الفصل الثامن

597 25 0
                                    


8- مرحبا أيها الماضي

موسيقى ناعمة , وعشاء فاخر في مطعم فخم , هكذا بدأ المساء في مطعم فندق الورود , جلست جولييت تتأمل ما حولها بأعجاب وتقدير , حاسدة الناس من حولها , متمنية لو أن يوسعها مشاركتهم فرحتهم وأبتهاجهم ...... كان الجو يوحي بالرومنطيقية , وأنتابتها رغبة للرقص مع زوجها , رفعت عينيها اليه , فألتقت نظرتهما لكنه سرعان ما حوّل نظره عنها متجاهلا رغبتها , أنقبض قلبها وأغرورقت عيناها بالدموع , وعندما مدّت يدها لتلتقط منديلها وجدت أنها تركت حقيبتها في غرفة الفندق , فأعتذرت من دورين وهرعت الى غرفة الأستراحة..... وعندما همّت بالعودة وجدت نفسها أمام سيدتين واقفتين أمام باب القاعة , تنتظران من خادم المطعم أن يصطحبهما الى طاولة مناسبة , لم تر وجههما بعد أذ كانت جولييت تقترب من الجهة الخلفية , وفجأة هتفت واحدة منهما:
" دةرين! يا لها من فرصة سعيدة للقائك من جديد".
كادت جولييت تفقد وعيها .... كانت فجأة تواجه خالتها وتانيا , بقيت في مكانها تحاول أن تستعيد أنفاسها , ثم همّت بالعودة الى زوجها , كان خادم الفندق قد أقترب من خالتها قائلا:
" سيدة لوزار , طاولتك جاهزة".
توجهت خالتها برفقة الخادم الى طاولتهما , بينما كانت تانيا تتحدث الى دورين , أقتربت منهما جولييت لكن تانيا لم تنتبه الى وجودها بل أستمرت في الحديث قائلة:
" الصدفة تجمعنا من جديد وفي المكان نفسه".
" أرى أن والدتك ترافقك".
" نعم , وبما أنك بمفردك سيسعدنا الأنضمام اليك لتناول طعام العشاء والأحتفال بهذه المناسبة......".
تلاشى صوتها حين نظرت الى الطاولة وأدركت أنه ليس بمفرده , عندئذ وقف دورين أذ لاحظ أن زوجته تنظر اليه وفي عينيها يحتشد ألف سؤال.
" تانيا , أقدم لك زوجتي , جولييت هذه تانيا , صديقة أعرفها منذ زمنن".
" زوجتك؟".
حاولت تانيا جهدها أن تبتسم , فنجحت أخيرا في مد يدها لتصافح جولييت قائلة:
" يسعدني لقاؤك".
كان واضحا أنها تنظر اليها بحسد وغيرة , وتحول نظرها من الوجه الساحر الجميل , الى القامة النحيلة المتناسقة , الى الثوب الأنيق , والعقد الماسي الذي يطوّق عنقها والذي كان هدية دورين اليها يوم زفافهما.
" جولييت.....".
رددت الأسم من جديد ثم أضافت :
" أسم غريب ..... يذكرني بفتاة عرفتها سابقا".
همت جولييت بالجلوس وقلبها يخفق بسرعة , لم تتوقع رؤية أبنة خالتها من جديد , لا شك أن تانيا ما زالت تحتفظ بجمالها وسحرها , ولا تزال تبتسم بطريقتها الخاصة المغرية , ثم غادرتهما تانيا لتنضم الى والدتها وبقيت جولييت تلازم الصمت محاولة التغلب على أرتباكها , رفعت نظرها لتراقب ردة فعل زوجها , ترى! ما الذي يجول في ذهنه؟ أيتمنى لو كان حرا ليجدد علاقته الحميمة مع حبيبة الماضي؟
نظر اليها دورين بتعجب وقال:
" ألا يعجبك شرابك ؟ فأنك لم تحتسي منه شيئا بعد".
ثم أضاف فجأة :
" لم تظهري أي أهتمام بتانيا".
لم تجب جولييت مباشرة , كانت تفكر أنه ربما من المستحسن أن تسأله عن تانيا لأزالة شكوكه فهي لم تفعل ذلك في البداية لسببين أولا: تعرف كل شيء يتعلق بعلاقتهما السابقة , ثانيا : لم ترق لها فكرة التصنّع بالجهل , لكن أذا كان دورين ينتظر منها ردة فعل معينة فلا بد لها من التمثيل:
" سمعت تانيا تقول أنكما تقابلتما هنا من قبل".
" صحيح.......".
" كانت أيضا , ترغب بتناول طعام العشاء برفقتك".
ظنّت أنني بمفردي".
" ولو كنت بمفردك أكان الوضع يختلف؟".
" لا أفهم ما تقصدين بسؤالك هذا".
" يبدو لي أنكما كنتما أكثر من مجرد صديقين".
ظهرت على وجهه أبتسامة لئيمة وأجاب:
" لا شك أنك ذكية".
توردت وجنتاها وقالت:
" هل كنتما..... عاشقين؟".
قطّب جبينه وأجاب:
" ليس من عادتي الثرثرة في شؤون الماضي".
ثم أنهمك بتناول طعامه ملقيا بين الحين والآخر نظرة سريعة الى حيث كانت تانيا جالسة , تساءلت جولييت , ماذا لو تبوح له بالحقيقة؟
" لكنك تعرف أنكما كنتما أكثر من صديقين وألا لما وصفتني بالذكاء".
" لنقل أن العلاقة التي كانت تربطنا , كانت علاقة حميمة".
أومأت جولييت برأسها وأجابت:
" تانيا تعتقد أذن أنه من الممكن تجديد هذه العلاقة الجمية وتحويلها , ربما الى علاقة مستمرة".
" علاقة مستمرة ؟ وماذا يعني ذلك؟".
" الزواج طبعا.....".
وشعرت بألم يخترق أحشاءها حين تفوهت بهذه الكلمة , وما يمكن أن تعنيه بالنسبة للمستقبل.
" لكنني متزوج , وسأبقى متزوجا".
" وحين يتم الطلاق بيننا".
" كلمة الطلاق غير موجودة عند اليونانيين".
" أتعني أنه مهما حصل سأبقى زوجتك؟".
" لنغيّر الموضوع".
" أنت الذي أردت التحدث عن صديقتك فأدّى الحديث الى ......".
" تعالي".
جذبها اليه مقاطعا حديثها وأضاف:
" تعالي لنرقص..........".وبعد أنتهاء الرقص أصطحبها دورين ليقدمها الى السيدة لوزار .
حافظت جولييت على رزانتها ولم ترتبك أبدا , أذ كانت واثقة أنه من المستحيل على خالتها أن تعرف حقيقة هويتها , حيّتها بثقة وهدوء متفحصة هذا الوجه الأليف الذي عهدته منذ صباها ,ما زال يوحي بالقساوة والخشونة والجفاء ,وراحت عينا خالتها تدرسانها بأمعان بينما تجاهلت جولييت النظر اليها , كان ينتابها شعور مريع لمجرد وجودها على مقربة من خالتها من جديد.
عادا الى طاولتهما حيث حاولت جولييت أن تتفادى الحديث عنتانيا وخالتها , وشرعت بالثرثرة ن جمال الفندق وأناقته , كان دورين يستمع اليها لكنها لاحظت أن أفكاره شاردة في موضوع آخر , أخافها الواقع , ما الذي يدور في ذهنه ؟ هل أشتبه بشيء؟ مستحيل ,أو هل أستولت تانيا على تفكيره؟ يا له من لقاء! هل هو القدر ثانية؟
بعد نزهتهما في الحديثة عادا الى صالة الفندق حيث كانت تانيا تتناول القهوة جالسة وحدها , وقفت عندما رأتهما مقبلين ثم أقتربت منهما قائلة:
" تفضلا بمشاركتي شرب القهوة".
نظر دورين الى جولييت منتظرا منها أن تتخذ القرار , فأجابت:
" بكل سرور".
أرادت أرضاء فضولها , فهي ترغب بالتحدث الى تانيا لأنها تجد الموقف مثيرا للغاية , جلسوا معا وكانت تانيا أول من بدأ الحديث:
" هل أنتما في أجازة؟".
" نوعا ما".
" نوعا ما؟".
ضحكت جولييت في سرها وأجابت:
" أننا في شهر العسل , في رحلة حول الجزر على اليخت الذي يملكه دورين".
" يخت؟".
ونظرت تانيا الى دورين متابعة:
" لم تكن تملك يختا حين تقابلنا".
" أشتريته منذ سنة واحدة فقط".
