Hybrid | هجين

Por Rawan--Almasri

494K 47.4K 26.4K

الأشخاص المختلفون وحيدون دوماً، يؤمنون أنهم حين يموتون لن يجدوا تراباً يبكي عليهم! هجين.. "مارتينوس إيثوس" R... Más

Hybrid
1 |الهزيمة|
2 |قطيع إيثوس|
3 |رفيق|
4 |مشاكل شخصية|
5 |احتفال|
6 |المنبوذ|
7 |علاقات كاذبة|
8 |كذبات|
9 |بداية جديدة!|
10 |منقذتي|
11 |رغبات مسروقة|
12 |المستذئب الذي يحب الشمس!|
13 |أدوية نفسية!|
14 |مكتبة|
15 |مستذئبي النار|
16 |معركة!|
17 |غاضب|
18 |سبات!|
19 |وحيد|
20 |كائنان في الظلام|
21 |زيارة غير متوقعة|
22 |موحش|
23 |الفتاة القريبة من الذئب!|
24 |كلمات خجولة|
25 |رغبة قتل!|
26 |شخصٌ مختلف|
27 |تجربة جديدة|
28 |دعوة غير متوقعة|
29 |اليوم الأول|
30 |حب بلا أسباب!|
31 |طفل العائلة المثالية|
32 |حول النيران في ليلةٍ باردة!|
33 |الكابوس!|
34 |دفءٌ وسط عالمٍ بارد!|
35 |أناني!|
36 |ضحكات وإلفة!|
37 |مدرس الميكانيك الحديث|
38 |شائعات|
39 |تصيد الفرص|
40 |جنية!|
41 |انهيار|
42 |تضحية|
43 |معنى الحياة!|
44 |انتماء!|
45 |وحوشي!|
هجين2
منشور يكتب لمرة واحدة

46 |النهاية|

13.6K 1.1K 1.8K
Por Rawan--Almasri

"تدعوكم جامعة تورنتو لحضور مناقشة رسالة الدكتوراه في هندسة الميكانيك للطالب (مارتينوس إيثوس)

تحت عنون (التحريك في مفاهيم الميكانيك الحديث)

تجري المناقشة مع مجموعة من المختصين كلٌ منهم برتبة بروفسور في جامعة تورنتو - قسم هندسة الميكانيك - المدرج السابع عشر

الدعوة عامة، يفضل حضور أصحاب الاختصاص."

قرأت آفيلين الإعلان للمرة الرابعة أمامي لأتنهد متذمراً وأقول "فقط اذهبي إلى منزلكِ وغيري ملابسك!"

"مازال هناك ثلاث ساعات، لم تريدني أن أذهب؟"

"لأنكِ تستمرين بالتحدث حول حماسكِ بالموضوع وأنا لا أشعر بذرة حماس، أنا مليءٌ بالتوتر!" قلتُ وأنا أغرس يدي في شعري أرجعه للوراء بعد أن طال قليلاً لتنهض من مكانها وتقف أمامي، حدقتُ بها بتركيز لتقف على أطراف أصابعها حتى وصلت لطولي وصففت شعري بيدها الناعمة وأنهت ذلك بالمسح على رأسي، هي تعرف أنني أحب ذلك فأنا أحمل ذئباً في داخلي، والذئاب تصبح حيواناتٍ أليفة بين يدي من يحبها.

"ستكون بخير، أنا أثق بك!" قالت وهي تنخفض قليلاً تقبل كتفي لأنحني وأفعل المثل، قبلتُ كتفها حيث وضعتُ علامتي فابتسمت بخجل ترجع خصلةً من شعرها خلف أذنها وتقول "أنا سأذهب لأبدل ملابسي وآتي."

"من سيقلكِ؟"

"عائلتي بأكملها قادمة، أمي وأبي وأخي الصغير."

