|| عهد إلياس ||™ 2023

By sihammahmod

25.4K 1.1K 164

🍃 كنت على الثبات و هزتني 🍃 • هو أمضى و مازال يمضي وقته في العمل دون الأهتمام بأي شيء آخر • • هي رغم تعرضها... More

Ω شخصيات Ω
Ω 1 Ω
Ω 2 Ω
Ω 3 Ω
Ω4Ω
Ω5Ω
Ω6Ω
Ω7Ω
Ω8Ω
Ω9Ω
Ω10Ω
Ω11Ω
Ω12Ω
Ω13Ω
Ω14Ω
Ω15Ω
Ω16Ω
Ω17Ω
Ω18Ω
ΩالنهايةΩ

Ω19Ω

828 38 4
By sihammahmod

شعر بروحه تعود إلى جسده، تمكن من الشعور بكامل أطرافه قبل أن يتمكن حتى من فتح جفنيه الثقيلين، شعر و كأنه كان في سبات طويل بسبب تصلب جسده و مع إستنشاق عميق لأنفاسه التي عبرت رئتيه و خرجت بهدوء دون ألم تمكن شعر براحة أكبر من أي وقت مضى.

فتح جفنيه بهدوء و ببطئ مع عدة رمشات متتالية حتى تتوضح رؤيته الضبابية و تصبح طبيعية بعد وهلة وجيزة رأى السقف الأبيض ليستذكر ما حدث معه و كيف تمكن من الوصول إلى المشفى بشق الأنفس.

تنفس بعمق مجدداً قبل أن يرفع رأسه و يجد عهد نائمة بقربه و تتمسك بيده التي خفت قوتها حوله بسبب نعاسها التي تمكن منها، لم يكن يعلم كم الوقت الآن فقط اكتفى برؤية ملامحه وجهها العابسة و حواف عيناها الحمراء بسبب البكاء الشديد ليشعر بالحزن عليها، ما أن حرك أنامله بين كفها جفل جيدها و فتحت عيناها تعتدل بسرعة تنظر إليه بمفاجأة.

رمشت عدة مرات قبل أن تستوعب إستيقاظه فسألت مباشرة ببحة خفيفة آثر النعاس و البكاء:

"إ  إلياس أنت كويس؟!"

امسكت كفه بقوة بين كفيها و ظهرت ملامح القلق و الخوف عليه اكثر عندما انحنت نحوه، داعبت وجنته و اعتدت خصلاته إلى الخلف اسفل تحديقه بها، بسبب حركاتها الصغيرة العفوية التي جعلت نبضات قلبه تتخطى العدد الطبيعي رد بصوت خافت يشد على اناملها:

"انا كويس متقلقيش عليا"

تهجمت ملامحها في إستياء من كلماته القليلة و نهرته بصوت ضعيف مما جعل الدموع تتلألئ داخل مقلتيها العسلية:

"ازاي مقلقش عليك و انت كنت هتروح فيها؟! انت جاتك جلطة و بتقول انك كويس؟!"

شهقت تغمض عيناها و صوت بكائها كانت تكتمه بصعوبة مما جعله مضطرباً و متوتراً أكثر لتكمل عتابها:

"أنت كنت بتتوجع و متكلمتش حتى؟! حتى لما كنت بتكلمني امبارح و في وسط وجعك و ألمك مرضيتش تقولي!!، لييه كدة يا إلياس مش عشان خاطر نفسك حتى عشان خاطري"

هبطت المزيد من عبراتها الدافئة على وجهها و شهقاتها تتعالى تشير الى نفسها لتنزل رأسها حزنا تكمل بخفة:

"حتى عشان خاطر اهلك!!"

لم يحتمل رؤيتها تبكي و قد هربت الكلمات منه استقام بسرعة و احتضنها بقوة بين ذراعيه لتتمسك به، ابعد قناع الأكسجين عن فمه و لثم جبينها عدة قبل متتالية يعتذر:

"أنا آسف حقك عليا، بطلي عياط بقى، اخر مرة والله بعد كدة هقولك ع كل حاجة، انا آسف ، آسف"

زادت من معانقته لوهلة قصيرة قبل أن تصرخ متداركة الوضع و الحالة التي سقطت فيها:

"انت تعبااان"

دفعته من صدره العاري المتصل بعدة أسلاك و جعلته يستلقي من جديد ثم اعادت وضع القناع على وجهه، توقفت عن البكاء و مسحت دموعها ثم قمة انفها بعفوية بكم ملابسها تنظر له بأعينها الدامعة المحمرة ليبتسم بخفة و قال:

"رغم انه شكلك حلو بعد ما تبكي بس انا مش عايز اشوفك بتعيطي تاني"

"ما هو انت السبب، بس استنى على رزقك بعد ما تخف و ربنا ما هسيبك"

امسكت يده بقوة تأكيداً على كلماتها الصارمة ليضحك بخفة يهز رأسه موافقاً، رفعت كفه و قبلت ظهر يده بعمق شديد جعله يتوتر و يرتبك لم تكتفي بذلك بل قربتها إلى وجنتها و قالت بتمتمة:

"انا هقولك الكلام اللي انت مسمعتوش تاني عشان كنت نايم"

قطب حاجبيه في استغراب لتكمل كلماتها حتى لا تتركه يسرح في تفكيره بعيداً:

"لما انت كنت نايم جيت و اتكلمت معاك، أولا عشان تبقى عارف يعني الإحساس اللي حسيت بيه كان وحش اوووي و اتمنى اني محسوش تاني، امسكت ايدك كدة و طبعاً كنت بعيط"

ضحكت بخفة و قالت:

"طلبت منك تصحى بس طبعاً محصلش كدة، قولتلك بردو  متسبنيش لوحدي و يكون في علمك دي كانت بصيغة أمر عشان تاخد بالك هااه"

رفعت رأسه و حدقت به بصرامة ليومئ سريعاً مبتسماً لها فأشار حتى تكمل لتمتثل إلى إشارته:

