عُمارة آل نجم.

Autorstwa MariamMahmoud457

218K 13.8K 21.9K

عادةً ما تأتي العائِلة أولاً، بضجيجها، وحِسها، وحروبِها الدائِمة رغماً عن أمانِها المُستقر، جيشك المُتصدي، مح... Więcej

الفصل الأول ( بر الوالدين )
الفصل الثاني ( تلقاه العين قبل الرحِم )
الفصل الثالث
الفصل الرابع ( من يملُك الحق )
الفصل الخامس ( إرضاء الأقرب للقلب؟ )
الفصل السادس ( طريق التهلكة )
الفصل السابع ( ماذا فعلوا بحقها؟ )
الفصل الثامن ( بداية جديدة خالية من الفساد )
الفصل التاسع ( تِكرار الخطأ عواقبه كبيرة )
الفصل العاشر ( خيبة الأهل )
الفصل الحادي عشر ( حق مؤجل )
الفصل الثاني عشر ( عُطلة عائلية )
الفصل الثالث عشر ( موافقة بالإجبار )
الفصل الرابع عشر ( بيعة مُشتراه )
الفصل الخامس عشر ( عودة العلاقات )
الفصل السادس عشر ( إصلاح ما قامت الحياة بإفساده )
الفصل السابع عشر ( صدمة غير متوقعة )
الفصل الثامن عشر ( داءه، ودواءه )
الفصل التاسع عشر ( جاء بنبأ بُعاده )
الفصل الواحد والعشرين ( قد تتغير الموازين )
الفصل الثاني والعشرين ( لا بأس من المحاولة مرة أخرى )
الفصل الثالث والعشرين ( بنهاية الدرب راحة )
الفصل الرابع والعشرين ( عودة حميدة )
الفصل الخامس والعشرين ( زواج بنكهة جنازة )
الفصل السادس والعشرين ( حُب غير مرغوب )
الفصل السابع والعشرين ( فرصة أخرى أخيرة )
الفصل الثامن والعشرين ( ضائِعة من نفسها تائِهة بين البشر )
الفصل التاسع والعشرين ( زواج لرد الشُكر )
الفصل الثلاثين ( ليلة يتكللها الفرح والسرور )
الفصل الواحد والثلاثين ( عاد مُهاجر الدار إلى داره )
الفصل الثاني والثلاثين ( جاء من يحمل الحُب في قلبه وقوله وفعله )
الفصل الثالث والثلاثين ( لم نعُد نلوم الغرباء، فالمقربون فعلوا الأسوء )
الفصل الرابع والثلاثين ( عواقب انتماءِها لهذا الحُب )
الفصل الخامس والثلاثين ( من لا ذنب له؟ )
الفصل السادس والثلاثين ( مُناضل في حرب السعادة )
الفصل السابع والثلاثين ( لا نُحاسب على سذاجة القلب )
الفصل الثامن والثلاثين ( نهاية قصة محسومة لن يُفيدها الأسف )
الفصل التاسع والثلاثين ( المرءُ لا تُشقيه إلا نفسُهُ )
الفصل الأربعين ( خيبات تليها صدمات مُتتالية )
الفصل الواحد والأربعين ( لن نعود مرة أخرى، انتهت الرسائِل )
فصل إضافي ثاني وأربعين ( بورِكتّ معك فاتِحة العُمر )
فصل إضافي ثالث وأربعين ( بورِك مسعى سِرناه سوياً )
فصل إضافي رابع وأربعين ( يزداد نصيب العُمر به حياة )
الأخير، مِسك الخِتام ( خير حصاد التربية الصالحة )

الفصل العشرين ( أمل يُضيء القليل من النور )

3.9K 299 159
Autorstwa MariamMahmoud457

مرت عدة أيام، لم تكن كسابق عهدها، أصبحت عُمارة آل نجم بأكملها، مختلفة عما كانت عليه سابقاً، أصبح درج البناية فارغاً من صوت غِناءه البشع، كما لم يعد يلمؤها صوت ضحكاته هو ورفيق دربه، لم يعد هناك أياً منهم حتى ليعوض فراق وعدم وجود الآخر، أصبح الحزن يحاوطهم من كل مكان، وكل منهم يحمل بداخله العديد والعديد من الحمل الذي فاق قوتهم.

قامت شادية بوضع طعام الفطور على الطاولة في صمت أصبح مُصاحبها، لتساعدها كلاً من أفنان وأحلام، حتى أنضموا من بعد ذلك على الطاولة، بعدما جاء كلاً من عابد ورشاد ليجلسان معهم، ليتساءل عابد كاسراً ذلك الصمت وهو يقول بنبرة هادئة

-" أومال بلال جاي أمتى".

نظرت له أفنان بعدما رأت صمت وشرود كلاً من شادية وأحلام، لتجيب قائلة بنبرة هادئة:

-" هييجي بعد الشغل، ممكن على ستة علشان لسة هيجيب وئام".

أومأ لها عابد برأسه، لينظروا جميعهم إلى شادية التي نهضت من أمامهم، حتى أستوقفها عابد قائلاً بنبرة مُتعجبة:

-" مأكلتيش ليه يا شادية".

لم تنظر له لتستكمل طريقها وهي تسير بخُطى مثقلة أثناء قولها بنبرة متعبة:

-" شبعت ".

وجهوا جميعهم نظرهم نحو عابد الذي نظر في أثرها بهدوء ليعود بنظره إليهم، حتى نهض ليقول بنبرة صارمة:

-" كملوا أكلكم ".

ليتركهم من بعد ذلك، حتى ولج خلفها إلى غرفة نومهم، لينظر لها وهي تجلس على الفراش تستند بالوسادة على فخذيها، تُطالع الفراغ من أمامها بشرود، ليقترب يجلس أمامها على الفراش، حاول التودد إليها بهدوءه ونظراته اللينة وهو يقول بنبرة لا تقل عن مظهره ولكن طغى عليها الحُزن والعتاب عليها من تلك الحالة:

-" وبعدين يا شادية، هتفضلي كدة كتير، البيت ملهوش حس من غير صوتك".

لم تنظر له شادية ولم تتحدث، فقط أكتفت بالصمت تعبيراً عن حالتها، ليتنهد عابد بعمق، حتى رفع رأسه لينظر لها وهو يقول بنبرة هادئة:

-" مالك مش إبنك لوحدك يا شادية، إبني أنا كمان، وأنتِ عارفة تربيتي ليهم، عارفة إني من زمان معلمهم إن إللي يغلط يتعاقب علشان كدة طلعوا رجالة نعتمد عليهم في كل كبيرة وصغيرة، بس معلش.. ما إحنا ياما غلطنا في شبابنا، الفرق إن العقاب مختلف، لكن النتيجة واحدة".

أغرورقت أعينها بالدموع وهي تستمع إليه، لتنظر له بنظرة تفهمها هو، حتماً سيتفهمها، من تسكن معه لطول ذلك العمر، من يعرفها جيداً ومن تعرفه أشد المعرفة بمجرد نظرة من أعينهم إلى بعضهم البعض، أعينهم التي فقط يمكنها التحدث بما يجول بصدورهم، تلك النظرة التي بدت وزينت مدامعها والتي أفصحت عن شعورها تجاهه، وهو اللوم الذي التقطه هو على الفور، ليتحدث بنبرة رزينة يشوبها اللين قائلاً:

-" عارف إنك متضايقة مني علشان أسلوبي معاه، وعارف دة من بدري من ساعة ما كنا في القسم، بس بردوا عارف إنك مش قادرة تلوميني كل دة علشان عارفة إني صح، عارفة إن دورك تسايسي وتراضي وتليني عيالك بس أنا دوري أقسى وأغضب منهم، مينفعش إحنا الأتنين نتساوى في الحاجة دي يا شادية، لو عملت زي ما أنتِ بتعملي العيال هتضيع، ولو أنتِ عملتي زي ما أنا بعمل العيال هتتعقد وهيكرهونا، طيب ليه دة يحصل؟".

أغلقت شادية جفنيها وهي تبكي بخفوت، ليعتدل عابد في جلسته يقترب منها قليلاً وهو يقول بجدية يشوبها الغضب الهاديء في نفس الوقت، وكأنه فقط يفصح لها عن غضبه بين حديثه:

-" وبعدين إبنك غلطه مش صغير، في حد من عيالك جالنا بمصيبة زي دي قبل كدة؟ في حد منهم دخلنا القسم ولا خلى رجلينا تخطيه علشان عمل مصيبة؟ مفيش.. علشان كدة أنا لازم هقسى عليه، أنا مش هينفع ولا هقدر أهاوده ولا أعامله بالذوق والأدب، إبني زي ما هو إبنك أربيه التربية إللي على كيفي، زي ما أنا مبجيش ألومك وأقولك أنتِ مدلعاه، يبقى أنتِ كمان ملكيش الحق تبصيلي كدة وتلوميني يا شادية".

أومأت شادية برأسها بوهن وهي تبتلع ريقها، لترفع رأسها تقول بنبرة مبحوحة أثر بُكاءِها:

-" والله ياخويا أنا مش هتكلم ولا هفتح بوقي، إللي أنت شايفه صح في حق عيالك أعمله، لو كنت أتكلمت من زمان مکانوش زمانهم طلعوا كدة".

