أسطورة آل ڨاسيليا || The Lege...

By Jolianakingdom

264K 22K 15.1K

التزمتُ بكلّ القواعد كدمية معلقة بخيوطٍ يحرّكها الجميع كما يريدون... لم أجرؤ على تخطي الحدود المرسومة لي يوم... More

الجزء الأوّل: إلى عالمٍ آخر
1. عائلة جديدة
2. اللقاء الأول
3. السحرة
4. غابة الوحوش
5. إلى الخارج
6. الفرصة الأخيرة
7. حفلة وافتراء
8. هزيمةٌ ساحقة
9. ليليا مارت
10. تضحية وحوش
11. مشاعر مزيّفة
12. انتحار
13. زيارةٌ عائلية
14. نقطة سوداء
15. الماضي والبطولة
16.ابنةٌ ثانية
17.اختطاف
18. نزهةٌ عائلية
19.سعادةٌ بطعم الخوف
20. نحو القاع المظلم
21. نهاية حلم
22. جزيرة الآثمين
23. أرض الجان
24. السفاح البارد
25. اتفاقٌ دمويّ
26. انتقامٌ مشتعل
27. الأرواح الضّالة
الجزء الثاني: أكاديميّة السحرة
29. الحياة في الأكاديمية
30. الملاك القرمزي
31. مصاصي الدماء!
32. جريمةٌ كاملة!
33.شيطانةٌ متمردة!
34. بداية الكارثة
35. عقابٌ ظالم
36. آثمة قبل شيطانة
37. مهمّةٌ حتى الموت
38. شيطانةٌ مختلفة
39. توأم..!
40. عندما تبكي الشياطين
41. تأديب حثالة
42. حدسٌ لا يخيب
43.ملاكٌ أنانيّ وشيطانةٌ طيبة
44. دموعٌ حارقة
45. غريزة تحالف الشياطين
46. رحلة تخييم الأكاديميّة
47. مهمّة من الدرجة صفر
48. إنّه فخ ولكن!
49. ستٌّ وخمسون عائلة حرقاً
50. لقد عدتُ...أخي
51. لقاء الملك
52. مهرجان السحرة
53. إلى مملكة سيليا مجدداً
54. قربان!
55. ساحر الشفق
56. ملك الحثالة
57. مأساة آل سلفادور
58. خلف قناع القسوة
59. حتّى آخر نفس!
60. الطعنة بعشرة أمثالها
61. لكلّ غروبٍ نهاية
الجزء الثالث: عرش الممالك السبعة
62. إلى مملكة دراكون
63. أنا أكرهك!
64. إنهاء كلّ شيء
65. خيباتٌ لاذعة..!
66. أقوى رابط في الوجود
67. إلى مملكة لوران

28. التوأم الشيطاني

3.7K 293 98
By Jolianakingdom

"لا تفتعلي أيّ مشاكل. لا تتشاجري مع أيّ أحد. لا تحاولي نشر الفتن بين الأصدقاء المقرّبين.

كوني فتاةً جيدة أو تظاهري بأنّك كذلك على الأقل. لا تؤذي أيّ شخص.

لا تثقي بأي أحد ولا تظهري لأحدٍ مكامن قوتك. لا تكشفي لهم جميع أوراقك كي لا يستغلّوها ضدك.

استخدمي سحرك الرئيسي باعتدال ولا تظهري لأحدٍ مدى قوتك الجسدية على الأقل في الاختبارات الرسمية.

ولا تستخدمي قواكِ الشيطانية أبداً لأنّ هذا محظورٌ هناك وسيتم معاقبتك حالاً.

وإيّاك أن يعلم أحد بقدرتك على تجسيد العنقاء والعودة للحياة مجدداً. إيّاكِ ثمّ إيّاكِ.

كوني تلك الفتاة الضعيفة الغبية التي لا يلاحظها أيّ أحد. ثقي بي فهذا أفضل من أن تكوني محطّ الأنظار.

والأهم لااااا تقتلي أيّ أحد."

توصيات وتحذيرات أدريان لم تتوقف طوال طريقنا نحو بوابة الأكاديمية.

تثاءبت بملل وسألته:
-هل الطريق مازال طويلاً؟

هو رمقني بحدة قائلاً:
-خطأٌ صغير وسيتم طردك حالاً. صحيحٌ أنهم يسمحون بوجود الشياطين في الأكاديمية ولكن لا أحد يحبهم والجميع يتوقع منهم الأسوأ.

ابتسمت باستمتاع:
-لا تقلق. لن أخيّب ظنونهم السوداء بي أبداً. أنا معتادةٌ على ذلك.

أسكتني بضربةٍ قوية على رأسي ونظرةٍ حادة فعبستُ قائلة:
-لقد كنتُ أمزح فحسب. لقد حفظتُ تعليماتك جيداً. سأكون ملاكاً فلا تقلق.

تنهد هو ومن الواضح أنّه لا يثق بكلامي مطلقاً وكم كان شكّه بي في محله.

لو علم ما أفكر به فقط لما سمح لي بالخطو داخل الأكاديمية خطوةً واحدة.

-أنتِ شيطانةٌ مزعجة جداً. أفتقد جانبكِ البشريّ الذي ظهر البارحة بالفعل، كان أكثر لطفاً وأكثر تعقّلاً وكم أشفق على نفسي لتورطي معكِ حقاً.

ابتسمتُ باستهزاء ولم أعلّق.

وصلنا نحو منطقةٍ مقفرة تماماً. لا أثر لأي بناء أو بوابةٍ هنا.

هو أخرج قلادةً غريبة من جيبه وتمتم ببضع كلماتٍ لتظهر بوابةٌ عملاقة من العدم فجأةً أمامنا.

وضع يده عليها لتضيئ بعض الخطوط على كامل البوابة ومن ثمّ فتحت.

دخل هو وتبعته ولكنّ حاجزاً غير مرئيّ منعني من العبور.

التفت آدريان إليّ وقال:
-رددي التعويذة التي أخبرتك عنها سابقاً.

عصرتُ ذهني لتذكرها وبالفعل ما إن رددتها تلاشى الحاجز وتمكنتُ من الدخول.

كانت لديّ العديد من التخمينات حيال ما سأجده في الداخل ولكن بالطبع هذا لم يكن أحدها.

لا شيء. مجرّد فراغ. كأننا نسبح في الفضاء الخارجي.

التفتُّ نحو آدريان ولكنه اختفى بالفعل.

هو لم يخبرني أيّ شيء عن هذا الأمر.

-آدريااان... هل أنتَ هنا؟ هل تسمعني؟ أين نحن؟

ولكن بلا أي جواب.

وفجأة صوتٌ غريب صدح في الأرجاء:
-أنتِ الآن في المعبر الذي يصل إلى أكاديمية السحرة.

عليكِ أن تخضعي للاختبار أولاً قبل السماح لكِ بالعبور.

اختبار؟ آدريان لم يخبرني عن أيّ اختبار قبول.

فجأة تغيّر المكان من حولي ووجدتُ نفسي أقف في وسط عائلتي.

ما هذا؟

وهم!!

شعرتُ بالغضب العارم فجأة وأنا أنظر إلى ابتساماتهم السعيدة.

دمائي بدأت تغلي مجدداً وحقدي عليهم غمر كلّ خليةٍ في جسدي.

لم أتردد في تجسيد مخالبي واقتلاع قلوبهم واحداً تلو الآخر.

هم لم يتحركوا ولم يقاوموا بل سقطوا جثثاً هامدة فقط.

ورغم ذلك لم يشفَ غليلي منهم أبداً. أردتُ تمزيقهم إرباً. ولكن وقبل أن أقوم بأي حركةٍ أُخرى تغيّر المكان ووجدتُ نفسي في مدينةٍ غريبة.

-ياللهول...

كان هذا صوت آدريان بجواري. التفتّ نحوه وأنا لا أستوعب ما حدث حقاً. هل نجحتُ بالاختبار؟

كان يحدّق بملابسي بهلع.