"مش انت وعدتني انك هتفضل جنبي على طول؟؟ طيب ليه تعبت فجأة و بتخليني احس بالإحساس الغريب ده بعد ما خلاص حبيتك و حسيت معاك بالأمان؟! اتكلمت معاك كدة زي ما قولت الاحساس الوحش ده مش عايزة احسه"

فتح فمه يريد التحدث لترفع سبابتها في وجهه بحركة طفولية:

"لا انا مش هسمحلك تتكلم دلوقتي انا عايزاك تسمع و بس، بص بقى انا هسمحلك تمسك ايدي براحتك تمام لكن ايدي بس الحضن اللي حصل من شوية ده مش هيتكرر"

اومئ سريعاً مما جعلها تضحك عليه برؤية ابتسامته المعتادة على وجهه المرهق قليلا:

"متسبنيش لوحدي تاني، انا بحبك يا إلياس مش ممكن اتخيل حياتي من غيرك، في الكام ساعة اللي غبتهم عني دول و كنت تعبان حسيت انك ضعت مني و مش ممكن ترجع، حسيت اني مهملة فيك عشان دلعك الزيادة فيا و اهتمامك الكبير خلاني اتكل انك على طول هتكون موجود معايا حتى لو مبصيتش جنبي، بس ده مش صح، انك تكون انت لوحدك اللي بتهتم زيادة و تبادر بأول خطوة هيخليني اتكل عليك اكتر و من بعدها ممكن تحصل حاجات انت متتخيلهاش"

هزت رأسها قليلا تفكر جيداً في كلماتها لتكمل:

"الحاجات دي هتخليك انت الوحيد اللي بتعافر في العلاقة دي و انا مش عايزة ده يحصل، انا كنت الطرف الناقص هنا مش عايزة اكون كدة ليك انت تستاهل كل خير عشان كدة اتحكم في نفسك و خفف شوية من تعاملك ده معايا عشان انا عايزة اهتم بيك اكتر من كدة ماشي"

"انتي مراتي يا عبيطة"

"اييوة اييوة هنبدأ في كلام انتي مراتي اللي بعمله ده عادي بعد كدة هتطربق فوق دماغنا اسكت بالله عليك"

"خلاص ماشي"

ضحكت بخفة عليه قبل أن تعود إلى امساك كفه بكلتا كفيها، أتى الطبيب برفقة والده و اخبرهم بتحسن حالته و انه سيضطر إلى البقاء لنهاية اليوم ثم يسمح بخروجه بعد ذلك، بالطبع جاء الجميع بعد ذلك و لم يخلوا الأمر من بكاء ملك و عزة و هذا حدث بعد أن تم نقله إلى غرفة عادية.

عادت عهد برفقة شقيقها إلى المنزل بصعوبة بالغة، استحمت و بدلت ملابسها ثم اخذت دوائها الذي نسيت أن تأخذه لمدة يوم بالفعل بعد ذلك عادت مجدداً إلى المشفى.

.
.
.
.
.

تحسنت حالة إلياس الصحية كثيراً كما أن الطبيب وصف بعد الادوية له الخاصة بمضادات تخثر الدم لفترة محددة حتى يتفادى حدوث أي أزمة تنفسية و جلطة رؤية مرة اخرى.

بالطبع تم منعه بقوة من الذهاب الى العمل او حتى العمل في البيت من قبل والديه و صديقه، فأستسلم بعد أن نهرته عهد و منعته هي أيضاً من العمل تماماً حتى يستعيد عافيته بالكامل.

.
.
.
.
.

أمسك جهاز التحكم الخاص بشاشة التلفاز و بدأ مشاهدته يشعر بالملل الشديد، يتنهد بين الحين و الآخر بضيق قليلاً تارة ينظر إلى السقف و تارة اخرى حوله كأنه يجلس لأول مرة في غرفة الصالون، لأنه ملل من الجلوس على المقاعد وضع وسادة على الارض جلس فوقها و اتكئ ظهره على الاريكة خلفه.

مازال الوقت مبكراً على أخذ قيلولة الظهيرة، امسك هاتفه بحماس يريد التحدث مع عهده لكنه تذكر انها في العمل و لا يجوز له أن يقاطعها عنه، عبست ملامحه اكثر من ذي قبل ليقرر الخروج و الذهاب إلى والده حتى يرفه عن نفسه قليلاً لكن خرجت عزة من المطبخ تحمل بين يديها عدة اشياء مرة واحدة و اتجهت بها سريعاً نحوه.

ضحك إلياس عليها و سارع بمساعدتها مردفا بمرح:

"ايييييه ي عزوووز حاسبي ي حبيبتي مش كدة!!"

وضع الاشياء على الطاولة أمامه و عاد جالساً أرضا و هي فعلت المثل ثم جلست بجانبه تتنفس بعمق مبتسمة:

"انا قولت أنك زهقان فـ ايه بقى قررت انقل المطبخ هنا بدل ما تدخل جوا"

"ايه ده هتعلميني اطبخ معاكي؟!"

رفع حاجبيه في إندهاش لتومئ له ضاحكة تمد له سكيناً صغيرة و هي امسكت الكبيرة:

"مش هعلمك اووي يعني ده انت هتساعدني مش اكتر، و مين عارف مش بعد كدة ممكن تساعد مراتك؟!"

غمزت له بخبث ليضحك بقوة على حديثها و تمتم يأخذ السكين منها:

"ده انتي باين عليكي مش هتبقي حمايا والله"

"يا سلاااام و اعمل حما على ايه؟! هو انا حيلتي غيرك طيب؟ عايزني اطفش البت مني و على ايه وجع القلب بس"

نظر إلى المكونات أمامه ليعرف أنه يجب عليه تحضير السلطة فأمسك بالخيار و بدأ بتقطيعها بشكل متناسق، تحدث أثناء قيامه بذلك:

"لا بجد افتكرت انك لازم تعملي دور الحما ده كام يوم يعني اللي هو ايه تجربي حظك فيه بس باين عليكي مش حاطة الموضوع في دماغك أساساً"

ضحكت على مظهره و هو يقطع الخضراوات بجدية تامة و رغم ذلك يتحدث بنبرة مرحة لا تتشابه مع مظهره البتة، هزت رأسها و باشرت في عملها هي الاخرى:

"هو انا كان ممكن افكر اعمل كدة لو كان معايا تلاتة غيرك زي سالم صاحبك و خالتك فاطمة استحق اني اعمل فيها حما بقى من غير ما حد يقولي حاجة، لكن انتي مفيش غيرك اعمل حما ليه و انا ما صدقت انك هتتجوز اصلا؟!"

"طيب هتعملي حما مع إياد؟!"

"لاااا ابدااا ده هو بس ياخدها و يمشي بيها الف شكر ليه"

"هقولها"

هددها مقهقها لترفع حاجبها الايسر له و قالت:

"هو انت هتهددني يعني؟! متروح تقولها هخاف منها!!"

لم يكد يفتح فمه حتى فُتح الباب بقوة و دلفت منه ملك التي زمت شفتيها و ضيقت مقلتيها نحو والدتها التي تفاجأت من هذا الاقتحام و إلياس نظر لها مستغرباً، رعم ملاحظتها له إلا انها قررت وضعه جانباً بمظهره المضحك هذا و التقطت صورة له بسرعة لم يستطع أن يتحدث حتى بدأت تنزع حذائها و حقيبتها بطريقة غريبة يريانها لأول مرة.

رفعت اكمام ملابسها ليظهر ساعديها الابيضين المحيلين و قالت:

"بقى انتي يا نبع الحنان تقولي عليا كدة؟! مكنش العشم يا امومة"

"جاتك مو اما يلهفك ي بنت الجزمة!! اييه عبده موتة داخل عليا انتي اتهبلتي ابت في نفوخك ولا ايه؟!"

نظرت إلى شقيقها الذي كتم ضحكه عليهما و حدق في ما يفعله بجدية مزيفة لولا الموقف الذي بدأ الآن كانت انفجرت ملك ضحكاً عليه، أشارت نحو والدتها و صاحت تشكو إليه بحزن مزيف هي الاخرى تبدأ دراما جديدة:

"عاجبك الكلام اللي بتقوله ست عزة يا إلياس افندي؟!"

"أم و بنتها ادخل بصفتي ايه انا بقى؟"

رفع كتفيه محايداً بينهما لتغيظها عزة بحركة طفولية لا تليق بها و ملك تفاجأت من حديث إلياس، جلست بتهكم فوق الاريكة مقابلهما:

"بصفتك أخويا يا استاااذ من امي و ابويا"

"انتوا مع بعضكم بقى مليش دعوة بينكم انا خليني في السلطة بتاعتي"

"اللي يشوفك انت و في الشركة ميشوفكش و انت بتعمل سلطة!!"

سخرت منه بلذاعة لترمي عليها عزة جزة امسكتها و بدأت بقضمها حتى تغتاظ والدتها منها بعد أن حركت مبك حاجبيها لاعلى و اسفل عدة مرات، قال إلياس:

"ده انتي هتاكلي شوية سلطة النهاردة هتاكلي صوابعك وراها"

"طيب يا شيف اما نشوف، اما انتي يا عزة بقى حسابك مع بابا"

"طيب يختي ربنا يسهلك"

امسكت هاتفها و ارسلت الصورة إلى عهد بالطبع لم يغفل عنها إلياس، انتهى من السلطة ذهب الى المطبخ وضعها في الثلاجة غسل يديه ثم خرج بينما عزة عادت للداخل سارعت ملك بالجلوس بجانب إلياس متحدثة:

"امتى كتب كتاب سالم؟!"

"الاسبوع اللي جاي، كان عايز يخليه اخر الشهر عشاني بس انا رفضت"

تحدث بهدوء يبدل القنوات في الشاشة، سمع همهمتها الخافتة و اكتفت بالجلوس بجانبه بصمت نظر إليها و قال:

"اوعي تكوني زعلتي من كلام ماما"

"ازعل من ايه انت كمان، ما انا عارفة كل حاجة ده بحب اغلس عليها زي ما هي تغلس عليا بس كدة"

ابتسمت ملك بإتساع له و هي تجيبه بطبيعية، بالفعل هذه العلاقة بينها و بين والدتها لا تشبه إلى حد كبير علاقة طبيعية بين أم و أبنتها بل اقرب إلى شقيقتين كثيرتا الشجار، او صديقتين مقربتين من بعضهما البعض لدرجة إنعدام الحدود بينهما، و في الغالب ما تكون هذه هي العلاقات الشائعة حالياً بين المجتمعات بمختلف الاعراق.

كم هو رائع و جميل أن تكوني صديقة لوالدتكِ و العكس صحيح كذلك، تنهد إلياس براحة رغم معرفته لطبيعة العلاقة بينهما لكن يمكن القول إن والدته تغار من ابنتها بسبب والده و كم هذا مضحك أن تغار الأم من ابنتها على زوجها.

بعد وهلة قرن حاجبيه بإنزعاج متخيلاً عهد تمسك طفلهما و تقبله و تدلله مما جعله مضطرب و متوتر كثيراً، لاحظت ملك تغير تعبيره لكنها لم تسأل حتى لا يتشاجران.

.
.
.
.
.
.

"هوووبا اقعدي هنا بقى و هتتسلي"

"حبيبي يا عمو سالم"

"تؤ تؤ تؤ قولنا اييه بقى يا توتة؟!"

"بابا"

"حبيبي ي ناااس"

قبلها بشدة على وجنتيها مما جعلها تضحك بقوة فدفع العربة إلى الداخل بينما تسير تغريد بجانبه مبتسمة على حظها الجميل الذي تجسد في هيئة شخص، نظر سالم نحوها حيث توقفت دون تحرك ليحثها على السير بصوت مرتفع قليلاً:

"عصفورتي يلا عشان نلحق"

طغى الخجل في لحظات على وجنتيها بسبب ندائه لها بنيرة عالية لكن رزينة و آجشة، حمحمت بصوتها قليلا ثم ذهبت إليه و قالت بخفوت:

"مينفعش كدة على فكرة احنا برى"

"يعني لما نبقى وحدنا اناديلك زي ما انا عايز؟!"

