الفصل الخامس

646 28 0
                                    

5- الى جزيرة الثأر

دخلت ماغ البيت وفي يدها رسالة لجولييت:
" رسالة لك من مدير شركتنا , يبدو أنهم يبحثون عن المزيد من عارضات الأزياء , وقد وقع نظر المدير عليك خلال الحفلة السنوية...".
قاطعت جولييت حديث ماغ غير مصدّقة :
" عارضة أزياء؟".
" هيا أقرأي الرسالة".
وقرأت جولييت الرسالة وعندما أنتهت هتفت ماغ:
"أنها فرصة العمر , ما رأيك؟".
" عليّ أن أحضر مقابلة مع المدير غدا في الساعة الخامسة والنصف".
" يا لك من سعيدة الحظ , ستتولى الشركة أمر تدريبك على العمل كعارضة أزياء , بالأضافة الى الفرص التي ستتوفر أمامك للسفر الى الخارج".
لم تجب جولييت , كانت تتساءل عما أذا كان هذا العرض من عمل دورين , وكلما فكرت في ذلك كلما أشتدت ثقتها بأنها على صواب.
ذهبت في اليوم التالي الى المكتب لتقابل المدير.
" أهلا آنسة هاردي , تفضلي بالجلوس".
" شكرا".
جلست جولييت تتأمل أرجاء الغرفة المفروشة بالتحف الثمينة , ثم قالت:
" كانت رسالتك مفاجأة كبيرة".
" هذا ما ظننت".
تردد المدير لحظة قصيرة ثم أستطرد قائلا:
" تحتاج شركتنا الى عارضات أزياء يتحلين بقدر كبير من الجمال , فمنذ أندماج شركتنا مع شركة أخرى مشهورة , وجدنا أن علينا أختيار أجمل الفتيات للقيام بعرض أزياء تفوق الى حد بعيد ما كنا ننتجه من قبل , وكما ذكرت لك في رسالتي , سيتطلب منك السفر الى الخارج".
" والى أين سيتطلب مني السفر أولا؟".
" الى اليونان".
" وألى أي منطقة في اليونان؟".
" زاسوس , جزيرة رائعة تتحلى بآثار قديمة أخترناها كخلفية لبعض الأبتكارات الجديدة التي نفكر بترويجها في أوروبا".
" زاسوس..... هل عرضت علي هذا العمل وفقا لطلب السيد كوراليس؟".
تردد قليلا ......ثم أجاب:
" نعم .... لكن القرار الأخير يعود اليك , فلست مرغمة على القبول".
ألتقطت جولييت حقيبتها وهمّت بالرحيل:
" أقبل بلوظيفة".
وفي خلال أسبوعين كانت في طريقها الى اليونان , حيث أتى دورين لأستقبالها في المطار , أقترب منها والأبتسامة مشرقة على وجهه:
"ها نحن نلتقي من جديد , جوليت حبيبتي".
" جئت هنا لأتلقى تدريبا في عرض الأزياء , أعلمني المدير أنك ستتدبر أمر هذه المهمة ".
ضحك دورين وأجاب :
" كما تشائين , يسعدني جدا أنك وافقت على المجيء".
وأخذ بذراعها متابعا قوله:
" سنجتاز البحر الى زاسوس على المركب".
وفي طريقهما الى زاسوس شرع دورين يصف لجولييت جمال الجزيرة وأهميتها التاريخية والأقتصادية.
" تجدين في زاسوس غابات كثيفة , وجداول مياهها غزيرة ونقية بالأضافة الى الشواطىء العديدة , والتلال المكسوة بأشجار الصنوبر والمناظر الخلابة , يمكنك رؤية جبل زاسوس من خلال النافذة في منزلي , سيعجبك المنزل دون شك يا جولييت".
" منزلك؟ أعتقدت أنني سأمكث في الفندق؟".
" لم أجد لك أية غرفة في الفندق فجميعها مشغولة , ستكونين ضيفة في منزلي".
لم تعترض جولييت, كانت تعلم أن أعتراضها لن يغير الوضع , ستمكث في قلعته مهما كانت أرادتها , فهي وافقت على المجيء الى زاسوس آملة أن تنجح في تحقيق خطتها هذه المرة , أظهر دورين أنه لم يزل مهتما بها , فربما سيخضع لقلبه وعواطفه ويتخلى عن حريته لأجل الحصول عليها.
" جولييت , أتسمحين لي بالأعتناء بك كما أشاء؟".
" جئت الى هنا لأعمل".
" يا لك من أنسانة قاسية! كوني واثقة أنني سأنهال عليك بالضرب حال وصولي الى المنزل لعل ذلك يكون درسا مفيدا لتحطيم أرادتك الصلبة".
حذرته قائلة:
" سأعود الى لندن حالا".
بينما أنفجر يضحك بملء صوته:
" سنقضي وقتا ممتعا ..... سترين".
أدارت جولييت رأسها لتتأمل جمال الطبيعة من حولها , الجبال والبحر والتلال وأشجار الصنوبر والسرو والزيتون سحرتها بروعتها , وملأت عينيها جمالا وفتنة.
هتفت جولييت في الطريق الى المنزل:
" جزيرة رائعة الجمال".
ثم أضافت :
" لا شك أنك سعيد للعيش هنا بأستمرار".
" ستكونين أنت أيضا سعيدة".
" جئت بمهمة ولن يدون ذلك الى الأبد , فعندما أنتهي سأعود الى لندن".
" جوليت , لا أعلم ما تطلبين مني , أنتظري حتى نصل البيت , عندئذ سأعاملك بطريقة مختلفة".
" وماذا أستنتج من حديثك ؟".
" أنني سأجبرك على طاعتي".
نظرت اليه جولييت من طرف عينها لتجد على وجهه تعبيرا هو مزيج من القسوة والسلطة , حملتها ذكرياتها الى الماضي حين كانت تحبه , كم كان حبها له مفعما بأرق وأنقى العواطف , كانت مستعدة لو أراد , أن تعطيه روحها وكل ما في كيانها من حب وتضحية , ها هو الآن عاجز حتى عن أثارة أعجابها , فكما قالت ماغ لقد تولى القدر أمر معاقبة عائلة خالتها ولم يبق سوى دورين فهو لم ينل بعد ما يستحق , ها هي الفرصة تسنح أمامها من جديد لتحاول أنجاز خطتها بالأنتقام منه.
كانت الشمس ترسل خيوطها الذهبيى في كل مكان , وفي الهواء عطر الفاكهة الناضجة , وأخيرا وصلا الطريق التي تؤدي الى المنزل , عندما ظهر البيت من وراء الأشجار , هتفت جولييت معبّرة عن تقديرها لجمال وضخامة المبنى.
" أيعجبك؟ أعتبريه منزلك متى شئت".
" لا تقل ذلك , أمن عادتك دعوة كل أمرأة تتعرف بها للمكوث في منزلك؟".
" من يسمعك يعتقد أنني أحببت نساء عديدات".
" أليس هذا صحيحا؟".
لم يجب , علمت جولييت أنها أثارت غضبه لكنها لم تبال.
" تفضلي الى الداخل , أهلا بك في ماساليا , الأسم الذي أطلقته على منزلي".
دخلت جولييت هو يتبعها , راحت تتأمل المفروشات الفخمة التي تدل على ذوق رفيع , ولاحظت التحف القديمة الثمينة , وأصطحبها دورين الى غرفة الجلوس حيث جاء لأستقبالهم خادم المنزل قائلا:
" المعذرة , لم أ‘لم بقدومكما , ستأتي أستيرو الى هنا حالا".
" كلانزس , أقدم لك الآنسة جوليييت , جوليت هذا كلانزس يتولى وزوجته وأبنته أمر الأعتناء بهذا المنزل , هل هي أستيرو تأتي الآن , أنها زوجة كلانزس وها هيكاسيانا أبنتهما".
حيتهم جولييت بلطف وقالت:
" تسعدني مقابلتكم".
" سيتولى كلانزس أمر أحضار حقائبك الى غرفتك".
وبعد وقت قصير كانا جالسين في الحديقة يتناولان شرابا مرطبا.
" دورين , ينتابني أحساس أنك لم تفكر لحظة بأمكانية بقائي في الفندق ,بل كنت مصمما على مكوثي هنا مهما كان الأمر".
" صحيح , ومجيئك الى اليونان لا علاقة له كعارضة أزياء".
" أذن ما سبب وجودي هنا؟".
