حياة بعد التحديث (كامله) لـ خ...

Door vbnjhhgbhhv

59.5K 3.7K 643

اسم الروايه حياة بعد التحديث الجزء 2 من "روايه بدون ضمان" تكمله لباقي الاحداث قصه فريدة و مهرة و ليان تابعون... Meer

مقدمة "تنوية"
اقتباس (1)
اقتباس (2)
اقتباس (3)
اقتباس (4)
تم تنزيل الفصل الأول علي المدونه
صور الأبطال الأساسية
الفصل الأول "الجزء" (1)
هام بخصوص الروايه.
الفصل الأول "الجزء" (2)
الفصل الثاني "الجزء" (1)
الفصل الثاني "الجزء" (2)
الفصل الثالث "الجزء" (1)
الفصل الثالث "الجزء" (2)
الفصل الرابع "الجزء" (1)
الفصل الرابع "الجزء" (2)
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع "الجزء" (1)
الفصل السابع "الجزء" (2)
الفصل الثامن "الجزء" (1)
الفصل الثامن "الجزء" (2)
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثانيه عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر "الجزء" (1)
الفصل السابع عشر "الجزء" (2)
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون "الجزء" (1)
الفصل العشرون "الجزء" (2)
الفصل الواحد والعشرين "الجزء" (1)
الفصل الواحد والعشرين "الجزء" (٢)
الفصل الثاني والعشرين "الجزء" (1)
الفصل الثالث والعشرين "الجزء" (1)
الفصل الثالث والعشرين "الجزء" (2)
الأخيـرة الجزء (1)
الأخيـرة الجزء (2)
الـخـاتمـة الجزء (1)
الـخـاتمـة الجزء (2)
روايه قابل للكتمان

الفصل الثاني والعشرين "الجزء" (٢)

1.2K 75 13
Door vbnjhhgbhhv

فصل بتاريخ : ١١/١٢/٢٠٢٣

#روايه_حياة_بعد التحديث الجزء الثاني
من روايه "بدون ضمان"

⁦✍️⁩#بقلم_خديجه_السيد

الفصل الثاني والعشرين
_________________

إستمرت زيارات ليلى للطبيب النفسي وبدأت نوعاً ما تنسجم معه وهي تقص عليه تفاصيل حياتها وما حدث فيها من مواقف سيئه و جميلة، وكانت خلال تلك الفتره تحاول تسنيم ايضا التقرب منها واصبحوا بنسبه بسيطه مقربين الى بعضهم البعض، أما بالنسبه الى والدها؟ ظل الحال كما هو عليه يتجاهلها ولا يتحدث معها! وكان ذلك يحزن ليلى بشده ويجعلها تفقد الأمل أحيانا لكن تعود وتتامل من جديد بسبب تشجيع تسنيم إليها، التي دوماً تخبرها بأنه يحتاج إلى بعض الوقت وبعدها سينسى الأمر .

وكانت كلما تعود تسنيم من زياره مع ليلى، تجلس بجانب سالم وتلح علية بفضول أن يستمع الى تفاصيل يوم ليلي مع الطبيب وتخبره وما أخبرها به عن أبنته، وكانت تحاول استجماع كل التفاصيل التي تحدث وتسرده له بإيجاز .

رد عليها زوجها بصوت غير مهتم زائف، واصطنع الضيق وعدم المبالاة علي ملامحه

= خلاص يا تسنيم وجعتي دماغي من ساعه ما جيتي وانتٍ عماله تحكي لي تفاصيل زياره ليلى مع الدكتور وكل مره علي كده، مع اني ما طلبتش منك اعرف حاجه عنها .

ردت عليه تسنيم بنبرة عادية وهي تهز كتفيها

= ما انت لو مش عاوز فعلا هتوقفني اول ما بتكلم لكن انت ما بتتكلمش غير في الآخر ومعنى كده انك عاوز تسمع بس مش عاوز تقول .

هدر فيها سالم بنبرة مستشاطة بعد أن سمع الحقيقة بالفعل هو لم يعترض لانه يريد الاطمئنان عليها منها .

= يا سلام طب يا ناصحه يا اللي بتفهميها وهي طايره بتابعي مع دكتور عشان موضوع حملك ولا ناسيه تهتمي بيه زي ما بتعملي مع ابوه.

أدارت رأسها نحوه تجيب بصوت بارد

= أكيد مش مستنيه حد يقول لي اتابع واهتم بصحه أبني، و عقبالك انت كمان

رد عليها الأخر بغلظة وقد ثارت دماؤه

= هنبتدي بقى نلقح بالكلام على فكره أنا برده مش مستنيكٍ تقولي لي وانا فعلا بدات اعاقبها مش ذي زمان اسكت.

رمقته بنظرات مزدرية هاتفه بجدية كبيرة

=انت فعلا بتعاقبها على الغلط بس بتعاقبها على اخطائك انت، ليلى ارتكبت أخطاء لكن في سن مراهقة يعني العتاب الأكبر عليك أنت و جدتها مش عارفين تتصرفوا معاها صح وتراقبوها كويس.. ده انتم حتي مش عارفين تحاولوا تصلحوا معاها بعد ما عرفتوا اللي فيها، ولا حتى كنتم بتصدقوني ولا فكرتوا في مره تراقبوها عشان تتاكدوا من كلامي، وجود العيله الداعمه بحياة ليلي كويس جدآ و لما تعلموها التربيه السليمه الصح، هتعرف جواها ايه وهاتعالجه وهتقدر تعدي من الازمه دي، صحيح هتتعب معاها شويه لكن في النهايه هتوصل لنتيجة مرضيه .

أبعد عيناه بصعوبة عنها، وكز على أسنانه بقوة
وهو على يقين تــام بأن حديثها صحيح وهو المخطئ من البدايه! وندم بشده على تهوره وأحس أنه تسرع في تلك الخطوات السابقة، وبالفعل يجب أن يتخذ خطوات مدروسه بتركيز أكثر عن سابقاً، أضافت بيأس

= مشكلتك انك كنت دايما مصدقها ودة غلط ما كنتش بتابع وراها، ودي بنت كبرت علي حبك ليها بس! وعقلها صورلها انها باللي كانت بتعمله هتحافظ عليك وهترجع ليها لوحدها زي ما كان بيحصل بالاول.. فطبيعي عقلها يوصلها للي هي عملته

أرتجف جسد، وهو يرد عليها بنبرة مرتبكة

= وانتٍ شايفه انها غلطت غلطه عاديه انا لحد دلوقتي بحاول اصلح في غلطها ومش عارف
ولا قادر انسى اللي شفته منها .

نظرت هي مباشرة في عينيه قائلة بصوت خفيض

= ليلي برغم انها غلطت فعلا وتستحق العقاب، بس مش بالضرب لانه مش حل يا سالم فيه طرق كتير تعقبها بيها واهمهم بالكلام! و بعدين قبل ما تعقبها عاقب نفسك لانك كنت السبب الرئيسي للي هي وصلتله، ما هو ما ينفعش.. يا تسيبها علي راحتها يا تقفل عليها. هي برده مهما عملت لسه صغيرة وفي سن مراهقه، مش كبيرة و واعيه زينا.

مسح سالم على صدره وهو يتنفس الصعداء بصعوبة من التفكير بالأمر، مردداً بحسرة شديدة

= هو انتٍ عاوزه توصلي لايه؟ أن أتعامل مع كل إللي حصل ده عادي وأن أنا اب غير واعي بالتربيه السليمه لبنتي وما عرفتش اربيها .

رفعت يدها تربت علي ظهره بدعم و بقوه أكثر
ثم هزت راسها وهي تقول بنبرة واقعية

= الإعتراف بالخطأ مش عيب، ليلي اللي حصل لها نتيجة لدلالك ليها ونتيجه تجربه قاسيه عاشت تفاصيلها المؤلمه مع صديقتها عشان كده لازم نحتويها .

هتفت بجملتها تلك الأخيرة لتثير قلقه بشدة، ونظر إليها بتوجس وفرك طرف ذقنه مرددًا بحيرة

= ايه موضوع عاشت تجربه مؤلمه مع صديقتها ده؟ تقصدي ايه.

أبتسمت الأخري بأنها أخيرًا وصلت الى الجزء الذي تريده وبدأت تقص عليه ما أخبرتها به ليلى ومخاوفها من أن تعيش مأساة صديقتها .

❈-❈-❈

تجنب أيمن زوجته على قدر المستطاع، حتى لا ينفرد بالحديث معها ولو بالصدفه فاصبحت علاقتهم دائما في توتر وخلافات طول الوقت! بسبب إصرار ليان الفولاذي على عملها الذي بدات تاخذ الموضوع على محمل العناد وعدم الثقة، ورغم رفضه الصريح بالفعل لكنها لم تهتم الى رأيه وبدت مصرة علي طلبها بإصرار غريب .

في تلك الأثناء، تحركت ليان تجاهه بغضب فقد استاءت من حالة التجاهل المسيطرة عليها معه بالمنزل، كانها باتت كالمنبوذة وهي تعيش معه تحت سقف واحد، اقتحمت غرفه مكتبه، وهي تقول بصوت محتد

= هو انت هتفضل كده كتير وكل ما اكلمك تتلكك وتمشي أيمن انا زهقت من الوضع ده بعد ما كنت انا اللي زعلانه منك اما صدقت الموضوع اتقلب لصالحك .

زافرًا بصوت مختنق من تصرفاتها، والتفت التفاتة صغيرة وهتف بامتعاض مرهق

= طول ما انتٍ بتحاولي تصالحيني بالطريقه دي عمري ما هتكلم معاكي ومصممه برده اي موضوع تفتحي معايا تلمحي لموضوع شغلك واني مش واثق فيكي، بطلي تحطي موضوع شغلك ان اوافق عليه ولا ارفض عامل ان انا مش واثق فيكي

ردت مستنكرة قسوته اللامحدودة محاولة استعطافه

= طب هو ده مش صح؟ وجه نفسك وقول لي أن أنت فعلا مش عاوز تخليني اشتغل عشان مش واثق فيا .

مط فمه بعدم مبالاة وهو يرد ببرود قاصداً يثير استفزازها

= والله حتى لو ده تفكيري من حقي انتٍ ما عملتيش حاجه سهله المفروض انساها ولا انتٍ كمان عارفه تنسيها فمستنيه مني ايه؟

تفاجأت من كلماته المتهورة تلك، واتسعت عيناها بخيبة قبل أن تسأله بتوتر كبير

= يعني اهو بتعترف بلسانك ان انت مش عاوز تشغلني عشان مش واثق فيا .

نظر نحوها بأنظاره المحتقنة، فامتعض وجهه بشدة، وهو يصيح بها بصوت قاسٍ

= سمعتي انا قلت ايه؟ قلت حتى لو ده تفكيري من حقي برضه اخذ احتياطاتي وانتٍ لما صدقتي عشان عاوزه تفكري في الموضوع كده وبس .

تطلعت فيه بنظرات محبطة وخاسرة ذرة مجدداً في كرامتها المهدرة في تلك العلاقة من بدايتها حتى الآن عندما شعرت بأنه مزال حتي الآن لا يثق بها، تنفست بعمق لتسيطر على نوبة غضبها قبل أن يخفق قلبها بانكسار وهي تهتف مندهشه

= تاخد احتياطاتك من ايه هو انت شفت مني إيه الأيام اللي فاتت عشان يخليك قلقان كده من موضوع شغلي ومش راضي تخليني انزل اشتغل واختلط بالناس وليه اصلا مش واثق فيا، ايه اللي شفته مني يخليك تحس الاحساس ده من تاني والله واعلم ما يمكن الموضوع دي فيك زي المرض ومش بيروح مش موضوع عمايلي بقى .

ارتسم على ثغره ابتسامة متهكمه وهو لا يصدق كيف تفهم الأمور بذلك الشكل ومصرة على صنع الدراما تلك رغم لم يقولها مباشره أن لا يثق بها، بدأ غضبه المبرر من تلك المشجارة اللعينة والتي أفسدت نهاره معه، واجاب صائحًا بنبرة حادة مضاعفة

= آه ده انتٍ كمان خليتيني مريض، تمام يا ليان برده مش هتشتغلي واللي انا عاوزه هو اللي هيحصل! عايزه تشوفيها بقى مش واثق فيكي بلوي دراعك افهميها زي ما انتٍ عاوزه بس برده كلامي انا اللي هيمشي .

تألمت بشدة من كثرة الضغط عليها حتى أنهكها الألم وأوجعها بدرجة ملحوظة، لتلتفت نحوه بوجهها العابس المتشنج، نظرت له باحتقان وهي تجيبه بتهكم يحمل السخرية والاستهزاء

= هو احنا كنا ليه الأيام اللي فاتت بنحاول نرجع لبعض ونحسن علاقتنا وكمان رحنا للدكتور وكل حاجه عملناها عشان العلاقه دي ترجع من تاني؟ ما انت اهو بتهد كل اللي عملناه من تاني.. يا خساره يا أيمن كنت فاكرك فعلا اتغيرت وان احنا قدرنا نتخطى الموضوع ده .

أبتسم لها ساخراً، وقبل أن يردف قائلاً بإحتقان

= لا يا ليان انتٍ غلطانه احنا عمرنا ما هنتخطى الموضوع ده بس اللي كنا بنحاول نعمله الفتره اللي فاتت ان احنا نبني حياه جديده ونحاول نتجاهل اللي فات عشان نعيش اللي جاي اللي انتٍ دلوقتي بتعملي عكسه تماماً.. وبترجعي القديم من تاني عشان ايه؟ موضوع تافه بترجعي تهدي حياتنا من تاني.

رمقها أيمن بنظرات مليئة بالعتاب والإحباط وهو يضيف بخيبة أمل

= ده انتٍ حتى مش عاوزه تحاولي تتنازلي المرة دي وتشيلي موضوع الشغل ده من دماغك عشان حياتنا ما تتخربش، لا مش فارق معاكي كل ده وعماله تفكري في نفسك وبس! متهيا لي انا اللي المفروض اقول يا خساره يا ليان كنت فاكرك اتغيرتي.

صمتت للحظات ثم قالت بعدها بانفعال وبنبرة يكسوها التهكم

= طب ما برده نفس الكلام ليك؟ مش عاوز تتنازل ليه وتسيبني اشتغل ولا انت مش همك البيت يتخرب زي ما انا المفروض احافظ عليه، ولا انا بس اللي مطلوب مني اتنازل وانت لا! علي العموم يا أيمن كل اللي انت بتعمله ده مش هيفيد بحاجه ولو الست عايزه تخون جوزها هتخون حتى لو قفلت عليها 100 باب ؟!.

انسحب من أمامها دون إضافة المزيد مسرع في خطواته رغم غضبه الملحوظ، وبقيت أنظارها متعلقة به حتى اختفي من أمامها فأخرت تنهيدة ملتهبة من صدرها الملتاع بحبه
وهي تفكر بحديثة بارتباك ملحوظ وشاعرة ببعض الإهانة من كلماتة.

❈-❈-❈

انتهت فريدة من تناول طبق الحلوى الذي أمامها، وانشغلت بالتفكير بحديث الجارة التي تسكن أمامها، فلما التقتها بالصباح سلمت عليها و وقفت تتحدث معها عن أحوالها. ثم في منتصف الحديث تفاجأت بها وهي تخبرها بفضول لماذا لم تأتي بعد بطفل ثالث وأخ للفتيات، حاولت بكل هدوء زائف أن تنتهي من تلك المحادثة معها وتغادر قبل أن تلاحظ أي خطأ بها، وأنها مهما فعلت فلن تتمكن من إنجاب الأطفال.

وضعت طبق الحلوى جانباً، ونظرت إلى بدر الذي يجلس بجانبها. كان مستغرقًا جدًا في مشاهدة المباراة، وكانت تلك الفتاة الصغيرة تجلس على ساقه في حضنه تتلاعب بأنامله. رسمت فريدة ابتسامة صغيرة على شفتيها. فعليها أن تنظر إلى الجانب السعيد من حياتها وتركز عليه فقط ولا تركز مع الآخرين في الخارج.

كما قال لها بدر! لا تعطي اهتمامًا لأي شخص، فهم آخر الأشخاص الذين يجب أن تفكر فيهم، وهي بالتأكيد بدأت تتعلم منه كيف تسير الحياة. أقتربت منه حتي ألتصقت به وهتفت بإسمه بنعومة

= بدر

أجاب بصوت منخفض وتركيزه منصب علي شاشة التلفاز

= نعم

صمتت للحظة ثم رفعت شفتاها نحو خده تقبله فألتفت نحوها و رفع أحدي حاجبيه، ليسمع صوتها تقول بنبرة عازمة، دون أن تترك له حق الرفض فبالطبع هي تطالب بحقها فيه

= أفتح دراعك وخدني في حضنك، زي بنتك .

سلط بدر أنظاره عليها مطولاً ولم يستطيع مقاومه ابتسامته، ثم حاوطها من كتفها و ألصقها بصدره، ليمنحها دافئة، عادت البسمة لتنير شفتيها وما إن استكانت قليلاً في أحضانه، حتى مال على أذنها ليهمس لها بمشاكسه

= انا لازم اعترف أن بقي عندي ثلاث بنات ذي القمر .. مش واحده.

تبدلت ملامح وجهها سريعاً وأتسعت أبتسامتها فقد سحرها بكلماته الصادقه كعادته، كم كانت لأحضانه تأثيرًا سحريًا على بدنها، خاصة حين يحضنها بتلك الطريقة باكثر الأوقات حاجة له، فبدر حقا الدواء لكل اوجعها، استمروا هكذا حتى انتهت المباراه وناموا الصغار.

بداخل الغرفة، تنهدت فريدة براحه بال وحياة هادئه أصبحت تعيشها وقفت أمام المرآه تتأمل هيئتها في قميصها الجميل الناعم فاصبحت تجهز نفسها الى زوجها بكل رضا تامة وشغف، وعندما شعرت بأنفاسه داخل الغرفه ألتفتت اليه بحب وهي تتمني ان تكون قد اعجبته، أقترب منها بدر يُعانقها بحنان يتنفس رائحة عطرها بجوع وتمتم بشغف

= انتٍ جميله يا فريده من غير أي حاجه صدقيني .

ابتعدت عنه تطالعة وهي تنظر إليه بخجل كبير، وسألته بوجه مخضب بحمرة ساخنة

= يعني برده كده ما عجبتكش ولا إيه، مش المفروض انك زي اي راجل ويهمك مراتك تكون بالشكل ده .

تخللت أصابعه بخصلات شعرها، وأبتسم لها وهو يجيبها موضحاً بنبرة عميقة

= كل راجل مننا يا فريدة بيدور في مراته علي حاجه معينه ولما بيلاقيها بيلاقي معاها حياته كلها .

عمقت بنظراتها نحوه لتزيد من نبضات قلبها، فتنهدت بسعادة تقول بنبرة عاشقة

= وانا لقيت فيك برده، اللي كنت بدور عليه يا بدر من زمان، الأمان !

❈-❈-❈

هوى قلب سالم في قدميه حينما تلقى مكالمه هاتفيه منذ قليل من أبنته وهي تخبره بأن تسنيم وجدتها فاقده الوعي ولم تستجيب على واحد من محاولاتها لإفاقتها، لذا طلب إليها الإسعاف وناهد حتى تساعدها .

وصل بسرعه الى المشفي وهو يركض يبحث عنها بالداخل حتي توقف عندما وجد ابنته تقف بجانب وهي تبكي بشدة، وناهد تجلس على الجانب الآخر تقدم نحوهم متسائلاً بارتباك ملحوظ

= تسنيم مالها حصل لها ايه .

نظرت إليه ليلي من بين دموعها، هاتفه بصوت خائف

= ما اعرفش انا فجاه سمعت صوت حاجه بتقع في المطبخ ورحت اشوفها لقيتها اغمى عليها، ولما حاولت افوقها وما ردتش عليا وما عرفتش اعمل حاجه وانا لوحدي معاها غير أن اتصل بيك

أمسك بها بسرعه من معصميها قابضًا عليهما بقوته وعجزت عن تحرير رسغيها فصرخ بها بشك واتهام

= يعني ايه تعبت لوحدها ما انا سايبها كويسه الصبح ولا انتٍ اللي عملتلها حاجه ودي لعبه من الاعيبك، انطقي عملتلها ايه تاني؟ عارفه لو طلعتي انتٍ السبب وحاولتي تاذيها هي ولا ابني اللي في بطنها هعمل فيكي ايه

أتسعت ليلي عيناها بذهول وشعرت بالحزن من اتهامه الباطل لها، ولم تنجح في إفلات رسغيها المقيدين بيديه، لذا هزت رأسها برفض وهي تقول بنبرة مرتعدة

= أبدا ما حصلش انا كنت قاعده في الاوضه لوحدي بعيد عنها وما اعرفش تعبت ازاي؟ وبعدين هعمل كده ليه .

نظر لها بأعين مشتعلة وهو يضحك بطريقة تهكمية واضحة

= انتٍ بتقولي لي انا تعملي كده ليه؟ وهي كانت زمان عملتلك حاجه ولا اذيتك في حاجه عشان تعملي فيها اللي عملتي معاها، تلاقيكي رجعتي لعادتك القديمه وبداتي تخططي تخلصي منها ازاي تاني وانتٍ يتستمتعي باذيه اللي حواليكي!

اقتربت ناهد منهما بسرعه وهي تحاول أبعاد سالم عن حفيدتها عندما لاحظت انظار الآخرين حولهم بفضول واهتمام، فاقتربت منهما وهي تحدجهما بنظرات ضيق مرددًة بامتعاض

= سالم سيب البنت أنت اتجننت الناس عماله تتفرج عليكم مش كده، وانتٍ اياكي فعلا تكوني عملتلها حاجه تاني وهي حامل احنا مش ناقصين .

نظرت ليلي إلى الإثنين بيأس وضعف وحاولت توضيح موقفها لهم متوسلة بصوت متألم

= والله العظيم ما عملتلها حاجه، انتم مش عاوزين تصدقوني ليه؟ انا فعلا عملت كده زمان بس دلوقتي بحاول اتغير عشانكم.. و رحمه ماما ما عملتلها حاجه المره دي .

كاد أن يقترب سالم من أبنته مجدداً، لكن أسرعت ناهد بالتدخل لتمتص غضبه قائله

= تعالي يا ليلي معايا وابعدي عنه دلوقتي .

جذبتها من ذراعها بعيدًا عنه، لكن تجمعوا حول الطبيب حينما رأه يتجه نحوهم وكل واحد منهم يعتري صدره مشاعرًا مختلفة عن الأخر، وكان خوف سالم الأكبر هو أن يبلغه الطبيب بما يخشى سماعه وأن ربما فقدت الطفل وتلك الفرصة الوحيد لعوده علاقتهما، لكن تنفسوا جميعًا الصعداء حينما تحدث قائلاً بهدوء جاد

= مدام تسنيم فاقت وبقيت كويسه هي والجنين وتقدروا تشوفوها كلكم لو حابين، بس واحد واحد وبلاش تتعبوها .

❈-❈-❈

تململت مهرة في الفراش، ودفنت وجهها في الوسادة أكثر وأصدرت صوتاً وهي نائمة ثم تحركت من فوق الفراش عندما شعرت بالعطش ومدت يدها لتفتح اضاءه الغرفه حتي تهبط الى المطبخ لتشرب لكنها شهقت مذعورة عندما تفاجأت بشخص في الغرفه كان يقف يراقبها وسط النور الخافت دقتت بحذر فلمحها فتحت عينيها أرتجف جسدها بخوف وفتحت ثغرها واطلقت صرخة ذعر لكنه اخرسها بسرعة عندما تقدم نحوها وجذبها بعنف وكتم فمها بيده بتملك وقسوة، وهمس بصوت منخفض

= هشش أنه أنا .

شهقت مصدومة عندما علمت هويته وشعرت بالحرج وهي تقف أمامه بدون حجاب وبتلك الملابس، أبعدت يده وأسرعت تسحب حجابها هاتفه بسرعه بقلق

= ماذا تفعل بغرفتي بذلك الوقت المتأخر، اخرج بسرعه يا رسلان إذا رأك أحد هنا ستحدث مشكله وبالاخص والدتي .

احمر وجه بغضب شديد عندما ذكرت والدتها أمامه وتذكر كيف فرقت بينهما واجبرت والدها ان يبعده عنها، اقترب منها وسحب غطاء رأسها بيده فتناثر شعرها الناعس حتى التصقت بعض الشعيرات بوجهها خفضت رأسها خجلاً وصدمه، داعب خصلات شعرها باطراف انامله بنعومة هاتفاً بقسوه

= لا تذكري اسمها امامي! حطمتِ حياتنا وجلستِ تتفرج.. فقط قولي لي الكلمه التي انتظر سماعها منك؟ ما أنا بالنسبه لكٍ .

عقدت حاجبيها بتعجب من كلماته الغير مفهومة بعضها، لكنه شعر بالخيبة من صمتها واعتقد ربما ترفض حبة لكنها تحاول استيعاب المفاجاه، تابع حديثه بأعين دامعه حزينه

= من اين ظهرتي لي؟ مالذي جاء بكٍ الي لتقلبي حياتي راسا على عقب هكذا؟ كانت حياتي مستقره وقلبي فارغ، لما ظهرتي وباي حق جئتِ!

نظرت اليه بحيره شديدة لا تفهم ما الذي به ولما يتحدث هكذا، وكأنه به شئ لكنها لا تفهم!
رفعت رأسها تسرق نظره لعيونه الحزينه عندما تابع حديثه فكان ما يخطر بباله يقوله وقتها

= اتذكر عندما رأيتكٍ اول مره في حياتي! و انتٍ ترتدين ذلك الفستان كم كنتي جميله حينها !، وكنتي مثل الاميرات امراه تشعُ حيويه وجمالاً و اشد من البدر في اكتماله،
كانت حياتي وقتها بالأبيض و الأسود قبل أن التقي بـكٍ أيتها القزمه ، جاتي لتلّوني حياتي.

