استمرت تلك التشنجات لمدة تتجاوز الخمس دقائق..

لن أتمكن من علاجها في المنزل والا ساءت حالتها أكثر..

سارة..

لقد كانت أول حالة طبية تعالج تحت اشرافي..

ولكنني لم أكن أعلم أنها ستكون آخر حالة..

حين قدمت الى المشفى كانت تعاني من التصلب اللويحي..

لم تكن في مرحلة متقدمة من المرض ولكنها كانت تحتاج للبقاء في المشفى لفترة..

وبسبب كونها تعيش في قرية..

كان قدومها الى المشفى يشكل صعوبة عليها..

لهذا تركت سارة في المشفى حتى انتهاء فترة علاجها..

سارة فتاة يتيمة..

لديها أخ ولكنه يبلغ العاشرة من عمره فقط..

واختان في مرحلة المراهقة..

لا أعلم عمرهما بالتحديد..

لا استطيع نسيان ذلك اليوم الذي قامت فيه والدة سارة بتوصيتي على ابنتها..

امها امرأة بسيطة للغاية..

وثقت بي..

ولكن للأسف لقد خذلتها..

بدلاً من علاجها..تعرضت سارة لأسوء كابوس في حياتها بسبب نادر..

بسببه فقدت الثقة في كل من حولها..

اصبحت تكره المستشفيات..

تزوجت بها وحاولت اكمال علاجها في المنزل...

ولكني فشلت فشلاً ذريعاً..

خطأي لا يغتفر..

كيف اغفل عن تفقد أدويتها؟؟

اتمنى ان تحصل سارة على الرعاية المطلوبة هنا..

أما أنا..

فسأترك الطب نهائياً..
.
.
.

ذهبت الى فراشي لأنام بعد ان صليت الفجر..

أشعر بالارهاق..

فقد سهرت لوقت متأخر البارحة وأنا اراقب الخالة هوازن وهي تصنع الفطائر..

ولكنني لم أكد ادخل في النوم حتى سمعت صوت الخالة هوازن وهي تقترب مني وتهمس:حنين سأذهب للمشفى الآن..انتبهي لليان حسناً..

قالتها وهي تضع ليان بجانبي على السرير..

لم أكن أستطيع التركيز بكلامها..ولكني وحين شعرت بليان في حضني قمت بتغطيتها بالبطانية ثم عدت للنوم..

ولكن ليان مالبثت ان استفاقت من نومها..

كنت أشعر بها وهي تتحرك بجانبي ولكن لشدة ارهاقي لم اتمكن من الاستيقاظ..

بدأت ليان تصفع وجهي تارة ..وتشد شعري تارة اخرى..

زفرت بضجر وأنا أقوم بابعاد يدها..

ولكنها لم تتوقف...لازالت تضرب وجهي..

اففف اففف اصبحت ليان مزعجة للغاية..

تحب ايقاظ اي شخص ينام بجانبها..

لا أعلم كيف تتمكن الخالة هوازن من احتمالها..

جلست على السرير ونظرت اليها بغضب:كفى كفى اتركيني انام..

نظرت الي بخوف ثم انفجرت بالبكاء..

شعرت برغبة بالبكاء أنا أيضاً..

اريد أن أنام ..

وضعت يدي على أذني فقد أزعجني بكاءها كثيراً..

توقف صوت بكاءها فجأة..

نظرت اليها بدهشة..

ولكن دهشتي سرعان ما تلاشت حين وجدت الهاتف في يدها..

حتى الأطفال في هذا الزمن قد أصيبوا بادمان الاجهزة..

اخذت الهاتف من يدها ولكنها عادت للبكاء من جديد..

زفرت بضجر: حسناً سأعطيك أياه ولكن الا تريدين سماع أنشودة؟؟

قلتها وأنا أقوم بتشغيل أنشودة الحروف فليان تحبها كثيراً..

ألف أرنب يجري يلعب يأكل جزراً كي لا يتعب..

بدأت أنشد معه وأنا أنظر اليها..

طارت من الفرحة وبدأت تهز رأسها معي ثم قامت بمد يدها لأخذ الهاتف..

وضعت الهاتف في يدها ثم عدت لمحاولة النوم..

بدأت الدخول في النوم أخيراً..

أو ربما استغرقت في النوم..

فقد بدأ صوت الانشودة يتلاشى تدريجياً الى ان اختفى الصوت تماماً..

بمجرد ان شعرت بالهدوء يعم ارجاء الغرفة استيقظت بفزع:ليان..