لتتجدد دموعها مرة أخرى وهي تنظر له بقهرة قائلة بنبرة محشرجة أظهرت قلة حيلتها وحُزنها:

-" بس أنا أعمل إيه طيب، أنا ذنبي إيه وأنا شايفة الواد قدام عيني حالته متغيرة وهدومه مبهدلة، بقالنا تلات أسابيع منعرفش حاجة عنه وعلشان أشوفه ولا أتطمن عليه لازم هستنى، إزاي أبقى متعودة عليه كل يوم قدام عيني نايم في سريره بيضحك وبيهزر وبيزعق وبيغضب قدامي وفجأة كل دة يروح؟ حتى لو أربع شهور يا عابد، ولو كانوا شهر.. أنا مش قادرة أستحمل، عيالك عمرهم ما بعدوا عني غير بس علشان جيشهم، لكن غير كدة ميقدروش يسيبوني كل دة، عايزني إزاي بقى أبقى مستحملة ومتأقلمة مع الوضع دة؟".

لوح عابد برأسه وهو يتحدث بجدية وكأنه يذكرها بشيئاً ما قائلاً:

-" أنتِ شكلك ناسية إن مش مالك لوحده إللي إبنك، عيالك محتاجينلك يا شادية، البنات محتاجينلك، هاشم ورشاد إللي أنتِ شيفاهم رجالة دول بردوا محتاجينلك، بلال كان بيكلمني ونفسه يسمع صوتك هو كمان، وعيال عيالك يا شادية، لازم تفوقي وتقومي لكل دول، دة أنتِ في جيش تتار مستنيكي تفوقيله وترقيعلهم بالصوت، هما ذنبهم إيه كمان من اللي بيحصل؟ مش هما حقهم بردوا يحسوا بوجودك جنبهم؟ أومال أنا هقوي نفسي وأقويهم وأقويكي أنتِ كمان؟ لا أنا راجل صحتي على قدي".

قال عابد آخر كلماته بمرح، لتضحك شادية وهي تمسح دموعها بعدما أقتنعت بحديثه الذي أعطاها خطوة للأمام، ليبتسم هو الآخر، سُرعان ما أختفت إبتسامته ليقول بنبرة حزينة:

-" وأحلام، أحلام لوحدها في كوم تاني لازم تقعدي وتتكلمي معاها، أنا لأول مرة أحس إني عاجز كدة، حاسس إني مش عارف أعملها حاجة ولا عارف هعديها من اللي هي فيه دة إزاي".

أعتدلت شادية لتقترب تجلس بجانبه تربت على كتفه وهي تقول بجدية يشوبها حشرجة صوتها:

-" متقولش عاجز دي تاني دة إحنا كلنا هنا بنقوى بيك أنت، وبعدين هو مالك يعني كان واخد نصيب الزعل كله لوحده، أنا قلبي مقهور على البت أوي يا عابد، وكنت عايزة أجي أكلمك علشان نشوف هنعمل إيه".

تنهد عابد، ليضحك رغماً عنه، حتى عقدت شادية حاجبيها بتعجُب أثر ضحكته التي ليست بمحلها، ليتحدث عابد قائلاً بنبرة هادئة وهو يبتسم:

-" عارفة يا شادية، محمد دة كان يحب ييجي يقعد وسطنا هنا أوي، كنت باخد بالي إنه عاجبه جو العيلة واللمة، بشوف الفرحة في عيونه وهو قاعد وسطينا وبيضحك وبيتكلم بحماس كدة ولا كأنه طالع رحلة".

لتتحول إبتسامته إلى أخرى مُنكسرة وهو يقول بنبرة هادئة أظهرت ضيقه:

-" وكنت أخد بالي من معاملته لما أبوه يكون موجود، كنت بحسه خايف.. متوتر كدة وقلقان، تحسيه قاعد مع حد غريب، الرسمية إللي بيتكلم بيها معاه، وأسلوبه ولا كأنه بيكلم رئيسه في الشغل، كنت أستغرب وأقول هو إزاي واخد علينا كدة ومش واخد على أبوه".

ليتنهد بعمق وهو يعود بنظره إلى شادية قائلاً بنبرة واثقة:

-" بس تعرفي.. أنا متأكد إن زعل أحلام دلوقتي ميجيش جنب زعله هو حاجة".

تهکمت ملامح وجه شادية لتقول بنبرة مُنفعلة أثر حالة إبنتها:

-" والله هو مش فارق معايا، المهم عندي بنتي وزعلها وقهرتها على نفسها وهي شايفة جوازتها بتتفشكل قبل فرحها بيومين، دة يرضي مين دة؟ طب دة أنا هاين عليا أروح أقتله هو وأبوه".

لوح عابد برأسه بقلة حيلة، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" أنا بقولك بس إللي حاسه علشان مبقاش ظالمه قدام نفسي، لكن خلاص الموضوع كدة كدة خلص، ربنا يرزقه ببنت الحلال ويرزق أحلام بإبن الحلال إللي يعوضها، المهم دلوقتي خليكي جنبها، وخلي البنات جنبها".

أومأت شادية برأسها وهي تبتلع ريقها، ليربت على قدمها وهو يبتسم قائلاً بنبرة هادئة:

-" يلا قومي علشان تفطري".

نفت شادية برأسها لتقول بنبرة هادئة:

-"مش عايزة خلاص أنا هعمل كوباية شاي وأنقنق في أي حاجة كدة وأنا بعمل الغدا".

غمز عابد بعينه ليقول بنبرة مرحة:

-" لأ يا شوش أنا مش عايزك تتعبي نفسك النهاردة خالص، أنا هجيب أكل من برة لما بلال ييجي ونتجمع كلنا وناكل مع بعض".

تحولت ملامح وجهها إلى أخرى حزينة وهي تقول بضيق:

-" ما بلاش يا عابد، أنت لسة صارف قد كدة وهتكلف كتير في العزومة دي بلاش وأنا هقوم أعمل أكل ونتلم كلنا مع بعض".

رفع عابد حاجبيه، ليجلس على الفراش براحة وهو ينظر لها قائلاً بنبرة خبيثة:

-"براحتك يا شوش، نفضل أنا وأنتِ بقى هنا في الأوضة والبنات برة يعملوا الأكل، ولما يبقوا يخلصوه نبقى نطلعلهم".

ضيقت شادية عيناها وهي تنظر له، لتنهض وهي تخرج من أمامه قائلة بنبرة حانقة مزيفة:

-" أنا رايحة أفطر، نفسي أتفتحت".

ضحك عابد على مظهرها وهي تذهب من أمامه، لينهض من الفراش يتجه خلفها إليهم، حتى خرج كلاً منهم ليجلسوا مرة أخرى، وسط نظرات كلاً من رشاد وأحلام وأفنان إلى بعضهم البعض، ليُحمحم عابد وهو يقول بجدية مُزيفة:

-" أمكم النهاردة مش هتعمل أكل".

ضربت أفنان بيدها على الطاولة بهدوء لتقول بنبرة حانقة:

-"هو كل يوم بقى، أنا بقالي قرن مدوقتش أكلها".

نظر لها عابد بإشمئزاز ليقول بنبرة لا تقل عن مظهره:

-" أنتِ يابت الأكل دة كله بيروح فين؟ وبعدين دة بدل ما تقولي كويس إنك ريحتها يوم".

نظرت أفنان إلى كلاً منهم بغيظ، ليتنهد عابد وهو يقول بنبرة هادئة:

-" هنجيب أكل من برة، بس أفطروا كويس بقى علشان نطلب قبل ما بلال ووئام ييجوا والأكل يفضل سخن".

ليوجه عابد نظره إلى أحلام وهو يقول بمشاكسة:

-" كل واحد يشوف هيطلب إيه، بس أنا هطلب لأحلام عارف إنها بتحب الشاورما بتاعة المحل الزحمة دة".

نظرت له أحلام بإنتباه، لتبتسم بهدوء، حتى تحدثت أفنان قائلة بنبرة مرحة:

-" والله أنا كنت متأكدة إنك هتوجب معانا، عندك حق فعلاً يا بابا ماما لازم ترتاح شوية".

لوحت شادية برأسها وهي تأكل، لينفض رشاد يديه وهو يتأهب للنهوض، حتى تحدث عابد قائلاً بجدية:

-" متتأخرش".

أوماً رشاد برأسه بعدم إهتمام وهو يذهب من أمامهم، لتنظر لهم أفنان قليلاً، حتى نهضت على الفور لتذهب خلف رشاد تستوقفه قبل أن يخرج من المنزل، حتى ألتفت رشاد لينظر لها، لتبتلع أفنان ريقها وهي تشبك أصابعها بتوتر متسائلة بنبرة مضطربة:

-" هو زيد مكلمكش تاني يا أبيه".

عقد رشاد حاجبيه، لينفي برأسه وهو يقول بنبرة هادئة:

-" لا، أخر مرة لما قولتلك".

شعرت أفنان بالقلق عليه، لتقول بنبرة أظهرت خوفها:

- "طيب حاول توصله هو مش باين ومحدش عارف يوصله حتى عمو عمران مش عارف".

تنهد رشاد بهدوء، ليقول بنبرة هادئة:

-" هو كويس يا أفنان متقلقيش بس المكان إللي بيشتغل فيه نادراً ما بيكون فيه شبكة".

أومأت أفنان برأسها وهي تشعر بالخوف من أجله، ليذهب رشاد من أمامها، حتى تنهدت هي بعمق لتشعر بالخوف والقلق يتجدد مرة أخرى من داخلها.


خرجت رزان بعدما أدت إمتحانها، حتى كادت أن تذهب لتستخدم إحدى وسائل المواصلات للعودة إلى المنزل، ولكنها تفاجئت ببسام الذي جاء إليها، نظرت له بتعجُب لتتساءل بنبرة مُندهشة:

-" أنت بتعمل إيه هنا!".

شعر بسام بالحرج، ليبتلع ريقه وهو يقول بنبرة هادئة:

-" أنا.. الحج عمران قالي إنك عندك إمتحان النهاردة وأستأذنت منه أجي أشوفك لأني مش عارف أوصلك بقالي كام يوم".

عقدت رزان ذراعيها وهي تنظر للمكان من حولها أثناء رؤيتها لنظرات الشباب والفتيات لها، لتعود بنظرها إليه وهي تقول بنبرة سريعة:

-" أه.. الموبايل باظ".

أومأ لها بسام بتفهُم، ليتساءل بنبرة هادئة:

-" أنتِ مروحة؟".

أومأت برأسها لتقول بنفس نبرتها:

-" أه كنت لسة رايحة أركب المترو".

أزاح لها بسام الطريق نحو سيارته ليقول بنبرة هادئة:

-"طيب تعالي يلا هوصلك".

عقدت رزان حاجبيها وهي تنظر له بتعجُب، ليعدل حديثه قائلاً بجدية:

-"الحج عمران عارف، يلا مش هنفضل واقفين كدة".

إبتلعت رزان ريقها لتعود بنظرها إلى تلك الفتيات والشباب حتى وجدت بعضاً منهم ينظرون إليها وهم يبتسمون ويغمزون بأعينهم، لتتجاهل نظراتهم وهي تصعد إلى السيارة سريعاً.

بعدما صعد كلاً منهم ذهب بسام بالسيارة، لتمر عليهم بضع الدقائق في صمت، حتى وجهت رزان نظرها نحو بسام، لتبتلع ريقها وهي تقول بنبرة حرجة:

-"مكنش ليها لازمة تيجي لحد الجامعة".

لم ينظر لها بسام، ليتساءل بنبرة جادة أثناء نظره للطريق من أمامه:

-"الشباب اللي كانوا بيبصولك دول تعرفيهم".

نظرت له رزان بدهشة، ليلتف برأسه ينظر لها وهو يطالعها بملامح جديدة عليها كلياً، والتي جعلتها ترتبك لتقول بنبرة خافتة:

-" هما.. زمايلي في الكلية".

رفع بسام حاجبيه، ليلوي شفتيه بسخرية وهو يعود بنظره للطريق من أمامه، ليومىء برأسه وهو يقول بنبرة ساخرة:

-"زمايلك في الكلية ".

نظرت له رزان بتعجُب أثر حالته وأسلوبه الساخر، ليتوقف بسام بالسيارة بإحدى الشوارع الجانبية، حتى نظرت رزان للمكان من حولها وهي تراه بذلك الهدوء، لتعود بنظرها إليه وهي تتساءل بنبرة خائفة:

-" أنت وقفت هنا ليه".

أعتدل بسام في جلسته لينظر لها، سرعان ما تحدث قائلاً بجدية أظهرت نفاد صبره:

-"بصي يا رزان، أنا مليش دعوة أنتِ كنتي بتعملي إيه أو حياتك كانت ماشية إزاي قبل ما نتخطب، ومش من حقي أعرف حتى لو عايز أعرف.. بس دلوقتي الوضع أختلف، دلوقتي بقينا مخطوبين".

ليرفع كفه يشير نحو تلك الدبلة وهو يقول بنفس جديته الجديدة عليها:

-" الدبلة اللي في إيدك وإيدي دي مش زينة، أنتِ كلها سنة وتبقي مسؤولة مني، ودة ميمنعش إني ميبقاش من حقي دلوقتي أمنع إللي بيحصل دة، لأ يا رزان أنا راجل ومش علشان الموضوع دة مش على هواكي أو علشان حتى مش واخدين على بعض أعدي إللي بيحصل دة وأتعامل عادي".

كانت رزان تستمع إليه بعدما أغرورقت عينيها بالدموع، ليتنهد بسام بعمق وهو يُبلل شفتيه، حتى عاد بنظره إليها قائلاً بنبرة أهدأ يشوبها الصرامة:

-"بصي يا رزان، أنا راجل ويعز عليا أشوف خطيبتي جاية تقولي أصل دول زمايلي، أنا كان هاين عليا أنزل أرشقلهم عينيهم بس قولت أفهم منك الأول هما بيبصولك كدة ليه، وأنا حبيت صراحتك.. بس مبقاش ينفع".

قال بسام آخر كلماته وهو ينفي برأسه وكأنه يساعدها على فهم كلماته، ليتحدث قائلاً بنبرة صارمة بطيئة وكأنه يوصل إليها حديثه لكي لا تخطأ به:

-" مفيش حاجة إسمها زمايلي من هنا ورايح، ملكيش علاقة بيهم، وأكيد عندك صحاب بنات، مبقولكيش أكيد متكلميهمش بس بردوا نقي اصحابك إللي تمشي معاهم وتكوني متأكدة من أخلاقهم، تاني حاجة أنا هكلمك من عند والدك مرة في اليوم علشان أتطمن عليكي، لو في حاجة تقدري تقوليهالي قوليها عادي، وعرفيني مواعيد امتحاناتك لأن أكيد مش هينفع خطيبتي يكون عندها إمتحانات وأنا معرفش.. صح؟".

مسحت رزان تلك الدمعة التي هبطت منها على الفور، لتنظر للشارع من جانبها، ولكنها أنتفضت عندما استمعت له يقول بصوت مرتفع بعض الشيء أظهر غضبه الذي حاول التحكم به:

-"رزان، أنا محبش أكون بتكلم وكلامي يبقى زي عدمه، لما أتكلم تردي عليا، تمام؟".

نظرت له رزان بعض الشيء وهي تشعر بوقع تلك الزيجة على رأسها، لتومىء له برأسها في هدوء، حتى أعتدل بسام في جلسته، ليتحرك بالسيارة مرة أخرى عائداً إلى عُمارة آل نجم، في هدوء وصمت مر على كلاً منهم.


كان رشاد يقف بطرقة الإستقبال، ليأتي إليه ذلك الممرض قائلاً بنبرة هادئة:

-" مش راضي يا أستاذ مش عايز يكلم حد".

تنهد رشاد بعمق، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" عايز أقابل الدكتور ".

بعد عدة دقائق، كان رشاد يجلس بغُرفة الطبيب المسؤول عن حالة زيد، حتى إستكمل الطبيب حديثه قائلاً بنبرة هادئة:

-" التعافي من الإدمان بيكون طبيعي على مراحل، المفروض إن أول شهر بيكون شهر الإنسحاب، زيد مر منه على خير لكن بردوا حالته الصحية لسة مش أحسن حاجة".

كان رشاد يستمع إليه بهدوء، ليتساءل بنبرة قلقة:

-"طيب إيه السبب، مش المفروض إن أول فترة دي بتكون أصعب فترة تقريباً؟".

أومأ الطبيب برأسه ليقول بجدية:

-" دي حقيقة، بس زيد رغم كدة حالته مختلفة عن باقي الحالات، هو كان بيستحمل الألم بطريقة غريبة، وكان بياخد الأدوية وحالته كانت قوية جداً من ناحية إنه يتعافى، لكن الوضع دلوقتي أتغير، على الرغم إن جسمه بدأ يرجع لطبيعته بس كل مادی خمول جسمه بيزيد ودة ممكن يأثر عليه بعد كدة بشكل سلبي، من ناحية إنه ممكن يدخل في إكتئاب أو ميحبش يطلع من القوقعة اللي هو معيش نفسه فيها دلوقتي".

وضع رشاد يده على رأسه وهو يفكر بحالته تلك، ليحرر يده عن خصلات شعره وهو يتساءل بجدية يشوبها القلق:

-" وإيه الحل".

تنهد الطبيب بهدوء، ليعود بنظره إلى رشاد وهو يقول بجدية:

-" بعيداً عن الحالة الصحية ف بردوا حالته النفسية مهمة، لازم نبدأ بالحالة النفسية الأول ونخرجه من اللي هو فيه، طبعاً إحنا بنساعد في دة بالأدوية إللي بياخدها، لكن بردوا لازم يكون في دافع نفسي غيرها".