نظرت اليه بذهول من كل تلك المشاعر التي هاجمتها بشراسه وقتها و كأن الطوفان قد جاء ليغرقها في بحر هيامه، فانه يتغزل بها بكلمات غزل رقيقه ويعاتبها بحزن في نفس الوقت، وأضاف بصوت مرهق

= ارفعي رأسك صغيرتي أريد ان املي عيني منك للمره الاخيره .

أتسعت عينيها برعب فماذا يقول هذا، وماذا يقصد بآخر مره؟ هبطت دمعه ترفض الحبس، فانسابت على وجنتيها وفجاءة قبضت يداه الكبيرتان على يدها الصغيرتين معا مقيدةً حركتهما بينما استجمعت شجاعتها ونظرت له والدموع قد تجمعت في مقتلها، تشاهد وجهه السمح وطلته البهية وابتسامته الرائعه تزين وجهه الوسيم إبتلعت ريقها متوجسة وهي ترد بصعوبة

= رسلان اتركني من فضلك تبدو كانك غير واعي لما تفعله وتقوله لي.. ما الذي أصابك.

التقط نظراتهم لفترة اخافتها نظراته الغامضة وحالته قبل ان يَقُول هامساً بنفس النبرة الغريبة

= اصابني حبك أيتها الصغيره، أرجوكٍ لا تنظرين لي على اني ذئب جائع مثلهما وأريد التهامك هذا سيجعلني أذوب حزنًا ، رفقًا بقلبي يا صغيرتي.. لا تخافي مني لقد اخبرتك باني لن اؤذيك يوما ولكنكِ مازلتِ تخافين !.

راقبت هي حالته المتألمه، وعيناها تسمرت بعيون رسلان وهي تلتقي بألم وعتاب مؤلم بوداع ابدي لربما، استشفت المراره في جملته تلك، وأجابت قائله بحزن

= لكنني اشعر بالخوف عليك وليس منك .

امسك يدها بيديه ووضعهما على قلبه وهي شعرت بدقاته العنيفه، وكأنه تمنى ان تفهم ما يشعر به!. ثم ضحكه مريره خرجت من فمه قبل أن يتحدث كلماته بألم

= لم أرغب في تلك النهاية لنا، لكن هكذا هي الحياة ..لا البدايات التي نتوقعها ولا النهايات التي نريدها

أرتعش وارتجف جسدها واختنق صوتها بخوف وقلق شديد فتكلمت بصوت مرتجف ومتقطع

= أي نهاية ما الذي تقصده .

نظر لها بعينيه شوق بانفاسه ثائره وملامحه عاشقه، ثم أبتسم بألم و خيم صمت طويل قبل أن يهتف بخيبة أمل كبيرة

= بذلت الكثير من الجهد حتى لا يتحول ذلك الاعجاب إلى حب! بذلت الكثير من الجهد ولكن ؟ وقعت في الحب ولا اعرف متى ابدا تغيرت مشاعري ! اذا انني اعجبت بكٍ لكن لا أحد يصدقني.. اعجبت بشغفك و بشجاعتك وعنادك، في البدايه ظننت أنكٍ ساحره حقيقيه، أعترف و مهما حاولت اخفي مشاعري بلا جدوى ..

قرب كفيها من شفتيه يطبع عليهما قبلة رقيقة عصفت بكيان الأخرى ولم تفيق من صدمتها إلا عندما كانت دموعها تنساب بصمت حزينه لحال ملاكها الحارس، فهي أحبته حد الجنون، اقتربت منه وهي تتمنى ان ترف عن حزنه وبدأت تبكي وصوت شهقاتها تعالي، وأردفت قائلة بصوت باهت

= ما هذا الترهيب، لما تتحدث هكذا وكانك سترحل ولم نرى بعضنا مره اخرى .. رسلان ارجوك اشرح لي ما الذي حدث معك.

اقترب منها ولمس رأسها بأطراف انامله، ثم انتقل بصره إلي عينيها الخضراء الصافيه وبدأ يتكلم بهدوء شديد

= أحيانا يكون الفراق للحافظ علي الشخص الذي نحبه. ساتذكرك دوماً .

أبتعد عنها بسرعه قبل ان يضعف ثم خرج واغلق الباب خلفه، وسقطت على الارض بائسه حزينه وفي داخل نفسها تعصف مشاعر هوجاء كاعصار ضخم يحطم كل ما تمر به، مالذي يقصده؟ كانت تظن انها مهمه بالنسبه له ويحبها لكن من الواضح أنها لم تكن كذلك له، قد اعطاها الامل واخذه منها مره ثانيه؟مزقها دمرها ، بل حتى انه امتلكها قبل ان يرحل .

❈-❈-❈

في داخل أحد المستشفيات، شخصت ليان أبصــارها إلي الطبيبه التي تجلس أمامها فوق المقعد الخلفي للمكتب وتمسك بعض الملفات بيدها وهي التحاليل الخاصه بها، فالالام قد اشتدت عليها واضطرت أن تأتي العيادة لتعرف ما الذي أصابها وقد اقترحت عليها الطبيبه عمل بعض التحاليل الطبيه اللازمه! وها هي اليوم هنا لتعرف ما بها، تنهدت بقوه قائلة بنفاذ صبر

= هو في حاجه في التحاليل اصل حضرتك بقالك كتير عماله تبصي فيها ومش بتردي عليا وأنا قلقت بصراحه

تنهدت الطبيبة قائله بقلق كبير

= مش عارفه بصراحه اقول لك ايه يا مدام ليان بس التحليل مش كويسه، وزي ما توقعت؟ عندك ورم حميده بالرحم بس مش عايزكٍ تقلقي، الأورام الليفيه بتكون حميدة مش سرطانية ومفيش نفس القلق منها

هربت الدماء من وجه ليان خوفاً على حياة أبنها أهم، وهزت رأسها بعدم استيعاب وكأنها تحلم بالتأكيد، حذرتها قائلة بتخوف

=لا مش فاهمه وضحي لي اكتر مالها التحاليل وايه المشاكل اللي عندي هو مش ابني كويس أهم حاجة .

أردفت الأخري قائلة بنبرة توضيح اكثر

= انتٍ دلوقتي في أول الشهر الرابع ولازم قبل ما تكملي باقي الشهور الجاية تعملي عمليه اجهاض لأن هيكون في خطوره عليكي انتٍ والطفل .

فغرت ليان شفتيها مصدومة، و ردت عليها بشراسة وقد ضاقت نظراتها

=انت اكيد اتجننتي انتٍ عاوزاني انزل أبني بعد ما اتعلقت بيه ورتبت حياتي اللي جايه عليه وبقيت أشوفه على الشاشه عندك واسمع دقات قلبه وخلاص فكرت في الاسم اللي هسميه لما يجي، ده انا كمان رتبت الأوضه بتاعته من دلوقتي في البيت عندي .

شعرت بالعطف نحوها، لكن مع ذلك هزت رأسها برفض هاتفه بإصرار

= مدام ليان ممكن تهدي، الحمد لله ان احنا اكتشفنا الموضوع في الاول وبعدين انتٍ هتقدري تحملي عادي جدآ بعد كده لكن لازم الورم يتشال الأول، وعشان ده يحصل لازم نعمل عمليه اجهاض الاول ونشيل الورم لان في خطر علي حياتك وقت الولادة .

انتفضت مذعورة من أعلي المقعد، وهي تنظر إليها بنظرة مليئة بالكراهية والاستياء

= وعشان الورم ده يتشال لازم ابني اموته،
لأ لأ مستحيل اعمل كده انا مش هقدر أموت ابني وبعدين ايه السخيفه بتاعتك دي اموته وبعد كده أجيب غيره بسهولة كده؟؟ هو انت أصلا ضامنه ان انا ممكن اخلف بعد كده تاني أكيد بتضحكي عليا في دي كمان .

نهضت الأخري قائله بصوت جاد

= يا ليان افهميني انتٍ لازم تعملي كده لمصلحتك وعشان الـ...

ظلت ليان متسمره في مكانها غير مصدقة ما يحدث ثم نظرت هي مباشرة في عينيها قائلة بصوتها المنتحب بحسرة

= مصلحه أبني انا عارفاها كويس ومش مستنياكي تقولي لي ايه الصح وايه الغلط! انا مش هنزل أبني مهما تقولي سامعه؟. انا أما صدقت حملت فيه أصلا وبقيت بحلم باليوم اللي هشيله في حضني.. وانتٍ تيجي بسهوله تقولي لي موتي.. ده علي جثتي حاجه زي كده تحصل ان شاء الله افديه بحياتي بس برده مش هموته .

❈-❈-❈

فتحت تسنيم عينيها ببطء محاولة رؤية ما حولها، وأصدرت أنينًا موجوعًا وهي تتقلب بألم على جانبها محاولة الاعتدال فوق الفراش، وفي ذلك الأثناء أقترب زوجها منها بسرعه ليساعدها وهتف قائلاً باهتمام

= حمد لله على سلامتك اخبارك ايه دلوقتي لسه حاسه بتعب .

