21 |زيارة غير متوقعة|

7.6K 925 276
                                    

فوجئنا باليوم التالي بوجود أختيّ لويس من الصباح، وقالت الكبرى إن بعض طلابنا تواصلوا معها لزيارتنا في المستشفى، لويس كان يدرّس السنة الرابعة بينما طلابي كانوا في السنة الأولى، ومعظمهم كانوا مسافرين للاحتفال بالسنة الجديدة، أستغرب كيف تواصلوا مع بعضهم البعض. 

لاحقاً أدركتُ أن أسبوعي الإجازة قد انتهوا بالفعل، وأن الطلاب عادوا للجامعة من عدة أيام، وأن امتحاناتهم قريبةٌ جداً، وأن اللجنة التدريسية قد زارت غرفتنا في المستشفى حينما كنتُ في غيبوبتي القصيرة وأخبروا لويس أنهم سيضعون مدرسين مؤقتين ليملأو مكاننا الشاغر. 

بدا على لويس الانزعاج حين عرف بخبر زيارة طلابه الغير متوقعة، أتى صديقه بعد ذلك وحمل جسده بعيداً عن السرير وساعده على الاستحمام وتغيير ملابسه بينما غيرت أخته أغطية السرير ووضعت وسادات ليجلس عليها ولم تزل عقدة حاجبيه، وحين لاحظت أخته الكبرى صمتي ومراقبتي للأمور بلا تعابير سألتني إن كنتُ أحتاج شيئاً ما من ملابس أو أغراض أو طعام، ولكني حركتُ رأسي نفياً، لتقول بأسف "كنتَ ستجد عائلتكَ حولكَ لو أنكَ لم تكن مغترباً" ورغم أن كلمتها كانت عادية إلا أنها أزعجتني ولكني حركتُ رأسي وحسب ولمحتُ لويس ينظر لها لائماً ويعقد حاجبيه بانزعاجٍ أكبر. 

كان بوسعي التعافي منذ نهضتُ أول مرة، تذكرتُ آخر معركة لي مع روي وكم ضلعاً كسر في صدري وكم عظمةً حطم في جسدي، ضغطت روسلين عليهم، وعدتُ للمنزل سيراً على الأقدام وكأن شيئاً لم يكن، ولكن منذ استيقاظي ناقشني فوبوس أكثر من مرة بفكرة استخدام قوتنا لأتعافى سريعاً، ورفضتُها كي لا أثير الشكوك. 

أخبرتنا أخت لويس الواقفة بجانب النافذة أن الطلاب وصلوا، كان جالساً على السرير يسند ظهره على الملاءات وقدماه ممدتان أمامه فاقداً الإحساس بهما، بينما كنتُ أجلس على سريري بشكلٍ عادي، أنتبه لقدمي المشعورة الموضوعة على الأرض، وأضع كفي بين ركبتاي أحدق بنقطةٍ من الفراغ وشارداً تماماً. 

أعرف جيداً ما يفكر به لويس، ربما لا يمكنني أن أستوعب كل مشاعره، ولكن يمكنني أن أتفهم أنه لا يريد من طلابه أن يرونه هكذا، لا يريد أن يشعر بالضعف أو العجز، وبالتأكيد لم يكن بالمزاج الجيد لرؤيتهم في نفس اليوم الذي يعيش به في كل ذلك الترقب حتى تصدر نتائج فحوصاته الطبية. 

بدأت الروائح المألوفة تقترب، كنتُ ألتقط أصوات خطواتهم وكلماتهم، كل واحد يطلب من الآخر أن يلتزم الهدوء لأجل آداب زيارة المرضى، استطعتُ اشتمام رائحة وردٍ واضحة وقد دخلوا يحملون بأيديهم باقتي أزهارٍ كبيرةٍ للغاية واحدةٌ سلموها للويس وأخذها صديقه بابتسامةٍ مجاملة والأخرى أعطوني إياها لآخذها من بين أيديهم وأضعها على الطاولة بجانبي وأنا أهمس بكلمة شكراً وحسب.

"هل أنتَ بخير أستاذ مارتينوس؟" التفتُ للصوت الدافئ الذي انتشلني من شرودي، ورائحتها التي اختلطت مع رائحة الأزهار غمرتني بشكلٍ لذيذ، وجعلتني أشعر بالدفٍ بسبب نظراتها الزرقاء الصافية والنمش على وجهها الذي كدتُ أنسى جماله ذكرني أن لدي طالبةٌ لطيفةٌ للغاية تهتم بي. 

Hybrid | هجينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن