يا مالكٍ قلبي من أدناه لأقصاه

By nrwiat

37.4K 1.5K 575

ويلي على اللي غطاها الستر والعفه ما غير من بيت ابوها لبيت جدتها من دونها الشايب اللي هي في ضفّه والديره اللي... More

الشخصيات
١
٢
٣
٤
٦
٧
٨
٩
١٠
١١

٥

2.1K 129 36
By nrwiat

-
اما داخل الإسطبل قربت هتان و هي تبي تشوف وين مصدر النار و لا قدرت تشوف بسبب كثرة الدخان و الحرارة ، بدت تكح بشكل مُستمر و سمعت صراخ شيخه تناديها.
لفت بتطلع و هي تحس ان الدخان ملئ صدرها و لكنها قاومت لين طلعت من الإسطبل.
كانت شيخه متغطيه بـ بطانية الخيل و واقفه هي و دهّمه عند البوابة اللي فتحتها شيخه و تشوف الخيول كلها تخرج خارج البوابه.
اقتربت الماسة من هتان و هي تصّهل تجذب انتباه شيخه ، كحت هتان تستند على الماسة و يدها ماسكه صدرها و هي تحس بأختناق.
أرتخت بطانية الخيل بسبب ضعف مسكة هتان عليها و طاحت على اكتافها ، توسعت عيون شيخه و شّدت على لجّام دهّمه ترجع لـ هتان.
شافت شيخه هتان تكح بشكل مُتكرر آثر دخول الدخان لـ صدرها ، صاحت شيخه باستعجال: هاتي يدك خلينا نطلع.
ردت عليها هتان و هي تكح: روحي انتي تأكدي الخيول طلعت ، الحين أنا بركب الماسة.
مسكت هتان متن الماسة تبي تركب و لكن ما كان فيها حيّل ، طاحت أنظارها على حجر كبير و استدرجت الماسة له و ركبت عليه و من ثُم قدرت تصعد فوق الماسة.
ناظرتها شيخه و قالت بخوف: يا هتان ما يصير تقودين الفرس و انتي كذا !
كحت هتان و لا اهتمت لـ صدرها المليان دخان و رؤيتها المشوشه و يدينها اللي ترجف و لا لـ شعرها المكشوف بسبب ارتخاء البطانيه على امتانها فقط.
صاحت هتان بحده: شيخه أنا وراك اطلع النار جالسه تاكل النخل بسرعه !!
انخرشت شيخه من تأكل الإسطبل كامل و رفست دهّمه و ركضت خارج البوابات ، لفت و تأكدت ان هتان طلعت من الإسطبلات معها و رجعت تركز على قيادة دهّمه للخارج.
طلعت شيخه من المزرعة و ارتاحت من شافت الصبيان و هم ماسكين و مهدين الخيل كلهم و محاوطينهم.
توسعت عيونها لما شافت عدد كبير من الناس واقفين عند بوابة المزرعة و كان أولهم اهله، لمح عبدالهادي عيون بنته و فّز يمسك دهّمه و يقول: شيخاني ! شيخه مّسك شي ؟ وش كنتي تسوين داخل ؟! وش صار الحريق من وين طلع ؟!
نزّل عبدالهادي شيخه من الخيل و فصخ شماغه و غطاها فيه زياده على البطانيه و بدت شيخه ترجف لما شافت هتان طولت ما جات و قالت برجفة: يبا هتان ! هتان باقي داخل !!

« مجلس غيث »
تنحنح غيث و نطق: بكرا جمعه ، عندك تدريب يا نايف ؟
جاوبه نايف اللي كان يلعب بـ المسباح بين أصابعه: ما تعرف العسكريه يعني ؟ ايه عندي لكن بعد الصلاة بكون فاضي ، كل تدريبنا الصبح.
لف غيث على عناد و قال: هدت سكّونك ؟
رفع عناد عيونه لـ غيث و قال: وش علاقتك بالورع ؟
زفر نايف ينطق: عّودنا على موضوع الورع ! خلاص قلتها ورع !!
ضحك غيث و هو يصب لنفسه شاهي ، لمح نايف طيف دخان يطلع من خلف بيوت القريه الصغيره و فّز من مقعده يشوف الدخان الرمادي المُمتزج مع سواد الليل يتزايد.
شافه عناد و فّز معه ، وجه أبصاره بنفس الاتجاه اللي يناظره نايف و شاف الدخان ، نطق نايف: حريق يا عيال !
رفع غيث عيونه ينزل بيالة الشاهي و لف يشوف مصدر الدخان ، جّمد و توسعت عيونه و هو يعرف مكان الحريق زيّن.
لاحظ عناد غيث و مسك كتفه ينطق: يا رجال شفيك جّمدت ؟ قوموا يلا نروح نشوف.
التفتوا نايف و عناد على غيث اللي همس و هو يكلم نفسه: لا لا لا...توها مكلمتني و هي في المزرعة !
أصغى نايف لـ همسه و سكت و هو مطنش عناد اللي جالس يقولهم يتحركون ، لين صاح غيث: هتّـان !!!!!!
ركض غيث و طاح شماغه و عقاله و هو يركب سيارته و يشغلها و يسوق بأقصى سرعته بشكل مُستقيم لين وصل.
سمع نايف اسمها و حاله ما كان احسن من غيث و لحقه و هو يركض ، تبع عناد نايف و ركب معه في السياره حّرك نايف السياره قبل لا يسكر الباب و بغى يطيح و صاح عناد: وجع بغيت اولي اهجع يا ولد !!
زاد نايف في سرعته و هو يلحق غيث و يتذكر صيحته بأسمها ، قال عناد بعدم فهم: سمعت وش قال ؟ هتان ؟
طنشه نايف و ناظر عناد نايف بريبة ، لكنه أكتفى بالصمت.
وصل غيث لـ المزرعة و صف السيارة قدامها ، شاف الكل واقف برا بسبب كثرة الدخان و الشجر اللي يتأكل و صعب عليهم الدخول داخل.
تسارعت نبضات قلبه على بنت اخته و التفت يشوف كل اهلها واقفين برا ، مقابلينه الرجال و وراهم النسوان ، هز راسه بقّل حيله و غضب ينطق: ولا واحد فيكم كفو يدخل و يطلعها ؟! كلكم رخوم ؟!!
تقدم راشد ينطق: بدخل معك أدورها.
قال غيث و هو عارف راشد و سوالف هتان عنه: الغريب أأمنه عليها اكثر منك ! انثبر مكانك !
وصلوا نايف و عناد و نزلوا من السياره بسرعه و صفوا بجانب غيث ، قال نايف: بندورها معك.
لف غيث و ناظرهم و قال: امشوا ، لعلكم منتب حلال عليها لكن ذا الرخوم اهلها شنب على الفاضي ، لعينتوها صارخوا و بجي اخذها.
دخلوا الثلاثه و بدؤوا يدورون ، كان كُل من نايف و عناد متلطمين و غيث بحُكم ان ما عنده شماغ خذى طرف ثوبه و غطى فيه فمه و خشمه.

