١

3.2K 147 35
                                    

-
« الديّـره »
طلعت من بيت المطوعه بعد ما أخذت الأغراض اللي وصت عليها جدتها، رفعت عيونها و شّدت على برقعها، صّدى في أذنها صوت معاضد الذهب المزينين أياديها و عّدلت عباة راسها و عجّلت بخطواتها لـ بيت جدها من ازدحم السوق بالناس.
بعد عدة دقايق، و بحُكم صغر حجم ديرتهم، وصلت لبيت جدها و فتحت الباب و سّمت بالله و دخلت، سمعت صوت رجاجيل في مجلسهم و تأكدت انهم عيال عمها لانه قادم من داخل البيت و مو مجلس الرجال.
سمعت خطواتهم و رفعت عيونها تشوف عمها عبدالهادي و خلفه ولد عمتها راشد و اللي تبغضه بغّض شديد، زفرت بغّضب تبعد عن دّربهم و لكن رفعت عيونها من نادى عمها بأسمها: هّتان ! تعالي يا بنتي وينك ما شفتك من الصبح ؟
ناظرت بـ راشد اللي كان مطول النظر فيها و عضت شفتها من تحت البراقع بكّره و تمنع نفسها من إدخال أصابعها بعيونه.
تقّدمت و قّبلت جبين عمها و نطقت: لا أبد يا عم، جدتي موصيتني على أغراض اروح أجيبها من المطوعه و توني راجعه.
هز عبدالهادي راسه و قال: ايه زيّن ريّن، أجل روحي حنا بنروح نصلي الظهر و انتي أول ما تخلصين صلاتك أمرخي أمي بالزيت المقري عليه، صار لها فتره تشتكي من ركبتها.
هزت راسها بالإيجاب تهمس: إن شاءالله.
و خّرج عبدالهادي و خلفه راشد و ضلت هتان مثبته عيونها عليه لين طلع و همست اول ما تسكر الباب: جعل عيونك العمى يا وصخ.
دخلت البيت و توجهت لـ المطبخ و حطت الأكياس على الطاوله تجذب أنتباه بنات عمها الثلاثه اللي يطبخون الغذاء.
رفعت أريج حاجبها و قالت: عسى ما شر شفيك منفسه ؟ ذكرتيني بـ تنفيسة اخوي لما ربي رزقه بـ بنتين نفس ألسنه، انتي و اختك.
ناظرت هّتان أصغر عماتها بنظره حاده و قالت: واجهت راشد و أنا داخله.
زفرت شيخه بقرف و قالت: ناشب لنا ذا، يعنني الواصل كل يوم و هو مشرف عندنا، ما عنده شغله ذا.
قّلبت شموخ عيونها و نطقت: يا بنت الحلال، لو أني مكانه أكيد بطالع هّتان تستهبلين، عيونها بروحهم تجيب الراس، عسليات.
صغّرت هتان عيونها و قالت: شيكي على الكبسه لا يخليك جدي كبسه بدالها.
ضحكت شيهانه و هي تسوي الجريش و قالت: هتان دايماً تعرف تسكتكم.
شالت هتان عبايتها تكشف عن دراعتها الصفره المخصره بحبال على جانبي خصرها المّضمر، فلّت شعرها البُني الواصل لين أسفل ظهرها و قالت: كلهم طلعوا لـ الصلاه صح ؟
ردت عليها شيخه و نطقت: ايوه.
هتان و هي تشيل الأكياس: أجل أنا بروح لـ جدتي امرخها بالزيت لانها تشتكي من عظامها و بجي.
و طلعت هتان من المطبخ متوجهه لـ غرفة جدتها عذاري، التفتت شموخ على خواتها و أريج و قالت: بنات عمي غالب قالكم متى بيرجع من أبها ؟
هزت أريج راسها بالنفي و جاوبت: أنا اخته ولا علمني، أصلاً بيني و بينكم أبرك لما يجي هّتان تعتفس نفسيتها، كفايه عليها جدي و كيف يعيد عليها اللي صار.
زفرت شيهانه و قالت: المسكينه توها صغيره ولا تستاهل اللي مرت فيه.
شيخه بحّزن: كله من عمي غالب، الله يسامحه بس.
شموخ باستنكار: ياخي يحّر ! حد يزوج بنته و هي بعُمر ١٧ سنه ؟ لا و مين مزوجها ؟ واحد ما عنده وظيفه و طلع بالأخير بياع مخدرات، زيّن هتان ما راحت معه السجن ولا سوى فيها شي ولا قربها.
