18 |سبات!|

7.8K 906 289
                                    

أسبوعان كاملان مرا دون إزعاج طالبتي الذي لم أشعر أني اعتدتُ عليه حتى افتقدتُه عند غيابه، لم أعرف كيف أتصرف، ولكني تذكرتُ لارا حين أهانها صديقٌ لها بنفس الطريقة تقريباً، اتخذت قراراً ألا تتكلم معه للأبد وفعلت ذلك، عرفتُ حينها أن بعض الفتيات يملكنَّ قدرةً مذهلة على الابتعاد والوفاء بوعودهنَّ لأنفسهنَّ التي تشعرهنَّ بوجود ذواتهنَّ، لارا كانت واحدةً منهم، وبدا أن آفيلين كذلك أيضاً.

كانت بارعةً بالهرب مني بشكلٍ مثالي، لا تنظر لي طوال المحاضرة وإنما تركز على العرض التقديمي الذي أعرضه والملاحظات التي تكتبها، تضع أمامها جهازاً لوحياً وكلما أدرتُ بصري قريباً منها تتظاهر أنها تكتب ملاحظاتٍ أخرى، حين أسأل عن اسمها في التفقد تدعي أنها لم تكن منتبهة وتجيبني سريعاً، لم تنظر في عيني منذ أربعة عشر يوماً وهذا الأمر كان كافياً ليجعلني غاضباً إلى حدٍ ما، وفي البداية غاضباً من نفسي لأني مدركٌ أنني المخطئ.

وصلني اتصالٌ مفاجئ حالما أنهيتُ آخر محاضرةٍ لي، كنتُ أراقب الطلاب وآفيلين يخرجون حينما رن هاتفي، لم أتوقع سوى لويس أو أحد المدرسين، ولكن صدمني وجود رقم من لندن يتوسط شاشة هاتفي.

فرغ المدرج في اللحظة التي رفعتُ بها الهاتف واضعاً إياه على أذني، وجاءني صوتٌ أعرفه جيداً على الطرف الآخر "كيف حالكَ بيتا؟"

أطلقتُ تنهيدةً طويلة لأني ورغم معرفتي أنه ديان لأني لا أملك رقمه لكن شيئاً ما بداخلي أراد أن تكون روسلين رغم انعدام الفرصة لذلك تقريباً.

"بخير، ماذا عنك؟ وتوقف عن مناداتي هكذا."

أنهيتُ جملتي الأخيرة محتداً، يذكرني برونالد، يستمران بمناداتي هكذا رغم أني لم أعد بيتا من ستة أشهر، رغم أني نُزعتُ من هذا المكان نزعاً، ولكنهما يستمران بمناداتي هكذا.

"جيد، أردتُ أن أطمئن عنك، أعلم أنني لا أتصل كثيراً ولكني أصلي أن تكون بخير. "

"أنا ممتن، وأنا جيدٌ للغاية، أكثر مما يمكنكَ أن تتخيل." نبرتي كانت ساخرةً قليلاً ليسأل بتردد "حقاً؟" وهذا وحده دفعني لأجيب بسخريةٍ أكبر "أجل.. أنا آكل وأنام وأعمل وأنا على قيد الحياة، وسأبقى هكذا.. لذا توقف عن سؤالي عن حالي. "

لا أدري لم كنتُ جامداً كثيراً بنبرتي معه، كان عقلي منفصلاً عني بعض الشيء، أحدق بالمقاعد الفارغة أمامي وأرغب أن تمتلئ كي أشعر أنني موجود، أن مارتينوس إيثوس شخصٌ حيٌ له أهمية ويسد ثغراً دون أن يُستغنى عنه بهذه السهولة.

"ما الأمر ديان؟ أنتَ لم تتصل لتسأل عني." قلتُ أخيراً شيئاً ما من فيض المشاعر الذي يدور في خلدي لأسمع تنهيدته على الجانب الآخر، كان يكلمني من مكانٍ هادئٍ للغاية، أجزم أنه على سطح جامعة لندن، أكاد أسمع صوت أنفاسه وضربات قلبه حتى نطق أخيراً "حصل شيءٌ سيء، ولا أعلم إن كان هناك فائدةٌ من الكلام، ولكن شعرتُ برغبةٍ بإخباركَ لتعلم ما الذي حصل."

Hybrid | هجينOpowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz