الفصل السادس

610 20 3
                                    

6- تحبينني أم لا؟

أنطلقا في الغد الى جزيرة لزيوس ومنها الى آندروس وجوليت ما زالت تتبع خطتها لتعذيب زوجها حتى أعترض دورين على هذا الوضع ذات ليلة وواجهها قائلا:
" جولييت , أنت فتاة ذكية وحساسة , لا شك أنك تعلمين سبب تصرفك أتجاهي بهذه الطريقة".
" طبعا أعلم السبب , فالزواج تغيير كامل ومفاجىء في حياتي".
" لكنك كنت مستعدة للزواج نفسيا وجسديا , أتجبينني أم لا؟".
" تعلم أنني أحبك".
وكادت تنفجر ضاحكة , كم يسعدها أن تراه يتألم.
" حبيبتي , دعيني أظهر لك حبي وشوقي , فنفسي بشوق اليك".
" دورين , لا أقصد تعذيبك لكن".
" لكنك تمزقينني أربا , لقد أردت شهر العسل أن يكون شهرا لن ننساه طالما نحن على قيد الحياة , مضى على زواجنا أربعة أيام وما زلنا ننام في فراشين منفصلين".
" الوقت سيقربنا الى بعضنا , حاول أن تفهم وضعي لمدة أطول".
" وكم من الوقت تحتاجين؟".
" دورين! تتكلم وكأنك تزوجتني لأجل هذا فقط".
" أنها نزوة طبيعية يشعر بها الرجل أتجاه زوجته وخاصة خلال شهر العسل".
" لكن أمامنا العمر بطوله".
" وشهر العسل مرة في العمر كله".
دفنت جولييت رأسها بين يديها وتظاهرت بالبكاء , فأخذها دورين من كتفيها متوسلا اليها أن تسامحه.
" جولييت , أعذريني , ساحاول أن أفهم الوضع قدر المستطاع , هذه أول مرة أتعرف فيها على أمرأة مثلك, أدرك الآن أنك طاهرة وبريئة وعلي أن أعاملك برقة ولطف".
" دورين , خذني بين ذراعيك".
فعل دورين هذا مظهرا حبه وعطفه أتجاهها بينما كانت في قلبها نار من الكراهية وفرح الأنتصار.
وصلا الى جزيرة دلوس : مسقط رأس أبوللو وأرتينس , جزيرة باتت مقدسة لدى الأغريق فقرروا أبقاءها خالية من السكان , أنطلقا لزيارة الأماكن الأثرية والهياكل التي بنيت لرمز الشمس أبوللو , كانت جولييت تتمتع بوقتها الى أقصى حد , ويظهر عليها الأشراق والأبتهاج وكان دورين يستجيب لغبطتها أحيانا ناسيا تعاسته وتساؤلاته الملحة.
بعد نهار من التنزه والسير وتسلق التلال وتفقّد الأماكن التاريخية , أستعدا للعودة الى اليخت , كان البحر هائجا فأمسكت جولييت بيد دورين لتهدىء من خوفها وأضطرابها , وجذبها هذا اليه وقد أستيقظت في أعماقه رغبته الجامحة لأمتلاكها.
" جولييت حبيبتي .... لنبدأ شهر عسلنا هذه الليلة".
أبتعدت عنه جولييت حين لمحت على وجهه تغييرا مفاجئا في لونه.
" لست مستعدة لأصبح زوجتك بعد , أطلب منك أن تصبر أكثر".
لم يجب دورين وأعتقدت جولييت أنها ربحت مرة أخرى ,فدورين يحبها لدرجة أنه مستعد لأرضائها مهما كان الثمن , طبعا لا تتوقع أن تدوم تضحيته الى الأبد , سيأتي اليوم الذي سيطالب فيه بحل لهذا الوضع.
ولكن هذا اليوم لم يأت بعد.
كانت جولييت في حجرتها داخل السفينة , مرتدية ثوبا للنوم ينسدل على قامتها الرشيقة , كاشفا عن جمالها الرائع المغري , أشتدت حالة البحر سوءا وكانت السفينة تتأرجح بقوة فوق الأمواج الهوجاء مما جعل الذعر يتسرب الى قلبها.
فجأة أنفتح باب الحجرة ودخل دورين ثم أغلق الباب وراءه.
لم تحرك جولييت جفنا بل وقفت تنظر اليه بتعجب.
" هل تريد شيئا؟".
لم يجب دورين بل أقترب منها , ملتهما أياها بعينيه , أحست جولييت أن الوضع قد أقترب من نقطة الأنفجار.
فأعادت سؤالها , كان دورين يحدق بها بأمعان فأجاب:
" أريد أولا التحدث اليك".
" بات الوقت متأخرا للثرثرة".
" لم آت لأثرثر ".
وأقترب منها , ثم همس في أذنها:
" جولييت أحبك , تعالي لنناقش ما يزعجك".
تنهدت جوليت مدركة أنها ستضطر لبوح الحقيقة , كانت تتوقع أن تستمر في تعذيبه لوقت أطول , فأجابت:
" كما قلت لك من قبل , لست مستعدة للأستجابة لنزوتك بعد".
ترى ّ أسيتركها ويأوي الى فراشه وهو ما زال يتساءل عما يجري في حياه؟ لكنه لم يبد أي أستعداد للذهاب بل أستلقى على كرسي متأملا جولييت , متفحصا تعابير وجهها , محاولا بعينيه أختراق الجدار الذي يفصلهما.
" متى تصبحين مستعدة لمبادلة رغبتي اليك؟ مضى أسبوع زواجنا.......".
" أسبوع وقت قصير جدا , لست أول زوجة تعاني من مشكلة نفسية كهذه".
" صحيح , لكنك أول زوجة لا تبالي لمعالجة سبب هذا الشعور".
" دورين , أرجوك , حاول أن تفهمني , فالأمر صعب بالنسبة الي أيضا , خاصة أنني أحبك".
" أتعنين ما تقولين؟ أصبحت أتساءل عما أذا كنت فعلا تحبينني".
" أحبك دورين , ألا يمكنك الأنتظار لوقت أطول؟".
" الى متى يدوم هذا الأنتظار؟".
" ربما لمدة أسبوع آخر أو شهر أو..........".
" أو سنة , سنتين , عشر سنين".
وأوشك دورين أن يفقد السيطرة على نفسه , أدركت جولييت أنها في مأزق , لقد أخطأت في تمثيل دورها , فأخذت تحاول أنقاذ الموقف.توسلت اليه:
" لا تغضب علي".
ثم أضافت قائلة:
"فأنا تعيسة بما يكفي".
" أنت ؟ تعيسة؟".
رمقها بنظرة يساورها الشك وأضاف:
" أتعتقدين أن حسرتك توازي الأسى الذي يمزق فؤادي؟".
" وكيف لي أن أعلم ذلك؟ أرجوك لا تنظر ألي بهذه الطريقة , فأنت تخيفني".
" أخيفك؟ كيف ؟".
" تبدو على وجهك تعابير قاسية".
تجهم وجه دورين أذ لم يكن ينتظر منها أن تتهمه بالقساوة , بينما كان على العكس من ذلك يحاول جهده أن يظهر لطيفا , حنونا.
" لا يا عزيزتي , أنت مخطئة".
" ربما , لكن أرجوك أن تتركني فأنا منهكة من التعب".
" لكننا في شهر العسل وحتى الآن لم نزل سوى غريبين بالكاد يعرف أحدنا الآخر".
" لا تجعل تسرعك يقضي على سعادتنا".
" تسرّعي ؟ أتعتقدين أنني من حجر؟".
" دورين , لم يحن الوقت بعد".
" أخبريني هل كنت تتوقعين زواجا أفلاطونيا؟".
" لا , طبعا..........".
" أذن مم تعانين ؟ تتكلمين عن الحب بينما لا تدل تصرفاتك ألا على قلة أهتمام وأنانية مما يجعلني أشك في حقيقة حبك لي".
" ولم تزوجتك أن لم أكن أحبك؟".
"هذا ما أود معرفته".
أقترب منها محدقا في عينيها ثم قال:
" لماذا ؟ لماذا تزوجتني؟".
كان واضحا لجوليت الآن أن زوجها بلغ حدود الأنتظار وصبره على وشك النفاد , فحاولت بيأس جمع أفكارها والسيطرة على الموقف من جديد متشبثة بآخر محاولة لأعادة الأمل اليه :
" تزوجتك لأنني أحبك".
" لا تكذبي , كفاك تمثيلا , أنتهت المهزلة الآن , من الواضح أنك تمثلين دورك ببراعة ورباطة جأش , لكنني لم أعد كالدمية بين يديك , أريد معرفة سبب زواجك بي".
وقفت جولييت وقد شحب لونها وأرتعش جسدها .
تحطمت أمامها جميع أحلامها ورغباتها .... كم تمنت لو يطول تعذيبه لمدة أطول , كم تمتعت بالتلاعب بعواطفه كما تمتعت بالتلاعب بعواطفه كما تشاء , لكنها رضخت للأمر الواقع أخيرا وقالت بصوت مرتعش:
" تزوجتك طمعا بثروتك".
ظنت أن الحقيقة ستحطم قلبه , وأن الحزن سيكون بمثابة طعنة في صميم قلبه... أنها سترى كبرياءه تتحطم , وتكون هي قد وضعت آخر لمسة في لوحة الأنتقام التي رسمتها في مخيلتها طيلة الأعوام الثمانية الماضية.