"لـ  لا طبعاً"

نفت بإحراج ليضحك سالم لكنه عبس تالياً ينظر نحو تالين التي تمسكت بحافة العربة بحماس و قال بنيرة حزينة مزيفة:

"بصي يا توتة ماكتك بتغير رأيها على طول"

"ماما متزعليش بابا سالم بقى"

اتسعت حدقتيها من إنقلاب إبنتها عليها لتنظر له رفع حاجبيه لاعلى و اسفل عدة مرات قبل أن يسرع بخطواته إلى الداخل، لحقت بهما متعودة لأبنتها عند العودة إلى المنزل ستعاقبها.

كانت تغريد و سالم في الخارج يشتريان الاشياء الاخيرة التي تحتاجها شقتهما، و تالين اتت معهما برغبة من سالم حتى يتقرب إليها اكثر و تعتاد على وجوده بقربها رويداً رويداً، لم تمانع تغريد و رحبت بالفكرة فوراً.

بعد مضي الوقت ذهبا إلى متنزه قريب من المركز التجاري الذي كانا يتسوقان به من اجل الطفلة، اشترى سالم الكثير من الوجبات الخفيفة رغم اعتراض تغريد لكنه وعدها بأن المرة القادمة ستكون وجبات خفيفة منزلية الصنع.

جلسا على المقعد و تالين كانت تلعب على الألعاب مع بعض الاطفال كذلك، نظرت تغريد إليه و قالت بإبتسامة:

"شكراً ليك بجد"

نظر لها سالم مستغرباً فهز رأسه:

"بتشكريني على ايه؟!"

"على كل حاجة بتعملها من دلوقتي لبنتي"

"هو انا لسا عملت حاجة؟! ده انا لسا في اول الطريق"

ادارت القشة داخل علبة العصير بخفة متحدثة بهدوء:

"اللي انت بتعمله ده و بالنسبالك بسيط بالنسبالي انا حاجة كبيرة و اووي كمان، و انك تكون أب لبنتي اللي عمرها ما حست بوجوده ده كفاية بالنسبالي"

نظرت له تواجه عيناه التي تحدقان بها بهدوء دون كلل، لم تظهر عليه أي علامة على انه يريد التحدث لتكمل عندما فهمت صمته:

"انك تكون اب دي اكيد حاجة مش ساهلة عليك خصوصاً و انها مش من صلبك، و انا مهما كنت جنبها من صغرها مقدرتش اكون الاب اللي هي محتاجاه، بس رغم كل ده انا متأكدة انك هتكون أب كويس ليها"

"ثقتك فيا دي بحد ذاتها كفاية، ده اللي انا محتاجه منك ثقتك فيا و بس مش عايزك تشكريني او تقولي اي حاجة تانية"

ابتسم سالم بإتساع اكثر و بنبرة هادئة أكمل ناظرا إلى الطفلة التي كانت تركض مبتسمة مع الاطفال حول طفل صغير مغمض العينين:

"الوقت كفيل بأنه يثبتلك وجودي في حياة بنتك، كل حاجة هتتحل مع الوقت مش عايزك تقلقي او تشغلي بالك اووي و زي ما قولتلك هي بقت بنتي خلاص"

اومئت له لتنادي على أبنتها استمتع ثلاثتهم بالسير قليلا قبل العودة إلى المنزل.

.
.
.
.
.
.

عادت إلى البيت منهكة من كثرة العمل الذي تراكم عليها عندما اخذت اجازة لمدة يومان عندما كان إلياس في المشفى، كان هادئاً على غير العادة لتدخل وجدت والدتها تقطع الخضار في المطبخ بمفردها:

"اناا جييت"

تحدثت بإبتسامة هادئة و تجلس مقابلها لترد عليها تُقى:

"أهلاً، تأخرتي شوية يعني النهاردة!!"

"ايوة كان ورايا شغل كتير، اومال تالين فين؟!"

"راحت مع تغريد و سالم يشتروا حاجات الشقة"

همهمت بهدوء تهز رأسها، عادت إلى غرفتها بعد أن استراحت قليلاً بدلت ثيابها و ارتمت فوق السرير، كان لديها العديد من الرسائل لكنها ذهبت إلى المهمين أولا و على رأسهم كانت ملك.

قطبت حاجبيها بإستغراب عندما وجدت صورة إلياس و أسفله رسالة ممتلئة بإيموجي الضحك '😂' فقط، فتحت الصورة حتى تتأكد مما تراه عيناها فأنفجرت ضحكاً على مظهره أثناء تحضيره للسلطة.

وضعت اناملها قرب فمها بحماس بمجرد التفكير أن إلياس يمكن أن يساعدها في الطبخ هكذا كما يفعل مع والدته، قبل أن تتمكن من الرد رن عليها لتفتح بسرعة لكن جاء رده يسبقها:

"قبل ما تقولي اييي حاجة انا ادبست في السلطة عشان الست الحجة لقتني قاعد و زهقان خلتني اعملها غير كدة متحلميش تشوفيني في المطبخ أصلا و مش هعتبه"

ضحكت من حديثه ليقول بجدية مزيفة:

"بتكلم بجد انا مش بهزر"

"يا عم هو انا اتكلمت ولا فتحت بوقي حتى!! ده انا لسا منطقتش حرف واحد و انت رصيتلي كلامك ده كله ولا رص ورق الخس!!"

"ما هو لازم ابرر موقفي قبل ما تسرحي في خيالك بعيد و تتوهي انا كدة هتوه وراكي"

"إن جيت للصراحة انا سرحت شوية صغنين كسؤال مش اكتر، كتر خيرك حطمت التخيل قبل ما يكبر حتى"

"الحمد لله"

تنهد بصوت مسموع لتضحك عليه فسألت بإهتمام:

"اخبارك ايه النهاردة؟؟ حاسس بحاجة كدة ولا كدة؟!"