هزت راسها برفض، صمت للحظات قبل أن يضيف بحذر

= هو انتٍ ايه اللي حصل لكٍ ليلى هي اللي عملت فيكي كده صح .

تعجبت من سؤاله، فقالت له دون تفكير

= لأ طبعاً مش هي السبب انا تعبت من المجهود مش أكثر وفجاه حسيت بدوخه وما دريتش بنفسي غير لما فتحت عينيا ولقيتني في المستشفى، معرفش ايه اللي حصل قبل كده .

صمت شارد الذهن في كلماتها ليعرف بأنه قد اتهم ليلى ظلم، أخذ نفس عميق ثم أجاب موضحًا بهدوء

= ليلى اتصلت بيا وانا في الشركه، وقالت لي انك تعبتي فجاه ومش عارفه تتصرف قفلت معاها وطلبت الإسعاف يجوا وانا كنت في الطريق، طلع كلامها صح وهي اللي انقذتك، الحمد لله أنك بخير وده الاهم .

أدارت رأسها نحوها متسائلة بصوت مرهق

= شكلك عملت مصيبه واتهمتها انها حاولت تاذيني وبما انك طلعت غلطان حاول تعتذر بقى ليها وتفكر تديها فرصه ثانيه، انا كنت معاها لوحدنا لو كانت فعلا عاوزه تاذيني كانت عملتها .

حاوط وجهها براحتيه، ومسح بإبهاميه بنعومة على وجنتيها واقترب منها هامساً

= ما تسيبكٍ من ليلي وتفكري فينا شويه عاجبك وضعنا ده، بذمتك موحشتكيش .

طالعته الأخري بقلب خافق ولكن عادت هاتفه بإقتضاب

= لاء

أقترب أكثر واحتضنها بذراعيه محاولة لين قلبها تجاه، ورمقتة زوجته بنظرات غيظ مستنكرة فعلته لكنه تحدث بإصرار غير عابئة برفضها

= طب مش ناويه حتى تديني فرصه تانيه عشان خاطر ابننا، فرصه اخيره يا تسنيم والوضع دلوقتي اتغير !.

نظرت نحوه بضيق، فلا حاجة بها لسماع مثل تلك العبارات الآن غير أنه غير مهتم بما خلقة من أثار نفسية سيئة عليها، فحذرته بصرامة

= مش ناويه اعيده تاني يا سالم أنا خدت قرار وانتهى و بعد حواراتك مع بنتك ما تخلص هرجع أطلب الطلاق واظن انا كده عملت اللي عليا، عشان محدش منكم يرجع يقول لي بعد كده ان انا ما عنديش دم ولا بنت اصول ومش مقدره حالتكم

أبعدت يده بحده عنها مع نظرة تحذير، تنهد هو وأجابها بصوت متهدج

= تعرفي أن تجربه ليلى اتأكدت ..ان ربنا بيحبني أوي لانك مراتي! و يمكن دي الحاجه العدله الوحيده اللي طلعت بيها من اللي شفته من كل الحكايه دي، ما تقوليش على نفسك تاني مش بنت أصول يا تسنيم انتي اجمل حاجه حصلت في حياتي .. زمان كنت فاكر ان فلوسي ومكانتي ديه أحلي واحسن نعمه في حياتي .

تأملت نظراته المتطلعة إليها بتلهف مشتاق، كم ود أن يتحول ما بينهما إلى التصالح الفعلي، و
ليعبر لها بأريحية تامة عن مشاعره العميقة نحوها، لكنه خاف من المحاولة فيفسد الأمر برمته، اكتفى بالابتسام العذب وهو يضيف بجدية

= بس أكتشفت اني كنت غلطان.. لان رغم كل اللي حصل ليكي بسببي وبسبب بنتي او عيلتي كلها ومع ذلك لسه جنبي وبتساعديني انا عمري ما هنسى المواقف دي كلها يا تسنيم بجد، ما فكرتيش في ابننا لما يجي الدنيا ويلاقي أبوه وأمه منفصلين عن بعض، طب بلاش فكرتي هتسمي ايه؟

صمتت للحظات ثم قالت بنبرة هادئة غريبة

= عايز تسميه ايه

أبتسم وهو لا يصدق أنها تركت له أسم طفله دون مجادله، واعتبر ذلك بدايه صالحه الي علاقتهما، وأجاب متحمسًا

= ممكن لو جي ولد نسميه سليم عشان يكون سليم سالم مش حلو بذمتك .

صمتت قليلاً كأنها تفكر ثم حركت عيناها وهتفت بنبرة ماكرة

= يبقي خلاص هسميه حمزه لو ولد، انا قررت الإسم ده هسميه له من اول ما حملت و عجبني.. إنما لو بنت هتبقى كارما

ضغط على شفته بضيق شديد وهتف قائلاً بنبرة مغتاظة

= بقي كده يا تسنيم، طالما فكرتي يبقي ليه بتساليني من الأول، علي العموم انتٍ حره
بس خليكي فاكره ان ده مش ابنك لوحدك .

طالعته باستمتاع مستفز له، وتحدثت بأرهاق

= ده أبني وانا اللي تعبت فيه وانت قلتها من شويه أنا حره

تنهد بأنفاس حانقه وأغمض عيناه كي يتمالك أعصابة امام الكم الهائل من استفزازها و برودها تجاهه، ثم مال عليها وهتف قائلاً بإبتسامة هادئة

= مافيش مشكله ياحبيبتي أنا وانتٍ واحد، وكمان إسم حمزه حلو و عجبني .

أبتعد قليلاً وهو يري نظراتها المصدومه من هدوئه، ثم أضاف بهدوء واثق

= بس اعملي حسابك الطفل اللي جاي ان شاء الله أبقي أسميه أنا.

أتسعت عينيها سريعًا لتجلس على طرف الفراش وهي لا تصدق كلماته، وأردفت ساخره

= ودي مين دي ان شاء الله اللي هتخلف منك تاني.

أبتسم وهو يقترب منها مجدداً وقبل وجنتيها بحنان رغم عنها، هاتفاً بتحدي وهو يغمز لها بطرف عينه

= انتٍ يا حياتي .

ارتجف بدنها من قوة كلماته العذبة، كان يروي عطش قلبها بعباراته، لكنها لوت شفتيها بامتعاض قائله بحنق

= انت لسه عندك أمل ان انا ممكن افكر اخلف منك تاني، ده في أحلامك يا سالم .

❈-❈-❈

قضت أهم ليلة في حياتها تبكي بعد اعترافها بحبها له، لكن هو كيف استقبل ذلك؟ عاتبها كأنها فعلت ذنب لم تقترفه كما اتهمها علنًا، لقد تسرب حبه إليها رويدًا رويدًا حتى تشبع قلبها به، ولم تجرؤ على الاعتراف به إلا حينما تأكدت من مشاعرها نحوه وبعد أن بدت متأكدة من حبه لها وأصبح لها مذاقه الخاص، لكن حضوره لها بمنتصف الليل بتلك الطريقه الغامضه أفسدت يومها لتتحول ذكراها الحلوة إلى ليلة تعيسة تضاف إلى قاموس حزنها، حاولت التهوين علي نفسها ربما كان في وضع صعب وليس هي السبب وعندما تراه اليوم سيشرح لها أسبابه .

هبطت مهرة الدرج بخطوات بطيئة وكان الجميع يجتمع حول السفره للافطار ماعدا رسلان، اقتربت منهم تبحث عنه بلهفة وشوق فهي تحتاج إليه بشده ويجب ان تتحدث معه وتستفسر عن ما حدث بالأمس، همست بصوت خفيض حذر منتظرة بترقب الرد عليها

= هو رسلان فين مش ظاهر من الصبح ليه؟ هو نايم فوق وما عندوش محاضرات مهمه النهارده!.

نظر سراج نحوها قليلاً بأسي ثم أجاب بتردد

= لا يا مهره رسلان سافر عند خالتو سيرين و مش هيرجع غير لما يكمل دراسته هناك و يخلصها .

أتسعت عينيها بصدمه كبيرة، و زاد ذهولها المتحسر عليها، فكان يتحدث بجدية و رحل بالفعل وتركها دون مبررات او شرح الأمر لها، أتعبها قلبها شعورها بالخذلان لتفريطه في وعده الأول لها وأنه لم يتركها أبدا، رفعت عينيها المصدومه نحوه متسائلة بعجز

= يعني رسلان مشي فعلا ومش راجع تاني؟ هو ازاي يعمل كده من غير ما يقول لي آآ قصدي مش المفروض يسلم عليا حتي هو مش احنا اخوات برده زي ما انتم بتقولوا .