بحثت عنها بعيني ولكنها لم تكن بالغرفة..

يا الهي لم تقم الخالة هوازن بإقفال الباب..

خرجت الى الصالة وبدأت أبحث عنها:ليـــــــان..ليــــــــان..

حين سمعت صوتي خرجت من الحمام وبدأت تنظر الي بابتسامة ..

تنهدت براحة:أنت هنا تعالي أيتها المشاغبة لقد اخفتني كثيرا..

اقتربت منها لأحملها ولكنها عادت للدخول الى الحمام من جديد..

وقفت أمام المرحاض وبدأت تشير اليه..

نظرت اليها باستغراب..

مشيت بهدوء باتجاهها ثم نظرت الى المرحاض وكانت الصدمة..

صرخت بأعلى صوتي:لاااااااااااااا
.
.
.
عاد أحمد الى المنزل بعد ان قام بإيصالي للمشفى...

فتحت غرفة جمان بابتسامة..

كانت تجلس بجانب الممرضة سهى لمشاهدة التلفاز..

وقفت أمامها:كيف حالك يا صغيرتي؟؟

شهقت عند سماع صوتي وامتلأت عيناها بالدموع..

اخافني موقفها..وكأنها لم تكن تتوقع قدومي..

جلست بجانبها واحتضنتها لطمأنتها ولكنها قامت بإبعادي عنها..

صدمت حين ابعدتني..

نظرت الي وكأنها تعاتبني..

ابتسمت بحزن: ما الأمر يا صغيرتي..

وصلني صوت الممرضة:لو أنك رأيتها يا هوازن بالأمس..
كانت تبكي طوال اليوم..
استاءت كثيراً حين استيقظت بدون ان تكوني بجانبها..

تزاحمت الدموع في عيني: ماذا أفعل الأمر ليس بيدي..

حاولت تغيير الموضوع:جمان يا صغيرتي انظري مالذي احضرته لك..

قلتها بابتسامة وأنا أضع الحقيبة أمامها..

لم تبد أي ردة فعل..

فتحت الحقيبة وأخرجت الفطائر منها ووضعتها على الطاولة:انظري مالذي فعلته ماما من أجلك..

نجحت بلفت انتباهها..

امسكت باحدى الفطائر ووضعتها أمامها: انظري انها محشوة بالجبنة هل تريدين تجربتها؟؟

نظرت الي بتردد..

وضعت الفطيرة بيدها..

علت وجهها ابتسامة عذبة حاولت جاهدة اخفاءها..

رفعت نظرها الي..

ضحكت بهدوء:اوه هل سامحتني سمو الأميرة؟؟

قلتها ثم احتضنتها من جديد..

نظرت الى سهى: سهى أود اخراج جمان من هذه الغرفة لابد أنها تشعر بالملل..

ابتسمت:الى أين تأخذينها؟؟

-فكرت أن أخرجها لحديقة المشفى لتناول الفطور معي هل أستطيع؟؟

-بالطبع تستطيعين سيكون رائعاً..

نظرت الى جمان:ولكني بحاجة الى كرسي متحرك..

-حسناً سأحضره لك حالاً..

قالتها وهي تمشي باتجاه الباب..

ناديتها قبل أن تخرج: سهى..

التفتت الي..

سألتها بتردد: هل تملكين حجاب؟؟

عقدت حاجبيها: حجاب؟؟

-نعم فطفلتي الجميلة ستقوم بتغطية شعرها..
أليس كذلك يا جميلتي..
قلتها وأنا أقوم بتقبيلها..

ابتسمت سهى: حسناً سأقوم بإحضار حجاب أيضا..هل هناك شيء آخر..

نظرت اليها بامتنان: كلا اشكرك كثيراً..

بدأت أتحسس شعر جمان..

لقد طال شعرها بشكل ملفت للأنظار..

حتى وان كانت تفكر كالاطفال ولكن مظهرها يوحي بأنها بالغة..

سيكون من الصعب ان اخرجها هكذا...

ستلفت الانظار بالتأكيد..

.
.
.
استيقظت من نومي على صوت صراخ حنين..

لم أستطع النوم جيداً أساساً فقد قامت حنين بتشغيل انشودة الحروف لليان..

وددت فعلاً أن أقوم بطردها من الغرفة في ذلك الوقت..

ولكن الصوت اختفى فجأة قبل أن يدوي صوت صراخ حنين ليتبعه بكاء ليان ..