أريج بكّره: ما شفتوا غالب يوم جا و قال لها أسف، هالثلاث احرف واضح باليالله تطلع من فمه.
شيهانه بتأكد: مُستحيل هتان تسامحه.
شيخه و عيونها متوسعه: أكيد ! عاد فيها شّكه ؟
أريج بتأفف: صح انه اخوي بس قهرني، يفرق بين وصايف و هّتان مرا.
نطقت شيهانه بفضول: طيب بنات، ضنكم نافل لمسها ؟
تخصرت أريج و نطقت بحده: شيهانه ! وش هالحكي ؟ عيب !
شيخه بنبرة هادئه: أنا سألتها، بعد يمكن شهر من كل اللي صار و قالت لي.
عقدت شموخ حواجبها و قالت: يا اختي كلنا داريين ليش يده انكسرت اول ما تزوجوا، و لا نكذب على بعض، نافل حاول يقرب منها و هي كسرت يده واضحه السالفه ترى.
قّلبت شيخه عيونها و قالت: وجع فوتي الأثاره اللي كنت ابي أسويها.
توسعت عيون شيهانه و قالت: يويلي يعني صدق ؟!
سمعوا صوت سهم يتردد يُعلن دخوله و دخل المطبخ و بين يدينه مازن ولد أريج، فّزت أريج له و خذت ولدها النايم من بين يدين سهم اللي قال: ولدك عُمره سبع سنين و عادك تشلينه كأنه ورع ؟ والله فيك حيّل.
قّلبت أريج عيونها و قالت: عطني شنطته، نام و انتوا جايين من المدرسه ؟
هز سهم راسه بالإيجاب و توجه لـ خواته و مد يده يسرق له لقمه من دجاج الكبسه و ركض برا عشان يلحق على الصلاه مع باقي الرجال.
~ غرفة عذاري ~
دخلت هّتان و حّصلت جدتها تصلي الظهر، نزلت الأكياس على سرير جدتها و طلعت من الغرفه.
توجهت لـ غرفتها و دخلت الحمام ~ أكرمكم الله ~ و توضت عشان تصلي، صلت الظهر و السُنه و بعدها رجعت لـ غرفة جدتها و حصلتها جالسه تفتح الأكياس.
تقّدمت هّتان و قّبلت كتف جدتها من الخلف و قالت: مرحبا يمه.
التفتت عذاري و ابتسمت تشوف هّتان اللي ربتها بين يدينها بعد وفاة امها، و أصبحت حدى بناتها مو حفيداتها، قّبلت هّتان جبين جدتها و قالت: يلا يمه انسدحي عشان امرخ ركّبك، قالي عمي أنهم يعورونك.
عذاري و هي تنسدح على السرير: اي والله يا بنتي، الله يجزآك خير و يرزك بعّيال يبرون فيك مثل ما تبرين فيني و يرزك الرجال الصالح اللي يخاف الله.
عضت شفتها تكبت غضبها، لو احد غير جدتها قال هالدعوه تعرف نفسها بتهجم عليه لانها فاقده الامل في الزواج و كرهته.
بغض النظر عن صغّر سنها، كرهت تجربة الزواج ولا تبي تكررها مع اي شخص مهماً كان، ما تدري هل يمكن لو جربت تحب بيتغير هالشعور البارد القاسي المكتسي قلبها او لا.
أطلقت تنهيده و طلعت الزيوت و بدت تمرخ جدتها لين يجهزون البنات الغداء و يودون نصه المجلس و النص الثاني للنسوان في البيت.
~ بعد الغداء، غرفة أريج ~
غرفت لـ ولدها من الغداء و حطته على الطاولة، سكرت باب الغرفه و نزلت جلالها تحطه على الكرسي الخشبي و توجهت لـ سريرها النايم فيه ولدها.
جلست على الحافه و مسحت على راس مازن النايم و قّبلت جبينه، هزته بخفه و قالت: مازن، يلا يمه قوم تغدا و صّل الظهر، شفتك تعبان و ما صحيتك.
رمّش مازن بشويش و فتح عيونه و فركهم بكسل ينطق بخمول: أبشري يُمه.
اعتدل مازن و وقف من السرير يقبل جبين امه و توجه لـ الحمام ~ أكرمكم الله ~ عشان يتوضى، طلع و صلى و جلست أريج على الكرسي الخشبي الخاص بتسريحتها و بحضنها مازن و بدت تغديه و نجحت في تأكيله نصف الصحن مما تعتبره إنجاز.