"ماذا عن شقيقكِ الأكبر؟"

"سيأتي مع زوجته، قال إنه لن يضيع فرصة حضور مناقشةٍ لك فقد كان سعيداً في كل مناقشاته الكلامية معكِ على أي حال."

ابتسمتُ بخفة وربتُّ على كتفها لتخرج من منزلي بينما رميتُ جسدي على أريكتي المفضلة أحدق بحاسوبي المحمول الموضوع والشاشة المفتوحة على رسالتي، والأوراق المتناثرة هنا وهناك وملابسي المعلقة والموضوعة على الأريكة المقابلة والتي اشتريتُها الأسبوع الماضي أنا ولويس.

"سأكون بخير!" همستُ مخاطباً نفسي ثم زفرتُ وأضفت "سنكون بخير فوبوس وديموس، فقط ليركز كل واحدٍ منكما على الفقرة المكلف بها."

*أنا جاهز، سنؤدي عرضاً مذهلاً.* ديموس قال بينما تابع فوبوس 'نحن معك، سنكون بخير.'

كنتُ قد قسمتُ الفقرات بين ثلاثتنا، تقريباً أنا واثقٌ من كل فقرةٍ كتبتُها، رفعتُ نظري نحو المكتبة الكبيرة في الجدار أمامي والتي كانت أكبر بأربع مرات من المكتبة التي كانت لدي في سنتي الأولى هنا، حتى أنني طلبتُ إذن الجامعة بجعلها أكبر فالمنزل ليس لي فهي لم تكن مصنوعةٌ من الخشب وإنما محفورة بداخل الجدار.

كل هذه الكتب تشهد لي، المساحة الممتلئة بالأبحاث في حاسوبي المحمول تشهد لي، الأريكة التي أجلس عليها تشهد لي، كلهم يشهدون أني بذلتُ جهداً كبيراً، وأنني آخذ نتائج هذا الجهد.

تذكرتُ مناقشتي لرسالة الماستر، كان الأمر صعباً وكنتُ متوتراً للغاية وخائفاً كثيراً لا سيما أن آفيلين جلبت عائلتها وكان ذلك لقائي الأول معهم، كان ذلك منذ سنتين، وبعدها تعرفنا بشكلٍ جيد، أنا وشقيقها الأكبر أصدقاء، شقيقها الأصغر يجبرني على اللعب بالإكس بوكس في كل مرة، لم أكن أمانع الأمر كثيراً سوى أنه كان يفوز علي دوماً.

علاقة آفيلين بعائلتها كانت مثالية وأكثر، كنتُ أحسدها دوماً على قربها منهم، لاحقاً.. وبأنانيةٍ مطلقة صرتُ أشعر أنني جزءٌ من ذلك العائلة، والدتها كانت حنونة، والدها مهندس ميكانيك صارمٌ قليلاً بالذات حول مهنته ولكنه يحب أولاده أكثر من أي شيء آخر، شقيقها الأكبر منفتحٌ كثيراً، مهندس إنشاءات ذكيٌ وناجحٌ للغاية، عرفتُ أن العائلة كلها تدرس الهندسة بسبب شغف الأب بذلك.

هذه المرة أنا أكثر راحة من ناحية عائلتها ولكني خائفٌ من ناحية مناقشتي الرسالة، كل شخص فيهم برتبة بروفسور تخرج من أكبر جامعات كندا، وأنا على وشك أن أخطو أكبر خطوةٍ هنا وهي الحصول على الدكتوراه، خطوة لم أكن لأفكر أو أحلم بها لو كنتُ مازلتُ في القطيع، أدور بين المنازل، أتبع أوامر روي، وألقي الأوامر على من هم أدنى مني، أبحث عن مرتبةٍ أعلى وأموت غيرةً من روي الذي حصل عليها، لذلك أنا هنا، وأنا ممتنٌ لروي لأني هنا!