نهضت من السرير بفزع..

توجهت نحو الحمام..

لأرى حنين بتلك الحالة الصعبة...

بوجه أحمر وشعر مبعثر..

تنظر الى ليان بحدة..

وليان تبكي بخوف..

حين رأتني ركضت باتجاهي..

حملتها ونظرت الى حنين باستغراب: مالأمر؟؟

صرخت: هذه الغبية...

قطع صوتها حين دخل أبي الى الشقة وهو يصرخ: مالذي يحدث هنا...
صوتكم يصل لآخر الشارع..

نظرت ليان الى أبي وبدأت بالبكاء وهي تدفعني..

نظر أبي اليها بحنان ثم حملها: ما الامر ياصغيرتي..

وجه بصره الى حنين: أصبحنا وأصبح الملك لله لم هذا الصراخ منذ الصباح؟؟

ضربت حنين وجهها بغضب ثم اشارت الى المرحاض..

عقد أبي حاجبيه باستغراب: مالأمر؟؟

قالها وهو يمشي باتجاه المرحاض..

وما ان نظر اليه حتى انفجر بالضحك..

بدأت أضحك أيضاً بدون أن أعلم السبب..

فأنا أعرف أبي جيداً..

حين يدخل بنوبة الضحك هذه لن يسكت بسهوله..

دخلت الى الحمام لأرى ..

وحين وجدت هاتفها وهو بداخل المرحاض ازداد ضحكي..

صرخت حنين بغضب: مالمضحك ها مالمضحك؟؟

ارتفع صوتها أكثر: كله بسبب زوجتك الغبية..

توقف أبي عن الضحك فجأة..

اعترف بهذا..

حنين تستحق الاوسكار في الاستفزاز..

أبي من المستحيل أن يوقف نوبة ضحكه بهذه السهولة..

ولكن حنين لم توقفها فحسب بل جعلته يغضب أيضاً..

نظر اليها بحدة: حنين احترمي الفاظك مالذي فعلته تلك المسكينة لك ها؟؟
سأشتري لك هاتفاً جديداً وانتهى الأمر..

كتفت يديها على صدرها: تلك الغبية قامت بترك باب الغرفة مفتوحا..لو أنها اغلقته لما..

قاطعها أبي وهو يصرخ: حنين ابتعدي عن وجهي حالاً حسنا..
ان سمعت كلمة أخرى سأضربك ..ابتعدي عن وجهي بسرعة..

ضربت رجلها بالأرض باعتراض ثم اتجهت الى الغرفة واغلقت الباب بكل قوتها..

نظر أبي إلي: اختك هذه ستسبب لي الجنون حقاً..

زفر بعمق: عزيزتي لين قومي بصنع الشاي لقد قامت خالتك هوازن بصنع الفطائر..
يجب أن يفطر عمي الآن حتى يأخذ أدويته..

ابتسمت : حسنا..

-اشكرك يا صغيرتي..
.
.
.
وقفت على البوابة المطلة على حديقة المشفى..

قامت الخالة هوازن بإخراج جمان اليوم..

فكرت أن أذهب لأسلم على الخالة هوازن ولكني ترددت بهذا..

كانت جمان تجلس على كرسي متحرك..

وترتدي حجاباً بلون أبيض..

كنت أتأمل تحركاتها بابتسامة..

تبدو سعيدة جداً..

قامت الخالة بوضع حقيبة مدرسية على الطاولة ثم أخرجت بعض الفطائر منها..

عقدت حاجبي..اوووه يا الهي..

لمعت عيناي بالدموع على اثر تلك الذكرى...
**************************************************

كنت في الصف الثالث الابتدائي..

قامت امي بشراء حقيبة مدرسية تحمل صورة الكابتن ماجد..

كنت سعيداً جداً بها ..

وحين قدمت الخالة هوازن لزيارتنا اتت جمان الى غرفتي..

اخرجت الحقيبة بفخر..

نظرت جمان الي بتساؤل: ماهذه ..

علت وجهي ابتسامة عريضة: انها حقيبة من أجل المدرسة..

اشرت الى الصورة: انظري انها تحمل صورة الكابتن ماجد هل تعرفينه ؟؟

صرخت بصوت طفولي مزعج: أعطني اياها..

نظرت اليها وأنا ارفع حاجبي: كلا انها لي..انت صغيرة ولا تذهبين الى المدرسة..

تزاحمت الدموع في عينيها: أنا أريدها..

شعرت بالفرح ..

وأخيراً وجدت شيئاً لا تستطيع جمان امتلاكه..

ههه كنت اغار من جمان كثيراً فقد كانت امي تعطيها اي شيء املكه بمجرد بكائها ..

تابعت حديثي باستفزاز: كلا انها لي لأنني كبير واذهب الى المدرسة..

انفجرت بالبكاء وركضت الى المجلس: أريد الذهاب الى المدرسة..

تبعتها ووجدتها تبكي في حضن أمي ..

نظرت أمي الي بحدة: مالذي حصل الآن؟؟

نظرت اليها بالثقة: تريد حقيبتي ولكنني اخبرتها انها صغيرة ولا تستطيع الذهاب للمدرسة..

رفعت رأسها الي ونظرت الي بوجهها الأحمر من شدة البكاء: بلى استطيع..

-لن تستطيعي..

صرخت أمي: يوسف اصمت..

بدأت تمسح دموع جمان: مالذي تريدينه يا جميلتي هل تريدين حقيبة؟؟

أومأت برأسها..

نظرت أمي الي: يوسف أعطها الحقيبة..

نظرت اليها بصدمة: ولكن أمي ...

غمزت بعينها:لا نريد حقيبة الكابتن ماجد فهي تخص الأولاد..

سأعطي جمان حقيبة زرقاء جميلة ..هيا يا يوسف اذهب لاحضارها...

فهمت بأنها تعني حقيبتي القديمة: ولكن أمي مالذي تريده بالحقيبة انها لا تذهب للمدرسة..

-يوسف لا تتدخل اجلب الحقيبة بسرعة..

-افف حسناً...
********************************
استيقظت من تلك الذكرى على صوت جمان وهي تشير الى العصفور وتضحك ببراءة...

ضحكت معها بهدوء...

اعطتها الخالة هوازن فطيرة ولكن الفطيرة سقطت من يدها..

انحنت الخالة هوازن لرفع الفطيرة وبدأت جمان تقلب نظراتها في ارجاء الحديقة الى ان لاحظت وجودي..

لوحت لها بيدي بابتسامة..

اعتدلت الخالة هوازن بجلستها بعد رفع الفطيرة ..

فوجئت بجمان وهي تشير إلي..

يا ويلي لقد فضحت..
.
.
.
كنت أتناول افطاري مع سارة على سريرها بالمشفى..

لقد هدأ خوفها اليوم..

أعطيتها هاتفي لتتحدث مع والدتها..

شعرت ببعض الراحة بعد انتهاء المكالمة..

قامت بمد الهاتف وهمست: شكراً...

ابتسمت: كيف حالها هل هي بخير..

أومأت برأسها..

فكرت بفتح بعض المواضيع معاها لأشغلها عن خوفها.

لا أخفيكم هذا ...

أنا لا أعلم الكثير عن سارة..

حديثي معها دوماً يقتصر على سؤالها عن ادويتها وان كانت تشعر بأي تحسن..

ولكني قررت ان افتح معها صفحة جديدة بما أنني سأترك الطب...

سألتها بترد:سارة كنت أفكر..

رفعت نظرها الي..

شعرت بالارتباك: اا..الا ترغبين الدخول الى الجامعة؟؟

نظرت الي بصدمة ثم نظرت الى الارض بإحراج..

فوجئت من ردة فعلها: ما الأمر؟؟

ابتسمت: أنا أملك شهادة الابتدائية فقط...

تمنيت ان تبتلعني الارض في تلك اللحظة...

ماهذا الاحراج..زوجتي ولا اعلم انها لم تكمل دراستها..

اردفت: لماذا لم تكملي تعليمك..

نظرت الي:بعد وفاة أبي توقفت عن الدراسة فقد ارادت أمي أن تعلمني بعض الاعمال المنزلية..
ههه مروان امي لا تؤيد الدراسة..
تقول انها مضيعة للوقت ..
على المرأة أن تهتم بشكلها وخدمة زوجها فقط..
انا لم امانع طبعاً فقد كنت أكره المدرسة على أية حال..

نظرت اليها بصدمة: واو لديها وجهة نظر..ولكن يا آنسة لقد أصبحت زوجتي الآن وأنا أريد أن تكون زوجتي متعلمة..

نظرت الي بارتباك : مالذي تقصده؟؟

-احم اقصد يا آنسة انك ستكملين دراستك...

-ولكن..