« امام المزرعة »
وصل سيف اللي درى بالعلم من وصايف و قال: وين هتان ؟!
جاوبته امه مشاعل ببرود: داخل ، راح خالها ذا و معه رجاجيل اثنين يدورونها.
سيف بغضب: و تقولينها بكل برود يعني ؟! ابوي وينه ؟!
أشرت عليه مشاعل و قالت: هذاك هو جنب جدك.
تقدم سيف لـ عند ابوه و جده و قال: مخلين اختي داخل ؟!
جاوبه غالب: شايفنا مجانين ندخل ؟ على الاقل خسارة روح وحده مب عشر ! و بعدين دخل غيث يطلعها.
هز سيف راسه بأسى و تلطم بشماغه و دخل ، سمع صيحة امه و أمر ابوه انه يرجع لكنه طنشهم و دخل داخل عاصفة الدخان و الحرارة يدورها معهم.
زفر عبدالهادي و وقف يبي يتبع سيف لكن مسكته زوجته نوره و قالت: خّلك مع بنتك شيخه شوفها المسكينه ترجف !
لف عبدالهادي على بناته الثلاثه و هم بجوار اخوهم سهم اللي حاضن شيخه يحاول يهديها.
راح عبدالهادي بأتجاه بناته و قال: اهدوا بيلاقونها إن شاءالله.
كانت شيخه تبكي و تلوم نفسها على اللي صاير و لكن سهم يحاول يواسيها ، دموع شموخ و شيهانه ما توقفوا عن الانهمار و هم يدعون لها.
كانت خلف الباب مسكره آذانها بسبب الصوت العالي و الضجيج اللي يخلونها ترجف ، تبكي على اختها و تدعي ان ما يمسها شي.
لفت وصايف على أصايل اللي تشرب من فنجال قهوتها و قالت: وش تحسين فيه ؟
رفعت أصايل أكتافها و قالت: هتان ؟ قطو بسبع أرواح بتطلع.
هزت وصايف رسها بضيق تشوف اللي يصير و هي خايفه.
بلعت ريقها تشوفهم طولوا و بدت نبضات قلبها تتسارع.

« داخل المزرعة »
كانوا الأربعة يدورون و يحاولون يلقونها ، كان نايف يحوط حول الإسطبل بتخمين انها بتكون حوله ، سمع صوت صهيل فرس و تبع ذاك الصوت لين لمح فرس بيضاء بين اللهيب و استعجل في خطواته لين وصلها.
ركضت الماسة تبعد عن نايف و لكنه تبعها لين وصلته إلى هتان الطايحه على الأرض بسبب نقص الأكسجين ، توسعت عيونه و نزل لها و اول شي سواه مسك معصمها يحس النبض و أرخى جبينه على ركبته و هو يتنهد انها بخير.
نزل الشماغ و بدء يصيح بأسم غيث و هو يتحدى الدخان اللي يخنقه.
رجع نزل يشوفها معقدة حواجبها و تكح ، شاف البطانيه ما غطت شي و شال شماغه يسترها فيه ، أخذ دور ابوها اللي كان من المفترض نفس دور عبدالهادي و هو يستر بنته شيخه.
سمعها تتمتم: الماسة...الماسة لا تخلون فرسي.
غطى نايف شعرها يردد: بطلعها ، والله لا اطلعها بس لا تختنقين تكفين خليك معي شوي.
فتحت عيونها شوي و لمح لون العسل من محاجرها و سمعها تقول: انتي كل شوي طالع لي ليه ؟
بّلل شفته يصيح بأسم غيث مره ثانيه ، و نزل بعدها يقول لها: ما جيت غير لـ افزع لك و أردك سالمه.
كحت هتان بشده و اخذ نايف طرف شماغه يغطي فيه ثغرها و خشمها متجاهل انه بدء يختنق عشانها ، لمح رجُل جاي له و هو يصيح: لقيتها ؟!
جاوبه نايف: اي لقيتها ! غيث وينه ما اقدر أشلها و هي مب حلال علي !
اقترب سيف يقول: وخر وخر أنا اخوها !
شال سيف هتان و بدء يتبع نايف خارج المزرعه ، وصل لـ المخرج و رجع نايف عشان يطلع غيث و عناد.
طلع سيف بـ هتان و ركض فيها داخل البيت بعيداً عن أنظار الرجال الموجودين برا ، نزلها على الكرسي الطويل الموجود في الدكّه الخارجيه و نزل الشماغ من وجها.
اقتربت وصايف و بيدها الماي و مدته لـ سيف ، جّلس سيف هتان و صّب شوي من الناس على كفه و بدء يمسح على وجها.
لف سيف على وصايف و قال: هاك حطيه على وجها و شربيها لين تصحى بروح اشوف غيث وينه دامه دكتور اكيد يعرف اكثر مني.
وقف سيف و طلع من الحوش و لفت وصايف تسمك هتان و تنفذ اللي قالها اياه اخوها ، كانت دموعها تنزل و بحُكم قلبها الرهيّف و رقّتها و حساسيتها المُبالغ فيها لدى البعض كانت منهارة و هي ماسكه اختها و تهمس: لا يا هتان تكفين لا ! عشاني هتاني تكفين !
سمعت صرخة رجُل من وراها ينطق: هتان !
لفت و كانت منزله الشيله من وجها كاشفته و شافت غيث ، توسعت عيونها و شهقت تبعد عن هتان من اقترب غيث ناصي هتان.
رفعت طرف الشيله تغطي خشمها و ثغرها و تركت مسافة بينها و بينه ، لف عليها غيث ينطق: عطيني المويه بسرعه !
ارتبكت وصايف من حدة صوته و تقدمت بيدين ترجف له و مدت له المويه.
نطق غيث و عيونه على هتان و هو يحاول يسعفها: من انتي ؟
بلعت وصايف ريقها تنطق بنبرة خافته بحُكم صوتها الباكي: اخت هتان ، وصايف.
صّد غيث بكره يقّلب عيونه و قال: نادي لي سيف بسرعه.
شدت على جلالها تنطق بهدوء: ان شاءالله.
و طلعت وصايف من الحوش تبحث عن اخوها ، و بلغته ان غيث داخل مع هتان ، جلست وصايف بجانب بنات عبدالهادي و أصايل و هي تتنفس بصعوبة و تشوف المزرعه المحترقة.
لفوا على أصايل اللي نطقت: يا حبيبي من ذاك الصاروخ اللي طالع بالفرس ؟
لفوا باتجاه الفرس البيضاء و اللي كانت ألماسة ، تذكرته وصايف لانه كان نفس الشخص اللي واجهته مع هتان في المزرعة قبل فتره و اللي كان نايف.
نطقت شيخه بغضب: وجع ما تستحين ! العرب بين الحياة و الموت و انتي تفكيرك كذا ! يا حسرة قلبي بس ان سيف يبي وحده مثلك ، ما غير خُبث و خبائث !
ضحكت أصايل بخفه تصد عنهم بعدم اهتمام ، اقتربوا شموخ و شيهانه من شيخه يهدونها لانها للحين متروعه من اللي صار لها بالداخل و خايفه على هتان.
زمّت وصايف شفتها تناظر بـ أصايل بعدم رضى و غضب ، و شعور الغضب نادراً ما يجي وصايف بحُكم شخصيتها المُسالمة و الهاديه.
زفرت تصد بقرف عن أصايل و هي تفكر بطريقة توصل لاخوها ان أصايل من نفس البنت الصغيره البريئه اللي كان يلعب معها.
وقفت و طلت من الباب تشوف اختها اللي واقف عندها سيف و غيث و صغّرت عيونها تشوف غيث بحُكم انها اول مره تشوفه من قريب و لـ مُدة طويله.
شافته و هو جالس على حدى رُكبه و شعره طايح على جبينه المُتعرق ، مناطق صغيره من وجناته مغطيهم الرماد و عيونه العسليه إلحاده المثبته على الأرض و هو يتحسس نبض هتان عن طريق المنطقه اللي خلف اذنها ، و حّدة فكه اللي راصه بسبب غضبه و خوفه على هتان ، و زار ثوبه الابيض المفتوح و مدى فوضوية شعره اللي زاد حلاّه في عينها.
سمعت صوت امها و انخرشت تلف عليها تخفي سرحانها فيه للحظة ، قالت مشاعل: وصايف روحي انتي و أصايل داخل أكلوا و ارتاحوا ، بنتي و زوجة ولدي المُستقبليه ما ابيهم يتعبون و يختنقون من الحراره اللي هنا ، يلا ادخلوا و أنا لاحقتكم.
جات وصايف تبي ترد: بس يمه !
غالب بحده: وصايف لا تراددين امك ! اختك ما فيها شي يلا داخل !
وقفت أصايل تمسك يد وصايف و تقول: ابشر يا خالي ، قومي.
زفرت وصايف توقف و تدخل داخل مع أصايل بقّل حيله ، لان اللي واقف في وجها امها و ابوها ، مو اي شخص ثاني.