" كفاك تمثيلا , علمت منذ البداية أنني السبب وراء هذا العرض".
" نعم علمت ذلك".
" أذن تعلمين أيضا ما أريد منك".
" وأعلم ما أريد لنفسي".
تابعت جولييت كلامها شارحة له أنها سترجع الى لندن حالا أن لم تكن ستعمل كعارضة أزياء.
" قلت لك في لندن أنني لن أوافق أن أكون غير زوجتك , وما زلت مصرة على قولي".
حاول دورين أقناعها من جديد , معيدا على مسامعها أستعداده لمنحها جميع ما تشتهي نفسها من جواهر وثياب , وحتى منزلا مستقلا تسكنه متى تشاء ويبقى لها حتى لو قررا أن ينفصلا في المستقبل , أصغت اليه جولييت بصمت وعندما أنتهى قالت:
" دورين , أما الزواج أو لا شيء".
" أتعرضين عليّ أن أتزوجك؟".
أحتقن وجه جولييت وأجابت:
" أسأت فهمي تماما , فمن الأفضل أن نغير الموضوع".
" لن أغيّر الموضوع , أريد الوصول الى حل".
" لو كنت تحبن حبا كافيا لأردتني أن أصبح زوجتك".
" حبا كافيا......".
وبدا على دورين أنه يفكر , وكأن جولييت فتحت أمامه صفحة جديدة عن طبيعة النساء وأطوارهن , وأستغرق في التفكير ولم يتابع الحديث عن هذا الموضوع ألا في المساء , فبعد أنتهائهما من تناول طعام العشاء طلب منها دورين أن ترافقه في نزهة الى الحديقة , ساد الصمت بينهما لوقت طويل حتى توقف دورين عن السير وأخذ يتطلع في عينيها بشوق عارم , وبدا كأنه فقد السيطرة على عواطفه , حاولت أن تبتعد عنه لكنه جذبها اليه بشدة وقال:
" جولييت حبيبتي , قلت لي سابقا أنك توافقين على أن تصبحي زوجتي , ها أنا أطلبك للزواج رسميا.. فهل تقبلين؟".
" هل تحبني؟".
سألته هذا رغم أن الجواب على سؤالها كان واضحا على وجهه , فأجاب:
" أحبك يا ساحرتي , فهل تقبلين بي زوجا لك؟".
همست وفرح الأنتصار يغمر قلبها:
" بكل سرور".
أحست كأنها طير وجد حريته من جديد , فها هي فرصة الأنتقام قد حانت".
الأنتقام! كلمة سحرية سطعت في أفقها , باتت مسيطرة على وجودها , مستبدة بحياتها ومستقبلها , الأنتقام.... لن يهدأ البركان في أعماقها ألا حين تنجح في تحطيم قلب دورين كوراليس......
تمت حفلة الزفاف ,حضرتها وفود من الأصدقاء والأقارب مهنئين العريس على ذوقه الرفيه وحظه السعيد.
بدت جولييت وكأنها طالعة من أسطورة تتألق في ثوب أبيض من النسيج الحريري الصقيل , أما دورين , فكانت فرحته لا توصف , ويبدو على وجهه الفخر والأعتزاز بزوجة المستقبل.
أنتهت الحفلة ووجدت جولييت نفسها برفقة دورين ...... كانا وحدهما, فهي الآن زوجته , والوقت الذي كان دورين ينتظره بفارغ الصبر , ها هو قد آن أوانه.
أقترب منها وفي عينيه بريق من الغبطة والشوق , أخذها الى صدره بلهفة طاغية:
" هذا اليوم هو أسعد يوم في حياتي , يوم لن أنسته أبدا , سأحبك يا عزيزتي حتى يوم وفاتي , هذا وعد أقطعه على نفسي يوم زفافنا".
كلمات عطرة , تتمنى كل عروس أن تسمعها يوم زواجها, لكنها في ذهن جولييت كانت قصة أخرى مختلفة تماما تحوك نفسها , والمستقبل يتراءى لها مجللا بالثأر , ففي قلبها كانت تحمل لهذا الرجل كراهية وحقدا لا حد لهما , ومرادها الوحيد أن تحطم حياته..

🌿اعدني الي احلامي🌿ان هامبسون 🌿 روايات عبير القديمه 🥀 Where stories live. Discover now