نظرتُ إلى ملابسي لأجد أنها قد تغيرت وأنّني أرتدي زيّاً جديداً باللون الأسود والأحمر يشبه أزياء المدارس في عالمي السابق.

قميصٌ أسود مع سترة سوداء حوافها حمراء وشعارٌ ذهبيٌّ غريبٌ يحوي عصاً وقبعة سحرية مرسومٌ عليها. ربطة عنقٍ مخططة بالأسود والأحمر.
تنورةٌ مخططة بالأسود والأحمر أيضاً وتحتها جوارب طويلة سوداء وحذاءٌ أسود.

التفتُّ نحو آدريان بغية سؤاله عن هذه الملابس الغريبة وانتبهت أنّ ملابسه قد تبدلت أيضاً.

تشبه تصميم ملابسي قميصٌ وربطة عنق وسترة وبنطال والفرق الوحيد كان أنّ ألوان خاصته كانت مزيجاً من الأزرق الغامق والأسود.

-أنا لا أفهم. ما قصة الاختبار وهذه الملابس الغريبة؟

آدريان تنهد واحتدت نظراته كثيراً وهو يقول:
-فقط ما الذي فعلته في ذلك الاختبار حتى منحوكِ أسوأ تقييم؟ الأسود والأحمر!!

ابتسمتُ له ببراءة إذ من الواضح أنّه غاضبٌ بشدة وقلت:
-أظهروا لي أفراد عائلتي وأنا قمتُ باقتلاع قلوبهم. أنا غاضبة منهم كما تعلم.

-غاضبة!! غاضبة فقط!!! هل كلّ شخصٍ يغضب من عائلته يقوم باقتلاع قلوبهم؟ هل قابلتِ شخصاً كهذا من قبل؟؟

ألم أخبركِ ألا تقتلي أي أحد؟ أن تتظاهري بأنّك فتاةٌ جيدة؟

هو كان مجرّد وهمٍ وكان عليكِ تجاهلهم فحسب على الأقل. ولكن أنتِ متوحشة حقاً.

عبستُ وأنا أقول:
-كان وهماً فقط. لذا ما الضيرُ في قتلهم حقاً؟

آدريان تنهد للمرة الألف وقال:
-إلهي ما الذي فعلته حتى تعاقبني بلقاء هذه الفتاة!!

ثمّ التفت إليّ وقال:
-اسمعيني أيتها الحمقاء...
ذاك كان اختباراً لشخصيتك فحسب. ملابسك تتعلق بنتيجة الاختبار وأنتِ حصلتِ على أسوأ تقييم والذي نادراً ما يحصل عليه أيّ أحد والآن جميع من في الأكاديمية سيعلمون كم أنتِ شريرة وخطيرة.

هذا التقييم لن يتغير طوال هذا العام وسيعاد في بداية العام القادم أي أنّك لن تستطيعي تغييره حالياً.

لم أستطع إخفاء ابتسامتي المتحمسة وأنا أقول:
-الجميع سيعلم كم أنا شيطانةٌ شريرة وخطيرة من ملابسي فقط! كم هذا رااائع!!

انتبهت إلى نظرات آدريان التي أظلمت فجأة وأدركت أنه قرر تصفيتي حالاً.

لذا ابتعدتُ عنه بسرعة ودافعتُ عن نفسي قائلة:
-أنتَ لم تخبرني شيئاً عن هذا الاختبار. إنه خطؤك.

نظراته النارية اخترقت قلبي وهو يقول:
-وما الذي كنتُ أحذرّك منه طوال الوقت؟
أنتِ لم تصغي لحرفٍ مما قلته حتى. أخبرتك ألا تقتلي أيّ أحد وأن تكوني فتاةً جيدة. أيّ جزء من كلامي لم يكن واضحاً؟

ألم يخبروكِ أثناء العبور أنه اختبار أيضاً؟

أنتِ كنتِ ستقتلينهم في جميع الأحوال لذا لا تضعي اللوم عليّ.

رفعت يديّ باستسلامٍ قائلة:
-حسناً حسناً فقط اهدأ. أنتَ محق. حتى لو قاموا بإعادة الاختبار لي الآن فأنا سأقوم بقتلهم مجدداً.

تفاديتُ بصعوبة سيف آدريان الطائر نحو رأسي مباشرةً.

هو استدار بعدها مكملاً طريقه بعد أن حذرني من اللحاق به مجدداً.

ولكني بالتأكيد تبعته وحاولت تهدئة غضبه قليلاً وأنا أقول بندمٍ مزيفٍ تماماً:
-حسناً حسناً أنا أخطأت. لم أستمع لنصيحتك وأنا نادمة جداااااً.
ولكن أنتَ وعدتني أنّك ستقف بجواري مهما فعلت... أليس كذلك؟ فنحن أصدقاء.

هو سحب نفساً عميقاً ونظر إليّ بهدوءٍ قائلاً:
-اسمعيني جيداً. أعلم أنّك شيطانة ولا يمكنكِ السيطرة على غضبكِ بسهولة ولكن هذا ليس مبرراً كافياً.

أنتِ لا تدركين خطورة الأمر. هناك الكثير من الأشخاص الحثالة في هذا المكان. أيّ تصرّف خاطئ منكِ....

-آدريان أرجوك. أقسم أنني فهمتُ كلّ ما تريد قوله. فقط توقف عن تكرار هذا الكلام مئة مرة.

أنا أدرك أنّ هذا المكان خطيرٌ كجحرٍ للثعابين. لا تقلق، سأقطع رأس أيّ ثعبانٍ يقترب مني. أنا أقوى مما تتخيّل بكثير.

آدريان رمقني بيأسٍ شديد وقال:
-لا أمل يرجى منكِ حقاً. تروس دماغك الصدئة لن تستوعب ما أقول أبداً. فقط لا تأتي إليّ باكية في نهاية المطاف حين تكتشفين أنني كنتُ محقاً بتحذيراتي.

لقد حاولتُ مساعدتك حقاً. ستندمين كثيراً ثقي بذلك.

تنهدت بارتياحٍ وابتسمت لأنه قرر إنهاء هذا الجدال العقيم أخيراً. ولكني دفنتُ ابتسامتي بسرعة حالما لاحظتُ نظراته المظلمة نحوي مجدداً.

عليّ أن أتجنّب إغضابه أكثر.

وهكذا تابعنا طريقنا في المكان لافتين جميع الأنظار إلينا لسببين...ملابسي أحدهما وهيئتنا الشيطانية هو السبب الثاني.

فأنا قررتُ استخدام هيئتي الشيطانية في هذا المكان بما أنّهم لا يسمحون بالهيئات التنكرية المزيفة. هذا أفضل من أن أكون بهيئتي الحقيقية.

لذا أنا وآدريان كنّا كالتوأم الشيطاني تماماً بأعيننا النارية وشعرنا الفضيّ، ومن الطبيعي أن نلفت الأنظار.

كم أنا متحمسّة للقادم!!

.
.
.
.
.

لا أدري لمَ يسمونها أكاديمية فقط فالمكان هنا مملكةٌ بحدِّ ذاتها.

منازلٌ ومتاجرٌ وحدائق وأسواق وكلّ ما يخطر على بالك.

كنتُ مذهولةً بما أرى تماماً. رأيتُ سحرةً تطير وبعضهم يختفي أو يظهر فجأة. أحدهم يستخدم سحر الماء خاصته لسقاية حديقة وآخر يستخدم سحر النار لإشعال النيران أو تسخين الطعام.

سحرة الجليد يصنعون المثلجات وسحرة الأرض يزرعون الحقول مع سحرة النباتات.

إنها مملكة خاصة بالسحرة حقاً.

آدريان أخبرني أنّ هذه هي عاصمة السحر والسحرة وتدعى مدينة الزمرد.