« في الونيت »
قال عناد: انت وش سالفتك ؟
ما جاوبه نايف لانه أصلاً مب معه ، عيونه تراقبها من فتحة الباب الكاشفة لـ الحوش و هو يدعي في قلبه ان ربي يجعلها سالمه من اي مكروه.
صحى من ضربه عناد على كتفه و لف عليه ينطق بأنزعاج: ها ؟!
قال عناد: شماغك وينه ؟
زفر نايف يجاوب: معها.
عقد عناد حواجبه و عمت فتره صمت صغيره لين نطق عناد: انت ما قد فزعت كذا لـ احد يا نايف.
عقد نايف حواجبه و قال: ما فهمت ؟ اخليها تحترق و تموت يعني ؟
عناد بنبرة هاديه: حتى بنات عمك ما سويت سواتك هاذي مع ذي البنت.
صّد نايف و رجع يناظر بيتهم ، ابتسم عناد لانه صاده و قال: نايف ، وش موقفك هنا للحين ؟ خايف عليها ؟
لف نايف و ناظر عناد بحّده ، و قال: اسكت يا عناد ، ابرك.
ضحك عناد بخفه و طاحت عيونه على الرجال الموجوديين امام المزرعه و اللي كانوا رجال ال ناصر.
طاحت عيونه على نفس الطفل ، مازن و هو واقف بجانب خاله عبدالهادي يناظر الحريق بربكه و خوف.
شاف أمرأه تطلع من خلف الرجال و تمسك يد مازن و تدخله داخل البيت و بّلل شفته يصّد و يناظر الصبيان اللي يحاولون يطفون الحريق.
أرخى راسه على الكرسي ينتظر اي خبر عنها تحت استسلام عناد الجالس معه.

« داخل الحوش »
شرقت هتان بالمويه و فّز غيث يمسك اكتافها و يسندها على صدره ، ارتخت هتان من حست بيدين غيث محاوطينها و همست: غيث ؟
نطق غيث: اي اي أنا ، ما جاك شر إن شاءالله.
قّبل غيث راسها و غطاها بالشماغ اللي عليها و شالها بسهولة بسبب خفّة وزنها و صغر حجمها ، لف على سيف و قال: قول لهم يرتبون اغراضها في شنطه بتعيش معي من اليوم و رايح ، بعد موقف ابوك ذا أكد لي انه ما يستاهل هتان.
زفر سيف يقول: يا غيث انت دكتور و شغلك ما يخلص ، و هتان تجلس في البيت بروحها ؟ ما يصير.
تنهد غيث يقول: يصير خير الحين بترجع معي لازم اهتمّ فيها لين أتأكد ان الدخان كله طلع من صدرها ، انت بس قولهم يرتبون بعض من اغراضها و بجي باخذها.
تنهد سيف بشوف غيث يطلع من البيت و هو شايل هتان ، صادف غالب اللي وقف أمامه و قال: عسى ما شر ؟
رصّ غيث على فكه ينطق: الشر كله في وجهك !
توسعت عيون غالب و كذلك مشاعل اللي واقفه وراه ، كان باقي الرجال مشغولين في إطفاء النار ولا كانوا حاظرين النقاش بينهم ، و البنات دخلوا داخل بسبب تأخر الوقت و أمتلاء المكان بالرجال.
قال غالب بحده: احترم نفسك يا غيث ! تبيني اذكرك انها بنتي مهب بنتك ؟!
قال غيث بغضب: منب فاضي اتكلم معك انت و أشكالك ! لو انها بنتك صدق كان انت دخلت داخل و لقيتها ! مب يصير الغريب احّن عليها منك !
كان غيث يأشر براسه لـ سيارة نايف اللي كان يسمع حوارهم و عيونه مثبته على هتان المغمى عليها بين يدين غيث مُغاطاه بـ شماغه.
طنش غيث غالب و توجه لـ سيارته و حط هتان في المقعد الامامي و ركب في كرسي السائق و توجه لـ بيته.