انتهت و غسلت يدها و المواعين و رجعت لـ ولدها و بدت تبدل له و لبسته ثوب ابيض على قياسه و سمعته يقول: يُمه ترى ابوي كلم خالي فاهد.
زفرت بقرف لـ طاريه و تصنعت الابتسامه من اجل ولدها و قالت: ايه وش قال ؟
مازن بحماس نطق: قال بيجي يوم الخميس يأخذني و يوديني مع أعمامي و عيالهم لـ المقناص ! والله يمه وناسه !
غمضت عيونها بأسى، ما تداني فراق ولدها عنها طول ساعات دوامه في المدرسه فـ شلون ايام و هو بعيد عنها ؟
هزت راسها بقّل حيّله، صار له أربع سنين غايب عن حياة ولده، تطلقت منه و مازن بعُمر الثلاث سنين، ولا رجع ظهر في حياة ولده إلا قبل شهرين و كأنه يستدرج ولده له عشان ياخذه منها.
حضنت ولدها لا شعورياً و تسترجع ذكرياتهم لما كانوا عائلة واحده سعيده، لكن قرر هو بنفسه يخربها و يدمرها و لا يخلي اي امل ولو صغير انها ترجع له.
ابتعدت عن ولدها و تصنعت الابتسامه و قالت: يصير خير يا ولدي، الحين خلنى نروح نجلس برا مع ابوي سطام و امي عذاري و الباقي، زيّن ؟
هز مازن راسه بالإيجاب و وقفت أريج تلبس جلالها على أكتافها، حّست بأنامل ولدها الصغيره تلتف حول يدها و قال مازن: بساعدك في الدلال يا امي !
ضحكت أريج و مسحت على شعره الأسود الكثيف و توجهت معه لـ المطبخ و هي تقول: بعّدي يا عين امك، انت الرجال الوحيد اللي احتاجه في حياتي !
شالت أريج الدلال و وكلت مازن الأكواب و الفناجيل تفادياً لأي حوادث عُظمى.
رتبت الجلسه استقبالاً لـ ابوها و امها، تعودت على حياتها مع امها و ابوها و ولدها، نسته تماماً و اكتفت بـ مازن في حياتها، تشوف حياتها كلها في عيون ولدها و صوت ضحكته.
جاوا الخوات الثلاث شيخه و شموخ و شيهانه و هم شايلين الحلا و الأكلات الصغيره اللي مسوينها و جلسوا مع أريج في الجلسه لين يجي جدهم من المجلس.
بعد عدة دقايق انضمت لهم هتان و كانت زايده كحلة عيونها و مطولتها، نزلت هتان جلالها و قالت: زيّن سويتوا عيشه، تو جدتي تقول ان عمتي هند و بنتها.
صّدت شيهانه و قالت بضيق: ويهههه أصايل بتجيكم !
التفتت شموخ لـ هتان اللي كانت تصب لها شاهي و نطقت باستغراب: اموت و اعرف ! شلون تقابلينها بعد اللي سوته ؟
ضحكت هتان بسخريه و قالت: وش تبيني اقول لـ وحده ناقصه ؟
شيهانه بغضب: وااي هتان تقهرين ! شلون تقابلينها بكل برود بعد ما اكتشفنا انها كانت على تواصل مع نافل و انها سبب في انكم...
سكتت شيهانه بقرصه من شيخه، شدت هتان على دلة الشاهي و عضت شفتها تنطق: ان سمعت اسمه ينذكر قدامي مره ثانيه، ردت فعلي ما راح تعجب اي وحده فيكم.
وقفت أريج و خذت ولدها لـ الداخل تلبسه نعاله ~ و انتوا بكرامه ~ عشان يروح مع اخوها عبدالهادي لـ الأبل مثل اي عصريه.
زفرت هتان و جلست على الجلسه الارضيه الخاصه فيهم و تكت على المسند و ثبتت بيالة الشاهي قدامها، التموا البنات حول بعض و نطقت شموخ: قالي سهم انه رجع تقدم لك قبل شهر بس محد نطق في البيت لانهم يعرفون ردك.
ضحكت هتان بشده و قالت: يا زينك يا شموخ تعرفين تخليني أروق ! كل مره يجي يرجع يخطبني فيها يدوس على كرامته و هيبته، خليه لان عُمري ما راح ارجع له.
شيهانه نطقت: بس ترا كل الديره تدري انه يحبك
قّلبت هتان عيونها و قالت: خليه يولي، حبه قردٍ أحول إن شاءالله، غيروا الموضوع لان أعصابي بدت تتلف.
شموخ يضحكه: خفي علينا يا ام الاعصاب انتي.
شيخه بتغير لـ الموضوع قالت: الحين ابي اعرف، خالك اسمه غيث، و انتي هتان، امك الله يرحمها هي اللي مسميتك انتي و هو وش سالفتها مع المطر ؟
ضحكت هتان و ردت: مثل سالفة عمي عبدالهادي و حوف الشين معكم، الحمدلله لما جاء سهم غير شوي و خلاها سين.
التفتوا لما طلعت أريج و هي ماسكه ولدها و مغطيه نصف وجها بالجلال، طلعت برا و وصلت ولدها لـ أخوها عبدالهادي.
واجهت أريج أختها هند اللي توها واصله مع بنتها أصايل و سلمت عليهم و دخلتهم داخل.
وقفوا البنات و سلموا على عمتهم هند و بنت عمتهم أصايل، جّلسوهم و بدئت هتان تقهوي عمتها و بنت عمتها أصايل بأبتسامه على وجها ذو الملامح إلحاده.
تدري هّتان ان هدوئها طول هالـ ستة سنين بعد ما تطلقت منه و اكتشفت علاقته بـ أصايل، تدري ان هدوئها معها جالس يربك أصايل و بشده.
الموضوع ما يعرف فيه اي شخص غير هتان، شيخه، شموخ، و شيهانه، فقط.
وصّل خبر معرفة هتان بالموضوع لـ أصايل عن طريق شيخه و اللي بلغتها ان هتان تعرف و عندها الدليل، و قررت هتان تستر على أصايل إذا ساعدتها في إجبار نافل يطلقها و فعلاً تم الطلاق بعد تشويش أصايل لـ نافل بترك هتان.
و لكن ما صار اي حوار مُباشر بين هتان و أصايل وجه لـ وجه، بنات عبدالهادي، شيخه و شموخ و شيهانه كانوا عُنصر التواصل بينهم فقط.
و الدليل موجود عند هتان و حاطه في بالها الوقت المُناسب لـ أستخدامه.
عاشرت نافل سنه كامله و حفظته، تعرف انه عنيد و يحب يكسر كلمة اللي قدامه و يثبت كلمته، خاصةً إذا كانت هي، بنت صغيره قدرت تكسر كلمته و تجبره يطلقها غصباً عن ابوها و جدها اللي جالسين فوق راسها يبونها ترجع له بحجة انها مُطلقة.
لا هي ولا أريج توفقوا في نصيبهم، و كُل من غالب و سطام ينتظرون اي احد يدق الباب و يزوجونهم بحُكم انهم مُطلاقات و يبونهم يتوفقون، تربوا على هذه الفكره و هذا المبدأ، خاصةً أريج اللي يصعب انها ترجع تتزوج و بين يدينها ولدها مازن.
التفتت هتان على عمتها هند اللي نطقت: يا مرحبا هتان شلونك عساك بخير !
ابتسمت هتان بخفه ترد: بخير الحمدلله يسّرك الحال يا عمه، كيف حالك انتي ؟
هند بابتسامه: بخير نحمد الله و نشكره.
التفتت هتان على أصايل و نطقت بابتسامه خفيفه و نبرة مُربكة بالنسبه لـ أصايل: شلونك أصايل ؟
بلعت أصايل ريقها و ردت بصوت هادئ: يسّرك الحال.
التفتوا على دخول سطام لـ الحوش البسيط و فّز الكل يرحب فيه، وقفوا البنات خلف هند و أريج و بعدها تقدموا يسلمون على جدهم و بعدهم كانت أصايل.
جلس سطام و بجانبه بنته هند و يمينه حفيدته أصايل و اللي كانت دائماً مُظهره نموذج الحفيده الصالحه عكس خفاياها اللي اكتشفوها هتان و بنات عبدالهادي.
دخلت الجلسه عذاري و سلمت هند على امها و أصايل جدتها و بعدين جلست عذاري بجانب زوجها سطام.
دارت الأحاديث و السوالف، و وقفت هتان من جاها اتصال من خالها غيث.
أستأذنت و توجهت لـ زاوية الحوش و رفعت السماعه لـ أذنها تسمع صوت خالها اللي بمثابة اخوها: ارحبي يا روح خالك، توني مخلص دوام تجين ناخذ فره ؟
ابتسمت على صوت خالها اللي تحس انه اقرب شخص لها، و قالت: تم، بلبس عباياتي و أضرب بوري اول ما تكون برا.
و سكرت هتان و رجعت لـ الجلسه و قالت: أنا بروح مع خالي ناقصته شوية أغراض و برتب محّله و بجي.
رفع سطام عيونه، و كان من النوع الشديد جداً، ولا يسمح بخروج اي مرأة من أهله خارج البيت من غير سبب ضروري أو إذا كان امر منه او من عذاري.
هز راسه بالإيجاب و قال: روحي، لكن اول ما ارجع من صلاة المغرب و انتي في البيت.
زفرت هتان و نطقت: ان شاءالله.
و توجهت لـ داخل البيت و لبست برقعها و عباية راسها، تنهدت تشوف شكل عيونها بـ البرقع، تحس بعض الأحيان ان البرقع يزيد من جمال عيونها اللي ورثتهم من امها.
كانوا عيونها لون العسل لما يتعرض لـ أشعة شمس الغروب، عسليه و واسعه مكتحله برموش تتصف بطول و الكثافه.
عّدلت معاضد الذهب حمل معصمها و شّدت على عباية راسها و اخذت الهاتف الصغير اللي يسمح فقط بالاتصالات و توجهت لـ الحوش.
سمعت صوت بوري سيارة غيث و طلعت له، لفت عشان سكرت الباب وراها و طاحت عيونها بعيون راشد اللي جاي لـ البيت و صّدت بغضب تركب سيارة خالها.
تكره راشد ولد عمتها كره العمه، مره وحده فاتحها في موضوع الزواج و لكنها رفضت و تسكر الموضوع و كان بينه و بينها فقط.
و لكن ازداد كرهه في قلبها لما قال راشد الحكي لـ جدهم سطام، و سمعته يقول ان راشد يستاهل وحده غيرها، او بالأحرى كانت تحاول تكذب مسامعها و تكذب كلام جدها اللي ناداها بالـ مُطلقه.
نظرته لها هي و أريج كأنهم ناقصهم شي، كأنهم عبء عليهم و كل يوم تالي الليل تجي هتان ضيقه ما يدري فيها إلا الله.
يمكن أريج تلتهي مع ولدها و تغير جو معه و تنشغل و لكن هتان ما عندها غير تسمع كلمة من حدها تنقط عليها و لكنها تمسك نفسها ما تنهار و تضل قويه، ولا ترجع لـ طليقها اللي كم مره حاولوا سطام و غالب إجبارها على الرجوع له، و لكن هتان معروفه عزيزة نفس و مستعدة تواجه جدها و ابوها عشان تحافظ على عزة نفسها، و هذا فعلاً اللي حصل.
و كانت هذه المره الأولى و الوحيدة اللي قدرت فيه هتان تواجه جدها و ابوها بالذات، و ذالك بفضل الله ثُم غيث اللي وقف في وجيهم بجانبها.
هي الشخص الوحيد اللي يشم فيها ريحة اخته الكبيره اللي ربته، و العضو الوحيد غيره اللي يجري في دمها عرق ال غازي بنت اخته و لكنه يشوفها كل حياته، لان حصة الله يرحمها ام هتان، توفت في حادث بصُحبة ابوها و زوجة ابوها اللي كانت ام غيث، و كانت صغيره بالسن، لذالك عُمر غيث ما هو كبير جداً.
كانت علاقتهم قويه جداً اقوى من الاخوان بعض الاحيان.
التفت غيث لما سكرت هتان باب السياره و قّربت هتان تحضنه بحُكم انها ما شافته ثلاث ايام و قالت: اشتقت لك ياخي وين كنت ؟!
حضنها غيث و قال: في المستشفى والله مرضى و طرشوا علينا عساكر من الحّد الجنوبي عندهم إصابات فانشغلت معهم و لكن ابشرك راحوا في دربهم، اصلاً اغلبهم اخوياي ايام المدرسه.
رفعت حاجبها بتعجب و قالت: والله و طلع لك اخويا يا الخال المزيون.
ضحك غيث و قال: أجل، تبيني اطلع منبوذ.
حّرك غيث السياره و توجه لـ البقالة، صّف سيارته أمامها و لف على هتان و قال: باخذ لي حمضيات، تبين شي اخذ لك ؟
عقدت هتان حواجبها و نطقت: أنت متأكد انك دكتور ولا ماخذ شهادتك زور ؟
توسعت عيون غيث و خبط كتفها و هو يقول: وجع ! شرها علي اللي سألك.
ابتسمت هتان و قالت: خلاص جيب لي معك مويه، عطشانه.