"الحمد لله تمام مفيش اي حاجة حاسس بيها، باخد العلاج اهو بإنتظام عشان الناس اللي بتحبني و تهتم بيا متزعلش مني"

"براڤو عليك"

شجعته بطريقة طفولية فقال منزعجا:

"هو انا صغير عشان تقوليلي براڤو عليك؟!"

"متحاااولش، مش هقولها تااااني"

انتفضت جالسة من نومها و حذرته بينما قلبها يدق بقوة، طغى الخجل على وجهها فسمعت ضحكاته الرنانة لتتنهد براحة قليلا كونها علمت بأنه يمزح:

"براحتك، المهم انتي عاملة ايه؟!"

"الحمد لله ...."

و بدأا يتحدثان في عدة مواضيع بعد ذلك كالعادة.

.
.
.
.
.
.

مضى الاسبوع سريعاً و كأنها ومضة عين، كانت الترتيبات تسير على قدم و ساق دون حدوث أي مشاكل أخرى تستدعي التأجيل مجدداً، و قد عاد إلياس إلى العمل قبل يوم بالفعل لانه شعر بالملل الشديد في المنزل دون فعل أي شيء يحبه او يمارس حياته الطبيعية.

تم تزيين الشقة من الداخل بشكل جميل جداً و ارتدت تغريد فستان أبيض طويل و حجاب أبيض و حذاء أبيض ذو كعب متوسط الطول، كان فستانها بسيطاً لكن جميل في ذات الوقت ذو أكمام طويلة مزركش فوق الكتفين، على منطقة الصدر كانت القماشة معكوسة مما جعلت منحنياتها تظهر ثم كان منساباً و واسعاً براحة و حرية من خصرها.

تزينت من قبل خبيرة تجميل اتت الى المنزل مما جعلت ملامح وجهها جميلة و بارزة، تراقصت تالين الصغيرة حولها متباهية بفستانها الابيض الذي ترتديه لأول مرة، تركت العنان لشعرها القصير و الناعم يرفرف بحرية حول اكتافها اثناء حركتها الكثيرة، تارة تكون بجانب تغريد و تارة اخرى تذهب للعب مع بعض الاطفال.

كان الحضور مقتصر على الأقارب فقط من كلا الجانبين و تم الاستعداد جيداً، أتى المأذون مع سالم الذي صافحها بإبتسامة سعيدة جداً يشعر بالبهجة و لم تتركها فاطمة و لو قليلا حتى منذ قدومها، تم عقد القران وسط مباركات الجميع ثم بدأت جولات لا تعد و لا تحصى من الرقص برفقة العروسين.

جلست عهد بتعب قليلاً من كثرة الوقوف على المقعد ثم ما لبثت أن وجدت ظلاً يغطيها، رفعت بصرها ببطئ لتجده يضع يده اليمنى داخل بنطاله يحدق بها بحاجب مرفوع إلى جانب أن ملامحه الحادة كانت عابسة و منزعجة بعض الشيء.

ابتلعت رمقها بتوتر دون أن تدرك لتبتسم بسماجة في وجهه مردفة بإرتباك كان متجلي على نبرة صوتها:

"إزيك يا قرة عيني اهلا و سهلا!!"

"والله!! لسا فاكرة؟!"

قضمت شفتيها من شدة الارتباك لتشيح ببصرها بعيداً عنه في توتر لانها تعلم سبب إنزعاجه، عادت للنظر إليه بأعين مترجية و قالت بنبرة خافتة وسط ضجيج من الاصوات الصاخبة:

"خلاص يا حبيبي حقك عليا"

ارتفع خجلها إلى وجهها سريعاً ليدنو منها كأنه لم يسمع شيئاً من ثواني رغم أن قلبه بدأ ينبض بعنف أثر كلماتها البسيطة:

"بتقولي ايه؟؟ عيدي كدة عشان مش سامعك!"

نظرت له في ارتباك و عصبية لانه يجبرها على التحدث من جديد فـ امسكته من ثيابه و قربته نحوها همست في اذنه بنبرة مكبوتة:

"بقولك خلاص يا حبيبي حقك عليا"

"ايوة كدة سمعت"

حمحم بصوته يهندم ثيابه و يقف بشكل مستقيم، إتسعت إبتسامته و وصلت من الأذن إلى الأخرى هل يكتفي بذلك بالطبع لا، مد يده إليها بأمسكها منها تستند عليه بدلا من عكازها و وقفا بجانب بعضهما البعض ينظران إلى سالم و تغريد الذين كانا يرقصان مع تالين الصغيرة.

على الجانب الآخر كانت ملك في المطبخ تشرب بعض الماء عندما ظهر إياد امامها فجأة، اتسعت عيناها تنظر إليه في توتر لكنها ابتسمت له و رفعت كفها له في تحية صامتة غريبة و مريبة ثم استدارت تنوي الخروج قبل أن يراهما أحد بمفردهما.

جذبها من يدها بجراءة و قال بصوت هادئ جعل نبضات قلبها المنتظمة تتبعثر:

"تعاااالي هنا رايحة فين؟! انا استأذنت من الوالد على فكرة عشان اكلمك شوية بتهربي ليه؟؟"

اتكئت على الرخام بإبتسامة واسعة مبتهجة رغم خجلها و نظرت إليه بطبيعية كأنها تنتهز الفرصة:

"و مين قلك اني بهرب انا اهو واقفة قدامك متحركتش"

ضحك على ردة فعلها قليلاً ليهز رأسه بحيرة من امره قليلا عندما علم برغبتها انها تريد التحدث معه كما يريد هو أيضاً، لقد تألقت الليلة في هذا الفستان الاخضر الداكن الذي ابرز بشرتها البيضاء و عيناها الجميلة، تحدث بصدق رغم هدوء نبرته مع ملامحه الجادة:

"طلتك الليلة مفيش ابهى منها، حلو اللون ده فيكي اووي"

"شكرا ده من ذوقك"

اخفضت بصرها لاسفل من خجلها و حيائها ليحك عنقه لا يعرف ماذا يقول، حركت اناملها بعبثية و سألت بخفوت:

"اخبارك ايه؟!"