قاطعتها: بدون لكن...هل تظنين أن حجتك مقنعة؟؟
من قال ان الدراسة لا تفيد المرأة..
ثم ما فائدة الجمال بدون علم؟؟
احم..اسمعي هذا..
حين اعجبت النساء بجمال يوسف عليه السلام دخل الى السجن..
ولم يخرج منه الى ان اعجب الملك بعلمه فأصبح عزيز مصر
هل فهمت ما اعنيه؟؟

ابتسمت ببلاهة: كلا..

ضحكت بهدوء: أعني يا آنسة أن جمال صورة العلم اكثر اهمية من جمال صورة الجسم..

-اها

نظرت اليها بجدية: ستكملين دراستك اتفقنا..

أومأت برأسها..

ابتسمت : هيا كلي الآن..

بدأت بالأكل وأنا اراقبها..

زفرت بعمق: سارة..

اعادت نظرها الي..

نظرت الى الأرض: سأقوم بتقديم استقالتي االيوم..
فأنا..

نظرت الى عينيها:سأترك الطب نهائياً...

.
.
.

التفت بجسدي لأدخل المبنى قبل أن يصلني صوت الخالة هوازن وهي تناديني : يوسف.

اغلقت عيني بإحراج..

بالتأكيد ستسألني عن سبب مراقبتي لهما..

التفت اليها وابتسمت ببلاهة..

-تعال يايوسف هل تريد بعض الفطائر؟؟

اقتربت منها وأنا أنظر الى الأرض: كيف حالك ياخالة هوازن؟؟

-بخير..وأنت ما أخبارك وما هي أخبار والدتك ..

قالتها وهي تقوم بلف مجموعة من الفطائر بالمناديل..

همست : بخير..

قامت بمدها إلي: خذ..

-هه كلا أشكرك كثيراً لا أريد..

- لن أقبل بالرفض هيا خذها..لقد كنا نعطيك اياها قبل ذهابك للمدرسة والآن نريدك أن تأخذها قبل أن تبدأ عملك أليس كذلك يا جمان؟؟

قالتها ثم نظرت الى جمان..

لا أعلم لماذا كنت مرتبكاً لتلك الدرجه..

اخذت الفطائر بدون أن أنظر إليها:شكراً..

-العفو..

هممت بالذهاب ولكن الخالة هوازن عادت لمناداتي:يوسف..

التفت اليها من جديد..

اجابت بتردد:هل..هل تعتقد أن هناك أي تحسن بحالة جمان؟

ابتسمت:أنا متأكد أن بقاءك بقربها سيحسن من حالتها كثيراً يا خالة هوازن..
انها المرة الأولى التي ارها بها سعيدة لهذه الدرجة منذ استفاقت من غيبوبتها..

امتلأت عيناها بالدموع:الحمد لله...
.
.
.
كنت انتظر قدوم ماجد من عمله لأني أود الذهاب لزيارة سارة بالمشفى..

علمت بأنها تعرضت لانتكاسة بالأمس..

انها السابعة مساءً من المفترض أن يعود الآن ..

ولكنني أعرفه جيداً..سيذهب للسهر مع أصدقاءه..

لن أسمح له بالذهاب اليوم..

امر لا يطاق فعلاً..

وكأنني أعيش وحدي في هذا المنزل...

لن أتنازل عن زيارتي لسارة أبدا..

سمعت صوت الباب وهو يفتح..

عاد أخيراً...

-السلام عليكم.

-وعليكم السلام..كنت انتظرك..

نظر الي باستغراب: مالذي حصل؟؟

-ماجد أريد الذهاب لزيارة سارة بالمشفى..

زفر بضجر: هل تقوم اي امرأة في العالم باستقبال زوجها بهذه الطريقة؟؟
لقد اخفتني..ظننت انك متعبة بسبب حملك..
آسف لا أستطيع..أنا مدعو للعشاء هذا اليوم..

صرخت: وتلومني على طريقة استقبالي لك.. كنت أعلم أنك سترفض..

-اففف ان كنت تعلمين هذا لماذا طلبت مني اذا ..

حاولت جاهدة المحافظة على هدوء أعصابي.

اخذت نفساً عميقاً: أرجوك يا ماجد اعتذر هذا اليوم على الأقل..

-مها لماذا لا تفهمين..لقد اخبرتك انني مدعو للعشاء بمناسبة قدوم زميلي من السفر.. انا لم أره منذ مدة ..سيكون محرجاً عدم ذهابي.