كانت تانيا تنظر الى جولييت نظرات غريبة , أيبدو صوتها أليفا لديها؟ هل هي تحاول أن تتذكر أين سمعته من قبل؟
يمكن أن تتوصل الى تحديد التشابه الصوتي بين جولييت وأميلي ذات يوم , لكنها لن تعرف أنهما الفتاة نفسها أبدا.
قالت مخاطبة دورين:
" هل يمكن أن أزور يختك؟".
" طبعا".
" حسنا أذن".
وأشرق وجه تانيا وطهرت البهجة عليه , وكأنها للحظة واحدة , نسيت وجود جولييت كليا , أقتربت من دورين تنظر اليه عن كثب ثم أضافت:
" متى؟ غدا؟".
أجاب دورين بالنفي شارحا لتانيا أن اليخت يخضع للتصليح في الوقت الحاضر , وأنه لن يكون جاهزا قبل نهار السبت.
" حسنا , سأنتظر حتى السبت".
تجاهل دورين النظر الى زوجته عمدا , لم يسأل رأيها في الموضوع , ورغم محاولة جولييت المستمرة في الأحتفاظ بهدوئها , وجدت نفسها تتذمّر بغضب فقالت:
" أليس لرأيي أي أعتبار لديكما؟".
رمقها زوجها بنظرة دهشة , وندمت جولييت لتسرّعها لكنه أنقذ الموقف مجيبا:
" المعذرة يا عزيزتي , بم أتوقع أنك ستعارضين".
غيرت جوليت الحديث بسرعة وحاولت التركيز على موضوع واحد , الماضي , وعلاقة تانيا بدورين , فتركتهما يثرثران عن الأوقات التي أمضياها معا , بينما أستلقت جولييت على مقعدها تحتسي القهوة وتستمع اليهما , لم يتحدثا بصراحة بل بتحفظ شديد , وشعرت جوليت كأنهما يتمنيان لو كانا بمفردهما , وبين الحين والآخر كان دورين ينتبه لوجود زوجته ويحاول مشاركتها الحديث , وكلما نطقت جولييت كلما كثرت التساؤلات في عيني تنيا , كانت تحاول عبثا أن تحل لغز الصوت الأليف , وبقيت جوليت تتمتع بالموقف يتسارع الى ذهنها ألف سؤال , أولها:
" كم مضى من الوقت على لقائكما الأخير؟".
وأجابت تانيا:
" منذ تسع سنوات تقريبا, أليس كذلك يا دورين؟".
لم جب دورين بل كان ينظر الى زوجته وكأن هناك أمرا يقلقه , وعندما قاطعت تانيا تفكيره أجاب:
" المعذرة , ماذا قلت؟".
" غير مهم........ أرادت زوجتك أن تعلم متى كان لقاؤنا الأخير؟".
لكن دورين لم يجب , فأنتقلت جوليت الى السؤال التالي ووجّهته الى زوجها:
" هل أقمت في منزل عائلة تانيا؟".
" نعم".
" أين تسكنين تانيا؟".
" في قرية دورست الواقعة في مقاطعة هافينغتون , هل تعرفينها؟".
" سمعت عنها".
" وأنت أين كنت تسكنين ؟".
أخبرتها جولييت عن مكان سكنها وعن السيد والسيدة مانلي , وأستنتجت تانيا أنهما كانا والدي جولييت , ثم سألتها تانيا كيف حدث أنها سمعت يمنطقة هافينغتون:
" حدث أن زرتها صدفة وأنا في نزهة برفقة صديقتي , لاحظت أنها منطقة مزدهرة بالعمران".
هتف دورين:
" عمران؟".
ثم أضاف:
" هل تعرض منزلكم لأي ضرر؟".
أومأت تانيا برأسها وأجابت:
" لسوء الحظ نعم , أضطر والدي للتخلي عن معظم الأراضي التي كانت تحيط بمنزلنا , وبات منظره غريبا , وكما تعلم كان والدي متعلقا بملكه وأراضيه , أثّرت به الصدمة الى حد بعيد".
" آسف , لكن لماذالم يحاول أن يبيعه ويجد منزلا آخر , بعيدا عن المدينة وضوضائها؟".
ترددت تانيا قليلا ثم أجابت:
" فقد المنزل قيمته التجارية , حاولنا بيعه وفشلنا".

🌿اعدني الي احلامي🌿ان هامبسون 🌿 روايات عبير القديمه 🥀 Where stories live. Discover now