"الحمد لله تمام، و انتي اخبارك ايه؟!"

"الحمد لله، عايز تتكلم معايا في ايه يا بشمهندس؟!"

سألت بفضول أثناء النظر إليه، لقد ارتدى قميصاً اسود و اعلاه جاكيت رمادي اللون مع بنطال اسود أيضاً كانت تليق به هذه الالوان في نمط الملابس الرسمية، نظر إليها بإبتسامة عندما نادته بلقبه فـ رد على سؤالها:

"حبيت اتكلم معاكي و اقولك انك تصبري شوية، بعد الدوشة دي كلها هنعرف ناخد راحتنا على الاخر عشان احنا موضوعنا جه مستعجل حبتين، مضغوطين من اخوكي و اختي شوفتي بقى!!"

تبسمت على حديثه و قمعت ضحكاتها بصعوبة تومئ له:

"متقلقش و متستعجلش هو احنا هنطير ولا ايه؟؟"

"انا اللي متشعلق و مستعجل ايوة مش هنطير لكن انا عايز نرتبط ببعض عشان اتعرف عليكي اكتر و انتي تتعرفي عليا"

تنهدت ملك قليلا ثم قالت:

"هو انت مش غلطان والله يا بشمهندس لكن الظروف تحكم بقى، و طالما انها جات ع تأجيل قراية الفاتحة بس احسن من ما كانت جات في حاجة تانية"

"زي؟!"

اراد أن يطيل معها الحديث لتبتسم مكملة:

"يعني مثلا، كان ممكن بابا ميوافقش، او انا موافقش، اهلك ما يوافقوش عليا عاادي يعني بتحصل كتير في احسن العائلات"

"اممم طيب يختي الحمد لله انها جات ع كدة، كان في حد متقدملك قبل مني ابت؟؟"

احتدت ملامحه بإصطناع لكن نبرة الغيرة كانت واضحة في صوته، حركت حاجبيها تغيظه و قالت:

"كتيييييير بس محدش قدر يهز شعراية زي ما انت عملت"

"يعني انتي دلوقتي ثبتيني مع اني المفروض اللي اعمل كدة واخدة بالك انتي"

"اووومال، مبروك عليك منصب اول راجل يتثبت من زوجته المستقبلية"

نظر اليها و عيناه متسعة غير مدرك لما تقوله استغلت ذهزله و سارت نحو الخارج و قبل أن تخرج من المطبخ نظر إليها و هي نظرت له، قالت بنبرة خبيثة و ملامحها متوعدة له:

"ده انت لسا هتتثبت كتير بس اصبر على رزقك"

وضعت كفها على فمها تكتم ضحكاتها و اختفت من أمامه بسرعة، مسد رأسه بكفي يديه يبتسم مثل الابله على حديثها له و يبدو انه وقع في فخ حبها بلا حسيب او رقيب تمتم لنفسه قبل ان يخرج من المطبخ:

"باين عليك ادبست ياض يا إياد، والله و وقعت و محدش سمى عليك"

.
.
.
.
.
.

بعد الكثير من المرح و الضحك مع الأقارب في الزفاف البسيط تعدى الوقت منتصف الليل، حمل سالم تالين النائمة على ذراعيه و رفض تركها مع هشام مقتنعاً أن ما يفعله صحيح، لم يستطع هشام او تُقى ثنيه عن رأيه حتى أن فاطمة أيدته و اخبرتهم أنه لا بأس بقدومها معهم حتى لو كانت ستنام معها الليلة.

كانت تغريد تشعر بالحرج في هذا الموقف الذي لم تستطع حتى إبداء رأيها فيه لانه يخص أبنتها فأتخذ سالم هذه الخطوة عنها لأنه يعلم مدى تعلقها بها، بعد توديع اهلها الذي بالتأكيد لم يخلو من البكاء بين الأم و ابنتها غادرا معا في سيارة سالم الذي تولى قيادتها شقيقه الاكبر و في السيارة الثانية الخاصة بشقيقه الاكبر كان باقي اسرته فيها.

بعد مدة من القيادة وصلوا الى البيت، كان سالم طوال الطريق ينظر الى تغريد التي كانت تحدق في الطريق بشرود لكن بنظرات قلقة، بعد خروجهم من السيارة صعدوا
الى الشقة فتح الباب و تنحى جانباً مثل الرجل النبيل أشار إلى الداخل مردفاً بإبتسامة:

"اتفضلي يا عروسة مش محتاج اقولك تدخلي برجلك اليمين"

ابتسمت تغريد عليه و دلفت الشقة بقدمها اليمنى نظرت حولها حيث كانت الشقة تتميز بـ الطابع البسيط الهادئ، ذهب سالم إلى غرفة الاطفال مباشرة و وضع تالين عليه نزع حذائها عن قدميها ثم دثرها بملائة خفيفة، طبع قبلة حانية على جبينها و ترك الاباجورة على الطرف الآخر مضاءة و اطفئ الانوار الأساسية مغلقا الباب خلفه.

نظر سالم إليها كانت ما تزال تقف في الصالة لكنها شاردة الذهن، وقف بجانبها و وضع يده على رأسها يمسده من فوق حجابها بإبتسامة و تحدث بنبرة هادئة:

"عصفورتي، ادخل جوا الاوضة و غيري هدومك بعد كدة ايه رأيك نتعشا سوى؟!"

جفلت قليلاً من لمسته لكنها ابتسمت في توتر له فيما بعد اومئت مرة قبل أن تدلف الغرفة و اغلقت الباب خلفها، استشعرت نبضات قلبها العنيفة بين ثنايا أضلعها و تنفسها اصبح سريعاً قليلاً، جلست على طرف السرير تخلع ما تنتعل في قدميها تشعر بالراحة قليلاً.