لوح رشاد رأسه قليلاً بعدم فهم وهو يعقد حاجبيه، ليقول الطبيب بنبرة هادئة:

-" لو في شخص عزيز عليه يقدر ييجي ويشوفه ويتكلم معاه، دة هيفيده وهيساعده ويمكن يحسن من حالته كتير جداً".

رمش رشاد بأعينه وهو يبتسم رغماً عنه أثر تعجبه، ليقول الطبيب بنبرة رزينة:

-" شوف يا أستاذ رشاد، التعافي من الإدمان شيء مش سهل أبداً، وكمان ممكن المُتعاطي بعد فترة شفاءه يرجع ينتكس تاني، ولقدر الله بعد كدة الموضوع بيسوء وبيكون أصعب من المرة الأولى، المصحة هنا لعلاج الإدمان، وزيد بنسبة سبعين في المية إتعالج، ويمكن أقولك إن باقي النسبة مش مسؤوليتنا بشكل كامل علشان السبب مش جسدي بس، لا دة جسدي ونفسي، ولكن بردوا أنا حابب أساعد زيد زي ما بساعد كل شخص يخرج من المكان دة ويقف على رجله من تاني، حتى لو هيفضل هنا بالسنين مش بالشهور".

نظر له رشاد قليلاً يُفكر في حديثه، ليتنهد بعمق وهو يشعر بالتشوش والتردد.


بالسيارة، كان بلال يقود ومن جانبه وئام، ليُلاحظ بلال صمتها حتى وجه نظره لينظر لها، ليجدها تطالع الطريق من أمامها بتركيز وشرود بنفس الوقت، فاتحة فمها قليلاً، ليضحك بلال على مظهرها حتى تساءل بنبرة ساخرة بعدما عاد بنظره للطريق من أمامه:

-" مالك يا بسكوتة مسهمِة كدة ليه".

أنتبهت له وئام، لتبتلع ريقها وهي تلوح برأسها قائلة بنبرة مضطربة:

-"مش مسهِمة، هو إحنا مش هنروح لماما؟".

تهکمت ملامح بلال، ليتنهد بعمق وهو يقول بنبرة حاول جعلها هادئة:

-"ليه.. هي تعبت تاني".

نفت وئام برأسها على الفور لتقول بنبرة مُتلهفة:

-" لأ بعد الشر، هي كويسة.. بس هي كلمتني وقالتلي إنها عايزاني أروح لها أقعد معاها".

رفع بلال حاجبيه ليتساءل بنبرة ساخرة وهو ينتبه للطريق:

-" وهي كل ما هتكلمك وتقولك تعالي أقعدي معايا شوية هتروحي؟".

رفعت وئام كتفيها بإضطراب لتضم كفيها إلى بعضهم البعض، ليستوقف بلال ما تفعله وهو يقول بنبرة سريعة:

-" من غير توتر بس أنا مقولتش حاجة".

نظرت وئام لكفيها وهي تفرك بهم في توتر، ليلوح بلال رأسه بعدم فائدة منها، حتى تنهد بعمق، ليتحدث قائلاً بجدية:

-" أنا علشان مزعلكيش هتفق معاكي على إتفاق، هخليكي تروحيلها مرتين في الشهر.. حلو كدة؟".

توسعت أعينها بسعادة لتتساءل ببلاهة:

-" يعني كل أسبوعين!".

نظر لها بلال قليلاً، ليومىء برأسه وهو يضحك قائلاً:

-" كل أسبوعين".

صفقت وئام بكلتا يديها بسعادة لتقترب منه تقوم بتقبيل وجنته حتى نظرت له من بعد ذلك تقول بنبرة طغت عليها سعادتها وحبها:

-" أنا بحبك أوي أوي أوي، بحبك أكتر من أي حاجة في الدنيا دي".

رفع بلال حاجبيه وهو يقول بنبرة ساخرة:

-" كل دة علشان قولتلك هوديكي عندهم مرتين في الشهر؟".

ليعود بنظره إليها حتى نظر لها من أسفل إلى أعلى ليغمز بعينه وهو يقول بمشاكسة:

-" أومال لو قولتلك إنك أحلويتي، ولا شكلك زي القمر النهاردة، أو هاتي بوسة مثلاً".

إبتعدت عنه وئام لتنكمش على نفسها وهي تنظر له بطرف عينها قائلة بنبرة مُهتزة أثر خجلها:

-" أنت بقيت وحش أوي على فكرة".

ضحك بلال على مظهرها، لتوجه هي الأخرى نظرها إلى النافذة من جانبها، لتبتسم في الخفاء وسط نظراته المستمتعة بمظهرها.


كانت كريمة تجلس على الفراش وهي تمسك بهاتفها، حتى تفاجئت بهاشم الذي دق الباب دقتين، ثم ولج إليها، ليجدها تضع الهاتف من جانبها وهي تعتدل لتنهض بتوتر، ليعقد حاجبيه بتعجُب وهو يتساءل بجدية:

-" في إيه؟".

إبتلعت ريقها لتنفي برأسها على الفور وهي تقول بنبرة سريعة:

-" مفيش حاجة هيكون في إيه، أنت جيت دلوقتي".

نظر هاشم إلى الباب، ليضحك بسخرية وهو يتجه نحو الخزانة قائلاً بنبرة ساخرة:

-" لأ لسة في الشغل، هاجي كمان شوية".

قلبت كريمة عينيها بملل أثر سخريته، ليلتقط هاشم قميصاً آخر وهو يتجه من أمامها نحو المرحاض قائلاً بنبرة هادئة:

-"يلا علشان بلال زمانه جه صحي جنة وألبسي عقبال ما أدخل أغير هدومي".

نهضت كريمة من الفراش، ولكنها عادت مرة أخرى بلهفة لتأخذ الهاتف تمسك به بإحكام، وسط نظرات هاشم المُتعجبة مما تفعله، حتى خرجت من أمامه في صمت.

تجمعوا معاً بالأسفل، وسط ضوضاء من الجميع، لتقوم الفتيات بوضع الطعام، حتى تحدث عابد قائلاً بنبرة مرحة:

-" طبعاً الأكل دة ميجيش حاجة جنب أكل الشوش بس هنديها إعفاء النهاردة بس".

تحدث يحيى قائلاً بنبرة مرحة وهو يقوم بمساعدتهم:

-"ياريت يا جدو علشان أنا مش متعود أقعد كل دة من غير أكلها".

نظرت له شادية بتأثر، لتقترب منه تعانق كتفه وتقبل وجنته وهي تقول بنبرة حنونة:

-"والله علشان خاطر الكلمتين دول أعملك أحلاها أكل دة أنت تؤمر بس".

ضحك يحيى وهو ينظر لها، ليتحدث عابد قائلاً بنبرة مرحة:

-" لا كدة جنة تزعل".

وجهت شادية نظرها نحو جنة التي كانت تجلس بجانب هاشم وهي تستند بذراعها على قدمه براحة، لتتحدث شادية قائلة بنبرة صارمة:

-" طب والله النهاردة أعمل أحلى صينية بسبوسة لأجل عيونها، وهو أنا عندي كام جنة يعني".

نظر لها هاشم، ليُحادثها بلغة الإشارة وهو يقول بنبرة مرحة:

-" مين قدك أنتِ الحلو كله بيتعمل علشانك".

ضحكت جنة وهي تنظر له، ليتحدث يحيى قائلاً بجدية مُزيفة:

-" والمفروض أنا كمان تهتموا بيا، أنا فاضلي كام شهر وأبقى في تالتة ثانوي".

أتت كريمة في ذلك الحين من المطبخ، لتقوم بوضع الأطباق على الطاولة وهي تقول بنبرة ساخرة:

-" أفلح الأول ياخويا السنة دي وبعدين أبقى فكر في السنة إللي بعدها".

ألتف يحيى لينظر لها، حتى تحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" ما أنا بذاكر يا ماما والحمدلله بقفل الشوامل".

لوحت له كريمة بيدها وهي تقول بنبرة هادئة غير مُنتبهة لحديثه:

-" أطلع هات تليفوني علشان نسيته".

تنهد يحيى بهدوء حتى كاد أن يذهب من أمامهم، ليستوقفه هاشم قائلاً بنبرة هادئة:

-" تعالى كُل الأول يا يحيى وبعدين أبقى أطلع".

نظرت له كريمة وهي ترفع حاجبيها، ليتحدث هاشم قائلاً بنبرة هادئة وهو ينظر لها:

-" التليفون مش هيطير، نأكل الأول".

قلبت كريمة بعينيها بعيداً عنه، ليستمروا في وضع الطعام على الطاولة.

كانت وئام تقف بالمطبخ وهي تقوم بتحضير الأطباق، لتولج إليها شادية تزامناً مع وضع وئام ليدها على بطنها وهي تشعر بالألم، لتعقد شادية حاجبيها حتى أقتربت منها من بعد ذلك لتتساءل بنبرة مُتعجبة:

-" مالك يا وئام ماسكة بطنك كدة ليه".

ألتفت وئام لتنظر لها، حتى أزاحت يدها لتقول بنبرة مرتبكة:

-" مفيش.. هي بس بتوجعني شوية".

كادت شادية أن تذهب وهي تقول بنبرة سريعة:

-" طيب أستني هجيبلك علاج".

أستوقفتها وئام عندما أمسكت بيدها قائلة بنبرة مضطربة:

-"بس ممكن متقوليش لبلال".

عقدت شادية حاجبيها لتتساءل بنبرة مُتعجبة:

-" ليه؟".

إبتلعت وئام ريقها، لتقول بنبرة خائفة:

-" علشان هيزعقلي، هو قالي أكل وأنا مأكلتش".

ضحكت شادية لتأخذها من يدها قائلة بنبرة مرحة:

-" طيب تعالي ياختي علشان تأكلي وبعدين هديكي علاج".

خرجت وئام معها وهي تومىء برأسها، لينضم الجميع للجلوس، حتى تحدث عابد قائلاً بنبرة مرحة:

-" يلا بسم الله عايز الأكل يتنسف، ولو إني مش محتاج أوصي".

ضحكت كريمة لتقول بنبرة مرحة:

-" مالك لو هنا كان زمانه خلص عليه من غير ما تقول يا حج".

نظروا لها جميعهم، ليرمقها هاشم بحِدة، حتى تركت شادية ما بيدها لتنظر لها وهي تقول بنبرة مغيظة:

-" بكرة يا حبيبتي يرجع لبيته وأهله، وأجيبله الأخضر واليابس كله يأكله بالهنا والشفا على قلبه وعلى قلب كل عيالي مش هو بس".

صمت الجميع وهم ينظرون إلى كلاً من شادية وكريمة، لتتحدث كريمة قائلة بنبرة أظهرت حرجها:

-" أنا مقولتش حاجة، بكرة يخرج بالسلامة يا حماتي".

إبتسمت لها شادية ببرود، لتوجه نظرها من بعد ذلك إلى عابد الذي غمز لها بعينه، لترفع كتفيها بعجرفة وإنتصار، حتى إستكمل الجميع طعامه وسط مرحهم وحديثهم، لينظر عابد إلى أحلام التي كانت تأكل بهدوء على غير عادتها، حتى تنهد ليتحدث بنبرة حاول جعلها مرحة وهو يقول:

-" الشاورما مش حلوة ولا إيه دة أنا موصي عليها".

إنتبهت له أحلام، لتنفي برأسها وهي تقول بنبرة هادئة:

-" لا حلوة، أنا بس مليش نفس".

إبتلع بلال ما بفمه ليمد يده لها وهو يقول بمشاكسة:

-" خلاص هاتيه، أنا هاكله".

ضم هاشم شفتيه لينظر لها وهو يقول بنبرة مرحة:

-" لا كدة دخلنا في الجد ".

إبتسمت أفنان لتقول بنبرة مرحة:

-" كان واحشني خناقهم مع بعض".

نظر لها بلال ليقول بجدية يشوبها المرح الخفي:

-" ونتخانق ليه مش هي ملهاش نفس؟".

رفعت أحلام حاجبيها لتبتسم وهي تقول بنبرة هادئة:

-" لا هاكله، خليك في أكلك ومراتك بقى".

نظر كلاً من عابد وشادية إلى بعضهم البعض، لتتنهد شادية وهي تقول بجدية:

-"كلوا بقى من غير كلام".

ليتحدث عابد هو الآخر قائلاً بجدية وهو ينظر إلى بلال:

-" وأنت كُل وسيبك من أختك هي كدة كدة مش هتقوم غير لما تاكل، شوف مراتك مش بتاكل ليه".

إنتبه بلال إلى وئام التي كانت تجلس بجانبه تنظر للطعام، ليعقد بلال حاجبيه وهو يتساءل بجدية:

- " مش بتأكلي ليه؟".

نظرت له وئام قليلاً، لتومىء برأسها وهي تبتلع ريقها، حتى تحدثت قائلة بنبرة مضطربة:

-" هاكُل".

أومأ لها بلال برأسه وهو ينتظر، لتوجه نظرها إلى الطعام مرة أخرى، حتى كادت أن تضع الطعام بفمها، ولكنها توقفت لتنهض تتجه نحو المرحاض، لينظر الجميع في أثرها بدهشة، سُرعان ما أنتفض الجميع عندما قامت شادية بإطلاق زغرودة مرتفعة دوت بأرجاء المنزل بأكمله، لينهض عابد يقف بجانبها وهو يتساءل بنبرة متعجبة:

-" في إيه يا شادية بتزغرطي على إيه".

نظرت شادية إلى بلال ثم إلى عابد وهي تضحك قائلة بنبرة سعيدة:

-" أنا كنت متأكدة والله من ساعة ما جت، وئام حامل".

أنتفض بلال في وقفته لينظر نحو المرحاض، حتى عاد بنظره إلى شادية مرة أخرى ليتساءل ببلاهة:

-" حامل؟ حامل حامل؟".

ضحكت شادية لتقول بنبرة مرحة:

-" أيوة ياخويا حامل مالك مستغرب ليه البت باين عليها من أول لحظة بس كنت بكدب نفسي".

نظر لها بلال قليلاً بعدم تصديق، ليتركهم حتى تحرك إلى المرحاض، حتى تحدث هاشم قائلاً بنبرة هادئة وهو يبتسم:

-" طيب مش يتأكدوا الأول يا أمي بلاش نسبق الأحداث".

نفت شادية بيدها لتقول بعجرفة ونبرة واثقة:

-" وهو أنا أحمل وأخلف وتقولي نتأكد، طبعاً متأكدة مية في المية، ومتكدبوش خبر ورايا، أنا عارفة بقولكم إيه".

ضحك هاشم وهو يلوح رأسه بيأس، وسط نظرات كريمة المُتعجبة والمصدومة في نفس الوقت، ليأتي إليهم بلال مرة أخرى وهو يمسك بيد وئام، حتى اقتربت منهم شادية بلهفة، لينهض عابد ينظر إلى وئام وهو يتساءل بنبرة قلقة:

-" أنتِ كويسة يا بنتي؟".

نظرت له وئام بوجهها المائل للإصفرار قليلاً، لتومىء برأسها بإضطراب وتوتر أثر نظراتهم لها بذلك الشكل، ليجعلها بلال مُقابلة له وهو يتساءل بجدية:

-" وئام، أنتِ حاسة بإيه؟".

نظرت له وئام بتوتر، لتضم كفيها إلى بعضهم البعض وهي تقول بنبرة مضطربة:

-" هي بس بطني بتوجعني بقالها كذا يوم، و...".

توقفت وئام عن الحديث وهي تنظر لهم بخجل وتوتر، لتضع شادية كف على كف وهي تقول بنبرة واثقة سعيدة:

-" والله أنا كنت متأكدة، من غير ما تتكلم باين عليها".

لوحت أفنان برأسها لتقول بنبرة هادئة:

-" يا ماما اومال الطب دة معمول ليه، المفروض يروحوا يكشفوا ويتأكدوا".

أومأ بلال برأسه عدة مرات ليقول بنبرة خائفة:

-" أيوة، أفنان عندها حق".

توسعت أعين شادية بصدمة لتنظر له وهي تتساءل بعدم تصديق:

-" أنت بتكدب أمك يا بلال؟".

ضحك عابد وهو يلوح برأسه كذلك هاشم، ليقترب منها بلال قائلاً بنبرة قلقة:

-" يا أمي قدري إن الموضوع مش هزار، أنا مش عايز أتعشم بحاجة وتطلع غلط، أنا هاخدها دلوقتي وهننزل نكشف وهنرجع على هنا تاني".

تنهدت شادية بعدما لاحظت خوفه وقلقه، لتومىء برأسها وهي تربت على كتفه قائلة بنبرة هادئة:

-"طيب يابني روح لو دة هيريحك".

لتتحرك من أمامهم على الفور وهي تقول بنبرة سعيدة:

-" وأنا بقى هدخل أعمل رز باللبن بالمناسبة دي".

لوح هاشم برأسه وهو يقول بنبرة ساخرة:

-" إللي في دماغها هيفضل في دماغها لو عملتوا إيه".

ضحك الجميع، ليتحرك بلال ليأخذ هاتفه كذلك حقيبة وئام ليمسك بيدها وهو يتحرك بها نحو الخارج، حتى أستوقفته وئام لتقول بنبرة خائفة:

" في إيه يا بلال، إحنا هنمشي دلوقتي ليه".

ألتف بلال لينظر لها، حتى وضع وجهها بين كفيه ليقول بنبرة محمسة خائفة بنفس الوقت:

-" عارفة لو طلع إللي أمي بتقوله صح، مش عارف أنا ساعتها ممكن أعمل إيه.. بس أنا هحبك فوق حبي مليون مرة كمان".

كانت وئام تستمع إليه بعدم فهم، ليبتسم لها بسعادة وهو يأخذ بيدها معه إلى الأسفل بلهفة، وهو يدعي الله من داخله بأن ما يكون إستمع له صحيح.


كان رشاد يجلس بأحد الكافيهات، ليضع يده على رأسه وهو يتحدث بالهاتف قائلاً بجدية ونفاد صبر:

-" يا أمي أنا أعمل إيه، ما هو الشغل خلص متأخر".

