الفصل الرابع

754 28 0
                                    

4- هل تأتين معي؟

أقترب فصل الربيع , كانت جولييت قد أنهت عملها في الحديقة عندما وصلت ماغ الى المنزل , حيّت صديقتها ودخلتا معا قاعة الجلوس , باشرت ماغ صديقتها بالحديث قائلة:
" أعلنت شركة عرض الأزياء حيث أعمل أنها ستعقد حفلة العشاء السنوية في فندق فينيسيا , تعلمين أنه أفخم فندق في لندن , يبدو أن شركتنا ستندمج مع شركة أخرى , وأننا سنتولى عرض أزياء في منتهى الأماقة والذوق".
" تعنين أنكم بلغتكم الدرجة الأولى في حقل الأزياء؟".
" نعم , سنقتصر على عرض الأزياء التي تليق بالطبقة الثرية فقط".
" لا بد أن الشركة المعنيّة من أشهر وأغنى شركات الأزياء".
" أكيد , والعارضات اللواتي يشتغلن فيها يتقاضين معاشات مرتفعة جدا , بالأضافة الى الرحلات العديدة التي يقمن بها حول العالم , لترويج آخر الأبتكارات الحديثة في عالم الأزياء".
وأقتربت ماغ من جولييت وفي يدها بطافة دعوة لحضور الحفلة وقالت:
" موعد الحفلة في الثاني من نيسان , لديك ما يكفي من الوقت لأيجاد ثوب يليق بالمناسبة".
" فندق فينيسيا.... سيسعدني جدا حضور الحفلة".
أرتدت جولييت فستانا أخضر اللون ينسدل عل قامتها النحيلة الرشيقة كاشفا عن بشرتها الناصعة ورقبتها الطويلة بشكل آسر , كان شعرها الأشقر الذهبي يتدلى فوق ظهرها بخفة وسحر , بدت مثال الجمال والأموثة , وعندما دخلت قاعة الرقص برفقة ماغ ألتفتت اليها الأنظار بأعجاب شديد , ومن بين الحاضرين وقع نظر جولييت على شاب أسمر وسيم كان يتأملها بأمعان , ولدى رؤيته شعرت جولييت بقلبها يهبط وتجمّد الدم في عروقها ...( مستحيل ) قالت لنفسها , ولم تصدق عينيها .... لكنها الحقيقة , فالشخص الذي تحدق به هو دورين... دورين كوراليس.أقتربت منها ماغ وسألت بقلق:
" جولييت ما بالك؟ تبدين شاحبة وكأنك رأيت شبحا".
كان دورين ما زال يتفحصها .... أستدارت جولييت نحو ماغ شاعرة بجسدها يرتعش , راغبة لو تهرب من أمام هذا الرجل الذي تكرهه كراهية تسمّ بدنها , ولاحظت ماغ نظرات الأعجاب التي يرمقها بها دورين فقالت لجوليت:
" هناك شاب أسمر وسيم عاجز عن تحويل نظراته عنك".
دورين كوراليس... ماذا يفعل هنا؟ شعرت جولييت بنظراته تغلّف جسمها ورغبت بالفرار , فقالت لماغ:
" علي أن أذهب الى غرفة الأستراحة".
وذهبتا معا , جلست جولييت محاولة تخفيف أضطرابها وتهدئة أعصابها المتوترة .... بينما أنهمكت ماغ في تحسين مظهرها مما أسعد جولييت أذ كانت في حالة أرتباك وحيرة لا ترغب بالأجابة عن أي سؤال يجول في ذهن ماغ , سرّحت شعرها ووضعت آخر لمسات التجميل على وجهها , ثم خرجت برفقة ماغ للتوجه الى قاعة الرقص من جديد , كان دورين في أنتظارها . أقترب منها ودعاها للرقص , وكانت جولييت قد أستعادت سيطرتها على نفسها فقبلت دعوته بهدوء , توجّها معا الى حلبة الرقص , وأخذها دورين بين ذراعيه محدقا في عينيها والأبتسامة تعلو وجهه الوسيم , لم يزل يحتفظ بجاذبيته رغم ظهور بعض الشعر الأبيض على رأسه , أذ أضاف ذلك الى مظهره سحرا غامضا ورجولة ناضجة.
" ما أسمك؟".
" لماذا, تهمك معرفة أسمي؟".
" مجرد سؤال لا غير".
" لست معتادة على البوح بأسمي لرجل غريب".
ضحك دورين وأجاب:
" تحاولين أظهار نضوج مبكر يا صغيرتي".
" صغيرة؟ مضى وقت طويل مذ كنت صغيرة".
" كم عمرك أذن؟".
بدا صوته آمرا , مسيطرا , مستبدا , وكأنه واثق من تلقّي الجواب على سؤاله , رفعت جولييت رأسها نحوه بطريقة توحي بالتمرد .... وقالت:
" ليس من عادتي البوح بعمري لشخص غريب".
ضحك دورين وكأنه يجد الأمر مسليا , أخذ جولييت بيدها وتوجه بها الى قاعة للجلوس منزوية , شاعرية الجو والطراز , أصطحبها الى مقعد ودعاها للجلوس قائلا:
"سنجلس هنا يا عزيزتي ونتحدث , تفضلي بالجلوس أولا ثم خبّريني عن نفسك".
نظرت اليه جولييت تتمعن في عينيه السوداوين ,كانت هناك أيام تمنت فيها لو تنظر اليها هاتان العينان نظرة حان ومودة , وهنا هي الآن تكتشف في أعماقهما أعجابا شديدا بها , وظل رغبة طاغية , لم يتغير دورين بعد كل هذه السنين , فهو لم يزل مستعدا لخوض مغامرة عاطفية مع أي حسناء يروقه جمالها , ترى هل بأستطاعتها أن تستعين بهذه الرغبة لتحقيق أمنيتها المنشودة ؟ هل حان لها أن تنتقم؟
قالت له:
" أجدك زقحا شديد الثقة بنفسك".
أرتفع حاجبا دورين معبّرا عن أنزعاجه لما سمع.
" هل بودك أن تشرحي لي ما تعنين بذلك؟".
" تصرفم أتجاهي مثلا , ألتقينا منذ دقائق معدودة وها أنت تصطحبني الى قاعة منزوية , ترغمني على الجلوس طالبا أن تسمع قصة حياتي".
" لكنك لم تعترضي لأحضارك الى هنا".
" حسنا , ها أنا أعترض الآن".
" أعترلضك مرفوض , فأنت الآن برفقتي , ليس في القاعة سوانا , وأصبحت تحت سيطرتي , فلا مفر لك من ذلك".فشلت جولييت في أخفاء أبتسامة ظهرت على شفتيها, فجلست تحدق به , لقد جمعهما القدر من جديد , وها هي نار الأنتقام تتأجج في داخلها وشعور الحقد أتجاهه أصبح جزءا من الحاضر , حقيقة واقعة لم يعد مدفونا في ماضيها , ذلك الماضي الذي لم تكن تنتظر أن يحيا من جديد.
" قل لي ماذا يدور في ذهنك هذه اللحظة؟".
" أخشى لو قلت لك الحقيقة أن أتلقى صفعة على وجهي".
أحمر وجه جولييت أذ أدركت معنى كلامه , ففضلت أن تغير الموضوع.
" هل أنت أيطالي؟".
" لا يوناني من جزيرة زاسوس , أسمي دورين كوراليس".
ثم توقف قليلا منتظرا من جولييت أن تبادله التعارف , لكنها أصرت على الصمت فقال:
" لماذا تصرين على كتمان أسمك؟".
أصبح صوته ناعما متوسلا فقالت:
" جولييت هاردي".
ونظرت اليه بأمعان خشية أن يكون أسمها أليفا لديه , لكنه لم يظهر أية أشارة تدل على ذلك بل قال بصوت ناعم دافىء :
" جولييت .... أسم ساحر.... تماما مثل صاحبته".
وعلت ثغره أبتسامة ساحرة أيقظت في أعماق جولييت شعورا قديما غمر كيانها , نفس الشعور الذي أكتنفها حين أدركت لأول مرة في حياتها أنها تحب رجلا , تحب دورين كوراليس , كم أحبّته! كم عشقت عينيه , أبتسامته , صوته...
" جولييت! أخبريني الزيد عن نفسك".
" هل من عادتك التحقيق في حياة كل أمرأة تتعرف عليها؟".
" لم لا ؟ هذا دليل على أهتمامي الشخصي بالمرأة المعيّنة".
" وهل أنت مهتم بي؟".
" أنت أول أمرأة تثير أهامامي بهذه الدرجة".
شعرت جولييت بنشوة الأنتصار , وجدت أن الفرصة بتحقيق رغبتها أوشكت أن تسنح.
" شكرا على هذا الأطراء سيد........".
" ناديني دورين , أريد سماع أسمي من شفتيك العسليتين".
ترددت جولييت قليلا وتملكها الخجل , لكنها نجحت في أخفاء أرتباكها وقالت بنعومة :
" دورين".
" جميل , صوتك دافىء وله رنة موسيقية مغرية".
وخيم الصمت بينهما لحظات طويلة , أستبقى دورين على مقعده وأغمض عينيه ليركز على الألحان الموسيقية العذبة التي كان غارقا في الأصغاء اليها , بينما كانت جولييت تتأمل وجهه الجذاب ولونه الأسمر , متذكرة كم كانت تود في الماضي أن تفوز بأهتمامه .... وكم من ليلة قضتها تبكي منادية أسمه , راجية لو يبادلها الحب كما تبادله هي , فتح دورين عينيه من جديد وكأنه عاد من بحر أفكاره وقال بصوت جاد كأنه تذكر أمرا مهما يريد أطلاعها عليه:
" أنها مشيئة القدر أن يجمعنا الليلة , لم أتوقع لحظة واحدة أن أقابل حسناء جميلة ومثيرة مثلك , فوجودي هنا يتعلق بمشروع عمل , أنني واثق أننا سنرى بعضنا كثيرا في المستقبل".
" وما الذي يجعلك تعتقد أنني سأوافق على ذلك؟".
" أيماني بالقدر".
القدر... جمعهما القدر لكي يتيح لها أن تنال ثأرها منه , بينما يظن هو أنه وجد أمرأة جديدة تملأ أوقات فراغه بوجودها , وتخفف من وحشته , أو تضيف رقما جديدا الى عدد النساء في سجل شبابه.
" قلت أنك هنا بخصوص عمل , هل جئت من اليونان لهذا السبب فقط؟".
أومأ دورين برأسه وأخبر جولييت أن والده يترأس شركة عرض الأزياء التي أخبرتها عنها ماغ.
" لكنني كنت أظن أن والدك يعمل في حقل التجارة البحرية".
وكادت جولييت تعض على شفتها وقد أدركت غلطتها , نظر اليها دورين بتعجب وقال:
" وكيف تعلمين ذلك؟".
" آه.... لا أدري بالضبط , ربما سمعت ذلك من حديث ماغ لبعض زملائها في الشركة".
ومرت بضع دقائق , وجولييت تحاول أن تدرس تعابير وجهه , علّها تكوّن فكرة عما يجول في ذهنه....
لكن وجهه أحتفظ بجموده المعتاد , ثم قال أخيرا :
" تعالي نرقص".
أخذا يرقصان على أنغام موسيقى عاطفية هادئة , ودفن دورين رأسه في شعرها الذهبي هامسا في أذنها:
"يا ساحرتي".
وعندما توقفت اموسيقى أعتذرت منه جولييت , أذ لمحت ماغ من بعيد , فذهبت لتنضم اليها.
" يبدو أنه مهتم بك جدا".
" أشك في ذلك".
ضحكت ماغ وأجابت :
" تواضعك ليس في محله , حان الوقت لتدركي قوتك في السيطرة على الرجال وتأثيرك عليهم".
وضحكتا معا , ثم قالت جولييت:
" هذا الرجل هو : دورين كوراليس".
" ماذا؟ ..... مستحيل....دورين كوراليس؟".
" نعم , الرجل الذي كان سبب لوعتي وظلمي".
وأتجهتا الى البار حيث أتاهما الخادم بالشراب المطلوب , تذكرت جولييت أنها نسيت محفظة النقود في معطفها , فقالت:
" ماغ , تركت محفظة النقود في المعطف".
" أسمحي لي بتسديد الحساب".
كان ذلك دورين الذي سمع ما قالته وهو يقترب منهما , قالت معترضة:
" يمكن لماغ أن تدفع...".
لكن دورين كان أسرع , رمقته ماغ بنظرة فاحصة , ولم تكن تبالي بتصرفه الكريم , ثم قالت له من باب التهذيب:
" شكرا ....".
" لا حاجة للشكر........".قضيا السهرة معا , لم يترك دورين جولييت وحدها حتى لحظة واحدة , أخذ على عاتقه أمر تنسيق السهرة وفقا لأرادته , وأستجابت جولييت لطلباته , أذ أدركت أنه فعلا يهتم بها , وأن علاقاتهما سوف تتخطى حدود المعرفة الى أن تنال حبه , وربما أذا بلغ حبه حدا عميقا وجديا من يدري .....فيريدها زوجة له.... الزواج ؟.......... نعم فمتى أصبحت زوجته , تكون قد بلغت المكان المناسب لتنفيذ خطتها .... الخطة التي ستجعلها تدوس على أسمه وكبريائه تحت قدميها , كانت جولييت تتأمل نفسها في المرآة , تستعد للخروج برفقته هذه اليلة أيضا.