تضايقت وفاء من اهتمام مهره له حتى بعد ان رحل، وحانت منها التفاتة سريعة على وجه مهرة المتشنج، فرأت عبوسًا واضحًا عليه، ورغم ذلك تجاهلت الأمر، بينما تنهد سراج بهدوء حذر بعد أن رمقها بنظرة أخيرة أسفة عليها، وحرك رأسه هاتفاً بقله حيلة

= سافر بالليل يا مهره وما كانش عنده وقت وانتٍ كنتي نايمه يا حبيبتي وما كانش هينفع يصحيكي بس لو عايزه تكلمي ممكن الـ...

نظر وفاء بازدراء إلي زوجها، ثم حركت طبق الطعام أمامها محاوله اشغالها لتقول بصوت حنون

= مهره حبيبتي يلا تعالي افطري معانا عشان هتتاخري على المدرسه، وكمان درجاتك ما بقتش عجباني.. انتٍ ما بقيتيش تهتمي بدراستك ذي الأول لما كنا في مصر.. و دلوقتي ما عندكيش اهم منها .

كان المعنى من حديثها واضح جداً، تقطعت أنفاس مهره بحسرة وهي تردد متسائلة بأمل أخير متأملة وجه سراج الهادئة

= هي فكره سفر رسلان كانت فكرته هو ولا حد اللي اقترحها عليه .

تحدثت وفاء بسرعه قائلة بإبتسامة زائفة

= اكيد يا حبيبتي هو اللي عاوز كده ومش حابب يقعد هنا، هو في حد يعني ممكن يغصب عليه حاجه و هو مش عاوزها.

نظرت مهرة إليها واكتفت بالصمت علها تهدأ وتستكين لحالها، فانسحاب رسلان من حياتها تحديداً بذلك الوقت وبتلك الطريقه الغريبه و الغير مبرر جعلها تشعر بالشك نحوه! هل كان يقترب منها بنيه سيئة طول هذه المدة بنيه التلاعب بها؟ هل كان يخدعها حتى تقع في حبه وعندما حصل على ما يريده رحل، هل يعقل بانه تلك المشاعر و الأوقات التي كانت تقضيها معه كانت مجرد وهم وسراب.. ولعبة سخيفة منه، هل كانت والدتها محقة عندما حذرتها من الإقتراب من دون أن تعرفه جيد لكنها حقا وثقت به .

نظرت إليها مهرة واكتفت بالصمت على أمل أن تهدأ وتستقر من حالتها، فانسحاب رسلان من حياتها في ذلك الوقت بالذات وبهذه الطريقة الغريبة والغير مبررة جعلها تشعر بالريبة منه! هل كان يقترب منها بسوء نية طوال هذه المدة بهدف التلاعب بها؟ هل كان يخدعها لكي تقع في حبه، وعندما حصل على ما يريد رحل؟ فهل من الممكن أن تكون تلك المشاعر والأوقات التي قضتها معه مجرد وهم و سراب.. ولعبة سخيفة منة؟ فهل كانت والدتها على حق عندما حذرتها من الاقتراب دون معرفته إنه شخص جيد، ولكنها وثقت به حقًا.

رأتها وفاء وهي تقاوم الألم الشديد وصدمتها، فشعرت بوخزات قلبها نحوها لكن حاولت ان تتجاهل ذلك الشعور، واجبرت نفسها على التفكير بأنها فعلت الصحيح فهي أليست ابنتها الوحيدة؟ و كانت وستبقى قطعة من روحها؟ أليس أصبحت بمثابة والدتها ويجب عليها أن تحميها حتي من نفسها، لكنها تلقي بها إلي التهلكة مستخدمة سلاح القسوة في التعامل مع أمورها فهي لن تسمح لها بالابتعاد عنها.

❈-❈-❈

دخل سالم الغرفة التي تجلس بها تسنيم و كانت جالسة فوق الفراش براحه، فطالعها زوجها بيأس فيومان قضاها معها بالمشفي وهي تُعامله بجفاء، لكنه رغم ذلك تحملها بسبب تعبها بعض الشئ و الإضطرابات التي حدثت لها كثيراً بفترة حملها، وضع سالم الطعام امامها علي الفراش وقال بحب

= طبختلك بأيدي النهارده، عاوزك تاكلي كويس اديكي سمعتي كلام الدكتور بنفسك في المستشفى، فضلتي مركزه مع اللي حواليكي واهملتي في نفسك .

أبتسمت تسنيم بضعف وعندما جاء يُطعمها صدته بيدها فتنهد بأرهاق من عنادها، وهتفت قائلة بجفاء

= ما كانش لي لزومه تتعب نفسك، انا كنت شويه وهقوم اعمل لنفسي، إيه الجديد يعني انا طول عمري لوحدي حتى بعد ما اتجوزتك

أخفض رأسه بندم لكنه أبتسم لها وهو يقول بحب

= بس انا دلوقتي بقيت موجود ومش هسيبك

هزت رأسها ساخرة بألم من كلماته، وأجابت ببرود جامد

= ممكن تخرج و تسيبني لوحدي، عشان سمعت الكلام ده كتير والنتيجه واحده .. انت ما لكش امان يا سالم وانا مش هعيش طول العمر دور المضحيه في حياتك تاني .

تبدلت تعبيراته للشدة وزادت دقات قلبه بعنف هاتفًا بنبرة عالية

= هو انتٍ مالك قفلتي مني خالص كده ليه، للدرجه دي مش طايقاني ولا عاوزه تديني فرصه حتى عشان خاطر ابنك مش بتفكري نرجع وتسامحيني

أصبح يثير استفزازها حقا فلو كانت هي نفسها زوجته القديمه هي من تسمع ذلك الحديث لكانت رضخت للامر بسهولة ولكن اليوم هي امرأه مجروحه لا تريد شئ غير ان تضمد جراح قلبها، هتفت بتحدي

= انا عشان خاطر اللي في بطني بعمل كده مش اول ولا آخر طفل هيجي وهيلاقي اهله منفصلين .

صرخ فيها سالم بتشنج حاد

= بس انا مش موافق على الانفصال ده وانتٍ اللي مصممه

حركت رأسها بالنفي هامسة بأسف

= كده مع الاسف هتضطرني اعمل نفس اللي عملته اول مره! بس ما ترجعش بعد كده تلومني وتزعل

كانت تقصد قضيه الطلاق التي رفعتها ضده،
نظر لها شزرًا قبل أن يتحدث بنبرة محتدة

= مش اللي بيحب حد بيحبه زي ما هو كده برضه! انا مش هفكر بتسرع تاني وموضوع ليلى اكيد انتٍ شايفه بنفسك ان انا بعد كده مش هصدقها ولو غلطت مش هفوتلها وهحاسبها وعمري ما هظلمك في الحكايه دي تاني.. انا مش عاوزه اخسر حد زيك يا تسنيم ولا اطلعه من حياتي عشان خاطري فكري مره اخيره تاني وراجعي نفسك في موضوع الطلاق .

كادت أن تتحدث لكنه أضاف بعصبية زائدة مقاطع إياها

= تسنيم انا تعبت من علاقتنا دي! تعالي كده نحسب من أول ما اتجوزنا كام يوم كنا عايشين في سعاده وفرحانين هنلاقيهم أيام تتعد على الصوابع وباقي ايامنا نكد وخناق طب ليه وصلنا حياتنا لكده .

ابتسمت تسنيم بتهكم مرير وهي تقول بنبرة حادة

= انت بتقول لي انا الكلام ده ما تقول لنفسك هو انا كنت فرحانه أوي بالخناق والنكد اللي كنت معيشني فيه انت وبنتك، ده انتم عقدتوني في حياتي

هز رأسه بيأس وأدرك أنها سترحل وستضيع منه مهماً فهل، فهو رجلاً مشتت يعيش بين الماضي والحاضر، تحدث هاتفاً بصوت شبه مختنق

= ماشي ‏تعالي نتكلم في اللي أحنا ساكتين عنه، تعالي نفتح الجرح علشان نقفله علي نضافة! انا غلطان وقلت لك أكثر من مره ان انا اسف واي حد مكاني كان هيعمل كده ويصدق بنته خلاص يا تسنيم مش هتعلقي ليا المشنقه ولا هفضل كتير اكفر عن الذنب ده !. اللي انا اصلا دفعت ثمنه كتير من اللي شفته منك ومن بنتي .

ردت عليه تسنيم بتنهيدة متعبة وهي تسعل

= الموضوع مش سهل كده أوي انت جرحتني كتير يا سالم ومش قادره انسى ولا جرح

نظر نحوها قليلاً وقد قست نظراته، وقال بنفاذ صبر

= طب اديني فرصه عشان اصلح كل حاجه، انا عارف كويس ان انا جرحتك وفاكر كل حاجه عملتها معاكي ضايقتك مني! بس مش هقضي طول حياتي عمال اعتذر لك واطلب منك تسامحيني وانتٍ مش راضيه انا برده ليا طاقه وقربت تخلص زيك

ارتفع حاجباها للأعلى في صدمة بيّنة، حدقت فيه متسائلة باستخفاف

= هو انت بتهددني مثلا؟ ما براحتك ولا فاكرني فرحانه أوي وانا شايفاك كده قدامي وبتعتذر! بالعكس انا بتوجع حتى من الاعتذار عشان بفتكر انت بتعتذر عشان ايه ولو حاسسها اوي حاجه كبيره على كرامتك بطلها، ويكون في معلومك كمان انا خلاص على اخر الاسبوع ده هرجع بيتي .

عقد ما بين حاجبيه مستنكرًا ردها، واجاب موضحًا بصوت مخنوق

= هو ده اللي فهمتي من كلامي؟ انا بحذرك فعلا بس عشان مش عاوز اخسرك لما ازهق من كتر اللي انا بعمله ولا طاقتي تخلص زي ما قلت لك، بس هتكوني فرحانه وانتٍ شايفه كل واحد فينا لي حياة ثانيه بعيده عن التاني بعد كل اللي كان بينا .

لم تجيب وهو اكتفي بتحديقه في وجهها الذي عشق تفاصيله بجوارحه، هو لم يكن واعي لها منذ البداية، تلك هي الحقيقة التي حارب ليثبت عكسها أنه لم يحافظ عليها، وفي الأخير خسر المعركة، ولم يظفر سوى بالمعاناة والألم، صحيح هو يشعر بخفقان قلبها وأنها مازالت تحبة و ذلك الحب الذي حكم عليه بالنهاية قبل حتى أن يبدأ، و انتهى الأمر بالنسبة لها، استدار ببطء برأسه نحوها واردف بصوت جاد

= تمام براحتك، ما ترديش دلوقتي بس اتمنى تفكري .

كاد ان يغادر لكن توقف مكانه عندما سمع صوتها تقول بنبرة مهتمة

= ابقى روح شوف بنتك يا سالم واطمن عليها أكلت ولا لأ .

وقف سالم مكانه، زاد بريق عيناه تأثرًا وأجابها بهدوء واثق وقد تقوس فمه للجانب لتبرز ابتسامة مغترة عليه

= ولسه بتساليني ليه مصمم ارجعلك و متمسك بيكي كده؟ عشان انتٍ هتكوني اكبر خساره ليا بجد .

توترت قليلاً وقد ندمت على تسرعها، لذا دون كلمه منها اخري تناولت طعامها وتركته يقف يطالعها بضيق فحتي كلمة شكر او حب لم تقولها له ثم انصرف من أمامها للخارج .

❈-❈-❈

نزوت في أحد الأركان بالغرفة محدقة فيما حولها بنظرات شاردة. تراجعت لتقف بالشرفة الخارجية مستنشقة نسمات الهواء العالية، و مستعيدة بذاكرتها لمحات خاطفة من موعدها مع الطبيبه قبل سابق واكتشافها حقيقه أمرها ومرضها! وبدأ علقها يصور لها بأنها بعد شهور قليله ستفارق الحياه!.

أغمضت عينيها تدمع ببكاء حارق بحسرة وهي تتذكر مشاكلها مع أيمن بسبب عملها الذي لا يريدة، وبدات تعترف أخيرا بانها كانت مخطئه في ذلك الأمر بتعاملها معه بتهور فيجب أن تتراجع عن تلك الفكره وتنسي عنادها لتعوض أيامها المتبقيه بالحياه .

قررت ألا تستسلم وتتودد إليه على طريقتها الخاصة رغم جفائه وغضبه معها، و رغم مشاكلها التي اكتشفتها بحملها وستؤدي الى فقدانها إلا أنها ستبذل جهدها لاخفاء ذلك الأمر عن زوجها حتى لا تسير قلقه الشديد نحوها وتعكر صفوه.. لكنها من جانب آخر ستستغل الأمر للتقرب منه من جديد! ستعود مثل سابق تهتم بزوجها، فمن الواضح بأن اكتشاف مرضها سيجعلها تعطيه فرص ثمينة للتقارب الحسي بينهما.

جمدت أنظارها على يديها الموضوعه فوق بطنها تفكر بطفلها أيضا، متذكرة تلك الدقات العنيفة لقلبها عندما تخيلت أنها ربما ترحل عن الحياه وتتركه وحيد، كم شعرت بالاسي نحوه ونحو والده ونحوها أيضا! فاحتمال كبير أثناء ولادتها تموت قبل أن تراه حتى.. بدأت تبكي أكثر بحزن عده ساعات متواصله وهي تتخيل تلك الأفكار السوداويه داخل عقلها، وحين انتهت نهضت وبدأت تمسح دموعها وهي تفكر كيف ستبدأ تتصرف حتى يعود أيمن لها دون أن يلاحظ عليها شيء! فأي تصرف أهوج في تلك اللحظات الأخيرة حدث حسب عليها وليس لها.

وقف أيمن يتأمل هيئته بالمرآه قبل ان يذهب الي موعده مع أحد اصدقائه ليجد صورتها تنعكس أمامه فتسأل بجمود

= في حاجه يا ليان

لتلمع عين ليان بالحب وتقدمت قليلاً لتصبح أمامه، إبتلعت ريقها وهي تقول بخفوت

= انت خارج .

لتكسو تعابيره الاكفهرار والنفور، احتدت نظراته وقست تعبيراته بشدة متخيل بانها ستعود الى تلك الدراما كعادتها وتفعل المشاكل، لذلك أجاب عليها بصوت بارد

= انتٍ شايفه ايه؟ لو عايزه تقلبيها خناق ونكد استني لما ارجع مليش مزاج لوجع الدماغ ده
دلوقتي

ارتفع حاجباها للأعلى من حديثه الحاد لكنها حاولت لم تكترث به رغم شعورها بالحزن لانها أوصلته الى تلك الحاله، فخطتها لابد أن تكتمل وتعود تتقرب منه دون أن يعرف شيء، لذا تجاهلت كلماته قائلة بنعومة

= لا ما تخافش ما كنتش هقول كده .

هز رأسه بهدوء، وكاد أن يتناول زجاجة عطره ليضعه علي ملابسه فوجد يدها تمتد نحو زجاجة العطر بدل منه واخذتها هاتفه بصوت منخفض مثير

= بس كنت هقول لك ايه رايك لو قعدت معايا النهارده، وبلاش خروج مع اصحابك

أبعدها عنه بشراسة، واردف من بين أسنانه المضغوطة بقوة

= مش قلتي مش هتفتحي معايا الموضوع ولا ناويه تقلبيها نكد يبقى عاوزاني اقعد معاكي ليه؟ ما هو اصل انتٍ الايام اللي فاتت كنتي دايما بتقعدي معايا عشان حاجه واحده بس عشان تفتحي موضوع الشغل وتقلبيها بعد كده خناق.

تنهدت بحزن عميق حاولت اخفاءه، وهي تقول بإبتسامة عابثة

= انا كنت عاوزاك تقعد معايا عشان وحشتني واوعدك مش هفتح اي موضوع يضايقك ثاني

بدأت تُعطر له ملابسه وعلي وجهها ابتسامة واسعة رسمتها بصعوبة وسط ألمها، لم يعتد عليها هكذا فهي كانت دوماً الفترة الماضية ذات وجه غاضبا لا تعرف البسمه طريق لوجهها ولكن اليوم يري أمرأه اخري امامه وعندما انتهت من تعطيره .. بدأت تُهندم له ملابسه وأضافت برقه

= خلاص مش هضغط عليك طالما عاوز تخرج مع اصحابك بعد ما اتفقت معاهم، خلي بالك من نفسك.. ربنا يحفظك ليا يا حبيبي

لتلمع عين أيمن بنظرات مختلفه نحوها و وجدها تقترب منه اكثر لتُطبع قبله رقيقه علي خده وتابعت قائلة بهدوء

= انا خلاص صرفت نظر عن موضوع الشغل وهعمل اللي انت عاوزه يا حبيبي عشان يهمني رضاك .

ثم انصرفت من أمامه ليقف أيمن مذهولا من فعلتها التي أصبحت تُنعش قلبه وجعلته يخفق بلمساتها، هز رأسه برفض وتحرك سريعاً فربما تفعل ذلك حتى تعود بعدها وتطلب منه طلب عملها وهو لم يقع لها مجدداً .

❈-❈-❈

استدار سالم نحو الشرفة بغرفه المعيشه ليريح اعصابه، لينظر بشرود إلى الخلف حين استمع الى صوت صادر وجذب أنظاره وجود ليلي أمامه، تجمد عيناه عليها بصمت، وطالعته هي بنظرات مطولة متنهدة بحرارة، فكرت في استغلال الفرصة والحديث إليه مرة أخيرة معلنة عن خطاها ربما يجعله يعيد حساباته من جديد نحوها، إبتلعت ريقها متوجسة وهي تقول بصوت شبه مكتوم

= بابا ممكن أتكلم معاك .