اففف كم يجيد اختلاق الحجج: وما المحرج في الأمر اخبرهم انك انشغلت بزوجتك..

نظر الي بدهشة: ههه هل أنت جادة..

-نعم وما لمشكلة..انكم تجتمعون يومياً..أريد أن أفهم الا يملك أصدقاؤك أي التزامات مع أهاليهم؟

تجاهلني واتجه نحو الغرفة..

جلست على الاريكة وأنا اضع يدي على رأسي..

في بعض الاحيان اتمنی ان أقتل أصدقاءه ..

خرج من الغرفة وهو متأنق بثيابه.

وصلني صوته: مها..

رفعت نظري اليه..

-اا هناك نقود بداخل الخزانة .. كنت أتساءل..هل هي لك..

افف يا الهي نسيت تخبأتها: نعم أنها لي..

عقد حاجبيه: من أين احضرتها..

-لقد جاء أخي بالأمس وأعطاني أياها..

-لماذا؟؟

- لا يوجد سبب ولكن اخي اعتاد على اعطائي مصروفاً في كل شهر ولا يقبل برفضي..

أومأ برأسه:احم عزيزتي قلتي أنك تريدين زيارة صديقتك صحيح؟؟

نظرت اليه بدهشة..ما الذي غير رأيه فجأة !!
.
.
.
جلست في الممر وأنا أقوم بتدقيق ملف احد المرضى..

سيقوم الدكتور حسان بتقييمي بناء على تشخيصي لحالة هذا المريض..

أشعر بالتوتر..لم يبق الكثير على انتهاء مرحلة الامتياز..
واخيراً سأتخرج..

ولكن ما يحيرني الآن هو التخصص الدقيق..مم قد اختار طب الاطفال..

قطع تفكيري على صوت مروان: مرحباً يوسف..

رفعت نظري اليه : مرحباً..

جلس بجانبي: هل أستطيع التحدث معك قليلاً..

أومأت برأسي..

زفر بعمق: في الحقيقة جئت للاعتذار منك فأنا سأترك هذه المشفى..

عقدت حاجبي: الاعتذار؟؟

ابتسم :انا اقصد اتهامي لك في ذلك اليوم..

زفرت بضجر:لا داعي لتذكيري بالأمر..فأنا فعلاً أرغب بقتلك كلما تذكرته..

ضحك ببرود:لا تلمني يا يوسف فتجربتي علمتني الا اثق بأي أحد...

نظرت اليه بتساؤل..

ابتسم بحزن: قبل ستة أشهر من الآن أتت سارة لهذه المشفى..

-سارة؟؟

تابع حديثه:سارة هي فتاة تبلغ العشرين من عمرها..
اتت مع اهلها الى المشفى لأنها تشكو من صعوبة في تحريك اطرافها..
تشعر بالخدر ولا تستطيع حمل كوب حتى..
هذا ما أخبرتني به..
تبين بعد الفحص أنها مصابة بالتصلب اللويحي..
بدأت اعالجها بالكرتوزون..
اخبرتني والدتها انها لا تستطيع احضارها يومياً فالطريق طويلة جداً..
لهذا بقيت سارة في المشفى لا ستكمال علاجها وعاد اهلها الى منزلهم..
كان كل شيء يسير بشكل ممتاز الى ان جاء ذلك اليوم..

نظر الى الارض بحزن..

اعاد بصره الي بعد أن مسح دموعه:اخبرتني وقتها ان نادر يتحرش بها ..
صدمت كثيراً..
انكر نادر ذلك الأمر..
ولكن كانت هناك سبع ممرضات شهدوا معها على ذلك..
وفي اليوم التالي فوجئت بسارة وقد أصيبت بالشلل وفقدت النطق..

اتسعت عيناي بصدمة: لماذا؟؟

أومأ براسه:لم أكن أعرف السبب ..صدمت وقتها مثلك تماماً..
ولكن بعد اسبوع تمكنت من الحديث بصعوبة..

اكتشفت وقتها ان نادر قد جاء ومعه طبيب نفسي يدعى عادل.
اخبرها انها تحتاج لعلاج نفسي لتتحسن بسرعة..
قام بإخراج أدوية وطلب منها اخذ سبع حبات دفعة واحدة..

اختنق صوته: لا أعلم ما الذي اعطاه اياها ذلك الحقير ..
وثقت سارة به واخذت تلك الادوية..
لتصاب بعدها بالشلل..

نظرت اليه بصدمة،شعرت بالدم يثور بداخلي:الحقير..