« غرفة وصايف »
صّدت عن أصايل و هي تشوف سياره غيث رايحة بـ هتان لبيته و استودعت اختها الله ، لقت تشوف أصايل تطلع من غرفتها و تتوجه لـ الخارج و طنشتها تقفل باب غرفتها عشان ما ترجع عندها.
طلعت أصايل لـ الحوش الخلفي و تكت خلف احد النخل و رفعت الجوال تتصل عليه ، رد عليها و نطق: كان بيني و بينها شعره ، لكن جات ذي العّله حدى بنات عبدالهادي ولا قدرت اسوي شي.
ضحكت أصايل بخفة تهمس: ما توقعتك بتحرق المزرعة بهذي الطريقه الصراحه.
زفر نافل ينطق: اسكتي ، ذا النار توصف نار صدري يوم شفت ذاك الرجال عندها ، زين ما ذبحته.
عقدت أصايل حواجبها تنطق بأبتسامه: منهو ؟ المزيون ؟
قال نافل بحده: مزيون ينثبر عند امه هناك بس ، ولعت كبريت و قطيته فوق العّلف لكن مدري شلون وصل لـ النخل ، يلا عادي.
صغّرت أصايل عيونها و قالت: ما حسيت انك خاطرت ؟ يعني تخيل لو ماتت هتان داخل ؟
ضحك نافل و قال: تحسبيني غبي ؟ كنت جنبها طول الوقت و عيني عليها ، لو ما جاوا يطلعونها كان طلعتها قبل لا تأكلها النيران و خذيتها معي و طلعتها قدام الناس و أنا ماسكها، و اخلي اهلها غصب يزوجوني اياها ، لكن كله من ذاك الـ****.
زفرت أصايل و قالت: بكلمك بعدين ، اكيد امي الحين تدورني عشان نرجع.
قال نافل: دقيقه ، وش صار عليك انتي و ولد خالك سيف ؟
تنهدت أصايل تقول: وش صار ؟ يبيني بعد.
ضحك نافل و قال: ما درى بالشيطانه اللي بياخذها بس ، كل مصايب اخته من وراها.
ابتسمت أصايل تنطق: ناوي تقوله مثلاً ؟
قال نافل: دامك ساكته أنا ساكت ، يلا سلام.
سكر نافل و راحت أصايل لـ عند امها.

« آخر الليل ، بيت غيث »
لفت وجها تعطي غيث خدها الثاني و بدء يمسح الرماد عن خدودها بالمنشفه ، قال غيث: الحمدلله على سلامتك.
رفعت عيونها له تبتسم و تنطق: الله يسلمك.
ناظر غيث عيونها اللي عارفهم و حافظهم ، شّدت يدينها على شماغه الموجود في حضنها و أرخت راسها على صدر غيث اللي احتضنها.
حس باهتزازها و صوت شهقاتها دليل على انها أطلقت صراح دموعها و سمحت لـ نفسها بالإنهيار ، زفر غيث يمسح على راسها و سمعها تهمس: محد فيهم فزع لي ! محد !!
قّبل راسها ينطق: منتب في حاجتهم دام راسي يشم الهوى.
تنهدت هتان و هي تبكي: بس في ناس مره كثير كانوا موجودين...و شافوهم و شافوا إهمالهم لي ، قسم بالله يحّر و يفشل يا غيث !!!
شّد عليها يحتضنها و قال: انتي تعبانه الحين و توك صاحيه ، بعطيك حبوب تريحك شوي و نامي في غرفتي لانها مرتبه ، أنا برتب غرفة الضيوف و بنام فيها.
وقفت هتان من كرسيها و لكن حست بدوخه و استندت على غيث اللي حاوطها و قال: معليه بكرا بيرجع توازنك ، امشي معي.
ساعدها غيث لين وصلت غرفته و انسدحت هتان على السرير و شماغ نايف للحين مستريح بين كفوفها و غطاها غيث بالبطانيه ، قّبل جبينها و طلع من الغرفة يسكر الباب وراه.
ترجه لـ غرفة الضيوف و فرش السرير و جلس عليه يفكر يدينه و هو يفكر بالحريق و كيف مُمكن صار ، وقف و بدء يدور و يهوجس و يحوم بين الافكار.
خطر في باله ظن ، و كان اقرب ظن في عينه ، و هم أهلها لكن بعدين تعوذ من أبليس و همس لـ نفسه: لا يا غيث مب لـ هاذي الدرجه.
سمع رنين جواله و توجه له يشوف المُتصل و شافه نايف ، رد عليه و هو يتنهد بتعب: هلا يا ابو سيّاف ؟
نطق نايف: اعذريني اتصلت في وقت متأخر ، بشرني كل شي تمام مب ناقصك شي ؟
قال غيث: الحمدالله يا اخوي ، عّدت على خير.
بّلل نايف شفته و قال: بمرك بكرا العصر نروح لهم و نشوف مصدر الحريق.
ميّل غيث شفته ينطق: يخسون اروح لهم ، انت عسكري صح ؟
سمع غيث صوت عناد اللي نطق: لا مُراسل العساكر.
رفع غيث حاجبه و هو يسمع نايف يقول لـ عناد: اذلف و لا البخ قبل ما يدورن انك مخلي سكنك و جاي عندي !!
زفر نايف و رجع لـ غيث ينطق: سّم يا ابو راجّح ؟
تنهد غيث يقول: سّم الله عدوك ، ابيك تقولهم انك ماسك قضية حريق المزرعه ، و أعرف لي من سببه.
سكت نايف و هو يفكر و قال: تم.
ابتسم غيث و قال: انشهد انك كفو.
ابتسم نايف يقول: ما عليك زود ، يلا تصبح على خير.
قال غيث: و انت من اهله.

« عصّر اليوم التالي ، مجلس سطام ال ناصر »
مسح عبدالهادي على راسه ينطق: الحريق ذا جاي من الإسطبلات عند العّلف ! و خلدون شاف علبة كبريت يعني فيه شخص ورا الحريق !
قال سطام و هو يشد على عصاته: انتوا وين و أنا وين ، خسرنا المزرعه و راح حلالنا اللي نسترزق في الله ، و الأفلاس مهب بعيد.
زفر غالب يفكر في حل و قال بعد فتره صمت: وش بنسوي الحين ؟
قال سهم: مثل ما ابوي يقول ، دام في شخص ورا الحريق لازم نعرف من هو.
وقف راشد و نطق: الرجاجيل الأثنين ، اللي كانوا مع غيث البارحه ، تراهم عساكر ، بيساعدونا عشان نعرف من ورا الحريق.
وقف سيف اللي كان هادي طول الجلسه و قال: فاهد وينه ؟
عقد غالب حواجبه ينطق: فاهد اخوي ؟
هز راسه بالإيجاب و جاوبه غالب: مسافر رايح الدمام صار له كم من اسبوع ، ولا يدري عن شي خلوه لا تقولون له كفايه عليه شغله اللي هناك.
بّلل عبدالهادي شفته ينطق: الحين صدق ، حلالنا راح و بنفلس.
الكل سكت من استوعبوا حجم المصيبه اللي هم فيها ، كسر الصمت سطام اللي قال: اول أولوياتنا بناتنا ، انت يا عبدالهادي لازم تزوج الثلاث اللي عندك كلهم سنهم زين ، و انت يا غالب زوج وصايف ، و أريج برجعها لـ رجلها و بقنعها لان لو جلسوا معنا ما راح نقدر نصرف عليهم كلهم ، و أنت يا سيف انطر بنت عمتك لك محجورٍ عليها ، محد بياخذها ، أجّل الموضوع لين تزين الأمور.
زفر راشد و نطق: و هتان ؟
لف عليه غالب ينطق: بتاخذها مره ثانيه و تدوس كرامتك ؟
سكت راشد و نزل عيونه من حدّة كلام عمه ، لف الجميع على سطام اللي نطق: هتان عند خالها.
قال غالب: بس يا ابوي تراني ابوها و أنا الملزوم علي اصرف عليها مهب هو !
رد سطام: الحين حنا في حال مصاريف واجد ! خله يبزاها لين ربي يفرجها علينا !
التفتوا على عبدالهادي و قال: بس بزوج شيخه ، الثنتين الباقين اقدر على مصاريفهم ، شيخه طلباتها واجد.
وقف سطام و قال: خلوهم يحضرون اي عزيمه لعلهم يخطبونهم قبل لا يطلع موضوع إفلاسنا.
قال غالب بنبرة هادئه: وينك يا نافل ترجع تاخذها مثل ما اريج بترجع لـ شاهر.
لف سطام عليه و قال: بنتك قوة راسها و عيّت عليه كم مره ، و تبيه يرجع لها ؟
سكت غالب و طلع سطام من المجلس ماشي بأتجاه المزرعه و وقف أمامها يناظرها في عيونه و همس لـ نفسه: سامحني يا ابوي ، ضاعت من يديني أمانتك هالمزرعة.
سمع سطام صوت محرك سيارة و التفت على مجلسه اللي وراه يسوف ونيت يوقف أمامه و ينزل منها ضابط عسكري.
شّد على عصاته يشوفه يدخل داخل المجلس و رجع في خطواته بأتجاه المجلس عشان يشوفه.