نظر لها بانزعاج، فهو أصبح يشعر بأن قدومها دومًا يحمل المصائب، لذا رد باقتضاب نافر

= اي حاجه عاوزه تقوليها مش هتفيد في حاجه روحي اوضتك وقبل ما تدخلي خدي اكلك معاكي هتلاقيه في المطبخ .

تجمدت أنظارها علي والدها بخيبة أمل وهذا ما توقعت إياه وتخشاه دوماً حدوثه، لكنها هتفت ببكاء تسترجيه

= طب انت ناوي تسامحني امتى! أنا آسفة بجد، سمعت صوتك من شويه وانت بتتخانق مع ابله تسنيم انها مش راضيه تسامحك طب وانت كمان مش راضي ليه تسامحني وتديني فرصه ثانيه؟ رغم أن حضرتك شايف ان كل واحد مننا يستحق فرصه ثانيه كده .

رمقها بنظرات مليئة بالغضب و الاشمئزاز، و صاح قائلاً بازدراء

= عشان اللي زيك ما يستاهلش حتى يتبص في وشه، انتٍ مش هتحاسبيني انا هنا اللي بحاسبك وبس وانا هنا اللي اعمل اللي انا عاوزه.. وبالمناسبه موضوعك مع الزفت اللي كنتي تعرفيه ده وبعت له صور لك خلاص اعتبري خلص .

زاد بكائها المتحسر بصمت، وتحول وجهها للقهر والانكسار أثر كلماته القاسية، ثم تابع حديثه قائلاً بلهجة صارمة

= الولد اعترف بكل حاجه واتقبض عليه خلاص، وانتٍ هتيجي معايا بعد يومين عشان تقولي اقولك و اللي حصل وبعدها هيتحكم عليه، وحاجه اخيره قبل ما نقفل الموضوع ده انا تعبت عقبال ما عرفت الم قرفك فمش عاوز اتفاجئ انك عملتي مصيبه تاني .

رغم أنها من المفترض أن تسعد بذلك الخبر لان ذلك الكابوس انتهى من حياتها لكنها ما زالت تشعر بالتعاسه، مدت يدها بإحباط شديد على وجنتيها ماسحة ما بها من عبرات انسابت عليها وهي تسمع صوته متابعًا بوعيد رغم هدوء نبرته

= كفايه اللي انا فيه، هاه كفايه عشان تعبت من عمايلك ومن حملك الكبير عليا .

نظر سالم إليها نظرة أخيرة باشمئزاز منفر، ثم تحرك وتركها، انهارت قدمي ليلي فجثت على ركبتيها مجهشة ببكاء مرير يمتلكها شعور مخيف مليئة بالتعاسة والاحباط من عوده العلاقه بينهما من جديد، وبدأت بالفعل تقتنع بأنها خسرت والدها للأبد

❈-❈-❈

أسندت ليان برفق على الفراش واضعة رأسها على الوسادة بيأس، و رغم انزعاجها من أسلوب زوجها الفظ والفج معها و رفض يسامحها إلا أنها ستستمر في محاولتها ليعود الحال الصالح بينهما من جديد وتصليح الأمر باسرع وقت ممكن لذلك ستحاول مره ثانيه معه، وبالفعل نهضت من فوق الفراش و وقفت تحضر وجبه خفيفه له رغم تعبها الذي تشعر به نوعًا ما، و بعد مرور وقت لاحق استشعرت بوجود أيمن خلفها أبتسمت باتساع، وتحركت له بخطوات متمهلة، رأها تلقي بجسدها بحضنه هاتفه

= حمد لله على سلامتك، انا حضرت لك الغداء ولا اكلت مع اصحابك .

أبعدها عنه بجفاء، ووقف أمامها قائلاً بثبات واثق

= ما كانش في داعي تستنيني كنتي نمتي وانا هتصرف في حكايه أكلي، ولا خلاص مش قادره تصبري لحد الصبح ونتكلم .

أجابته بصوت خفيض لكنه كان مختنقًا بشدة

= انا مستنياك عشان اطمن عليك مش عشان اتكلم معاك في حاجه وانا قلت لك ان انا صرفت نظر عن الموضوع ده خالص مش عاوز تصدقني ليه.

هز رأسه بعدم تصديق، وأجابها بهدوء حذر

= عشان هي حاجه ما تتصدقش يا ليان شوفي بالك قد ايه عماله تحكي في الموضوع
ويا ريتك حتى لما بتتكلمي، بتتكلمي بهدوء وكنتي متضايقه ومتعصبه ومصممه تصميم غير عادي ان انتٍ هتشتغلي حتى لو غصب عني! فعاوزه بين ليله والثانيه اصدق أنك صحتي ولقيتي نفسك صرفتي نظره عن الموضوع ولا انتٍ اللي بتعمليه ده بتخططي لحاجه ثانيه ؟.

كان محق بالفعل فاصرارها الغريب وقتها لم يشفع لها الآن بسهوله، مال عليها برأسه ليضيف لها بجدية مجبرًا إياها على قطم ذلك الموضوع نهاء

= انا بس عشان ما تتعبيش نفسك على الفاضي لاني مش هغير قراري مهما عملتي .

شعرت بأنفاسه الساخنة تلفح وجهها، لتشعر باختناق كبير في صدرها من وضعها البائس، ثم وضعت يدها على كتفه بحنان و بدأت في تدليكه برفق كمحاولة منها لتهدئة أعصابه المشدودة، وحاولت رسم ابتسامة صغيرة قائله

= وانا مش عاوزاك تغير قرارك واقتنعت بكلامك او يا سيدي زهقت من كتر خلافاتنا وكمان لما حسيت الموضوع ابتدى يزيد وان احنا ممكن نسيب بعض تاني.

ثم أخرجت ليان تنهيدة عميقة من صدرها وهي تضيف

= انا مش عاوزه أبعد عنك يا أيمن حتى لو اخر يوم في عمري عاوزه اقضي معاك و بس .

نظر لها عاقدًا ما بين حاجبيه باستغراب من كلماتها العجيبة وهو يقول بشك

= مالك في حاجه؟ بتتكلمي كده ليه هو انتٍ مخبيه عني حاجه.

ابتعدت عنه من مكانها وهي تهز رأسها نافية
و ردت عليه بارتباك

= لا خالص! انا بس عاوزاك تسامحني ومش عاوزه نكون زعلانين من بعض، حاسه نفسي وحشة أوي، عشان الكلام إياه اللي قلته لك وضايقك مني وما كانش ينفع فعلا اقوله .

وضع أيمن يده على رأسه يحكه بضيق، ثم هتف ممتعضًا

=يا سلام! كل اللي انتٍ فيه ده عشان الكلمتين اللي قلتيهم؟ وبعدين ما انتٍ قلتيهم من بدري فكرتي بس دلوقتي تعتذري وتحسي انك زودتيها

إبتلعت ريقها متوجسة وهي تقول بصوت شبه متحشرج

= ما هو انا برده ما كانش ينفع اقول لك أنك ما تقربش و..

رد أيمن مقاطعها بتذمر

= بقولك ايه ما تجيبليش سيره الموضوع ده، انا عاوز انام وما ليش مزاج لحاجة خالص غير أني أنام.. وسعي من قدامك .

لكنها بالطبع لم تتركه وظلت تحاصره باسلوبها وكلماتها الخاصه لتجعلة يلين لها.

❈-❈-❈

بعد مرور وقت، نهضت تسنيم وهي تحمل الصينية بعد أن تناولت وتحركت تجاه المطبخ، ولكن عندما مرت امام غرفه ليلي تفاجات بها شبة مفتوحه و لمحتها وهي ممتده على الارض! اثر ذلك قلقها واعتقدت أنها تعرضت لفقدان وعي، لكنها عندما أقتربت من الداخل أخذت ثوانٍ لتتمكن من استيعاب ما أمامها، فتجمدت أنظارها علي الدماء التي بجانب ذراعيها وحولها لتفهم على الفور بانها قطعت شرايين يدها لتنتحر .

سقطت الصينية على الأرض منها، وتراجعت بتعجل للخلف وتلفتت حولها باحثة عن سالم بسرعه وعندما وقعت عيناها عليه يقف بداخل الشرفة سرعان ما صرخت مذعورة باسمة تستنجد به قائلة

= ســـالـــم !.

** ** **
يـتـبـع.

Ga verder met lezen

Dit interesseert je vast

151K 17.6K 13
اجتماعية رومانسية
189K 5.5K 24
اكشن ورومانسى الجزء الثانى من الحب الضائع
131K 6.7K 35
يُقال ذاتِ يوماً يقع كائن من كان في هيام الحُب ها أنا الكائن في حُب معشوقي وقعتُ تخطيت تلك المشقات معكَ وتلك المتاعب معكَ وتلك الآلآم معكَ ها أ...