تابع حديثه:غضبت كثيراً حين علمت بالأمر..
رفعت الأمر الى لجنة التحقيق بداخل المشفى..
دخل عادل الى السجن باعتبار انه ارتكب خطأ فضيعا..
ولكني علمت فيما بعد ان ادخاله للسجن كان مجرد وسيلة للمحافظة علی سمعة المشفی..

سألته بتردد:ونادر الم يتعرض للتحقيق؟؟

زفر بغضب:ذلك الحقير نادر قام بتزوير تقرير يثبت ان سارة مريضة نفسياً وتفتري عليه فقط..
طلبت من الممرضات أن يشهدو معها ولكن للأسف..
تخلى عنها الجميع..
انكرت الممرضات ذلك..
لا اعلم لماذا ..ربما قام نادر بتهديدهم..
حاولت جاهدا المطالبة باعادة التحقيق في القضية الی ان استدعاني المدير في ذلك اليوم..
اخبرني وقتها انه لا يريد اي مشاكل في هذه المشفی..

وحين حاولت الدفاع عن سارة رد علي ببرود:ان لم تكن تثق بنا فأخرجها من هنا..

لمعت عيناه بالدموع:وهذا مافعلته ...تزوجت بها وبدأت اعالجها في المنزل..

ازداد غضبي:هل أنت جاد يا مروان...هل تنازلت عن القضية حقا؟؟
وتأتي الآن بكل برود لتترك الطب؟؟.
لماذا تتصرف بسلبية هكذا؟؟
لا يجب ان تصمت عن هذا الأمر أبداً. .
القضية هنا لا تخص سارة فقط..
حسنا سارة استطاعت الحديث لاخبارك عن مشكلتها..
ربما يكون هناك مرضی غيرها قد تعرضوا للاذی ولم يتمكنوا من الدفاع عن انفسهم..

صرخ:ومن اخبرك انني تنازلت...هذا هو بالضبط سبب اتهامي لك في ذلك اليوم..
هل تعلم؟؟
في ذلك اليوم الذي افاقت فيه تلك الفتاة من غيبوبتها..
نظر نادر اليها نظرات غريبة..
حين رأيتك تبكي في غرفتها علمت انك احد اقاربها..
سألتك مرارا عن ذلك لأني اردت تحذيرك ولكنك انكرت صلتك بها..
وحين رأيتك تزوروها يوميا ازداد شكي بك..
الى ان دخلت لغرفتها بذلك اليوم..

دمعت عيناه:لا تلمني يا يوسف ولكني حين رأيتها تعجز عن الكلام والمشي خشيت ان تكون مأساة سارة قد تكررت من جديد..
في ذلك اليوم تعمدت استفزازك..اردت اجبارك علی الاعتراف..

ضحك وسط دموعه:لم اتوقع ان اهاجم بتلك الطريقة..في الحقيقة اهنئك كثيراً يا يوسف..
لقد تمكنت من افراغ غضبك علي..
اما انا...اری نادر يوميا وهو يمشي امامي بدون ان افعل شيئاً. .
كما انهم قاموا بالافراج عن عادل منذ يومين..

اتسعت عيناي بصدمة:افرجوا عنه!!..

اومأ برأسه:نعم فذلك الحقير نادر ووالده قد قاموا بإرسال تقارير تثبت ان مرضی التصلب اللويحي يصابون بالشلل في المراحل المتقدمة..وبناء علی هذا اصبح عادل بريء من تلك التهمة..
انا لن احتمل البقاء في هذه المشفی اكثر يا يوسف..لذلك قررت تركها..

مزيج من الغضب والحقد اصابني في تلك اللحظة: مروان لا تصمت عن هذا الأمر...يجب ان يفضحوا..

-ومن قال انني سأصمت..

عقدت حاجبي:مالذي ستفعله؟؟.

ابتسم:سأتبع اسلوب الحرب الباردة..

-الحرب الباردة!!.

أومأ برأسه:لم اتمكن من فضحهم قضائيا..ولكنهم سيفضحون اعلاميا..
سأبدأ بنشر قصة سارة ابتداء من الغد..

نظر الى عيني:
# من_أجل_سارة..
هل ستدعمني يا يوسف؟؟

أومأت برأسي:بالتأكيد..

وقف ثم صافحني:انا اثق بك يا يوسف..اخبرتك بالقصة لتراقبهم جيداً. .
اخرج تلك الفتاة يوسف..
لا اريد ان تتكرر مأساة سارة أبداً. .