هو كان يتلفتُّ إليّ في كلّ لحظة ليتأكد أنني أتبعه فأنا كنتُ غارقةً بتأمل كلّ ما أصادف في طريقي وأحياناً أسير في طرقٍ أُخرى مبتعدةً عنه لذا اضطر لإمساك يدي في النهاية وجرّي عنوةً معه.

انتهى الازدحام فجأة وظهرت أمامنا مناطق خضراء شاسعة.

-إلى أين نحن ذاهبون؟ لا تخبرني أنّك قررت قتلي في مكانٍ معزولٍ بعيداً عن الأنظار!

هو رمقني بازدراء قبل أن ينطق تعويذةً ما لتظهر أمامنا مركبةٌ فجأة. إنها مثل عربةٍ بلا سقف وبلا عجلاتٍ أيضاً.

آدريان صعد إليها ساحباً إيّاي خلفه لنجلس على مقاعدها وقبل أن أعلّق بأيّ حرف هو نطق بتعويذةٍ مجدداً لتبدأ تلك المركبة العجيبة بالطيران.

فغرتُ فاهي بدهشة وأنا أرى الأرض تبتعد عنّا شيئاً فشيئاً.

-إنها تدعى عربة فلاي وهي الوسيلة الرئيسية للوصول إلى الأكاديمية.

طرفتُ بدهشة وسألته:
-هل الأكاديمية تطفو في السماء؟

عادت ملامحه لبرودها المعتاد وهو يقول:
-لا. هناك بوابة في الأعلى ستنقلنا إليها.

-هل يعقل أنّك تضطر لقطع كلّ تلك المسافة في كلّ مرة للوصول للأكاديمية؟ ألا يوجد طريقٌ أسرع؟

أومأ قائلاً:
-بالطبع كان بإمكاننا منذ البداية الدخول عبر بوابة الأكاديمية بدلاً من بوابة العاصمة. ولكن أنا أردتُ منحك فرصة للتعرّف على المملكة أولاً.

أومأت بتفهم وابتسمتُ له بامتنانٍ قائلة:
-كان هذا رائعاً حقاً. لم أتخيّل وجود مملكةٍ صغيرة للسحرة بهذا الجمال!

وصلنا للبوابة حينها وانتقلنا عبرها إلى المكان الذي توجد به الأكاديمية.

بناء الأكاديمية كان يقبع في المنتصف...ضخمٌ جداً وتحيط به حدائق واسعة.

على يميننا هناك طريق يؤدي للمنطقة السكنية الخاصة بالطلاب والمعلمين كما أخبرني آدريان.

وعلى يسارنا طريقٌ يؤدي إلى الغابة المحظورة والتي قررتُ منذ النظرة الأولى أنها ستكون ملاذي عند الضرورة.

تابعنا طريقنا نحو الأكاديمية ولاحظتُ أثناء سيرنا مجموعاتٍ عدة من الطلاب يتدربون في الخارج بإشراف بعض المعلمين.

الأنظار بدأت تتوجه إلينا والهمسات أخذت تعلو.

من هذه الشيطانة وما الذي أحضرها إلى هنا؟ انظروا إلى ملابسها، إنها خطيرة.

لاحظتُ أن أزياء بقية الطلاب كانت قسمين...بعضها زرقاء داكنة مع خطوطٍ سوداء كخاصة آدريان والبعض الآخر سماوية فاتحة مع خطوطٍ بيضاء.

أخبرني آدريان أنّ الزرقاء الداكنة ترمز لأشخاصٍ يغلب عليهم الشر والسماوية لأشخاصٍ يغلب عليهم الخير.

السوداء والذهبية ترمز للشرّ المطلق والبيضاء والذهبية للخير المطلق.

أما الخطوط الحمراء بدل الذهبية كخاصتي فهي رمزٌ للشياطين.

أثناء سيرنا لاحظت وجود شخصين آخرين بملابس سوداء كخاصتي ولكنهما ليسا شيطانين فملابسهما كانت بخطوطٍ ذهبية بدل الحمراء.

ولكن لم ألتقِ بأيّ أحد يرتدي زيّاً أبيض.

أظنّ أنّ الخير المطلق أسطورة فقط.

سألتُ آدريان:
-هل هناك أيّ أحدٍ بملابس بيضاء حقاً؟

فكّر آدريان قليلاً قبل أن يقول:
-إنهم نادرون جداً. ربما اثنين أو ثلاثة في الأكاديمية بأكملها.

إذاً يوجد. سألته مجدداً:
-وماذا عن ذوي الملابس السوداء؟

-عددهم أكبر ولكنهم ليسوا كثيرين أيضاً. ما يقارب العشرة.

شعرتُ بالفضول أكثر لذا سألته:
-ماذا عن الشياطين؟ هل هناك شياطين غيرنا في الأكاديمية؟

حدّق بي بنظراته الباردة وقال:
-لا يوجد. من النادر وجود شياطين فما بالك بشياطين سحرة!

كما أنّ معظم الممالك تقتل الشياطين حال تحولهم أو ولادتهم لذا وجودهم نادرٌ جداً.

ابتسمتُ حينها قائلة:
-إذاً نحن مميزان جداً.

لم يعلق على كلامي هذه المرة بل تابع سيره نحو الأكاديمية وأنا كنتُ متحمّسة جداً فقط.

توجهنا بعدها إلى مكتب المدير وقد اضطررنا لانتظار عودته من جولته في الأكاديمية.

كان رجلاً طاعناً في السن. لا يوجد شعرةٌ واحدة سوداء في رأسه...جميعها بيضاء ولحيته كذلك.

ولكن رغم ذلك جسده كان قويّاً وقامته منتصبة وتحيط به هالةٌ سحريةٌ عظيمة.

هو حدّق بي بتمعن لدقيقتين كاملتين شعرتُ وكأنهما دهرٌ كامل.

في النهاية ابتسم لي بلطفٍ قائلاً:
-أهلاً بكِ يا صغيرتي. لقد كنتُ أنتظر قدومكِ إلى هنا منذ سنوات.

وبالمناسبة توأمكِ هنا منذ عدة أشهر.

شعرتُ بأوصالي ترتعد حالما سمعتُ جملته الأخيرة.

كيف يعرف هويتي الحقيقية؟

نظر حينها نحو آدريان قائلاً:
-هل يمكنك تركنا وحدنا قليلاً بني؟

آدريان انسحب من الغرفة حالاً.

نظرتُ نحو المدير بترقب.

هو ابتسم لي بلطفٍ مجدداً وقال:
-ما الذي فعلوه بكِ حتى أصبحتِ هكذا؟ لقد حرصتُ على انتقاء أفضل عائلةٍ لكِ كي تعيشي حياةً سعيدة معهم ولكن يبدو أنني أخطأت التقدير.

سامحيني يا ابنتي. إنه خطئي. لم أتخيل أن يقوموا بنفيكِ لتلك الجزيرة المشؤومة يوماً. لقد تحولتِ لشيطانةٍ حتى.

حدقتُ به بصدمة وأنا لا أفهم حرفاً مما يتفوه به. فقط كيف يعرف كلّ تلك المعلومات عني؟

نهض واقفاً واقترب مني ولكني تراجعت بعيداً عنه بسرعة وأنا أقول:
-كيف تعرف كلّ ذلك عني؟ من أنت؟

بدا الإحباط جلياً على ملامحه. تنهد ثمّ قال:
-أنا ساحر انتقالٍ بين العوالم المتوازية.

التقيتُ بكِ صدفةً في عالمكِ السابق حين كنتِ تعملين كمساعدةٍ لطبيب. أعجبتُ بكِ وبشجاعتك وعزيمتك القوية رغم كلّ الظروف السيئة التي كنتِ تعيشين بها.

استمررتُ بمراقبتك لزمنٍ طويل وأنا أنتظر الفرصة الملائمة لمنحكِ حياةً أفضل في عالمٍ آخر.

وحين حصل ذاك الحادث قمتُ بنقل روحك إلى هذا العالم وبحثتُ عن أيّ فتاةٍ بعمركِ ماتت توّاً وتملك عائلةً جيدة وصادف أنّ تلك الفتاة كانت لونا لوريوس.

لم يكن لديّ الوقت الكافي لأتحقق من علاقة العائلة مع ابنتهم للأسف ولم أكن أعلم أنها سيئة لتلك الدرجة وأنّ هناك ساحرة شريرة تشاركك هذا الجسد أيضاً وتسعى لتدمير حياتك.

حدقت به بذهولٍ شديد. هذا الشخص هو المسؤول عن كلّ شيء!

لم أستطع إبداء أيّ ردة فعل. أنا مصدومة تماماً.

ورغم ذلك أشعر أنّه لم يقل الحقيقة كاملة بل أخفى الكثير وحرّف الكثير أيضاً.

ولكن مهما كان ما يخفيه فهو لا يهمّني.

لذا نطقتُ بغضب:
-من سمح لكَ بذلك؟ لمَ لم تتركني أموت بسلامٍ فقط! لا أريد عائلة ولا أريد حياةً سعيدة. الموت كان أهون بكثير.

أخفض رأسه بحزنٍ قائلاً:
-أنتِ فتاةٌ طيبة وتستحقين الأفضل. أردتُ مساعدتك فحسب.

شعرتُ بنيران الغضب تتقد في داخلي مجدداً. صرختُ به قائلة:
-أنا لستُ فتاةً طيبة أبداً ولن أكون كذلك يوماً. أنا شيطانةٌ قذرة وسافلة.

انتبهت حينها لأمرٍ مهم لذا اتسعت حدقتاي بصدمة قائلة:
-هل أنتَ من قام بنقل أرواح سيلسيا وريك لجسد لونا وليون؟

رفع حاجبيه باستغراب قبل أن ينفي بشدة:
-لا أبداً. يمكنني نقل أي شيء من عالمٍ لآخر فقط. لا يمكنني فعل ذلك ضمن نفس العالم.

ساحرٌ آخر هو من قام بذلك صدقيني.

واستنكرتُ قائلة:
-كاذب! أنتَ تستطيع نقل أرواحهما لعالمٍ آخر أولاً قبل إعادتهما لهذا العالم للجسد الذي تريده.

هو تنهّد قائلاً:
-هذا صحيح. ولكن لم أفعل. لا علاقة لي بهما بأيّ شكل.

وهذه المرة كان صادقاً.
حسناً هذا لحسن حظه. لأنني قطعتُ عهداً على نفسي بالعثور على ذلك الساحر وقتله بأسوأ طريقة وأكثرها إيلاماً.

سأجعله يندم على اللحظة التي قرر فيها تدمير حياة ليون ولونا والعائلة بأكملها.

نظرتُ نحو المدير قائلةً بحقدٍ شديد:
-أعدك أنني سأجعلك تندم على اللحظة التي قررت فيها إحضاري إلى هذا العالم.

سأكون شريرةً جداً ولن تجد في العالم بأسره شخصاً يفوقني شراً وظلماً.

سأجعلك تعض أصابعك العشرة ندماً وتتمنى موتي. أقسم لكَ بذلك.

واستدرتُ بعدها لأغادر ولكنه أوقفني قائلاً بندمٍ شديد:
-افعلي ما تشائين. أنا لن أعترض طريقك. أنا ارتكبتُ خطأً كبيراً بحقك وسأعوضك عن ذلك بنفسي.

التفتُّ نحوه باستنكارٍ قائلة:
-خطأٌ فادح؟ ماذا تقصد؟

هو صمت لمدّة طويلة قبل أن يتنهّد قائلاً:
-اذهبي الآن إلى المعلم آرون كي تخضعي لاختبار تحديد المستوى وبدءاً من الغد ستباشرين الدراسة هنا.

رمقته باستياء من إصراره على إخفاء كلّ شيء ونطقت بازدراء:
-لا تعتقد أنّني صدّقتُ حرفاً ممّا قلت، قصة أنّك التقيتني صدفةً في عالمي السابق وأشفقتَ عليّ لم تنطلي عليّ أبداً.

سأكتشف الحقيقة بنفسي، وحينها لن أرحمك أبداً.

ومن ثمّ تابعتُ طريقي نحو الخارج وتأكّدتُ من صفع الباب خلفي بقوة.

آدريان كان ينتظرني بالقرب.

اتجهتُ نحوه قائلة بابتسامةٍ واسعة:
-لقد تمّ قبولي. أخبرني المدير أن أذهب للمعلم آرون كي أخضع لاختبار تقييم المستوى أو ما شابه.

هو أومأ ببرود وقال:
-حسناً هيا بنا.

وبالفعل سرنا في ممرات الأكاديمية وقد كنتُ أتأمل كلّ ما يحيط بي بإعجابٍ شديد.

لقد كان حلماً لي أن أذهب للمدرسة مثل بقية الأطفال في عالمي السابق ولكن ظروفنا لم تسمح أبداً.

لذا الآن أشعر وكأنني حققت ذلك الحلم بالفعل.

لاحظتُ أن آدريان لم ينطق بأي حرف لذا سألته:
-ألن تسألني عما حدث بيني وبين المدير وكيف يعرفني؟

هزّ رأسه يميناً وشمالاً وقال ببرود:
-لا أهتم حقاً لأي شيء. أنا سأكون بجوارك دائماً مهما حدث.

بروده هذا مزعجٌ أحياناً. أفضّل آدريان الغاضب أكثر. أفضّل أن يهتم وأن يسأل. لا أن يتصرف كما لو أنه جنديّ يعمل تحت إمرتي.

وصلنا لمكتب المعلم المطلوب.

بعد أن عرّفته بنفسي وأخبرته عن طلب المدير قام بتسليمي مجموعةً من الأوراق تحوي أسئلة وطلب مني حلها أمامه.

آدريان رحل بالفعل وأنا انغمستُ في حلّ الأسئلة الشاملة لكل شيء.

لحسن الحظ أنه كان لديّ متسعٌ كبير لقراءة الكتب ومعرفة كلّ ما يتعلق بهذا العالم وبالسحر حين كنتُ محبوسةً في غرفتي. كما أنّ ذاكرتي قويةٌ جداً ولم أجد صعوبةً في تذكر أيّ معلومة وحتى التعاويذ السحرية الطويلة استطعت استذكارها بسهولة.

وبعد ساعةٍ كاملة انتهيتُ من حل المئة سؤالٍ كاملين.

سلّمته الأوراق وهو حدّق بي باستغرابٍ قائلاً:
-هل انتهيتِ بهذه السرعة؟ يبدو أنّك لم تستطيعي حلّ الكثير.

ابتسمت ساخرة:
-فقط أتمنى ألا تقرر تخريجي من الأكاديمية غداً.

رفع حاجبيه مستنكراً وبدأ بتفحص الإجابات لتحتلّ الصدمة ملامحه شيئاً فشيئاً.

وفي النهاية رفع بصره إليّ قائلاً:
-ولا أيّ خطأ. لديكِ معرفةٌ مرعبة.

ابتسمتُ له بثقة قائلة:
-أنتَ لم ترَ شيئاً بعد.

نهض حينها قائلاً:
-اتبعيني. نجحتِ بالاختبار النظري بعلامةٍ تامة. ولكن سنرى كيف ستبلين في الاختبار العملي!

وبالفعل تبعته في ممراتٍ الأكاديمية المتشابهة وشعرتُ أنني أسير في دوامة. فتح أحد الأبواب أخيراً واستغربتُ أنه سيختبر قوتي في مكانٍ مغلق. ظننتُ أننا سنخرج للحديقة حيث يمكنني استخدام سحري بحرية.

ولكن حين دخلتُ للقاعة غيرتُ رأيي تماماً. بخلاف ما تبدو عليه من الخارج فهذا الباب كان يقود لغابة.

لاحظ دهشتي لذا ابتسم قائلاً:
-إنها غابةٌ سحرية تمّ إنشاؤها بالسحر بغرض تقييم مستوى السحرة وقوتهم.

يمكنكِ أن تفعلي ما تشائين هنا وأن تستخدمي قوتك كما تريدين.

فقط إيّاكِ أن تستخدمي قواكِ الشيطانية فهذا محظورٌ تماماً وأنتِ لا تريدين أن تطردي منذ اليوم الأول.

غادر هو بعدها تاركاً إيّاي وحدي في الغابة.

تقدمت بضعة خطوات وأنا لا أعلم ما الذي يجب عليّ فعله.

تعمقتُ بين الأشجار وأنا أتلفت يميناً وشمالاً بحثاً عن أي شيء.

وفجأة ظهر فهدٌ من بين الأشجار متوجهاً إلي.

حقاً!! حيوانٌ طبيعي سيقاتلني؟ على الأقل بعض الوحوش.

الأمر سخيفٌ جداً.

حسناً إنها البداية ولابدّ أن تزداد صعوبة من أواجههم بعد قليل.

تثاءبتُ بملل وأنا أنتظر أن ينقضّ عليّ الفهد وبالفعل حين فعل جسّدت مخالباً ليدي وانتزعتُ قلبه بحركةٍ واحدة.

فهدٌ ثانٍ ظهر فجأة من خلفي ولكن ذلك لم يكن كافياً لإرباكي. استدرتُ بسرعة وانتزعت قلبه أيضاً.

توالت الحيوانات بعد ذلك، المزيد من الفهود والأسود والنمور ومن ثمّ بدأت الثعابين بمباغتتي والعقارب ملأت الأرجاء.

ولكنّ درع السلحفاة كان أكثر من كافٍ لردعها جميعاً.

لم أضطر للتحرك من مكاني حتى وشعور الملل كان يتفاقم.

هل قال غابة سحرية لاختبار قوة السحرة؟ إنها غابة للعب الأطفال.

الغابة التي كانت قرب قصر عائلتي كانت أخطر بكثير. هذا دون الحديث عن غابة جزيرة الآثمين اللعينة.

وبالتفكير في الأمر الآن، أظنّ أنّ الغابات هي ملعبي حقاً. لديّ خبرةٌ واسعة بها.

شعرتُ بالملل أكثر. هل سيستمرّ هذا طويلاً؟

ظهر وحشٌ فجأة.

شعرتُ بالسعادة لظهوره. وأخيراً سيبدأ الاختبار الحقيقي.

ولكن خاب أملي كثيراً حين اكتشفت أنه من وحوش المستوى العاشر.

هل سيبدؤون بكلّ مستوىً بالتدريج!!

استدرتُ عائدة وحاولتُ العثور على الباب للمغادرة ولكنه لم يكن موجوداً.

يبدو أنني لن أخرج من هنا قبل أن أصل لحدودي.

التفتّ نحو الوحش الذي كان يقترب مني ببطء. لو كان وحشاً حقيقياً لتمكنتُ من التخاطر معه ولكنه مجرّد وهمٍ سحري.

وهذا يعني أيضاً أنّ أيّ إصابةٍ لي ستكون وهمية.

هذا جيد.

أبرزتُ مخالبي ولكني جعلتها ضعيفة جداً وحين اصطدمت به تكسّرت حالاً.

وبذات الوقت قبضته التي وجهها نحوي أصابتني بقوة في معدتي ورمتني أرضاً.

حاولتُ النهوض بصعوبة مزيفة ولكن قدم ذلك الوحش ركلت وجهي بقوة حتى بصقتُ الدماء.

بدأ بركلي بقدمه بقوة حتى حطّم جسدي تحطيماً وشعرتُ بروحي تكاد تغادره.

اختفى الوحش واختفت الغابة فجأة واختفت جميع إصاباتي حتى.

ابتسمتُ لنجاح خطتي ونهضتُ واقفة متجهةً نحو الباب الذي ظهر مجدداً.

غادرتُ الغرفة ووجدتُ المعلم آرون أمامي.

بدت ملامح الخيبة جليةً على وجهه وهو يقول:
-كانت بدايتك رائعة. شجاعتك مذهلة. استهدافك لقلوبهم كان دقيقاً ووحشيّاً قليلاً. ولكن للأسف سحرك ضعيفٌ جداً ومهاراتك القتالية معدومة.

تحتاجين للكثير من التدريب لتصبحي أقوى.

أومأت له بلا تعليق. لا بأس هذا أفضل. آدريان حذرني من أن أكشف قوتي في الاختبارات الرسمية وهذا التقييم ليست استثناءً.

-إذاً ما العمل الآن؟

ابتسم لي قائلاً:
-ستبدئين منذ الغد. ستكون معظم دورسك تدريباتٍ عملية بما أنّك تحفظين الجانب النظري جيداً.

والآن اذهبي إلى المعلمة جوري كي ترشدك إلى السكن وتعطيكِ برنامجك الدراسي وكتيّب القوانين.

أومأت له واستدرتُ مغادرة ولكن أوقفني قائلاً:
-لديّ سؤالٌ واحدٌ فقط.

استدرتُ نحوه متعجبة فأردف قائلاً:
-حينما كان ذلك الوحش يهاجمك ويضربكِ بقوة... أنتِ لم تصرخي أبداً. لماذا؟

رفعتُ حاجبيّ بدهشة:
-أحقاً لم أفعل! لم ألاحظ ذلك.

ملامحه مازالت مستغربة ومازال يطلب تفسيراً ما لذا ابتسمتُ قائلة:
-حسناً سأخبرك بسر. أنا تلقيتُ تدريباً قاسياً في أكاديمية خاصة وسرية. الشعور بالألم كان كشرب الماء هناك لذا أصبح الأمر روتينياً.

رمقني باستهزاء قائلاً:
-وأين يمكن أن توجد تلك الأكاديمية العجيبة؟ أنتِ تسخرين فحسب. اذهبي للمعلمة جوري الآن وإن احتجتِ لأي شيء أخبريني.

واستدار مغادراً بعدها.

رمقته ببرودٍ ساخر وأنا أهمس لنفسي:
-على جزيرة الآثمين ربما!!
.
.
.
.
.

توجهتُ نحو آدريان بعدها بعد أن جسّدتُ أنف ذئب لاتباع رائحته.

وجدته في الحديقة محاطاً بمجموعة من أصدقائه كما أظن.

كنتُ على وشكِ مناداته ولكني تراجعتُ في آخر لحظة.

وقفتُ أراقبه من بعيدٍ فقط. أريد أن أرى كيف هي علاقته مع أصدقائه.

استخدمت أذني ذئبٍ عالية الحساسية بحيث يمكنني أن أسمع كلّ ما يدور بينهم من أحاديث في موقعي البعيد عنهم كي لا ينتبه أحدٌ لي.

استخدمت عينا صقرٍ أيضاً.

وهكذا كنتُ وكأنني أقف معهم.

لاحظتُ بعد فترة أنّ آدريان صامتٌ أغلب الوقت. لا يتحدث إلّا حين يسألونه عن أمرٍ ما أو يطلبون رأيه.

ورغم ذلك لم يبدُ أنّ أصدقاءه مستاؤون من بروده ذاك. هم معتادون عليه هكذا.

حسناً لنشعل الأجواء قليلاً. ابتسمتُ حينها وتقدمت نحوهم بخطواتٍ واثقة.

وقفتُ بجوار آدريان وهم التفتوا نحوي واحداً تلو الآخر.

آدريان الوحيد الذي لم يلتفت نحوي حتى.

إحدى فتيات المجموعة سألت:
-من أنتِ؟

ابتسمتُ لها وشابكتُ ذراعي بذراع آدريان قائلة:
-أنا لونا إيلوس. وأنا توأم آدريان.

إيلوس هو لقب آدريان وأنا سأستخدمه من الآن فصاعداً. لا يمكنني استخدام لقبي الحقيقي أبداً.

الجميع حدّقوا بي وبآدريان بصدمة ونظروا نحوه بتساؤل وهو أومأ ببرود:
-هذا صحيح. إنها شقيقتي وهي انضمت إلى الأكاديمية ابتداءً من اليوم.

نظراتهم نحوي تباينت بين مستغربة لظهوري المفاجئ ومستنكرة لزيي الأسود وأغلبهم رمقني بنظراتٍ حذرة.

هذا ممتع.

سألني آدريان حينها:
-كيف أبليتِ في الاختبار إذاً؟

عبستُ قائلة بإحباطٍ مزيف:
-الاختبار النظري كان جيداً ولكنّي لم أبلي جيداً في الغابة.

المعلم أخبرني أنّ سحري ضعيف وقوتي القتالية ضعيفة جداً. أحتاج للكثير من التدريب كما يبدو.

آدريان علّق بكلمةٍ واحدة:
-جيّد.

أنا نفّذتُ ما أخبرني به آدريان تماماً. أخفيتُ قوتي الحقيقية. ورغم أنني لم أقصد ذلك ولولا أنّ الاختبار كان مملاً لما تراجعت حقاً ولكن المهم أنّ النتيجة كانت جيدة.

البقية حدّقوا بنا باستغرابٍ ولا ألومهم.

سألني أحد الموجودين:
-لمَ تأخرتِ في الانضمام للأكاديمية؟ آدريان هنا منذ أعوام.

ابتسمتُ له قائلة:
-نحن لسنا توأماً حقيقياً. أنا أصغره بعدة أعوام. نحن توأمٌ شيطانيٌّ فقط.

وضعتُ حداً لفضولهم حيال هذا الأمر منذ البداية وهذا أفضل. كما أنّني أصبحتُ في الرابعة عشر من عمري وآدريان في السابعة عشر لذا من الواضح أنّه يفوقني عمراً.

سألني آخر:
-ما هو سحركِ إذاً؟

ابتسمت قبل أن أقول:
-إنّه سحر التجسيد.

بدت ملامح الدهشة على وجوههم جميعاً وأنا لم أستطع معرفة السبب. إنّه ليس سحراً أسطورياً حتى.

أحدهم قال:
-لابدّ أنّك تمزحين. هذا مستحيل. إنه سحرٌ نادرٌ جداً. جميع حاملي هذا السحر السابقين كانوا سحرةً عظماء.

حسناً لم أكن أعلم ذلك. رفعتُ حاجباي مستنكرة:
-ولمَ هذا مستحيل؟ لا تستهن بي يا هذا. أنا سأكون أعظم منهم جميعاً. سأخلّد في التاريخ أبد الآبدين. ثق بذلك تماماً.

هو سخر قائلاً:
-أنتِ شيطانة وبالنظر لزيّك الأسود فأنتِ شريرة أيضاً. لذا عن أي عظمةٍ تتحدثين بالضبط؟ هل ستقومين بتحويل جميع البشر لشياطين كي يعمّ الخراب أرجاء الكوكب؟

ابتسمتُ له باتساعٍ قائلة:
-يا لها من فكرة عظيمة. حتى أنا لم تخطر لي ولكن لا تقلق سأضعها بالحسبان دوماً.

هو رمقني بصدمة فحسب.

نطقت إحدى الفتيات موبخة:
-توقف عن التحدث معها بهذه الطريقة جاكس. نحن لا نعرفها بعد وأنتَ تظلمها بحديثك عنها بتلك الطريقة السيئة.

نظرتُ إليها بسخريةٍ شديدة قائلة:
-لا أحتاج لدفاعك عني يا عزيزتي. كما أنه محق تماماً. ما أستطيع فعله أسوأ بكثير مما يفكّر به.

وأجل! أنا سأكون عظيمةً جداً. أعظم طاغية عرفها التاريخ لذا عليكم أن تحذروا مني جداً.

ولكن آدريان هو أخي... وأصدقاء أخي سأعتبرهم أصدقائي أيضاً ما داموا يلتزمون بحدودهم معي جيداً.

سخر ذات الفتى الذي هاجمني بكلامه قبل قليل:
-ألا تظنين أنّك تتباهين بنفسكِ كثيراً وأنتِ حصلتِ على تقييم سيّئ توّاً! لا تحاولي تهديدنا بهذه الطريقة المبتذلة وأنتِ لا شيء.

ابتسمتُ له فقط دون تعليق.

الجهل نعمة حقاً. لو علم هذا الفتى بالحقيقة لما تجرّأ على الوقوف أمامي حتى.

أنا قررتُ أن أمنح كلّ شخصٍ في هذا المكان ثلاث فرص. وهذا الشاب استهلك اثنتين بالفعل.

آدريان استشعر نواياي لذا قال مخاطباً الفتى:
-جاكس... كلمةٌ أُخرى وستندم.

جاكس ابتلع ريقه والتزم الصمت تماماً بعدها. حسناً ساحر قوّة هدده صراحةً لذا هو لا يملك خياراً آخر.

رمقتُ آدريان بعبوس لتدخله. جعلني أخسر أوّل فريسةٍ لي.

ولكن نظرة آدريان المظلمة والباردة التي رمقني بها جعلت عبوسي يتلاشى حالاً واضطررتُ لرسم ابتسامةٍ صفراء على وجهي.

وبهدف تغيير الموضوع سألته:
-بالمناسبة المعلم آرون أخبرني أن أذهب إلى المعلمة جوري كي تأخذني إلى السكن وما شابه.

هل يمكنك إخباري أين يمكن أن أعثر على تلك المعلّمة؟

آدريان بدأ السير وهو يقول:
-اتبعيني... سآخذك إليها.

وبالفعل تبعته بعد أن ودّعتُ أصدقاءه قائلة بابتسامة:
-إلى اللقاء يا رفاق. سعدتُ بلقائكم حقاً.

وما إن ابتعدنا عنهم بمسافةٍ كافية حتى توقف آدريان الذي كان يسير أمامي واستدار إليّ بغتة وبنظراتٍ مظلمة جداً.

أشحتُ بنظري بعيداً ولم أدرِ كيف أبرر له حتى.

قال بحدة:
-ما الذي كنتِ تفكرين به بالضبط؟ نيتك بقتله كانت واضحة جداً.

دافعتُ عن نفسي قائلة:
-هذا غير صحيح. أنا لم أفكر بذلك أبداً. كلامه أغضبني فقط ولكن أنا أنوي الالتزام بتعليماتك تماماً ولن أقتل أي أحد.

نظرته المظلمة لم تتبدل. هو لم يصدق حرفاً مما قلت.

قال ببرود:
-في اللحظة التي تقتلين فيها أي أحد هنا سينتهي كل شيء تماماً وستخسرين كلّ فرصتك هنا وحتى أنا لن أستطيع مساعدتك حينها.

الشخص الذي يمكن أن يساعدك لن يرحمكِ أبداً لو قتلتِ أحداً!

وهذه هي المرة الأخيرة التي أقوم بها بتحذيرك!

نطقتُ ببرود شديد:
-أنا لا أملك شيئاً أخسره آدريان.

حدّق بي بصمت وعاود السير بعدها وأنا بقيتُ واقفة في مكاني أفكّر في أنني يجب أن أكون أكثر حذراً بجواره. إنه يكشف ما أفكّر به بسهولة.

تبعته بعدها وسرتُ بجواره وأنا أقول:
-آدريان لا تغضب مما سأقوله ولكن أصدقاؤك أولئك سطحيون جداً. خاب أملي بهم كثيراً.

آدريان لم يلتفت إليّ وهو يقول ببروده المعتاد:
-هم ليسوا أصدقائي. هم مجرّد زملاء في الأكاديمية.

أصدقائي هم أعضاء الفريق فقط.

ابتسمتُ قائلة:
-توقعتُ ذلك. أصدقاؤك يجب أن يكون أشخاصاً مميزين.

ولكن أيُّ فريقٍ تقصد؟

توقف حينها أمام بابٍ ما ونظر إليّ قائلاً:
-ستعرفين لاحقاً. والآن هذا مكتب المعلمة جوري.

واستدار ليغادر بالفعل ولكني أوقفته قائلة:
-هل سيكون سكني بعيداً عن سكنك؟

لم يلتفت إليّ وهو يقول:
-أجل. أنتِ ستسكنين في وحدات سكن الطلاب أمّا أنا فأسكن في سكن الفرق.

سيكون هذا لفترةٍ مؤقتة فحسب ريثما أتدبر لكِ مكاناً في فريقي.

وغادر بعدها بينما أنا دخلتُ لمكتب المعلمة بعد أن طرقتُ الباب.

ما إن وقع بصر المعلمة عليّ تلاشت ابتسامتها المرحبة وحلّ مكانها امتعاضٌ شديد وسمعتها تهمس لنفسها:
-اللعنة على الشياطين.

ابتسمتُ لها قائلة:
-أنتِ هي المعلمة جوري؟ طلب منّي المعلّم آرون أن آتي إليكِ كي تدليني على مكان سكني.

رمقتني بعبوسٍ شديدٍ وقالت:
-حسناً انتظري قليلاً.

ثمّ فتحت سجلاً كبيراً وبدأت البحث عن شيء ما ومن ثمّ قالت:
-هناك متسعٌ في الوحدة الثالثة في الغرفة الخامسة والثلاثين. اذهبي إلى هناك وهذا هو مفتاح غرفتك.

أخذتُ المفتاح منها واستدرتُ مغادرة ولكنها أوقفتني قائلة بحدة:
-إلى أين؟ أنا لم أنتهِ من كلامي بعد.

تنهدتُ باستياء وعاودت النظر إليها فهمست مجدداً:
-شيطانةٌ وقحة.

انتظرتُ بصبرٍ شديد ما تريده فقامت بتسليمي حقيبةً ظهرية وقالت:
-إنها تحتوي على كتيّب القوانين فتأكدي من حفظه جيداً.

كما أنّ برنامجك التعليمي وكتبكِ موجودةٌ فيها.

غادري الآن.

غادرتُ دون أن أسأل عن أيّ شيء.

إن بقيتُ لحظةً أُخرى سأقتلها حتماً.

غادرتُ بخطواتٍ غاضبة. لا أريد إغضاب آدريان الآن بسبب شخصٍ تافهٍ مثلها.

سرتُ عدة خطوات لأجد آدريان يقف مستنداً على الجدار ويضع يديه بجيوب سترته.

نظرتُ نحوه باستغراب إذ أنني لم أتوقع أنه سينتظرني. ظننته سيغادر.

هو نطق ما إن اقتربتُ منه:
-إنها حاقدة على الشياطين بشدة لأنّ أحدهم قام بقتل طفلها وزوجها.

ابتسمتُ ساخرة:
-وربما أحدهم سيقوم بقتلها هي أيضاً. لا تتوقع منّي أن أتعاطف مع أحدٍ آدريان.

آدريان نفى ببرود:
-لا أريدك أن تتعاطفي معها. ولكن هل ترين أنها تستحق أن يتمّ طردك من هنا بسببها؟

أجبته بثقة:
-إنها لا تستحق حتماً. لا تقلق. لقد اتخذتُ قراري مسبقاً. لن أقتلها. سأتجنبها قدر الإمكان.

آدريان أومأ وقال بهدوء:
-حسناً هيّا بنا. سأدلّك على غرفتك بالسكن.

ابتسمت وشابكتُ ذراعي بذراعه وأنا أقول:
-أنتَ أفضل ما حصل لي حتى الآن آدريان. أنا ممتنةٌ حقاً للقائي بك.

السيطرة على أفكاري الشيطانية مرهقٌ جداً ولكن وجودك يساعدني كثيراً. لذا حقاً شكراً لك.

شبح ابتسامةٍ ظهر على ثغره وهو يقول:
-أنتِ محظوظةٌ بلقائي حقاً.

استنكرتُ مازحة:
-القليل من التواضع يا أخ.

ولكنه ردّ بثقة:
-إنها الحقيقة.

ابتسمتُ ولم أعلق. إنّه محق. لو لم ألتقي به لتحولتُ لشيطانةٍ كاملة بحلول الآن. لما كنتُ هنا أساساً. أو ربما كانت تلك الأرواح ستستولي على جسدي.

ربما تطلب الأمر منّي تضحيةً كبيرة ولكنه يستحق.

غادرنا الأكاديمية وتوجهنا نحو السكن بالفعل.

آدريان قطع الصمت فجأة قائلاً:
-هناك ما أرغب بسؤالك عنه وأريدكِ أن تجيبي بصراحةّ تامّة وكوني واثقة أنّ إجابتك لن تغيّر من موقفي شيئاً.

أوليتُ انتباهي له وانتظرته أن يكمل فأردف قائلاً:
-لمَ قمتِ بالتضحية بنفسكِ لأجل جدتي؟

حدّقت به بدهشة. لم أتخيل أنه سيسأل عن ذلك بعد كلّ هذا الوقت.

ابتسمتُ قائلة:
-لأنها الإنسانة الوحيدة التي لم تنظر إليّ بنظرةٍ مليئة بالشك أو الظنون السوداء.

نظرتها كانت صافية ونقية جداً. حتى عائلتي لم تنظر إليّ هكذا يوماً.

لقد تقبلتني بكلّ عيوبي ورغم أنني شيطانة وساحرة وقد أعرّض حياتها للخطر.

هي استقبلتني بحضنٍ دافئ وابتسامةٍ سعيدة في كلّ مرة وموقفها ذاك لا يقدّر بثمنٍ بالنسبة لي.

لذا التضحية بنفسي لأجلها كانت ثمناً بخساً كمقابل.

آدريان ابتسم وتابع سيره.

تبعته بابتسامةٍ خافتة. كلّما تذكرتُ كيف عاملتني تلك الجدة بطيبة طوال الوقت شعرتُ بالسعادة. وجود أشخاص مثلها في حياتنا يبعث السعادة حقاً حتى لو كان ذلك لفترةٍ قصيرة.

سمعتُ آدريان يقول:
-لو أمسكوا بها لكانت تلك أسوأ أيامٍ أخيرة لها. شكراً لكِ حقاً وأنا آسفٌ لما اضطررتِ لمقاساته بسبب ذلك.

أجبته بثقة:
-أنتَ لم ترتكب أيّ خطأ آدريان لذا لا داعي لتعتذر.
المخطئون نالوا جزاءهم بالفعل.

لذا الأمر انتهى بالفعل ولا داعي لذكره مجدداً.

آدريان ابتسم مجدداً وقال:
-أنا ممتنٌ للقائك أيضاً. شكراً لكِ حقاً.

رفعتُ حاجبيّ بدهشة. لم أتوقع اعترافاً كذاك من يدريان البارد عديم الإحساس والمشاعر.

ابتسمتُ له ساخرة:
-أنتَ محظوظٌ بلقائي حقاً.

سخر قائلاً:
-القليل من التواضع يا أخت.

أجبته بثقة:
-إنها الحقيقة.

ضحكتُ بعدها وهو اكتفى برسم ابتسامة. من النادر رؤية ابتسامته لذا شعرتُ بالسعادة لأنني نجحتُ برسمها على وجهه ولو لهنيهاتٍ معدودة.

وتابعنا السير بعدها باتجاه السكن.

السكن كان عبارة عن خمسة مبانٍ منفصلة كلٌّ منها يحوي طلاب إحدى المراحل الدراسية الخمسة الموجودة في الأكاديمية.

المبنى الأول للسنة الأولى وبما أنني في الغرفة رقم خمسةٍ وثلاثين فهذا يعني أنني في الطابق الثالث الغرفة الخامسة.

كلّ مبنى كان مكوناً من ثلاث طوابق فقط وفي كلّ طابق خمس غرف وفي كلّ غرفة أربع طلاب أو أقل فعدد الطلاب السحرة ليس كبيراً.

أدريان أوصلني حتى باب الوحدة السكنية واستدار مغادراً بعدها.

دخلتُ إلى المبنى الذي كان خالياً تقريباً باستثناء بعض الطلاب وصعدتُ على الدرج حتى الطابق الأخير ومن ثمّ دخلتُ لغرفتي الجديدة.

أربعة أسرّة كل اثنين منها فوق بعضهما. أربع طاولاتٍ للدراسة وأربع خزاناتٍ للملابس.

توجهتُ نحو السرير الوحيد الذي يبدو أنه لا يستخدم وهو طابقٌ ثانٍ ومن ثمّ ارتميتُ عليه بإنهاك.

لقد كان يوماً حافلاً.

.
.
.
.
.
.

لم أدرك أنني غرقتُ في النوم بعمق إلّا حين أيقظتني همساتٌ قريبة.

-إنها شريكتنا الجديدة بالغرفة كما يبدو.

-إنها شيطانة.

-انظرن إلى زيّها الأسود. لقد حصلت على أسوأ تقييم.

-علينا الحذر منها.

فتحتُ عينيّ حينها. نظرتُ باتجاههن فجفلن إثر حركتي المفاجئة.

عبستُ قائلة:
-ألا يمكنكن النميمة عليّ بصوتٍ أخفض قليلاً؟؟ ياللإزعاج.

إحداهنّ ردّت بشراسة:
-نحن لن نقبل بوجود شيطانةٍ مثلكِ في غرفتنا. غادري حالاً أو سنطردك بأنفسنا.

ابتسمتُ لها قائلة:
-أرغب برؤيتك تحاولين طردي بالفعل.

هي عبست ومدت يدها باتجاه شعري ولكن قبل أن تلمسه هي صرختْ بألمٍ شديد وسحبت يدها بسرعة وجلست أرضاً تتأوه متألمة.

صديقتاها اللتان لم تعلما ما الذي حدث التفّتا حولها بقلق وسألتاها عمّا بها وهي كانت تصرخ وتقول:
-اااه...يدي... يدي... هذا مؤلمٌ جداً....

بقفزةٍ واحدة كنتُ أقف على الأرض أمامها وابتسمتُ لها قائلة:
-هذه المرة اكتفيتُ بكسرِ ذراعك. في المرة القادمة سأكسر رقبتك ثقي بذلك.

وإن تجرأتِ وأخبرتِ أيّ أحدٍ عمّا حدث هنا أنتِ أو صديقتاكِ فسأتأكد من تقطيع ألسنتكنّ ورميها للوحوش في الغابة.

وأنا لا أتكلم عن عبثٍ أبداً.

وغادرتُ الغرفة بعدها.

كنّ بحاجةٍ لدرسٍ تأديبي منذ البداية. سأعيش برفقتهم لوقتٍ طويل ولا أريد أيّ إزعاجٍ منهم.

هذا لمصلحتهم. إن كانت حياتهم تهمهم حقاً فسيلتزمن بتحذيري.

الظلام قد خيم على الأرجاء بالفعل.

أشعر بالملل ولا أعلم إلى أين عليّ الذهاب.

قررتُ الذهاب إلى آدريان وبالفعل تتبعت رائحته لأكتشف أنه يقطن في مكانٍ بعيدٍ عن هذا المجمع السكني.

سرتُ باتجاهه لمدة ووصلتُ إلى منطقةٍ واسعة خلف الأكاديمية.

كان هناك منازل عدة ضخمة وتحيط بكلّ منزل حديقةٌ واسعة وسورٌ عالٍ يعزله عن الخارج.

سرت باتجاه أحد تلك المنازل حيث رائحة آدريان تنتهي هناك.

طرقتُ على الباب الخارجي وكان عليّ الانتظار طويلاً قبل أن تفتح الباب لي شابّةٌ في منتصف الثلاثينات ربما. شعرها كان أخضر داكناً وطويلاً وعيناها كذلك.

نظرت نحوي بدهشة وحدّقت بي كما لو أنّها ترى شخصاً آخر ورغم غرابة نظراتها ابتسمت لها قائلة:
-هل آدريان هنا؟

استوعبت دهشتها قبل أن تقول:
-إنّه هنا ولكنه نائمٌ الآن. هل الأمر مهم؟

تراجعتُ وأنا أنفي قائلة:
-لا. لا شيء مهم. سأراه لاحقاً.

وغادرتُ من فوري بعدها.

هذه الشابّة غريبة. إنها الوحيدة منذ دخولي لهذه الأكاديمية التي لم تقم برمقي بنظراتٍ كارهة أو مستنكرة لكوني شيطانة.

من هي حقاً وما علاقتها بآدريان؟

سأسأله لاحقاً.

استدرتُ عائدةً ادراجي على الطريق المظلم. السماء غائمة بشدة والظلام مخيّم على الأرجاء.

لمحتُ من بعيد شخصاً قادماً. جسّدتُ عينا نمرٍ كي أستطيع الرؤية جيداً في الظلام

ولكن كانت قبعة سترته تخفي معظم ملامحه. الأمر الوحيد الذي كان واضحاً هو ملابسه البيضاء بخطوطٍ حمراء! ولكنها ليست ملابس طالب. تصميمها مختلف.

حين مرّ بمحاذاتي رجفةٌ غريبة سرت بكامل جسدي. هالته صنعت ضغطاً رهيباً وشعرتُ بصعوبةٍ بالتنفس لوهلة.

تجاوزني وتابع طريقه دون أن يمنحني نظرةً واحدة حتى وكأنني غير موجودة.

لم أتخيّل رؤية أحدٍ بملابس بيضاء حقاً. هذا غريب!

ولكن ما الذي ترمز إليه الخطوط الحمراء على زيّه؟ هو ليس شيطاناً بالطبع.

عدتُ أدراجي نحو غرفتي بعدها ووجدتُ الفتيات نائماتٍ بالفعل لذا استسلمتُ للنوم بدوري وأنا أتساءل عما يحمله الغد لي من مفاجأت.

.
.
.
.
.
.
.
.

************
The End of this part
************
🌟🌟🌟🌟🌟🌟🌟🌟🌟
رفاق لطفاً، أنيروا عالمي بنجومكم المضيئة✨
دعمكم يعني لي الكثير💕✨

مرحباً مجدداً يا أصدقاء💕👋🏻

إنه أطول بارت قمت بنشره حتى الآن.😁

ما رأيكم بالبارت إذاً؟

ما رأيكم بتصرفات لونا وأدريان؟

من هو الشخص الذي ظهر بآخر البارت؟

لن أطيل الحديث هذه المرة.

أخبروني بأيّ شيء ترغبون بقوله.

وإلى اللقاء قريباً💕👋🏻

Continue Reading

You'll Also Like

661K 32.4K 44
🌼"عندما يصبح الشرّ مغرياً أكثر من الخير ...يستطيع الظلام جذب حتى أكثر القلوبِ نقاوةً ".🌼 فتاة طيبة يوقعها القدر في قبضة شيطان هجين و لكنها تختار بإ...
70K 7.7K 40
المراة الشريرة التي يخافها زوجها وابنها. حمات هجرها أهلها بعد تعذيب البطلة. هذا كان انا. لذلك أحضرت زوجة ابنها الصغيرة التي تعرضت لسوء المعاملة وربته...
7.7K 440 31
يا باحثاً عبر سجلات التاريخ، وعابراً بوابات الزمان نحو عصور غابرة، أنت تقف معي اليوم أمام أعتاب العصر الفكتوري. فإن كنت تبحث عن العمق لتضعه بين سطور...
3.4M 182K 40
أنسـام من اللـهيب خُلِقَت من دون وَعيـد صدفة غريبة تقلب الأمور وتسبب ضَجيج ارواح تائهه اقترب لم شَملُها البَعيد نساء خُلقن من صُلب الجَليد ورجال...