28 |دعوة غير متوقعة|

8K 913 474
                                    

انتهت السنة الدراسية في الجامعة التي أعمل بها قبل أن يتسنى لي العودة لرؤية طلابي وإكمال مقرر التحريك الذي كنتُ أعمل عليه، ولكني استجبتُ لرغبتهم وتواصلت مع المدرس البديل لي وأخبرتُه أني أريد وضع الأسئلة لطلابي وتصحيح الأوراق ولم يعترض بكونها مادتي أصلاً. والآن بعد أسبوع من بداية العطلة لدي مجموعةٌ هائلة من الأوراق المتكدسة فوق بعضها البعض في صالة منزلي تحتاج العمل عليها، أردت البحث عن ورقة آفيلين من بينها، ولكني قررتُ لاحقاً أن أصلح الأوراق دون رؤية الاسم كي أكون عادلاً مع الجميع، أنا أعرف أن آفيلين مميزةً لي كثيراً حتى أنني متأكدٌ أني سأميل للتساهل إن كانت ورقتها بين يدي.. كنتُ أنظر للاسم بعد الانتهاء من التصليح لأني كنتُ أملك فضولاً لمعرفة إنجاز طلابي.

عشرة أشهر كاملة مرت منذ وصولي إلى هنا، بطريقةٍ أو بأخرى، بعض الأيام كنتُ أعود للمنزل مرهقاً أحضر محاضرتي وأنام بسلام، وأيامٌ كثيرةٌ أخرى يصفعني الحنين فأصحو، بعض الأيام مرت بهدوء، وأخرى كانت تدوس على صدري وتمر من فوقي وكأنها تؤذيني، عشرة أشهر كاملة تغير الكثير، وعلاقتي مع آفيلين هي أكبر دليلٌ على ذلك.

كانت قادرةً على القفز بعقلي طوال الوقت، حتى وأنا أعد فنجان قهوة كبير أشربه لأبدأ تصليح الأوراق كنتُ أفكر بها، وبما حصل بيننا، وذلك الشيء الغريب الذي اتفقنا عليه، والذي كان استغلالياً كثيراً لها، وتقبلت ذلك.. مما دفعني لأسأل نفسها.. هل أعني لها الكثير حقاً؟

كنتُ أفكر بها، ثم أسكب القهوة السوداء في الفنجان الأبيض الذي كتب عليه بخط أسود "Be a good person" والذي وجدتُه مع أغراض المنزل منذ أتيتُ أول مرة، بالعودة نحو صالة المنزل كان هاتفي يرن، التقطتُه من على الطاولة بعد أن أخرجتُه من قابس الشحن، كنتُ أحافظ عليه ممتلئاً لأنه لم يعد شيئاً لا داعي له، أحصل على عددٍ من الاتصالات من لويس، وتراسلني آفيلين كل يوم.

بدأت تخبرني عن حياتها، عن الأشياء التي تفعلها، غابت لفترات أثناء الامتحانات ولكنها تعود لتخبرني كيف كان تقديمها رغم أني لم أسألها، في البداية كان ذلك مضجراً ومزعجاً وطفولياً، ولكن شيئاً فشيئاً.. اعتدتُ عليه، اعتدتُ على الاستيقاظ كل صباح وأجد "صباح الخير أستاذ مارتينوس" في خانة الرسائل الجديدة، اعتدتُ على كونها تسألني كل صباح كيف كانت ليلتي، واعتدتُ أني لا أنام حتى تتصل بي وتسألني كيف كان يومي ثم تثرثر الكثير حول يومها، اعتدتُ على كونها ثرثارة، ومتطلبة، وكثيرة الشكوى، كما أحببتُ حقيقة أنها كثيرة الضحك، كثيرة الابتسام، ولا تحمل الأشياء أكبر من حجمها، بل تمرر الأمور ولا تفكر بها ثم تسخر منها.

ربما تعاملتُ معها بهدوء وجمود كثيراً، ربما لم أكن جيداً بما يكفي معها، لم أبادلها كل هذه الضحكات، واستمعتُ لها أكثر مما قلت، ولكني اعتدتُ عليها، ونهاري بدونها كان ناقصاً للغاية، ولم أعرف مطلقاً متى تسللت هذه الأحاسيس إلي.

Hybrid | هجينUnde poveștirile trăiesc. Descoperă acum