سمعتُ صوت أبواق سيارةٍ من الخارج، كانت صاخبة وعالية وكأن أحدهم يحتفل، وسمعتُ صوت لويس يصرخ باسمي بصوتٍ عالٍ وكأنه في حفل.. وكأنه ليس دكتور جامعة في منطقة دراسية.

قفزتُ من مكاني نحو باب المنزل وفتحتُه لأجده يلوح لي من نافذة سيارته ويقول "هل جهزت؟"

"ألن تكبر؟" سألتُه بسخرية وأنا أضحك، حصل لويس على الدكتوراه بنفس سنة حصولي على الماستر، هذا الارتقاء العلمي نفى عنا صفة الأساتذة المميزين في جامعة ريكاتي، ولكن لا أحد يمكنه أن ينسى أننا دخلنا هذا المكان معلمين وطلاب في الوقت نفسه، وقد بذلنا جهداً كبيراً ونحن ننال نتيجة ما نبذله.

خرج لويس من سيارته وقفز راكضاً نحو باب منزلي ليقول "اذهب وبدل ملابسك!"

"أنا متوتر، أريد مراجعة معلوماتي للمرة الأخيرة." اعترفتُ كطفلٍ صغيرٍ ليدفعني بيده نحو الداخل ويتجه لغرفة الجلوس وهو يقول "مراجعة المعلومات تكون البارحة، اليوم أنتَ تنجح وحسب! هل فهمت؟"

ضحكتُ لنبرته المشجعة وحمل الملابس التي اشتريناها معاً ثم دفعني لخارج الغرفة نحو الدرج وهو يقول "بدل ملابسك، سأصنع لكَ القهوة، أنتَ لا تطاق دون أن تشرب قهوتك."

"شربتُ فنجاناً مع آفيلين."

"تلك الصغيرة كانت هنا من الصباح؟" قال لويس وهو يتوقف فجأة ويرفع حاجبه وكأنه يشعر بالغيرة لأني لم أشارك اليوم المميز معه ثم ضحك وأضاف "لا بأس.. أنتَ مدمن لا تُطاق دون أن تشرب فنجاني قهوة!"

انفجرتُ ضاحكاً وأخذتُ الملابس من يده وصعدتُ للأعلى بينما نزع سترة بزته ووضعه على الكرسي في الردهة كي لا يتسخ وتوجه للمطبخ ليعد القهوة، يبدو لويس في أشد حالات أناقته اليوم، يرتدي سروالاً باللون الأزرق الداكن وقميصاً أبيضاً وسترةً باللون السماوي الفاتح مع خط أزرق داكن بجانب جيوب السترة، من الجيد أن يكون لديك صديق يهتم لأيام فرحكَ وكأنها له، من الجيد أن يكون لديكَ صديق يعتني بكَ في ظل لحظات خوفكَ وتوترك!

بدلتُ ملابسي بعد أن استعدتُ هدوئي المعتاد، هذه الملابس ذوق لويس لأني فاشلٌ تقريباً بالملابس الرسمية، سروال وقميص باللون الأسود وكسر قتامة اللون بسترةٍ رسمية بلون الكراميل الفاتح، الملابس جعلتني أبدو أكبر سناً ولكن حين نظرتُ لنفسي للمرآة شعرتُ أخيراً أني ذاهبٌ لأفعل شيء مذهل.

مرت أربعة سنوات بالفعل! أربعة سنوات منذ ذلك اليوم الذي اعترفتُ به لآفيلين بحقيقتي، أخبرتُها بكل شيء، كل شيء حرفياً، عن كوني هجين وعن الكائنين بداخلي والقوى التي يحملانها، أخبرتها القليل عن فوبوس وديموس مثل أن الأول عاطفي والثاني عقلاني ولم أشاركها التفاصيل عنهما لأنها رغم قربها فهذه الأشياء خاصةٌ بثلاثتنا وحسب.