« الديّره الأخرى ، العصر - بيت سيّاف »
دخلت ريماس لـ الصاله و شافت نوف تطّل من الشباك و هي مغطيه نصف وجها بالجلال ، اقتربت من خلف نوف و شافت وين نوف تناظر و نطقت: تهوجسين في منصور ؟
لفت نوف و توسعت عيونها ، شدت على يد ريماس تنطق: لا تستهبلين وش جاب طاري ذا الحين ؟!
قالت ريماس بأبتسامة خُبث: لا تسوين نفسك بريئه ، ليه عيونك ملصقة في بيت ال فهّاد ؟ عشان منصور بن جامح صح ؟
قالت نوف بحده: لا تألفين حكّي ريماس ! أنا بس مستغربة انه رجع و نايف لا ، هو رايح معه صح ؟
قالت ريماس: ايش ؟ رجع ؟
نوف و هي معقدة حواجبها: اي شفته طالع من البيت اليوم للصلاة لكن مدري ، مبين عليه ضايق مدري شفيه.
رفعت ريماس حواجبها و نطقت بضحكه: لا ما تروحين تواسينه ؟
توسعت عيون نوف و ضربت ريماس على كتفها و هي تقول: وجع بسّك قلة أدب رموس ! ما أدانيه أصلاً الغثيث كل شوي مدرعم عندنا و ماخذ نايف عذر !
ضحكت ريماس و همست: صدق والله ؟ عاد زين انك ما تبينه واحد مثل منصور و جماله و شهامته جعل ربي يكتب بينا نصيب.
شّدت نوف على كفّها تدز ريماس و تقول: لا إن شاءالله ! الله لا يتقبل دعوتك يا ربي !!
ضحكت ريماس تنطق: شفتي !! ميته عليه انتي لا تكذبين !
زفرت نوف تصّد عنها و هي تهز أسها بالنفي ، تنفي كلام ريماس.
قالت ريماس بضحكه: لا تخافين دام سّرك مع اختك.
لفوا الأخوات على صوت قروشة أمهم و طلّوا على الممر و شافوها مختبصة و هي تلبس حذيانها ~ عزكم الله ~ و تلبس عبايتها باستعجال.
ركضت نوف لها تنطق: بسم الله عليك يمه ، شفيك عساه خير ؟
قالت هاجر و هي تلقط انفاسها: ام منصور ، ام منصور ماتت اليوم الفجر و توها ندري ! بنروح أنا و جدتك و مُنى زوجة عمك عبدالرحمن و غدير زوجة عمك سعد للمقبرة عشان نغسلها لان وحيدها منصور ولا عندها بنات او خوات ، حنا بناتها و خواتها في الدنيا.
شهقوا نوف و ريماس بصدمه ، قالت نوف و هي ترجف: كيف ؟! أنا كنت عندها قبل يومين أعطيها علاجها ! ما فيها شي !!
بلعت هاجر ريقها و دموعها تنزل و قالت: قضاء ربي ، هذا يومها يا بناتي.
مسحت نوف على راسها و هي لقت جواب تساؤلها عن سبب ضيقة منصور اليوم و هو رايح صلاة الظهر.
قالت ريماس و صوتها يهتز: بس ، بس هي امنا الثانيه يمه ! كنا قراب منها مره كثير ما اتخيل يوم بدونها و بدون سوالفها اللي تضحكنا !
بكّوا نوف و ريماس في حضن امهم لان ام منصور ، تهاني ، كانت قبل لا تكون جارتهم امهم ، ربي ما رزقها بنات و لكن نوف و ريماس كانوا مثل بناتها ، تعلقوا فيها و هي تعلقت فيهم أيضاً.
شدت نوف على كفوفها و قالت: بجي معك.
ريماس و هي توقف جنب اختها: حتى أنا.
هزت هاجر راسها بالنفي تنطق: لا أبيكم تروحون بيتها و تنظفونه و تجهزونه للعزاء ، اول مانخلص بنجي أنا و اهلكم عشان نأدي واجب العزاء لأن حنا اهلها يا بناتي.
هزت ريماس رأسها بالإيجاب تنطق: صادقه يمه ، خلاص ابشري روحي انتي عشان ما تتأخرين على جدتي و عمه مُنى و عمه غدير ، أنا و نوف بنروح ، بس البيت اكيد ما فيه احد ؟
قالت هاجر: لا ما أتوقع ، يقولي ابوكم ان منصور من صلاة الظهر و هو في المسجد مع ابوه ، روحوا انتوا و حنا ما راح انطول ، بس هالله هالله يا بناتي رتبوا المكان زين و زيدوا الكراسي.
نوف بهمس: ابشري يمه.
طلعت هاجر و راحوا نوف و ريماس يلبسون عباياتهم و توجهوا لـ بيت جامح ال فهّاد ، فتحوا الباب و دخلوا لـ الداخل.
لقت نوف على ريماس و قالت: شيلي معي طاولات المجلس و خلي بس الكراسي عشان ما يصير زحمه على النسوان.
انتهوا الأختين من الترتيب و قالت ريماس: طيب و كراتين المويه ؟
وقفت نوف و تخصرت و هي تفكر و لقت بأتجاه كراتين المويه و قالت: ساعديني نودي نص الكراتين لـ مجلس الرجال و نصهم نخليهم هنا ، و بعدين نتفرق وحده تصف المويه للنسوان و الثانيه داخل المجلس.
زفرت ريماس تنطق: و إذا احد دخل المجلس ؟
نوف: ما ظنتي ، الناس اغلبهم في المقبره يحضرون دفّانها.
هزت ريماس راسها بإقتناع من كلام اختها و شلوا نصف عدد الكراتين لـ داخل مجلس الرجال.
تفرقوا البنات و راحت ريماس ترتب داخل البيت و توزع المويه على الطاولات الصغيره الموجوده بالزوايا و نفس الشي سوت نوف داخل مجلس الرجال و حاولت تستعجل قبل يدخل المجلس اي شخص.