زفر غيث و هو ينزل من السياره و يقول: طيب.
توجه غيث لـ البقاله و التفت على سيارته و ثبت عيونه العسليه المُقاربة لـ عيون هتان عليها و قفل السياره قبل يدخل داخل.
ناظرت نفسها في انعكاس المرايا الجانبيه و عدلت برقعها و مرت بعض الدقايق و هي تلعب بأناملها المُحناة، رفعت عيونها من سمعت صوت ضحكة مألوفه، و اللي كانت ضحكة غيث.
عقدت حواجبها تشوفه طالع من البقاله و هو شايل أكياس و يضحك بصُحبة واحد عسكري، صّدت عنهم و انتظرت غيث يجي و فعلاً، بعد دقيقتين جا غيث و ركب السياره و هو يرمي الكيس في حضن هتان و هو يضحك.
رفعت حاجبها و قالت: عساها دايمه، من اللي مضحكك كذا ؟
بّلل غيث شفته و قال: خوي قديم، طالع هو و دفعته بيمسكون خط لـ ديرتهم بعد ما قضوا دورة تدريب عسكريه حول ستة شهور اهنا، توني مواجهه في المستشفى، كنت مُوكل بمُراقبة حالتهم و الحين الله تعيني على الدفعه الجايه.
التفتت هتان تشوف العسكري اللي كان يضحك معه و رجعت ناظرت في غيث و قالت: يعني الحين انت ماسك حالات العساكر اللي يجون دورات تدريب هنا ؟
حّرك غيث السياره و قال: هالله هالله.
هزت رأسها بالإيجاب و ميّلت شفتها تنطق: منهو منه ؟
ناظرها غيث بطرف عينه و قال: من ال هذال.
رفعت حواجبها باندهاش و قالت: اوه، ابوي وده فيهم، اخبره يوصي مشاعل تودي وصايف لـ عزايمهم عشان يخطبونها ال هذال، قسم بالله يضحكون.
رفع غيث حاجبه و قال: و ذي وصايف ما لها كلمه ما غير قليصه يسرحونها و يضونها ؟
التفت عليه هتان و ضربت كتفه و قالت بحده: إلا وصايف عاد ! تراها أختي و حليّوه و طيبه، غير ربي بلاني وياها بأب استغفرالله يا ربي، حرام البنت مالها حس ولا تتكلم و امها و ابوها ما ترد عليهم بـ كلمه.
رفع غيث اكتافه و قال: انتي أعلم بها.
فتحت غرشة المويه و رفعت جُزء من برقعها و قربت الغرشة من ثغرها الأحمر و بدت تشرب تروي عطشها، نزلت الغرشه و التفتت على غيث اللي رن جواله.
شافت غيث يبتسم و رفعت حاجبها تسمع يرد و يقول: أرحب يا ابو عبدالرحمن !
سكرت غرشة الماي و هي تسمع حوار غيث مع اياً كان يكلم و بعد ما خلص لف عليها غيث و قال: افزعي يا بنت غالب.
قّلبت عيونها و قالت: خير وش ابلشت فيه عمرك ذا المره ؟
تنهد غيث و قال: نهيان، خويي اللي واجهته في البقاله، جاهم أمر انهم يرجعون بكرا بعد ما توصل الدفعه الثانيه و عزمني على العشاء و خّبرك حلفت عليه و حلف علي و فالاخير رسينا اني يجيهم مع فوايل خفيفه العصريه و اجتمع معهم، من زمان ما اجتمعنا.
صغرت هتان عيونها و قالت: انت تعلمني من وين طلع نهيان هذا ؟
قّلب غيث عيونه و قال: والله العقوبه ! يختي اخوياي تبين عنهم تقرير شخصي يعني ؟
تنهدت و قالت: خلاص أبشر، بسوي لك فطاير و سنبوسه مع قيمات، يكفي ؟
ابتسم غيث و قّبل يدها و قال: يلوموني يحُبك يا بنت اختي !
قّبلت هتان راسه و قالت: يلا هات.
تلاشت ابتسامة غيث و قال: والله اني داري ان عرق اختي فيك، هاك امسكي خمسين.
نزلت هتان عيونها و قالت: هات اميه، و ارجع لـ البقاله في مقاضي ناقصه لـ عيشتك.
زفر غيث و مد لها الاميه و رجع لف الدركسون باتجاه البقاله و هو يهمس: أبلش.

يا مالكٍ قلبي من أدناه لأقصاهDär berättelser lever. Upptäck nu