أخبرتُها عن أمي، وروي، وروسلين، أخبرتُها عن المرات الثلاث التي تحديتُ بها روي وانتهى به الأمر ينفيني من القطيع، أخبرتُها عن قدومي إلى هنا وتواصلي مع ديان، أخبرتُها عن لارا وميريه وكيفين ونيكولاس وأصدقاء الجامعة الذين لا أعرف أين هم الآن ولكني أتمنى أن يكونوا بخير وأعترف أن صداقتي معهم كانت ممتعة، حتى وإن كنتُ كاذباً أو مجرد فترةٍ مضت إلا أنني استمتعت، استمتعتُ حقاً، وأنا سعيدٌ لأني قضيتُ حياتي الجامعية التي لن تتكرر مع مجموعةٍ مذهلةٍ ومختلفةٍ مثلهم!

أخبرتُها أن لويس يعرف حقيقيتي ولم أخبرها عن مساعدتي له لأن ذلك الشيء يجب أن يبقى بين صديقين، مساعدتي له كانت شيئاً بيننا وحسب، لويس يستحق أن يسير على قدميه ويفعل الكثير من الأمور الرائعة ويضع بصمته في هذا العالم، أنا متأكدٌ أن الإعاقة لم تكن لتقيد شخصاً مثله، ولكن كان بوسعي مساعدته وفعلت!

قلتُ لها أن رونالد وتاليا وآلان مستذئبين ولكن من قطيع آخر، وطلبتُ منها بوضوح ألا تناقش أي شيء حولنا مع رونالد وإن أرادت أن تسألني حول أي أمر فلتفعل، وهذا ما حصل بالضبط، تحدثت مع رونالد وتاليا عدة مرات في مخيمات الجامعة التي شاركنا بها جميعها ولكنها لم تسأله يوماً شيئاً عن المستذئبين.

عدد المرات التي تشاجرتُ بها معها في السنوات الأربعة الماضية لا يحصى، تصرفاتها طفولية، أصدقائها كثر، حياتها صاخبة، ودائماً ما تقول لي أني بارد وناضجٌ زيادة ووحيد وهادئٌ أكثر من اللازم، ذات مرة سألتُها لم اختارتني رغم أنها تعلم أني كذلك لتجيبني "لأنكَ أنتَ وحسب، ولا يمكن أن يكون غيرك."

نزلتُ للأسفل بعد أن ارتديتُ حذائي أدندن كلمات أغنية It's you لأجد سيريس مع لويس في المطبخ، التقطتُ فنجان القهوة من لويس وعدلتُ الثنية في قميص سيريس ثم عبثتُ بشعره كما أفعل دوماً ليبتسم بمودة وأشعر بنبضات قلبه المتسارعة حماساً للمناقشة اليوم!

سيريس هو الشخص المقرب لي حرفياً أكثر من أي شخص آخر، ينام لدي في كثيرٍ من الأيام، أساعده بدراسته، يساعدني في الأعمال المنزلية بين وقتٍ وآخر، أعرف كل شيء عن حياة سيريس، كل شيء حرفياً، أصدقاءه ومشاكلهم، الأمور التي يقوم بها حتى اشتراكه بسباق سيارات غير قانوني رغم توبيخي الشديد له، أعرف كم فتاة أعجبته في الجامعة، ونتائجه في كل مادة، وتقريباً كل الأشياء التي فعلها أو التي يريد أن يفعلها، سيريس هو الشخص الذي يشاركني كل حياته دون أن أقدم له أي مقابل سوى أني أعطيه الأمان والاحتواء والثقة المطلقة، وهذا ما يجعلني أحبه للغاية، متعلقٌ به، وأخاف أن يؤذيه أحد، وفي المقام الأول هذا كان سببي لتوبيخه على السباقات غير القانونية، لم أرده أن يتأذى.

ركب ثلاثتنا في سيارة لويس، وفهمتُ من سيريس أن أمه وأبيه سيحضران المناقشة ولكنه قرر أن يخرج أبكر من الوقت المحدد ليركب معنا في السيارة، سيريس في سنته الثالثة الآن من هندسة السيارات، عيد مولده اليوم وسيبلغ الحادية والعشرين من العمر، إنه شاب الآن، لم يعد طفلاً، ولكني مازلتُ أراه كذلك أحياناً.. أو غالباً!

حانت ساعة المناقشة، المدرجات كانت ممتلئة، آفيلين وعائلتها، الدكتورة ليليان وزوجها وسيريس، لويس وشقيقتيه وأمه وخطيبته التي تعرف عليها في إحدى المناسبات العائلية منذ سنة تقريباً، رونالد الذي كان يضع قبعةً وقناعاً يخفي به وجهه كي لا يتجمع حوله المعجبون وبجانبه تاليا وآلان، كان رونالد قد أخبرني من فترة أن آلان أعلم إيلينا حين بلغت الثامنة عشر بحقيقة كونه مستذئب، ويبدو أن مشاكلاً عديدة حصلت بينهما لكونه لم يخبرها خلال ثلاث سنوات من علاقتهم، ولكن الأمور على ما يرام الآن.

بين الجموع استطعتُ رؤية وجوه مميزة من طلابي، استطعتُ رؤية طيف أمي الذي لم يكن موجوداً، ولكني تخيلتُه هناك، من عالم الجنيات، يمسح على رأسي ويخبرني أني قوي، وقادرٌ على فعلها، حينها استرقتُ تلك القوة من أمي فكرتُ أن هذه المناقشة ليست سوى محاضرة أخرى من محاضراتي، علي أن أعطيها بالطريقة المثالية التي اعتدتُ عليها وأحبها طلابي دوماً، وأتجاهل الأشخاص الذين يجلسون في المقدمة يحاولون تصيد الأخطاء لي، هذه محاضرةٌ جديدةٌ لي، كالمحاضرات التي أعطيتُها طوال أربع سنوات، محاضرةٌ أخرى تشعرني أنني حي، وموجود، وشخصٌ جيدٌ ذا تأثير.

وقد نجحت.. مارتينوس إيثوس البيتا السابق من قطيع إيثوس والذي تم نفيه واحتقاره أصبح يملك شهادة الدكتوراه الآن.

مساء تلك الليلة كنا جميعاً في حديقة منزلي نحتفل بعيد ميلاد سيريس وبحصولي على الدكتوراه بدرجة جيد جداً، الحديقة التي اعتدتُ كونها فارغة وجزءاً غير مهم من البيت كانت مليئةً بالأضواء وبالضحكات على حد سواء!

توزعت الهدايا على سيريس ولم يبقَ غيري، نظر لويس إلي ضاحكاً وقال "أنتَ لا تحمل هديةً أيها الناجح، أم يفترض أن نجلبها من غرفتك؟"

"هل تريد المساعدة؟ يمكنني الصعود لجلبها؟" أضاف شقيق آفيلين الأصغر بسخرية لأهز كتفي بغير اكتراث وأضع يدي في جيب معطفي وأخرج مظروفاً صغيراً سلمتُه لسيريس وسمعتُ شقيقها الأكبر يقول "أظن أن ما بداخل هذا الشيء الصغير مفاجأة كبيرة!"

التقط سيريس المظروف من يدي باستغراب، ربما توقع أن أجلب له شيئاً كبيراً للغاية أو شيئاً كان يريده فهذا ما فعلتُه في السنوات الأربعة الماضية، ولكن هذه المرة مجرد مظروف أبيض صغير بداخله ورقةٌ واحدة.

فتح سيريس المظروف وتجمع الجميع حوله، تقريباً آفيلين كادت تتسلق على كتفه، حالما أخرج الورقة الملونة من الداخل وقرأ ما عليها صرخ بصوتٍ عالٍ وركض ليحتضنني.

"بطاقة قبول للدخول إلى فريق تشارمنستر للفورملا ون"

يدي قربت الفتى الصغير مني وأنا أهمس بأذنه "لقد أردتَ ذلك منذ مدةٍ طويلة وقد تجاوزتَ العشرين عاماً وأظن أنه الوقت المناسب لتحصل عليه! فقط سلم هذه البطاقة لمقر الفريق وسيتم إدخالكَ للتدريبات على الفور، مع شغفكَ العظيم أستطيع أن أراكَ القمة بعد أقل من عشر سنوات."

سيريس كان يبكي على كتفي من فرط السعادة وأنا أربت على رأسه ضاحكاً لتقول آفيلين "هذا لم يكن متوقعاً، كيف حصلتَ عليه؟"

"هناك الكثير من الطرق لتحصل على شيءٍ ما حين يحبكَ طلابك." قلتُ بصدق وأنا أنظر نحو لويس ضاحكاً، في السنة الماضية طُلب من كلينا تدريس مادة واحدة لطلاب هندسة السيارات كانت مادةً مشتركةً بيننا وبين هندسة الميكانيك، هناك تعرفتُ على الشاب الخجول المشهور في الجامعة والذي سرق بعض أضواء رونالد، لاعب فورملان ون محترف بهذا الفريق، وقد طلبتُه لمكتبي من أسبوعين وأخبرتُه أني أعرف فتىً مهووس بالسيارات شارك بسباقات غير رسمية من قبل وأن حلمه أن يكون سائق فورملا ون محترف، وبدون أن يرى طالبي الفتى الذي أتحدث عنه فقد سعى لي لأحصل على هذه البطاقة.

"توقف عن البكاء، أنتَ شابٌ الآن!" أخبرتُ سيريس وأنا أضرب على كتفه بخفة ليبتعد عني ويمسح دموعه بكم قميصه بقوة بينما انتشرت الضحكات بين الجميع، رونالد أمسك مكبر الصوت الذي كان من أغراض الاحتفال الأساسية وغنى أغنيةً جعلت الأجواء هادئة ولطيفة مع صوته الجميل، رغم أن رونالد فشل بجمع قطيع آزر ولكنه استطاع إضافة شخصين للمجموعة معه ويعملان مع الآن في المقهى الذي يملكه، وجود رونالد كان أساسياً في كل احتفال، علاقتنا جيدة الآن ولم نعد نتشاجر في كل لقاء، وصوته الرائع كان يجعل الاحتفال مذهلاً، لم أعرف شخصاً واحداً في حياتي كلها يكره صوت رونالد.. أولهم أنا!

"هذا الاحتفال لأجل عيد ميلاد سيريس الذي بلغ اليوم الحادية والعشرين والذي سيصبح قريباً لاعب فورملا ون مذهل!" صوت لويس ارتفع عبر مكبر الصوت بعد أن انتهت أغنية رونالد ليصفر الجميع ويصفقون لسيريس ولاسيما شقيق آفيلين الذي وضع يده على كتفه بتشجيع.

"ورغم أننا لا نريد أن نسرق الاضواء من سيريس لكن هذا الاحتفال أيضاً لنجاح الدكتور مارتينوس بالحصول على الدكتوراه اليوم، مارتينوس الذي جاء من لندن فجأةً وأصبح مدرساً في ريكاتي، وكانت له اليد الأكبر في تغيير حياتنا جميعاً، تغييرها جذرياً."

ابتسمتُ لكلمات لويس ولم أعلق، شعرتُ بالحفل يعود لصخبه المعتاد وآفيلين تقف بجانبي تمسك بيدي لألتقط يدها بحب ألثمها بعمق وأقول "شكراً لكِ."

"لا.. بل شكراً لك، عليكَ أن تعرف أن الأستاذ لويس لم يقل ذلك عبثاً، انظر حولك، أنا وهو وسيريس قد تغيرت حياتنا بعد لقائك، ونحن ممتنون لكَ لأجل هذا، ولهذا السبب نحن نفخر بكل إنجازاتكَ وكأنها لنا!"

"شكراً آفيلين، شكراً حقاً."

احتضنتُ كتفها وقربتُها مني، كانت محقة.. ربما لم أفكر بهذا من قبل ولكنها كانت محقةً للغاية، ربما نحن لا نحتاج الكثير كي نشعر بوجودنا بهذا العالم، يكفي أن نكون بخير، أن نكون مؤثرين وأن لا ينسانا الآخرين مطلقاً!

"لأنكَ هنا، المكان مضيء وساطع، ولأنكَ هنا.. تسير الأمور على نحو جيد، لذا شكراً أنكَ هنا!" آفيلين قالت بصوتٍ خافت وهي تسند رأسها على كتفي وكلانا يسمع لصوت رونالد الذي يخترق الصمت ويجعل السلام يسيطر على المكان.

الانتماء.. إنه مجرد كلمة، نحن ننتمي للأشخاص الذين نحبهم، ونحن في المرتبة الأولى ننتمي للأشخاص الذين يحبوننا، ووطننا حيث يكونون، أما الأماكن.. فهي أماكنٌ وحسب، لا معنى لها بدون سكانها، لذلك أنا أنتمي إلى هنا، لأن كل شخص في هذا المكان قد أثر بي وأثرتُ به بطريقةٍ أو بأخرى، ولأننا بصماتٌ في حياة بعضنا البعض، وعلينا أن نحافظ على ذوي البصمات الخيرة، البصمات التي قادتنا للسلام..

وسط الاحتفال، اهتز هاتفي في جيبي، دون أن أبعد آفيلين عن كتفي أخرجتُ الهاتف أقرأ الرسالة التي تتوسط الشاشة.

من روسلين إثيوس (أتابع أخباركَ بشغف من مواقع التواصل الاجتماعي، فخورةٌ بتقدمكَ العلمي والعملي والاجتماعي، مباركٌ ما حصلت عليه اليوم، أنا بخير وأحرز تقدماً في حياتي، سأحصل على طفل قريبا، فتاة، وأتمنى أن تكون بخير أيضاً.
أخبر فوبوس وديموس حبي وشوقي
محبتكَ وداعمتكَ دوماً روسلين لونا قطيع إيثوس.)

'يبدو أنها لم تنسنا بعد كل شيء.'

*مازالت تذكرنا وتسأل عنا.*

ابتسمت لتعليق فوبوس وديموس، روسلين كانت أفضل مني وواصلت التحدث معي رغم أني شعرتُ أن كل شيء انتهى في تلك الليلة، لم تلمني ولم تشتم أمي يوماً رغم أن روي خسر عينه في معركته مع أمي، هذا جعله أضعف لأنه يرى بعين واحدة.. مما يعني أنه يملك جانباً أعمى في المعارك، ولكن روسلين لم تتحدث عنها بسوء ولم تلمني أيضاً،  أعدت هاتفي لجيبي وأنا أقول "أجل.. هي تفعل، لطالما فعلت، لطالما كانت منقذتي."

صوت رونالد يعلو، الجو مفعم بالراحة، لويس يسير بين الحضور يتحدث ويثرثر بضحكته المعتادة، يسير على قدميه دون أي سوء، سيريس مازال يمسك ورقة قبوله بفريق الفورملا وينظر لها بغير تصديق، وآفيلين تتكئ على كتفي، تغمض عينيها، تتمايل مع صوت الموسيقى الهادئ، وصوت نبضات قلبها يعلو في أذني أكثر من أي شيء آخر، والسلام يحتل صدري مجدداً.

...

لسنا مصنوعين إلّا من  الذين نحبّهم ولا شيء غيرهم❤️✨》

...