« مساءاً - الدمّام »
فتح باب بيته المبني بالحجر الجيري بالكامل و بطراز حديث ، لف يسكر الباب و هو يسمع صوت ترحيبها: يا مرحبا تو ما ردت روحي !
لف فاهد يستقبلها بأحضانه و انحنى بقّبل خدها ، ضحكت إيمان بخجل تنطق: وينك تأخرت علي اليوم ، حتى اليوم ما فدرت اسوي تان لحالي استوحش بدونك ، جلست أنتظرك.
حاوط خصرها ينطق: ما طلعت لين خلصت تصميم العماره ، كنت شايل هّمه.
ابتسمت إيمان تسحبه من يده و تقول: تعال طلبت لنا احلى عشاء و رتبته لنا في الجلسه الخارجيه عشان ناكل و نسمع صوت البحر.
حاوط فاهد اكتاف إيمان و توجهوا للجلسه الخارجيه ، اول ما جلس فاهد رن جواله و شاف اتصال من شيهانه ، بنت اخوه ، و اللي يدل له انه امه لانها دايماً تتصل من عند شيهانه.
زفر يحك جبينه و سألت إيمان: مين ؟
جاوبها فاهد: امي.
رفعت حواجبها تتأفف و بدت تصب لها و لـ فاهد من الكوكتيل اللي هي مسويته و قالت: رد عليها ، بما ان ما تقدر تتصل عليك إلا في الشهر مره ، يا حرام شلون عايشين في ذيك الديره مرّه ما اتخيل نفسي.
رفع فاهد عيونه لها و قال: ذا الديّره اللي تتطنزين عليها مرباي يا بنت حسن.
ميّلت إيمان شفتها تحاوط رقبته بذراعها و قربت كرسيها من كرسيه و قربت تقّبل خده و تقول: و ربي طلعك منها عشان يكتبني لك ، اعتذرني حبيبي ما قصدي شي ، تدري اني ما احب تناديني بنت حسن ، عندي اسم و لا احبه إلا من منطوقك.
تنهد يرفع إصبعه لـ شفايفه و يأشر لها بالصمت ، رد على امه و نطق: مرحبا يمه.
ابتسمت عذاري تنطق: شلونك يا ولدي ؟ أبطيّت متى يخلص ذا الشغل ؟
رفع فاهد عيونه لـ إيمان و قال: يبي لي ثلاث ايام ولا حولها ، فيكم شي قاصركم شي ؟
نزلت عذاري عيونها تقول: والله يا ولدي ما ادري وش اقولك.
وقف فاهد و عقد حواجبه و هو ينزل من عتبات بيته بأتجاه البحر و قال: عساه خير يمه ، شفيك ؟
زفرت عذاري و بدت تقص له عن حادث المزرعه ، و اوضاعهم الاقتصاديه المُتدنيه ، و بحُكم ان فاهد مُهندس قررت تبلغّه لعله يساهم و لو بشيء بسيط.
توسعت عيون فاهد يسمع كلام امه و عيونه مثبته على البحر ، مسك راسه بصدمه و همس: بمسك خط الفجر و بجيكم على العصر او المغرب ، و ربي بيحلها إن شاءالله.
تنهدت عذاري و هي ترجع الجوال لـ شيهانه: إن شاءالله.
رفعت شيهانه الجوال لـ أذنها و نطقت: هلا فاهد.
ابتسم فاهد بخفه ينطق: زين تعلمتي ما عاد تقولين عمي.
ابتسمت شيهانه تقول: اللي يشوفك أصلاً ما يقول عم ، بتجينا ؟
لف فاهد على إيمان اللي تناظر جوالها و رجع عيونه يشوف البحر و جاوبها: إن شاءالله ، العصر او المغرب و أنا عندكم.
هزت راسها شيهانه بالإيجاب و نطقت: طيب ، مع السلامه.
نزل فاهد الجوال يسكره و رجع لـ إيمان ، قفلت جوالها و ابتسمت تسمك يد فاهد اللي جلس جنبها و قالت: عساه خير حبيبي.
هز راسه فاهد بـ تنهدة و قال: خير خير ، الفجر برجع لهم.
ميّلت إيمان شفتها بعدم إعجاب و همست: و أنا ؟
رفع فاهد عيونه و ابتسم بخفه يمسك خدها بأنامله: تعرفين اني ارجع لك دايم صح ؟
هزت رأسها بالإيجاب و هي مبتسمه و قالت: بنتظرك ، لا تطول علي.
هز راسه و بدئوا يأكلون بين أصوات نسيم الهواء الساحلي و صوت البحر الهادي.

« بيت سطام »
مسكت شيخه راسها بصدمه و التفتت على ابوها و هي حابسه دموعها: شلون تفرط فيني كذا ؟ شلون ترخصني كذا ؟! تزوجني و كأني حمّل على ظهرك ! أنا ! أنا بكّرك ؟!
تنهد عبدالهادي يحتضن اكبر بناته و مسح على شعرها بسمع شهقات بُكائها و نطق: تكفين يا شيخه ، ما ابيك تفقدين اي شي ، ما راح اقدر اعيشك انتي و خواتك و اخوك ، كلكم ، ميزانيتي صارت محدوده ، بس فتره ، فتره بسيطه لين تتعمّر المزرعه و نرجع نترزق الله و برجعك أنا بنفسي.
هزت شيخه راسها بالسّلب بشكل مُتكرر: مو مصدقه اللي جالس يصير لها و قالت: نجاني ربي من الحريق ، لكن لو اني داريه ان هذا القدر اللي يستناني ما كان طلعت من المزرعه و خليت نفسي تحترق هناك !!
توسعت عيون عبدالهادي و نطق: تعوذي من الشيطان يا بنتي ! انتي أعقل من كذا تكفين لا تقطيعين قلبي فوق ما هو متقطع عليك تكفين !!
سكتت شيخه و زفرت بقّل حيّله ، كل امنياتها و أحلامها اللي بنتهى مع جابر تبخرت قدام عينها ، في قلبها نقطة امل بسيطه انها تسمع اسمه يطلع من منطوق ابوها و لكن كانت فاقده الأمل.
ضايقه و غاصبه بسبب تفكيرهم ، ما تلوم ابوها و لا عمانها ، تلوم الراس الكبير ، جدها.
لو ما رباهم على هذي العقلية المُتحجرة كان الكل مرتاح و عايش حياته ، تنهدت بوجّع و قالت: لـ مين ناوي تزوجني ؟
نزل عبدالهادي عيونه و همس: نصّار ولد شايع.
توسعت عيونها تصرخ بصدمه: ولد خويك اللي عايش في ديّره تبعد عنا أربع ساعات !!
سكت عبدالهادي و همس: هو آخر واحد خطبك ، و بلغني شايع انه بيمر على ديرتنا الأسبوع الجاي عنده شغل هنا و مره وحده بيسمع ردنا ، و بنوافق.
بكت شيخه و غطت ثغرها بصدمه ، ركضت تطلع من غرفة ابوها لـ غرفتها و هي تبكي و قفلت الباب على نفسها ، للحين هي خايفه ولا تخطت الحريق ، و الحين انصدمت انها بتتزوج شخص لا تعرفه ولا يعرفها ، قبيلته غير قبيلتها ، دمّه غير دمّها.
مسكت راسها و هي تجلس بتعب على الارض تدعي الله انه يفرجها عليها و يكتب لها اللي فيه الخير ، و لو كان غير جابر ، و لكن صعب عليها ، صعب ما تذكر اسمه في دعائها.
تنام و قلبها و تفكيرها كله معه ، تشوف نظرات جابر لها و لكن ما تعرف تحكم هل هي عاديه ام إعجاب ، وقفت بضّيق و توجهت لسريرها و حطت راسها على المخده تغمض عيونها بإرهاق من الدموع اللي نزلت من عيونها و نامت و هي تسأل نفسها السؤال اللي تسأله كل ليله ، هل يبادلها جابر المشاعر او لا ؟

« بيت غيث »
لمست شماغه الموجود في حضنها و زفرت تناظره ، لمست الخامه الناعمه الباهظة بأناملها النحيله ذات الملمس الرقيق ، رمشت تفكر و تتذكر شكله مثل السراب و هو يغطيها بشماغه وسط نيران مُشتعله حولهم.
غمضت عيونها تسمك راسها بصداع و رفعت الشماغ تشمه ، غمضت عيونه من داعبت ريحة العّود أنفها و همست: باين عليه ولد عّز.
نزلت شماغه و حطته على أكتافه من راودتها برودة ، طلعت من غرفة غيث و توجهت لـ المطبخ تحضر لها كوب شاهي يريح أعصابها.
اخذت كوب الشاهي و طلعت للحوش المُغلق ، جلست على العتبة تتذكر المشهد اللي كان نُقطة ضعف بالنسبة لها ، منظرهم و هم مصفوفين ، الرجال الشارب تارس وجيّهم و النساء وراهم ، ولا احد تجرأ يتقدم و ينقذها من الحريق.
رفعت كوبها تسمح لحرارة الشاهي بمُداعبة انفها و تذكرته هو ، الشخص الغريب ، لا تعرفه ولا يعرفها ، تقدم و دخل و لا لمس شعره منها و نادى شخص حلال عليها يلسمها ، كانت تدري انه يقدر يلمسها و يطلعها و لا احد بيتكلم ، و ولكنه احترم الشوارب المصفوفة برا ، و قبل لا يحترمهم احترم خالها اللي ما قصر معهم من دخولهم لهذي الديره.
تنهدت و نزلت عيونها من رن جوالها ، عقدت حواجبها باستغراب و ردت على أريج تنطق: هلا اريج.
سمعت صوت بُكائها و عقدت حوايجها و نطقت: بسم الله شفيك ليش تبكين ؟؟
بلعت اريج ريقها و همست: ما ابي اصحي مازن عشان كذا اهمس ، كيفك الحين ؟
تنهدت هتان تنطق: لا تسألين عني الحين ، شفيك تبكين ؟؟
زفرت اريج تهمس: برجع له هتان...برجع له.
سكتت هتان تستوعب كلام اريج و رفعت حاجبها بغضب تنطق: ليه ترجعين له ؟ ما انتهينا من سيرته بعد فعلته الاخيره ؟
هزت اريج راسها بأسى تنطق: أحوالنا تدهورت بعد الحريق ولا يقدرون يصرفون علي أنا و ولدي ، و مالي حل غير ارجع له.
زمت هتان شفتها تنطق: يخسي.
سكتت اريج تسمع هتان تكمل: تحرمين عليه ، أنا بتصرف والله ما ترجعين له !
هزت اريج راسها تنطق: حاولت والله حاولت ! لكن ابوي الله يهديه.
تنهدت هتان تهمس: ما ظنتي عاد فيه هدايه لـ سطام.
زفرت أريج تحاول تتحكم بأنفاسها و قالت: وش بتسوين ؟ ولا تتهورين ؟ و لا انسي اني اجي اسكن معك عند غيث ، مستحيل يخلوني أصلاً.
رفعت هتان حواجبها تقول: قلت شي أنا ؟ خليني أفكر و ادور حل و بقولك بكرا.
سكرت هتان من اريج و رفعت راسها من سمعت صوت الباب ، ناظرت غيث و ابتسمت بخفه تشوفه يتقدم و يجلس بجانبها على العتبة.
نطقت بخفوت: صحاك صوتي ؟
هز راسه بالنفي ينطق: شوي و بأذن الفجر ، توضيت و جيتك ، بشرني عنك احسن الحين ؟
هزت راسها بالإيجاب تنطق: كله بفضل ربي ثُم انت.
حاوط اكتافها يقّبل راسها و التفت على جواله ، عقد حواجبه يشوف رقم نايف و رفع جواله يرد: ارحب ابو سيّاف.
عقدت حواجبها تسمع حوارهم ، تنهد غيث يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ، الله يرحمها و ابد روح له خويك لا تخليه ، و دام سمحوا لك انت و عناد بحُكم ان منصور ما عنده اخوان روحوا له ، تراه اكيد تفاوض مع ماسك الدورة و بلغه و سمح لكم.
هز راسه غيث يسمع كلام نايف و قال: روحوا بكرا العصر تلاقي الناس شوي ، و جرحه يكون شوي انبرى ، خله يجلس مع نفسه نص اليوم الاول يستوعب اللي صار ، اي والله يصبر قلبه ، توفت و هو مب حولها.
صدّت من اوجعها الكلام و تنهدت تشرب من شاهيها بهدوء تنتظره يخلص مُكالمته.
هز غيث راسه بالإيجاب ينطق: لا إن شاءالله بواجهكم قبل تطلعون انت و عناد ، يلا اشوفك على خير.
سكر غيث و التفت على هتان اللي نطقت بهدوء: عساه خير.
هز راسه غيث يقول: خير خير ، توفقت ام صديقة نايف و عناد و بيرجعون لـ ديرتهم عشان العزاء ، عطتهم القاعدة ثلاث ايام للعزاء و بيرجعون إن شاءالله.
عقدت هتان حواجبها تنطق: بس أخبر ان هذي الاجازة تخص الاقارب بس ، مو الأصدقاء.
زفر غيث يقول: منصور هذا على حسب كلام نايف ، امه الله يرحمها كانت وحيدة اهلها و ابوه جامح معروفه سالفته مع اهله.
رفعت هتان حاجبها تسأل: وش سالفته بعد ؟
قال غيث: هو و اهله مب اصحاب ، السالفه قديمه صايره ما عليك منهم.
حاوط ظهرها غيث ينطق: اشربي الشاهي زين يدفي بطنك ، و لا تطولين ادخلي داخل عشان لا تبردين.
نزل عيونه على الشماغ اللي لابسته و لا تكلم و اكتفى بالسكوت يشوف شماغ نايف يغطيها ، يفكر يرجعه له او يسكر الموضوع كله الخاص بالحريق و ينساه.
وقف و هو بتنحرح يرجع للغرفة و جلس على حافة السرير يناظر زيّه الطبي المعلق على ظهر الباب و زفر يتذكر الدوام المسائي اللي عليه بكرا.
ما راح يقدر يخلي هتان بالبيت لحالها و بيضطر يرجعها لعند اهل ابوها لين يرجع الصباح ، تنهد ينسدح و يحط راسه على المخده يسترجع ذكرياته مع اخته ، ام هتان ، أمل.
انرسمت ابتسامه على شفايفه يتذكر اتفاقهم ، انها بتجيب ولد و تسميه عليه ، غيث ،  و هو يجيب بنت و يسميها عليها ، أمل.
غمض عيونه بضيق و هز راسه بخفه ، بيئته اللي عايش فيها ما تسمح له لأي بنت تاخذ قلبه ، كّره اللي بديرته مع كّرهه الشديد لـ عائلة سطام و ازداد كرهه بسبب سكوت الناس عنه و تصرفهم بعكس ذالك و انهم يستمرون في مدح سطام و رفع قيمته هو و عائلته.
مسح على شعره يصّفي ذهنه و غمض عيونه يستريح ينتظر أذان الفجر.
جالسه و نسيم هواء الفجر يلعب خصلات شعرها البُني ، متمسكه بشماغه اللي يدفئها و نزلت عيونها تناظره و همست: كان غير عنهم كلهم.
غمضت عيونها تسترجع الحريق و قُبح اللي مرت فيه ، مر في ذهنها شريط نايف و تنهدت تمسح على راسها بتعب ، نزلت عيونها لـ جوالها و عقدت حواجبها تشوف اسم شيخه و ردت تنطق: هلا شيخاني ، بشرني عندك إن شاءالله بخير بعد اللي صار.
توسعت عيون هتان تسمع شهقات شيخه و وقفت تمشي في الحوش و شاهيها في يدها الثانيه و قالت: اويلي شفيك ؟!
بلعت شيخه ريقها تهمس بصوت باكي: بيزوجني.
جّمدت هتان و سألت: من هو ؟
شيخه بقّهر: أبوي ، وسوس في راسه سطام و بيزوجني لأننا بنفلس.
غمضت عيونها هتان بضيق و سمعت شيخه تكمل و تشتكي لها: هتان ما ابي ! بيزوجني ولد خويه في ديّره ثانيه !
توسعت عيونها هتان و قالت: مين ؟ لا تقولين نصار !
همست شيخه بتعب وهي تبكي: هذا آخر من خطبني ، بيجونا الاسبوع الجاي و ابوي بيوافق.
تنهدت هتان بقهر على حال شيخه و همست: اخخ يا شيخه ، لو بيدي شي ، لكني باليالله سالمه براسي !
سمعت شيخه تهمس بصوت مكسور: طيب و أحلامي اللي بنيتها معاه ؟
عقدت هتان حواجبها تستمع لهمس شيخه: احبه هتان ، ما ابي اخذ رجال و قلبي عند غيره ، هتان تكفين جالسه احترق أنا هنا !! دموعي ينزلون على خدي يحرقوني مثل الجمر !!!
هزت راسها هتان بقّل حيّله تشد على شماغه اللي معطيها و اخذت نفس مهزوز آثر حزنها و قالت: شيخاني ، اذكري الله إن شاءالله انها خيّره.
سمعت صمت شيخه اللي قالت: قلتي نفس هالعبارة قبل تاخذين نافل.
صّدت هتان بإنزعاج من طاريه و قالت: مب لازم تذكريني.
تنهدت شيخه تسمع أذان الفجر و همست: اقدر أشوفك بكرا ؟
قالت هتان: بتصل عليك و بقولك.
هزت شيخه راسها تمسح دموعها بيدها و نطقت بخفوت: طيب.
سكرت شيخه و تنهدت هتان بضيق ، ما قدرت تشرب شاهيها من حست بحرارة في جّوفها من حزنها و ضيقها على حال شيخه.
رددت مع الأذان و هي تدخل للمطبخ تغسل كوبها و ترجعه محله و توجهت لغرفة غيث و نزلت شماغه من عليها تعلقه على الحدايد المُزخرف بها الشباك.
توجهت لـ الحمام ~ أكرمكم الله ~ و بدت تتوضى و لما انتهت طلعت و بيدها سجادتها و جلال صلاتها الموجودين في بيت غيث و طلعت للصاله ، ابتسمت تشوف ظهر غيث و هو يطلع من البيت رايح المسجد و هو يقفل الباب خلفه يحبسها ، لانها امانه عنده داخل البيت.
فرشت سجادتها و كّبرت تبدء صلاتها.

« يوم جديد ، بيت سطام »
عضت أطراف اصابعها من خطة هتان و التفت لـ شكلها بالمرايا و هي واقفه بكشختها اللي على صدرها أثقل من الجبال.
رفعت عيونها تشوف طاسه الذهب اللي راسمه خط منتصف شعرها و تصميمه النازل على جبهتها بسلاسل طايحه على شعرها الأسود الطويل الواصل خصرها.
نزلت عيونها على لبسها اللي كان زي جنوبي ضيق على جسمها اللي لو انحطت عين عليه ما تتصور مر بحمل و ولاده ، نحيل كعّود الرمان و بشرتها مُضيئة كليلة قمرا.
همست أريج بخوف وهي تكلم هتان: بس هتان ، شلون اهرب فهميني !


مع اني متأخره عليكم يا اهل الواتباد و لكن كل عام و انتوا بخير و عساكم من عوادة 🩶.
البارت طويل تعويضاً لكم 🤍.

Continue Reading

You'll Also Like

37.3K 2.2K 37
مانشدت الشمس عن حزن الغياب علمتنا الشمـس نرضا بالرحيـل كل يومٍ يغرق الضي في عــبــاب ما سمعنا ناعي ٍ .. مابه عــويل
163K 1.4K 23
الكاتبه : هاجر القحطاني ✍🏻 ( روايه سعوديه ) قالت في ابلها : ( ‏كل يوم أحبش لو ورى حبش هلاك أنا على موتي بحبش مستعد ) . الكاتبه هاجر القحطاني ( لي...
423K 4.5K 7
للكاتبه بّلاك إنجيل ، سارة أ. الشدي ". '
23.4K 1K 24
انستا : reiwoc40 ||| تيك : xrwaya17 - " الكِـاتبة | جِـيان " - ابطال الرواية : " أمـجـد عـبـدالمـلـك ، تـغـريـد عـبـدالمـجـيد "