نزعت حجابها و بدأت تفكر مع نفسها، لقد خطوت اولى خطواتي في طريق جديد برفقته فلماذا كل هذا التوتر و الارتباك يا تغريد؟ أليس هذا الشخص الذي نبض له قلبي بشغف دون إرادة مني؟! أليست هذه هي الحياة التي أردتها بل و أفضل أيضاً!!، مَن الذي كان سيقبل بأبنتي في مقام إبنته كما فعل هو؟؟ لابد انه لا أحد، لقد فعل من أجلي الكثير و الكثير كما أنه لم يفرقني عن أبنتي حتى في مناسبة كهذه، كفى توتراً لا طائل منه و لن يفيد إما أن اتحرك الآن و أسير في هذا الطريق أو سأبقى واقفة على خط البداية إلى الأبد.

اومئت لنفسها حتى تستجمع شجاعتها تماماً، دلفت الحمام و بدلت ثيابها بعد اخذ حمام سريع دون أن تبلل شعرها، نظفت وجهها من مستحضرات التجميل و رطبت بشرتها مع مراعاة وضع الزينة الخفيفة قليلاً ثم خرجت ترتدي ملابس النوم المخصصة، نضجت وجنتيها من خجلها في هيئتها هذه لأنها تخوض التجربة كأنها أول مرة.

لفت الحزام حول خصرها بإحكام محرجة و تلمست خصلاتها البندقية المنسابة على ظهرها بحرية قبل أن تطل برأسها من الباب تنظر إليه، كان قد نزع جاكيته و طوى أكام قميصه الأبيض إلى مرفقيه مما جعل ساعديه يظهران بأوردته الزرقاء الواضحة، ليس هذا وحسب بل كان يضع أطباق الطعام على الطاولة كذلك.

بعد أن انتهى التقت نظراتهما بتلقائها رمشت عدة مرات في إرتباك تواجه ابتسامته ثم بأنامله أشار إليها بالخروج من الغرفة و الذهاب إليه، فتحت الباب و خرجت بالفعل لكن دون أن تدري كانت قبضتها محكمة حول ملابسها، توقفت أمام الطاولة ليخطو اليها بضع خطوات قليلة و امسك كلتا يديها بخفة.

داعب إبهامه ظهر كفها بهدوء و يده الاخرى ارتفعت نحو خصلاتها البندقية التي كان يراها لأول مرة، لمس شعرها المسترسل ثم داعب وجنتها النعمة و قال:

"عصفورتي طلعت بندقة مش كناري"

"أنت كنت فاكر شعري لونه اصفر؟!"

قهقه يهز رأسه:

"ايوة افتكرت عصفورتي انها كناري طلعت عصفورة بلدية جامدة"

"طيب بس يا استاذ قال عصفورة قال"

دفعته من كتفه بخفة ليضحك اكثر، دنى منها مقبلاً جبينها ثم قال يدفعها نحو الكرسي:

"طيب يلا نقعد بلاش كلام كتير انا جعان"

جلست على الكرسي بمساعدته ثم جلس بجانبها و بدأا يتناولان معا، بعد مدة رتبت الطاولة و هو ذهب حتى يستحم و يبدل ثيابه، بعد أن انتهت ذهبت إلى غرفة الاطفال إطمئنت على أبنتها ثم عادت إلى غرفة النوم.

جلست على طرف السرير في إنتظار خروجه من حمامه و عندما حدث ذلك بعد دقائق معدودة كان يجفف شعره بالمنشفة بسرعة حثها سريعاً على تأدية ركعتين لله لتوافق بسرور بالطبع آمها فيها حتى تكون مباركة من الله في بداية حياتهما معاً.

كانا يجلسان أرضا مقابل بعضهما البعض نزع الحجاب عن رأسها الخاص بالإسدال فإنسابت خصلاتها البندقية القصيرة على وجهها، اعاد البعض منهم خلف أذنها ثم داعب وجنتها و طلب بصوت خافت:

"ممكن تقوليها بقى؟"

نظرت إليه لترى عيناه تطلبها و تترجاها ان تنطق بكلمة صغيرة من أربعة حروف، كان يحترق بنيران الصبر حتى هذه اللحظة من أجلها لا من أجل شيء آخر، اخفضت رأسها و قالت بخفوت:

"انا بحبك"

"و انا كمان بحبك يا عصفورتي"

دنى منها يطبع عدة قبلات متفرقة على وجهها جعلت انفاسها حبيسة رئتيها و نبضاتها تبعثرت من لمساته و انفاسه الدافئة التي لفحت وجهها بخفة، بتردد رفعت ذراعيها و عانقت عنقه يقترب منها أكثر و احتضنها بين ثنايا أضلاعه.

طبع قبلة بجانب عنقها فضحكت من دغدغة أنفاسه لها في منطقتها الحساسة، تبسم ضاحكاً لتقبله بجانب وجنته سريعاً فقال بعبوس واضح:

"ايه ده انتي بسرعة كدة ليه؟! تعالي انا هعلمك"

"انت قليل ادب"

حدقت به بذهول لتحاول الزحف بعيداً عنه لكنه قال ضاحكاً بينما بحتضنها و صدره ملتصق بظهرها:

"انتي لسا عارفة!! طيب انا هوريكي"

ضحكت تغريد منه لتمتزج بضحكاته قبل أن يغوصا في عالمهما الخاص دون أي عوائق.

{ هشك بشك يلا انتي و هي كل وحدة تروح على مخدتها عيييب عييييب كل مرة هقولكم تمشوا؟! متعلمتوووش 😂😂😂}

.
.
.
.
.
.

رغم ان الوقت تأخر لكن كانت عهد تسير برفقة إلياس بعد أن بدلت ثيابها إلى اخرى عملية و بالطبع كان ينتهز الفرصة في إمساك كفها دون تفويتها، لوحت بكفها المتصلة بكفه للامام و الخلف مثل الطفلة نظر إليها فضحكت بخفوت اثناء النظر إليه مما جعله يضحك عليها و قال:

"والله العظيم انا ما عارف حكايتنا ايه، احنا مسخرة"

"ياااا راااجل!!"

حدقت به و قالت بسخرية أثناء إستمرارهما بالسير دون وجهة محددة اسفل سماء الليل المرصعة بالنجوم و نمسات هواء باردة عليلة، نظرت إليه إثناء إرتدائه لملابس رسمية عكسها هي التي ارتدت بنطال قطني واسع باللون الرمادي و تيشرت أبيض بنصف كم اعلاه جاكيت بنفس لون البنطال طويل الاكمام يصل إلى ركبتيها، الى جانب إرتدائها لحجاب ابيض من قطعتين سهل الارتداء.

عبست ملامحها و قالت:

"اللي يبص على شكلك ميبصش على شكلي!"

"ليه ماله شكلك؟؟"

توقفا اسفل عامود إنارة و نظر إليها ثم هز رأسه بحيرة مردفا:

"مشوفتش شياكة كدة"

"ايييوة كل بعقلي حلاوة"

"مين اللي ياكل بعقل التاني حلااااوة؟!"

حدق بها في خبث شديد يميل عليها مما جعلها تلكم كتفه الايسر بخفة حتى يتراجع و هي اشاحت برأسها بعيداً عنه تشعر بالخجل و الإحراج، أبتسم و هو يرى ظهرها الضئيل أمامه يكبت رغبته في إحتضانها بشكل كبير.

امسك كفها فكانت على وشك سحبها ليقول بمشاكسة:

"هااه بقى افتكري كلامك مترجعيش فيه"

"هو انت بتلوي دراعي يعني ولا ايه؟!"

"ايييوة حاجة زي كدة"

ضيقت عيناها نحوه و زمت شفتيها  قليلاً تحدثت بنبرة مكبوتة مصطنعة:

"اااااه منننك بس!!"

اكتفى بإبتسامة خفيفة نحوها ثم تم تغيير الاتجاه إلى المنزل من جديد، ساد الصمت بينهما حتى وصل امام الباب الصغير تحدثت عهد بخفوت:

"انا بعد يومين هروح عند الدكتورة عشان تحدد معاد العملية"

نظر نحوها متعجباً فسأل بسرعة:

"انتي متأكدة من قرارك؟!"

هزت رأسها تجيب ببساطة:

"ايوة متأكدة اصلا مفيش داعي للتأخير اكتر من كدة، كل ما عملتها بدري كان احسن انت عارف العلاج الطبيعي بياخد وقت طويل شوية"

تنهد قليلا ثم اومئ لها ممسداً رأسه بإرتباك و يشعر بالقلق، ربتت على ذراعه مردفة بإبتسامة:

"متقلقش كل حاجة هتبقى بخير ان شاء الله"

"بإذن الله، تصبحي على خير ي حبيبتي"

"و انت من اهل الخير"

اجابت بخجل فطبع قبلة سريعة على وجنتها و رحل من امامها قبل ان تنفجر به غاضبة.

بعد مغادرته عادت لأعلى و دلفت غرفتها مباشرة، فقد كان إياد برفقة أصدقائه من الحي ينزعون الزينة معاً في جو مرح، نزعت حجابها و بقيت كما هي بملابسها ثم أرتمت على السرير سرعان ما نامت دون أن تدرك.

.
.
.
.
.
.

لقد بدأت تغريد حياتها بصفحة جديدة رفقة مَن تحب، مع شخص يقدرها لذاتها و يهتم بأمر أبنتها، و سالم سعى إليها دون أن يفقد الأمل فوصل الى نهاية دربها بنجاح و فاز بقلبها.

أما عهد فقد أختارت القرار الصحيح بكل تأكيد، بما أن الوقت في مسألتها لن يشكل فارقاً كبيراً معها لا يمكنها المماطلة أو التأخير أكثر من ذلك، من أجل إلياس زوجها، من أجل عودة حياتها إلى المسار الطبيعي بشكل اكثر راحة، من أجل لحظاتها المهمة و المستقبلية برفقة شريك حياتها، ستمشي بدون إحتياجها إلى شيء تستند عليه، ستكتفي بإمساك يده و السير معاً جنباً إلى جنب.

و إلياس بعهده الذي لن ينقطع سيستمر على ما مضى به لكن إلى الآن لم يفصح عن سره إليها!! لماذا يا ترى و على ماذا ينوي بطلنا الفريد من نوعه؟.

ترقبوا ذلك في الفصل الاخير من عهد إلياس .......

عهد بدأ في لحظة و أستمر إلى مدى الحياة ........

*____________¢___________*

₹ البارت التاسع عشر ₹

السلاااام علييييييكم

كيفكم شو الأخبار؟!

يلا باقي بس فصل واحد و رح تشوفوا النهاية بعينكم من خلال خيالكم🥺

اكيد رح تكون لحظة فراق صعبة عليكم لكن مش بأيدي شي ساويه🥲

شو رأيكم بالاحداث؟!

شو توقعاتكم للنهاية؟!

بشوفكم ع خير في فصل النهاية حبيباتي♥️

دمتم سالمين🌝♥️

Semo

S.m

Continue Reading

You'll Also Like

136K 15.5K 12
الجزء الخامس من تعديل عشق الرعد صاحب الدين الذي بالنسبة له الحياة إما حلال أو حرام، بعيد كل البُعد عن أوسط الأمور، صاحب الصفات النادرة والمشاعر البار...
305K 20K 32
امرأة متعددة مُتجددة متفردة شاعِرة في المقام الأول مُلهمة ذات خفايا وخبايا وشأنٍ عالي مُمتزجة ما بين جنونٍ وفنون قارئة نهِمة امرأة تشعر برفقتها بأنك...
3.9M 193K 33
بين الحُبِ والقسوة بين الهلاك والعذاب يوجد ذلك الشيء الذي يلتفُ حول رقِبتي يُلون ماتبقى مِن حياتي باللون الأسود ، أحارب بما تبقى لي من قوةٍ لأزيل بق...
38.5K 2.8K 22
حـيآة تعصـف بــنآ آلى آمـآكن يمـكن آن تغيير مـجـرة حياتنا الى الأفضل أو الى التهلكة هاذا ما سنعرفه بـ قصة «داماس أغلال الأساور»»