أومأت برأسي..

ابتسم :اراك لاحقاً. .

قالها ثم ابتعد عن نظري..

اما انا فقد كنت في حيرة شديدة..

هل أخبر العم خالد حتی يخرج جمان؟؟.

ولكن ان اخبرته لن تتمكن الخالة هوازن من رؤيتها. .

يا الله الهمني..

ماذا افعل؟؟

.
.
.

ركبت السيارة مع ماجد بعد انتهائي من زيارة سارة..

اشعر بالسعادة..يبدو ان علاقتها مع مروان احرزت تقدماً..

اخبرتني انه يشجعها لاكمال دراستها..

اتمنی لها التوفيق..

استقبلني ماجد بابتسامة عريضة. .

غريب !!

توقعت ان يغضب لأنه لم يذهب لأصدقاءه بسبي..

التفت الي بابتسامة:مضت مدة طويلة لم نخرج بها معاً ما رأيك نتجول حول البحر قليلاً. .

شعرت بالفرح..احتاج حقا ان اروح عن نفسي:لم لا..

كان ماجد يتحدث ويضحك طوال الطريق. .

لم اره بهذه السعادة منذ فترة..

كان كل شيء جميلاً الی ان وصلنا الی المنزل..

توجهت نحو الغرفة بسرعة وارتميت علی الفراش..

اشعر بالتعب..

قام بتبديل ثيابه ثم جلس بجانبي..

وفجأة تحولت ملامحه الی الحزن في محاولة منه لاستعطافي:
مها..انا في ورطة كبيرة..

عقدت حاجبي:ما الامر؟؟

تزاحمت الدموع في عينيه:لدي دين كبير جدا ولا استطيع سداده..
لقد قام بتحذيري بالأمس..
ان لم اسدد هذا الدين قبل الاسبوع المقبل سأدخل السجن..

وددت ان انفجر في وجهه ولكني حاولت ضبط اعصابي..
الان ادركت سبب تغير تصرفاته فجأة..
يريد اخذ النقود التي رأها في الخزانة..

سألته بضجر:وكم تحتاج لسدادها؟ ؟

احاب بارتباك:خمس مئة ريال ستكون كافية...

ابتسمت باستهزاء..هل يعتقد انني غبية لهذه الدرجة؟؟
.
ماهذه المصادفة..لقد قام اخي بإعطائي نفس هذا المبلغ..

وهل خمس مئة ريال دين كبير..

نظرت اليه بحده..

سألني ببلاهة:ما الأمر..

تزاحمت الدموع في عيني ..ويسأل أيضاً. .

زفرت بعمق..عل تلك الزفرة تطفأ القليل من نار صدري..

اغلقت عيني ثم اجبته:حسناً يمكنك اخذ تلك النقود..

انفرجت اساريره:مها اشكرك كثيرا..صدقيني سأعوضك عنها يوماً ما..

تجاهلت كلمات شكره هذه..

فقد اعتدت على سماعها منه في كل مرة..

وقفت من السرير وخرجت من الغرفة..

لا اريد ان اری وجهه..

اشعر انني سأنفجر في اي لحظة..

هذا هو ماجد..رجل بدون كرامة..

في كل مرة يری بها النقود في يدي يجد لنفسه الف حجة لأخذها..

حتی ذهبي قد قام ببيعه..

لم اخبر اخي بهذا..لا اريد ان تشوه صورته امامه..

بدأت انتفض من شدة الغضب..

توجهت نحو المطبخ لشرب كوب بارد من الماء..

عل تلك البرودة تطفأ شيئا من غضبي..

ارتشفت القليل من الماء ولم اتمكن من اكمال الكوب..

فقد ازدادت رجفتي..

القيت الكوب علی الارض بكل قوتي وصرخت بأعلی صوتي..
-آآآآآآآه

Continue Reading

You'll Also Like

20.9K 1.2K 16
حين سُأل غازي القصيبي : خلف كل عظيم امرأة فمن وراءك؟ قال : إن أردتُم الحقيقة..كلهن في الأمام ونحن نركض خلفهن . إقرأيني كي تحسي دائماً بالكبرياء إقر...
72.9K 1.1K 23
رواية سودانية بقلم فادية محمد
3.1M 47.4K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...
1K 276 7
سااكتب بعض مايضج وجداني ويختلج القلب احساس ومشاعر لتبقى قصيدة آنيه.