تحدثت شادية وهي تقوم بعمل الطعام قائلة بقلة حيلة:

-"ماشي يا رشاد، ياريت متتأخرش علشان أنت متغدتش، ولو عندك شغل تاني هاتلك حاجة تأكلها متفضلش قاعد كدة، ولو مفيش شغل تيجي علطول متطولش سامع ولا لا، وأوعى تشرب سجاير عمال على بطال أديني قولتلك".

أغلق رشاد جفنيه بهدوء، ليومىء برأسه وكأنها تراه أثناء قوله بنبرة هادئة:

-" حاضر يا أمي".

ليُغلق معها الهاتف من بعد ذلك بعدما ودعها، حتى وضعه أمامه على الطاولة بعدما نظر إلى الساعة، ليزفر بقوة وتهكم ظهر على ملامحه، حتى أتت إليه سجدة التي نظرت له لتقول بنبرة متأسفة:

-" أنا آسفة بجد يا دكتور بس والله مكنش فيه مواصلات".

نظر لها رشاد ليقول بجدية حاول عدم مزجها بغضبه أثر جلوسه بإنتظارها:

-" على ما أعتقد يا دكتورة إنك أنتِ اللي طلبتي تشوفيني، يعني المفروض كنت أجي الاقيكي أو حتى مستناش لكل الوقت دة".

أومأت له سجدة برأسها لتقول بنفس نبرتها وهي تشعر بالحرج:

-" حضرتك معاك حق، أنا آسفة ".

نظر لها رشاد قليلاً ليستشعر نبرته وأسلوبه الحاد معها، ليشير لها بيده أن تجلس، سُرعان ما جلست ليتنهد رشاد وهو ينظر لها منتظراً منها الحديث، حتى إبتلعت ريقها لتنظر له بتوتر، ليلوح رشاد برأسه وهو يتساءل بجدية:

-" هنفضل كدة كتير؟".

نفت سجدة برأسها، لتلمع أعينها بالدموع، حتى هبطت دمعتها لتتبعها الأخرى وسط دهشة رشاد مما يحدث، حتى إبتلعت ريقها لتنظر له وهي تقول بنبرة مُهتزة:

-" أنا آسفة بجد يا دكتور".

قام رشاد بإخراج علبة مناديل من جيب جاكيته ليقوم بإخراج منديل يعطيه لها وهو يقول بنبرة هادئة:

-" هتفضلي تتأسفي كتير كدة ولا إيه، وبعدين أنتِ بتعيطي من قبل ما تتكلمي، أومال لو أتكلمتي بقى، أهدي كدة وقوليلي في إيه".

أخذت سجدة المنديل من يده، ليضع رشاد العلبة أمامها، حتى رفعت رأسها تنظر له، لتتساءل بنبرة مُترقبة:

-" هو أنا مش شاطرة؟".

عقد رشاد حاجبيه بعدم فهم، ولكنه نفى برأسه ليقول بجدية:

-" بالعكس، أنتِ شاطرة جداً".

إبتسمت سجدة وهي تنظر له، لتبلل شفتيها بعدما تجددت دموعها  وهي تقول بنبرة مُرتعشة:

-" بس الطلاب مش بيقولوا كدة، وصلي كلام من كذا حد إن شرحي مش عاجبهم، وبيقولوا عليا كلام وحش في الجروبات، أنا عارفة إنهم مش معتمدين على شرحي لأن شرح حضرتك اللهم بارك بيكفي، بس أنا بردوا مش عارفة هما بيقولوا كدة ليه مع إني كويسة معاهم ومصاحباهم".

عقد رشاد حاجبيه بتعجُب من حديثها، ليتساءل بجدية:

-" الكلام دة وصلك من مين بالظبط؟".

نظرت له سجدة لتبتلع ريقها وهي تقول بنبرة محشرجة:

-" جروب C ".

تنهد رشاد بهدوء، لينظر لها وهو يقول بنبرة مُرعبة في هدوءها:

-" أنا هتصرف ".

شعرت سجدة بالخوف أثر نبرة صوته التي تحولت وكأنه يتوعد، لتنفي بيديها وهي تقول بنبرة مُتلهفة:

-" أنا يا دكتور مش عايزة حضرتك تعملهم حاجة، هما ملهمش ذنب لو مش بيفهموا مني، علشان كدة سألت حضرتك".

أعتدل رشاد في جلسته لينظر لها وهو يقول بنبرة رزينة:

-"دي لسة أول سنة ليكي، طبيعي جداً هتحسي إنك متلغبطة ومش عارفة توصلي المعلومة صح، وكل مادى هتكتسبي خبرة أكبر من حيث أسلوب الشرح وتوصيل المعلومة والتعامل مع الطلبة بشكل عام، زي ما هما مش ذنبهم إنهم مش بيفهموا، أنت مش ذنبك تسمعي كلمة وحشة على نفسك، صح ولا إيه؟".

رفعت سجدة كتفيها بتوتر لتقول بنبرة حزينة:

-"بس يا دكتور أنا مش عايزة أكون سبب في أذية حد".

إبتسم رشاد رغماً عنه أثر حديثها ليقول بنبرة ساخرة:

-" وهو أنا هضربهم بالنار؟ دة هيكون مجرد تحذير بس المرة دي، وعلى حسب الكلام اللي هشوفه في الجروب إذا لقيت حاجة كدة ولا كدة ساعتها هيبقى فيها كلام تاني مع إللي قال الكلام دة وخلاص الموضوع يخلص".

نظرت له سجدة قليلاً بعدما إبتسم بوجهها لأول مرة، لتقول بنبرة تائهة:

-" أه.. ماشي، إللي حضرتك تشوفه".

أومأ رشاد برأسه وهو ينظر لها مُبتسماً، لتبتسم هي الأخرى له، حتى أحادت بنظرها عنه قبل أن تشرد به أكثر من ذلك، لتقوم بوضع علبة المناديل أمامه وهي تقول بحرج:

-" أتفضل، آسفة".

رفع رشاد حاجبيه ليقول بنبرة ساخرة:

-" لأ خليها هتنفعك، أكتشفت إن دمعتك قريبة أوي".

ضحكت سجدة بخفوت ليتنهد رشاد وهو ينظر لها، حتى حمحم ليقول بجدية:

-" ياريت بعد كدة لو في أي حاجة يكون كلامنا في
الجامعة".

تلاشت إبتسامة سجدة بعدما شعرت سجدة بالحرج أثر حديثه، لتوميء رأسها بإضطراب، سُرعان ما تحدث رشاد مرة أخرى قائلاً بنبرة هادئة حاول بها تعديل حديثه:

-" أنا بقول كدة علشانك.. علشان يعني ميسببلكيش مشاكل، رغم إني كدة كدة مش هسيب حد يقول حاجة غلط".

رفعت سجدة رأسها تنظر له، حتى إبتسمت بخجل، لتُحمحم وهي تقول بنبرة هادئة:

-" تمام يا دكتور أسفة إني طلبت حضرتك كدة، المرة الجاية لو في حاجة هستنى لما نتقابل في الجامعة".

أوماً لها رشاد برأسه، حتى تنهد ليقول بنبرة هادئة وكأنه تذكر:

-" وبلاش آسفة كتير إللي بتقوليها دي بتحسسيني بالذنب رغم إني معملتش حاجة".

ضحكت سجدة وهي تنظر له، لينظر رشاد لها وهو يتنهد بهدوء من وسط إبتسامته، حتى عاد بنظره للفراغ من أمامه، ليُحمحم بعد عدة ثواني وهو يقول بنبرة لها مغزى:

-" تشربي حاجة؟".

نفت سجدة برأسها على الفور دون أن تدرك إلى ماذا يشير حديثه، لتنهض وهي تقول بنبرة سريعة:

-" لا شكراً بس أنا لازم أمشي ونتقابل في الجامعة إن شاء الله، وشكراً لحضرتك يا دكتور كلامك فرق معايا أوي".

إبتسم رشاد ليومىء لها برأسه، حتى ذهبت من أمامه بعدما قامت بتوديعه، لينظر رشاد في أثرها قليلاً بهدوء، حتى قام بإخراج سيجارة ليرتشفها.


كان الجميع يجلس معاً بالمنزل بإنتظار كلاً من بلال ووئام أن يأتوا، ليُلاحظ هاشم عدم وجود أحلام، حتى نهض ليتوجه نحو غرفتها، ليقوم بدق باب الغرفة، حتى سمحت بالدخول، ليولج إليها يتوقف على أعتابها وهو ينظر لها أثناء جلوسها على الفراش قائلاً بنبرة هادئة:

-" مش قاعدة معانا برة ليه؟".

أعتدلت أحلام على الفراش، لتُجيب بنبرة هادئة تقول:

-" مفيش دخلت أريح شوية".

ولج هاشم إلى الغرفة، ليقترب يجلس على الفراش من أمامها، حتى أعتدلت أحلام وهي تنظر له، ليتحدث هاشم قائلاً بنبرة هادئة:

-" أنتِ عارفة طبعاً إنك أنتِ وبلال شبه بعض في كل حاجة".