حملت حقيبتها وأقتربت من الباب تهم بالخروج حين واجهتها ماغ قائلة:تبدين فاتنة , أرجو أن تتمتعي بوقت سعيد , دورين رجل راع".
" ماغ.... ما بالك , هل وقعت تحت تأثير سحره؟".
" ومن ينجو من ذلك؟".
" أنا...... لم أعد تلك الفتاة الساذجة الطائشة التي تعرّف بها منذ ثماني سنوات".
" ألا تعرفين معنى الغفران؟".
" لن أغفر ما فعله بي أبدا".
" لكنه مغرم بك".
" دورين لا يعرف معنى الحب ولا قيمته ".
" وأن طلبك للزواج ستقبلين حتما , أليس كذلك؟".
" ما الذي يجعلك تعتقدين ذلك وأنا أكرهه من صميم قلبي؟".
" كراهيتك له ستجعلك تقبلين الزواج به".
" صحيح سأتزوجه لسبب واحد , لتعذيبه , سأغتنم فرصة زواجي به لأعذّبه حتى يصبح حبه لي مصدر ألم وشقاء له , لأني سأرمي حبه في وجهه".
تجهم وجه ماغ وبدا عليه العبوس وقالت:
" لكنني لن أعهدك قاسية أبدا , ولا أصدق أن بوسعك الأقدام على عمل كهذا".
" ماغ , ربما نسيت أن هذا الرجل أذّلني , أحتقرني , وحوّل حياتي الى جحيم , أحتاج الى الثأر , أنه شعور لا أقوى على صدّه أو تجاههله".
" لكنك ستسببين الأذى لنفسك أيضا , لماذا لا تحاولين نسيان هذا الحقد ودورين معا؟".
" ربما سأضطر الى ذلك , فدورين عائد الى اليونان غدا بعد الظهر".
" حسنا , لعل ذلك أفضل حل لكليكما , ما يحيرني هو أنه لم لم يعرض عليك الزواج بعد".
" لا تحتاري , دورين معتاد على نيل ما يرغب دون اللجوء الى الزواج".
" ربما , لكنه لم يفلح في محاولته هذه المرة , خاصة أنه سيغادر غدا".
" صحيح , لقد حاول مرارا لكنني صددته كل مرة".
" لقد قضيتما وقتا ممتعا كما أستنتجت من حديثك السابق".
" نعم , كان يريد أن يشتري لي عقدا ماسيا لكنني رفضت".
" مجنونة , كان عليك القبول , فذلك يعوّض شيئا من الألم الذي سبّبه لك في الماضي".
" لا شيء يعوّض عليّ ذلك".
" أوافق أن ما فعله يدل على أنه رجل بغيض , لكني أشفق عليه لأنني أعلم أنه يحبك".
لم تجب جولييت , بل ألقت نظرة على ساعتها وقالت:
" تأخر الليلة".
وفكرت : ربما لن يأتي , أغاظها أنه لم يعرض عليها الزواج بعد, لالقد مضى أسبوع بكامله وهما يخرجان معا كل ليلة , ربما شعوره نحوها ليس عميقا الى الحد الذي يجعله يفكر بالزواج , وتصرّفها نحوه ليلة أمس ربما أغضبه حين وضعت حدا لمغازلاته المتتالية , طالبة منه ببرودة تامة أن يتوقف , لأن الوقت متأخر وعليها أن تعود الى البيت.
قالت ماغ:
" سيأتي دون شك".
ثم أضافت:
" صدقيني , أنه يحبك".
" أعلم أن شعوره نحوي أكثر من مجرد أفتتان عابر لكنه يصر على الأحتفاظ بأستقلاله وحريته".
كانت جولييت على صواب , أذ مضت السهرة على ما يرام , تناولا طعام العشاء في مطعم فاخر , وأظهر دورين حبه وتعلقه بها , لكنه لم يتطرق الى موضوع الزواج أبدا.
وخلال نزهتهما في الحديقة أخذها دورين جانبا وقال:
" جولييت تعالي معي الى جزيرتي غدا سأهبك جميع ما ترغبه نفسك , منزلا مستقلا , خدما , جواهر وأفخر الملبوسات".
" فكرة لا بأس بها , لكنها لا تليق بتاة مثلي".
" أتعنين أنك من الطراز القديم المتحفظ؟".