The End

R.M

بدأت في 20/11/2020
انتهت في 16/1/2021
نُشِر الفصل الأخير في 1/3/2021

هذه الرواية مختلفةٌ عن كل شيء كتبته، ربما بشكلٍ عاطفي وبالمشاعر التي منحتني إياها بشكلٍ شخصي، لأنها تعني لي الكثير، وأظن أن ذلك كان واضحا بالإهداء❤️

لن أقول أنها مميزة ولكنها على الأقل بالنسبة لي ستبقى شيئاً لن أنساه مطلقاً❤️كل حرف بها كان يعني لي شيئاً ما، كل شخصية كانت جزءاً من قلبي، كل حدث كان له حكايته الخاصة معي.❤️❤️

تجربتي الأولى بتصنيف المستذئبين ❤️ أخبروني إن كانت تجربة ناجحة، أو إن وجدتم بها شيئاً مميزاً عن روايات المستذئبين الأخرى.

الأسئلة المعتادة عن الرواية😂 وما بين قوسين هي إجابتي♥

من كانت شخصيتكم المفضلة ؟
(سيريس)

أكثر شخصية مستفزة ؟
(روي)

أكثر شخصية تمنيتوا أن تكونوا مكانها ؟
(سيريس.. وجود شخص تلجأ إليه هو شعور دافئ بحق)

ما الذي أعجبكم وأزعجكم بالشخصيات؟ (أخبروني أكثر شيء وجدتموه مميز أو مزعج، لن أجيب سأترك لكم الإجابات ^^، ليس من الضروري ذكر الجميع)

ما هي التفاصيل التي وجدتموها ناقصة في الرواية؟ 

ما هو أكثر حدث أثار اهتمامكم ؟

أكثر حدث تمنيتوا تغييره ؟

رأيكم بالنهاية وتحول الأحداث؟

أكبر صدمة بالقصة؟؟

أخيرا صفوا كل من الشخصيات القادمة بكلمة!

مارتينوس (متناقض/ أناني/ مميز.. أو باختصار منطقي) 

فوبوس (عاطفي) ديموس (عقلاني / أناني)

روي (متملك) 

روسلين (المنقذة) 

آفيلين (ملاك حرفياً، لطيفة جداً) 

والدة مارتن (مختلفة)

أولان - خال مارتن (صريح 😂)

لويس (متفهم) 

سيريس (طفل/بريء)

رونالد  (واقعي)

ديان (وقح وصريح)

رواية جديدة ننهيها معاً، بتفاصيلها السيئة والحزينة، بالوحدة التي كانت تغلف كيان البطل، بشخصياتها الغريبة.

أحبكم كثيراً😍ممتنة لكل كلمة كُتبت لي❤️❤️

كل الحب دائماً وأبداً❤️

.

.

سأنشر قصة قصيرة في الغد إن شاء الله 🖤

Rozana | روزانا

Seguir leyendo

También te gustarán

1.1K 818 7
في مكاناً ما من حيٍ قديم.. هناك متجرٌ صغير جميعُ من يدخلهُ لا يخرجُ منهُ أبداً! - start: 2023. Apr. 13 - End: 2023. Jun. 24
515K 39.3K 37
أنتَ الآن في عام 2070 . حيث التطور الذي طرأ على المُجتمعات ، لتختلط الاجناس والمخلوقات فبعد إن كان شائع بأن البشر هم الحُكام الوحيدين على الأرض ،مُح...
104K 10.8K 82
شيئاً بعد الآخر، شقيقتي، صحتي، حبي، رغبتي بالحياة... بعدها صديقتي الواحدة الوحيدة، وظيفتي، قدرتي على القيام بأي فعل آخر، خسرتُ شيئاً بعد الآخر حتى بت...
12K 950 50
بيني و بينكَ ما بين البينِ بينٌ ، شيءٌ من اللاشيء ، كقاف بعد الشين و ما قبل الشينٌ عينٌ هو فقط ذكرى جملية