كانت أحلام تستمع له وهو يتحدث، ليعقد حاجبيه وهو يسترسل حديثه قائلاً بنبرة مرحة:

-" يعني مناخيركم مثلاً، ورسمة عيونكم، ونفس الضحكة ولا كأنكم تؤام سبحان الله، بس مش شبه بعض في الشكل بس بردوا، لأ دي الطباع عدت الشكل بجدارة، يعني نفس التهور، والعصبية، وعدم التفهم، والغشومية".

تنهدت أحلام بعمق وهي تستمع إلى حديثه، لينظر لها هاشم بعدما رأى تفهمها لحديثه، ليتحدث مرة أخرى قائلاً بجدية:

-" بس أنتوا الاتنين طالعين لشادية في حاجة مهمة، وهو إنكم بتعملوا نفسكم أقوياء، بس أنتوا أضعف من كدة بكتير.. بتحبوا تبينوا إن مفيش حد في ذكاءكم ولا صبركم على المواقف، بس من جواكم عكس كدة تماماً، أنتوا التلاتة بتشتركوا في نقطة وهي إن قلبكم تعب من كتر ما أنتوا محملين عليه زيادة عن اللزوم".

أغلقت أحلام جفنيها وهي تستمع له، ليعتدل ينظر لها وهو يقول بنبرة هادئة أظهرت ضيقه على حالها:

-" أنتِ كدة بتتعبي نفسك من غير ما تحسي، بتتعبي قلبك وبتحملي عليه لدرجة إنه لو أتكلم هيقولك خلاص كفاية حلي عني شوية وخرجي كل وجعك دة مني، خرجيه وأتكلمي يا أحلام".

سيطرت أحلام على دموعها بأعجوبة، لتنظر له بأعينها اللامعة وهي تقول بجمود حاولت عدم مزجه بحشرجة صوتها:

-" بس أنا مفيش حاجة أقولها، الموضوع خلاص خلص ومفيش داعي إننا نفتحه".

أومأ لها هاشم برأسه وكأنه يؤكد على حديثها، ليقول بنبرة هادئة:

-" تمام.. اللي تشوفيه، لو شايفة إن الموضوع كدة أتقفل يبقى طبعاً محدش يقدر يقولك حاجة، بس اللي حواليكي ملهمش ذنب زيك".

ظهر على وجهها علامات عدم الفهم، ليتحدث هاشم قائلاً بجدية:

-" لو زي ما بتقولي الموضوع أتقفل بالنسبالك، إحنا مش ذنبنا نشوف شكلك كدة يا أحلام، لو عايزة الموضوع يتقفل يبقى أرجعي أتعاملي مع كل حاجة عادي زي الأول، هتعرفي تعملي كدة؟".

لم تجيب أحلام وهي تنظر للفراغ من أمامها، لينفي هاشم برأسه وهو يقول بجدية:

-" لا.. علشان أنتِ جبانة، ودي الصفة الوحيدة اللي مش عارف بصراحة أنتِ جايباها من مين، كل واحد مننا بيحاول يستقوى، حتى أمك وبلال اللي كنت لسة بشبهك بيهم، لما بيفيض بيهم بيتكلموا وبيطلعوا إللي في قلبهم وبيريحوه، لكن أنتِ الوحيدة اللي بتفضلي شايلة جواكي، ودة جُبن، خايفة تتكلمي وتعبري عن إللي مزعلك واللي تاعبك، فاكرة إنك لما تخبي جواكي هتبقي أحسن، لكن مش هتدركي إن دة غلط غير لما تنفجري مرة واحدة، ساعتها هيفيد بإيه؟ هيفيد بإيه غير إنك هتتعبي؟ ليه كل دة يحصل؟ ما تتكلمي وتقولي اللي جواكي يا أحلام، قوليه حتى لو هيرجع يوجعك، وجع يوم ولا وجع شهر؟ أنتِ بتعذبي نفسك، ودة حرام، نفسك غالية يا أحلام، روحك دي أمانة تحافظي عليها، لو فضلتي تتعاملي بنفس الطريقة دي هتضيعي نفسك".

بكت أحلام وهي تستمع إلى حديثه، لتلوح برأسها وهي تقول بنبرة باكية امتزجت بقهرها ووجع قلبها :

-" الله يخليك كفاية، أنا ما صدقت أرتاحت شوية".

تحدث هاشم قائلاً بجدية:

-"هترتاحي شوية وبردوا مش هتكوني مدركة إن الوجع بيكبر أكتر، طول ما أنتِ ساكتة هيكبر جواكي إحساس هيخليكي تتعبي، أنا لو مش خايف عليكي مكنتش قولتلك كدة".

نظرت له أحلام لتقول بنبرة غاضبة من بين دموع أعينها التي ملئت وجهها وكأنها أخيراً وطن تحرر من ظلم مالكه:

-"عايزني أقول إيه، هقول إيه وأنا شايفة إن الشخص اللي كان المفروض يبقى معايا في ظروف زي دي مشي، الشخص اللي كنت بقوى بيه واللي كان مصبرني خلاص مبقاش موجود، الأيام اللي فاتت دي عدت عليا وأنا بسأل نفسي هو ليه عمل كدة؟ إيه المبرر اللي يخليه يعمل فيا كدة؟ طيب ليه حتى مرأفش بيا وأستنى لحد ما الأمور تهدى وييجي يقولي الكلام دة؟ مكنتش هتفرق كتير بس يمكن ساعتها الوجع كان هيبقى أهون، أنا كان بييجي عليا أوقات بتخيل فيها إنه لو مبقاش موجود بجد بحُكم شغله، كنت بقعد ليالي حاطة إيدي على قلبي يحصله حاجة ومشوفهوش تاني، بس دلوقتي هو موجود.. وعايش، وأقدر أشوفه، بس مقدرش أحس بنفس الإحساس دة تاني، مقدرش أتطمن عليه ولا أقدر أعبر له عن خوفي تاني".

لتشهق وهي تبكي بكثرة ألمت قلبها وكأنه على وشك الخروج من جسدها أثناء قولها بنبرة محشرجة يظهر منها الكلمات بالكاد:

-" دة أنا كنت بقعد أقول الناس اللي بتخسر حد بتحبه دي بتحس بإيه من كتر قلقي وخوفي، كنت بفكر طول الوقت في كدة، كنت بحاول أوصل للشعور دة وأتخيله، بس لما بقيت فيه، أتمنيت إني عمري ما كنت أحب، ولا يظهر قدامي شخص يخليني أبقى كدة معاه، الكام أسبوع دول وجعوني أكتر من كلامه، مبقتش قادرة أعمل أي حاجة، مبقتش بعرف أنام غير وأنا دموعي على خدي، مبقتش بحب الخروج في الأماكن اللي كنا بنخرج فيها، ولا بحب أكل الأكل اللي كنا بناكله سوا".

لترفع كفيها أمام هاشم تفرك بهم وهي تبكي قائلة بنبرة باكية مُنفعلة:

-" إيده إللي كانت بتلمس إيدي مبقتش طايقاها، مبقتش طايقة أفتكر لمسته عليها ولا طايقة أفتكر أي حاجة عنه، أنا بقرف منه ومن ذكرياتي معاه وعايزة أنسى.. عايزة أنسى وجود الشخص دة في حياتي، حتى لو بحبه، خلاص مبقاش ينفع، ولو بعد مليون سنة بردوا مينفعش".

لتمسح دموعها وهي تنظر إلى هاشم قائلة بنبرة مُعاتبة:

-" أنا مكنتش ناوية أعيط عليه تاني يا أبيه، دة ميستاهلش دمعة واحدة مني عليه، ليه فكرتني.. كنت سيبني بوجع قلبي أنا راضية بيه بس متفكرنيش".

لتبكي مرة أخرى وهي تشعر بقلة الحيلة والتعب، حتى أقترب منها هاشم ليأخذها بين أحضانه وهو يربت على ظهرها وكتفها بحنان لتبكي أكثر بعدما ارتفعت شهقاتها وكأنها تخرج بكل ما في قلبها دفعة واحدة، ليتحدث هاشم قائلاً بنبرة لينة:

-" كدة أحسن يا أحلام، كدة أحسن .. كل حاجة هتعدي إن شاء الله، وربنا هيعوضك وهيعوضه، مهما حصل أوعي تكرهيه، خلاص راح لحاله بس متكرهيهوش، مش مستاهلة تكرهي حد، ادعيله ربنا يوفقه ويصلحله حاله بعيد عنك وأنتِ كمان، أنتِ تستاهلي كل خير، تستاهلي حد يشيلك في عيونه، ويقف قصاد الدنيا كلها علشانك، بس بلاش الكره".

أخرجها من أحضانه بعد مدة، ليمسح دموعها وهو يقول بنبرة مُحبة:

-" خدي وقتك من الزعل ومتكتميش في نفسك، كل شوية فضفضي وخرجي إللي جواكي، ولو عايزة تحسي إنك كويسة في حق نفسك وحق غيرك، يبقى تدعيله يا أحلام، ادعيله باللي ييجي على بالك، بس تدعيله مش تدعي عليه".

أومأت له أحلام برأسها وهي تمسح دموعها، ليبتسم لها هاشم وهو يقول بنبرة لينة:

-" قومي أتوضي وصلي ركعتين وأدعي باللي في قلبك ومتشيليش في قلبك تاني يا أحلام، نفسك عندك أهم وأعز من أي حد، خافي عليها وعلى نفسك من أي حاجة توجعك، وعايزة تبقي قوية زي أبوكي.. ربنا مبياخدش منك حاجة غير لما بيكرمك بحاجة أكبر منها بكتير، يمكن المرة دي تاخدي أجرك من وجعك في ستر لمعصية، أو مُعافاة من مرض، أو محبة في قلوب الناس، أياً كان أجرك إيه خلي عندك يقين إن ربنا مش هيضيعك ومش هيضيع حقك".

كانت أحلام تستمع إليه بهدوء، لتتنهد حتى تحدثت بحشرجة قائلة:

-" أنا بقوى بيكم أنتوا يا أبيه، من غيركم ومن غير كلامك معايا دلوقتي معرفش كنت هبقى إزاي، أنا بس عايزاك تدعيلي ربنا يريح قلبي".

عانق هاشم كتفها ليقبل رأسها حتى تحدث من بعد ذلك قائلاً بنبرة محبة:

-"بدعيلك يا أحلام، بدعيلك وإن شاء الله كل حاجة هتتحسن.. المهم ترجعي تضحكي ضحكتك الحلوة دي تاني، ولو حسيتي إنك عايزة تنكدي تعالي نكدي عليا علشان شادية وعبد مش ناقصين".

ضحكت أحلام رغماً عنها، لتومىء له برأسها، حتى ربت هو على كتفها بحب.


كان كلاً من بلال ووئام يجلسون معاً بالسيارة، وسط نظرات بلال لها بسعادة وهو يمسك بيدها بتمُلك وحُب، لتضحك وئام للمرة التي لا تعلم عددها وهي تقول بعدم تصديق:

-" يعني بجد أنا حامل"

ضحك بلال ليقول بنبرة ساخرة أمتزجت بسعادته:

-" المفروض أنا إللي أسألك السؤال دة، ربنا يفرحك زي ما فرحتيني كدة".

إبتسمت وئام لتنظر إلى بطنها، حتى وضعت يدها عليها لتعود بنظرها إلى بلال وهي تقول بحماس وبلاهة:

-" يعني لما ييجي هنلعب بيه؟".

تلاشت إبتسامة بلال لينظر لها بصدمة، حتى تحدث قائلاً بجدية:

-" نلعب بيه إيه يا وئام، هنلعب معاه مش هنلعب بيه".

لينظر لها من أسفل لأعلى بريبة وهو يقول بنبرة قلقة:

-" والله خوفتيني على إبني في بطنك، دة أنا لازم أبقى معاكي التسع شهور كلهم بقى".

أعتدلت وئام في جلستها بلهفة لتنظر له وهي تقول بجدية أثناء إبتسامها بسعادة:

-" يا بلال أنت مش فاكر لعبة البيبي اللي كانت عندي، إللي كنت بأكلها وبشربها وبغير لها هدومها".

إبتسم بلال ليتحدث قائلاً بنبرة لينة:

-" أيوة يا حبيبتي بس دي لعبة، لكن دة هيبقى بني آدم أكيد طبعاً هتهتمي بيه وهترضعيه وتغيريله هدومه وتلعبي معاه مش تلعبي بيه هو مش كورة كفر".

ضحكت وئام لتضم كفيها وهي تقول بنبرة سعيدة:

-" أيوة أنا عارفة دة، متخافش بجد أنا هعرف أربيه حلو و هحفظه قرآن وهخليه يصلي".

إبتسم بلال وهو ينظر لها، لتنظر له وئام بتوتر، حتى عادت بنظرها للطريق من أمامها وهي تضم كفيها إلى بعضهم، ليعقد بلال حاجبيه وهو يتساءل بنبرة هادئة:

" في إيه عايزة تقولي حاجة؟".

نظرت له وئام قليلاً بخوف، لتبتلع ريقها وهي تقول بنبرة أظهرت توترها:

-"هقولك على حاجة بس متزعلش".

أومأ لها بلال برأسه وهو يبتسم قائلاً بنبرة مرحة:

-" مش هقدر أزعل منك بعد الخبر دة، متقلقيش".

إبتسمت وئام وهي تنظر له بحُب، لتتحول إبتسامتها إلى أخرى مضطربة وهي تقول بنبرة مُهتزة أثر خوفها وتوترها:

-" ممكن أنت كمان تعلمه إنه لما يكبر ويتجوز زينا ميضربش مراته أو يزعقلها، أنا عايزاه يكون حنين وجميل وبيفهم براحة".

تلاشت إبتسامة بلال، لتبتلع وئام ريقها حتى أمسكت بيده لتقول بنبرة سريعة:

-" أنا مش قصدي أنت، أنت مبقتش بتعمل كدة معايا خلاص وبقيت حلو معايا، أنا عايزة يبقى زيك دلوقتي شوفت أنت بتحبني إزاي ومبقتش تضربني ولا تزعقلي ولا تعاملني وحش هو كمان مش هيبقى كدة".

تنهد بلال بعمق، ليبتسم لها وهو يمسك بيدها قائلاً بنبرة مُحبة حاول عدم مزجها بضيقه:

-" أنا مش زعلان منك يا وئام بالعكس أنتِ كدة بتفكري بطريقة حلوة يعني شاطرة إنك بتفكري في المستقبل مكنتش متوقع منك دة، أنا هعلمه كل حاجة حلوة متقلقيش هعلمه إزاي يبقى حنين زيك، وجميل زيك، وطيب زيك، أنا هعلمه يكون زيك في كل حاجة قبل ما يكون زيي أنا".

كانت وئام تستمع له وهي تبتسم بسعادة، ليتحدث بلال قائلاً بنبرة متأسفة:

-" أنا إللي مش عايزك تزعلي مني يا وئام عارف إن أسفي مش هيفيد بس مش عايزك تفتكري لو للحظة واحدة إني ممكن أرجع أعاملك كدة تاني، أنا عايزك تفكري في كل ذكرياتنا الحلوة بس مع بعض، وأي حاجة وحشة تنسيها".

أومأت له وئام برأسها عدة مرات لتقول بنبرة مرحة وهي تشرح بيديها:

-" إحنا عملنا حاجات كتير حلوة، وممكن حاجات صغيرة وحشة، الحاجات الحلوة هتفضل تكبر لحد ما تغطي على الحاجات الوحشة دي خالص ومش هتكون موجودة تاني".

رفع بلال حاجبيه بإعجاب ليقول بنبرة مرحة:

-" ولا فيلسوفة عصرك إيه كل دة".

ضحكت وئام لتقول بنبرة سعيدة:

-" شوفتها على الفيسبوك، أنا منزلاها عندي أنت ليه مشوفتهاش".

ليظهر على وجهها الحُزن وهي تقول بضيق منه:

-" أنا بفضل أبعتلك حاجات كتير وأنت مش بترد عليا فيها".

ضيق بلال جفنيه لينظر لها وهو يقول بنبرة ساخرة:

-" مش واخدة بالك إن نكد الحمل بدأ بدري شوية".

رفعت وئام كتفيها بتلقائية، لتبتسم سريعاً وكأن شيئاً لم یکن حتى عادت بنظرها على بطنها، لتقوم بوضع يديها عليها بتملك وحب، وسط نظرات بلال لها وهو يبتسم على مظهرها وسعادتها، ولكنه عاد بنظره للطريق من أمامه وهو يتنهد بضيق وحزن أثر كلماتها، فقد كان يعتقد أنها سوف تنسى سريعاً كحال الأشياء الحزينة التي تحدث معها، ولكن تلك المرة تختلف كثيراً، ليوعد نفسه للمرة التي لا يعلم عددها بأنه سوف يحاول مراراً وتكراراً بجعلها تنسى ما مروا عليه سوياً من ذكريات حزينة.

_____________________________

#يُتبع.
#الفصل_العشرين.
#ميرونزا.

لينك جروب الفيسبوك إللي بينزل عليه أي حاجة تخص الرواية موجود على صفحتي هنا لأي حد عايز يدخل.

Czytaj Dalej

To Też Polubisz

243K 37.4K 97
ပြန်သူမရှိတော့ဘူးဆိုလို့ ယူပြန်လိုက်ပြီ ဟီးဟီး ဖတ်ပေးကြပါဦး
234K 825 26
its all in the title babes 😋
5.2M 45.9K 56
Welcome to The Wattpad HQ Community Happenings story! We are so glad you're part of our global community. This is the place for readers and writers...
98.5K 7.5K 26
(نقية تماماً من الشذوذ) "بابا الطعام احترق " "لا بأس سأتعشى بك أنت صغيري " "كلا جيمين ليس طعام بابا " أمل صغير فقط هذا ما نحتاج... أنا لم أر صغيراً...