" ألم تدرك ذلك بعد؟".
جذبها اليه بشدة :
" لكنني أريدك بكل جوارحي .......نفسي تتوق اليك .... عليك أن تأتي معي".
" آتي معك كزوجتك فقط".
" لكنني لا أصلح للزواج , أنها فكرة لا تلائمني أبدا".
" ألا ترغب في الأستقرار ذات يوم؟".
" حريتي مهمة لديّ.. جولييت قولي أنك ستأتين معي غدا الى اليونان".
تنهدت جولييت مستسلمة لفشلها في تنفيذ نواياها , وأدركت أن محاولتها لم تنجح ولم يبق أمامها الآن سوى الوداع فلن تراه بعد اليوم , أستطرد دورين قائلا:
" قلت لك من قبل أنني أؤمن بالقدر , أظن أننا سنلتقي مرة أخرى".
" لقاء آخر سيكون صعبا جدا , ألا أذا أردت أن تتزوجني طبعا".
" وهل تقبلين بي زوجا لك؟".
" أنت أعرف بالجواب".وخيم الصمت , يبدو أن دورين يشك في أخلاص جولييت وصراحتها , وفي الوقت نفسه ,كانت مشاعر جولييت نحوه تخضع لتحولات غير متوقعة تجهل هي طبيعتها , قال دورين بصوت خافت:
" أذن تقبلين أن تصبحي زوجتي وليس غير ذلك".
" لو قبلت أن أصبح غير ذلك فسوف أفقد أعتبارك لي وأحترامك".
قطب جبينه وقال:
" لم أكن أتوقع جوابا كهذا وخاصة منك".
" لم لا ؟ أتعتبرني خجولة الى حد يمنعني من التفوه بجملة كهذه؟".
" لا أعتبرك خجولة بل رزينة".
" لندع هذا الموضوع جانبا أذن , قل لي , هل حصل أن عشقت أمرأة أنكليزية من قبل؟".
" واحدة أو أثنتين".
" من لندن؟".
" واحدة كانت تعيش في قرية صغيرة تدعى دورست".
" قروية ؟ وماذا كنت تفعل في القرية؟".
" كنت ضيفا في منزل والديها ".
كانت جولييت علم أن دورين لن يبوح بهوية تانيا وقد بلغ حدود حديثه عن الموضوع , فحاولت بدقة أختيار كلماتها للسؤال التالي:
" وهل كان والداها من أصدقائك؟".
" من معارفي فقط".
" أكان لديهم أولاد آخرين؟".
" كانت تعيش معهم فتاة قريبة لهم ".
أرادت جولييت أن تستفهم منه عن هذه القريبة , فسألته عنها...... أجاب بغضب:
" كانت طائشة وقبيحة المظهر, ولما تهتمين بأناس لن تقابليهم أبدا؟".
" حان الوقت لعودتي الى المنزل , فماغ تعجز عن النوم أذا لم أكن في البيت".
" لا أستطيع أن أتركك ترحلين".
جذبها نحوه بقوة , دافنا رأسه في شعرها .......كان قد أطلق العنان لعاطفته فجأة , أذ لم يعد يقوى على كبت مشاعره , أرادها له بكل ما في كيانه من رغبة وشوق.
" جولييت أريد منك جوابا نهائيا, آمرك بأجابتي ".
شعرت جولييت بقوته , بسيطرته , بعنفوانه وأرادته الصلبة , كانت يداه تضغطان عليها بشدة معبّرتين عن شوقه الجامح لأمتلاكها , تفجرت طبيعته اليونانية التي تثير مشاعر معظم النساء ألا جولييت , فهي ما زالت تحتفظ بهدوئها وثباتها .
" تعالي معي غدا...".
قالت بصوت هادىء:
" علي أن أذهب الى الداخل الآن , فالوقت بات متأخرا".
وفتحت باب السيارة , نزل دورين ورافقها لى باب المنزل وخيبة الأمل بادية على وجهه.
" جولييت ليس عدلا أن نفترق بهذا الشكل".
" وداعا دورين".
وأبتعدت عنه متوجهة الى الداخل , وأغلقت الباب وراءها من دون أن تنظر اليه من جديد , سمعت صوت سيارته تبتعد وأنتابها شعور بالفشل , لم تفلح في أختراق جدار أرادته الصلبة , ولم تجعله يتخلّى عن أستقلاله , خسرت لعبة القدر.

🌿اعدني الي احلامي🌿ان هامبسون 🌿 روايات عبير القديمه 🥀 Where stories live. Discover now