جمد دورين في مكانه , نظر اليها محاولا أن يستوعب ما قالته, شعرت جولييت بحاجة ماسة للفرار , أرادت الأبتعاد عنه , عن هذا اليوناني المستبد , الذي يزرع الخوف في كيانها , كم تخشاه! وفي هذه الساعة بالذات.
تخيلت هذه اللحظة بشكل مختلف تماما , كانت تتوقع أن تكون هي سيدة الموقف , تستبد بغنيمتها وتلعب بها كيف تشاء , لكنها باتت ضحية لعبتها الماكرة.
" ماذا قلت؟".
" أعتقد أنك سمعتني جيدا".
" طمعا بثروتي؟ أريد شرحا موسعا أذا سمحت".
" ولماذا الشرح الموسع؟ الأمر واضح جدا".
" أتعنين أنك أردت الزواج برجل ثري وشاء القدر أن يكون هذا الرجل دورين كوراليس؟".
" بالضبط".
كان صوتها يرتجف من الخوف والخجل , حاولت بملء قوتها أن تضع حدا لأرتباكها , أن تستعيد سيطرتها على نفسها , لكنها لم تتوقع أن يكون الوضع صعبا لهذا الحد , وأن الموقف سيفلت من يدها بهذه السهولة.
" بدأت أرى الحقيقة الآن , كنت دائما على ثقة كبيرة بجمالك وسحرك , فأردت أستعمالها كأداة لأيقاع رجل ثري في مصيدتك , يا لك من صيادة ماهرة لكنك فوجئت بذكاء ضحيتك , أليس كذلك؟".
توقف قليلا منتظرا منها أن تعلّق على أفتراضه , لكنها لازمت الصمت فتابع قائلا:
" ولم تكن تصرفاتك سوى تمثيل متقن لا غير , الى متى أفترضت أنني سألعب لعبتك؟".
" لم يعد للجواب أية أهمية".
" صحيح , لم يعد مهما بعد الآن ".
وأقترب منها وشرارة الغضب تتصاعد من عينيه ثم قال :
" والآن يا زوجتي الساحرة....".
أبتعدت جولييت أذ تسرب الذعر الى قلبها , نظرت حولها بيأس شديد محاولة أن تجد مفرا من هذا الأسد الكاسر , لكن دورين أمسكها بعنف وجذبها نحوه خانقا آخر محاولة لها بالفرار , حاولت صدّه , قاومته بملء قوتها , لكنها ما لبثت أن أستسلمت لأرادته حتى قال ضاغطا بأنامله على وجهها :
" لا تتوقفي عن المقاومة يا جميلتي , لا تستسلمي بهذه السهولة.....".
وأرغمها على النظر في عينيه وكأنه يريدها أن تعلم أنه سيدها وعليها أطاعته , ثم أطلق ضحكة رنانة أثارت غيظها لدرجة أنها جمعت قوتها وعزمها من جديد وأفلتت من قبضته , لكنه سرعان ما أحبط ثورتها وتمردها محكما أنامله حول رقبتها, وكأنه على وشك أن يخنقها , فصاحت بخوف:
" أرجوك أتركني وشأني , عد الى حجرتك".
" ليكن في علمك أنك تخاطبين زوجك , أردت الزواج فحصلت عليه , الدور دةوري الآن ".
" لا.... أرجوك أرحل عني ..... لست على ما يرام".
" ستشعرين بتحسن بعد قليل".
ومن جديد وجدت نفسها تحت رحمته , لكنها لم تيأس بعد , بل أستمرت في مقاومته بينما كان هو يضحك هازئا بمحاولتها الفاشلة , وقال بسخرية :
" سأحطم أرادتك الصلبة يا زوجتي الماكرة".
" أخرج من هنا حالا قبل أن أجعل صراخي يجذب كل من في هذا المرفأ".
ضحك دورين من جديد وأجاب:
" لن تفعلي ذلك , فكما قلت لك , اللعبة لعبتي منذ الآن وستبقى لي حتى أمل منها وأقرر أستبدالها ".
" ومتى سيكون ذلك؟".
" حين أملّ منك وأرغب أستبدالك بأمرة أخرى , فأنت الآن غير زوجتي , تماما كما كنت تخشين أن تصبحي ".
وأطلق ضحكة رنانة ثم أضاف:
" وستبقين هكذا حتى أجد أمرأة أخرى تثير أهتمامي ورغبتي فأتركك في سلام , ولن تحصلي على قرش واحد من هذه الصفقة الخاسرة".
وقبل أن تجيب , حملها دورين بين ذراعيه ودخل بها الى حجرته وأغلق الباب بعنف , غير مبال بدموعها ولا بتوسلاتها.

🌿اعدني الي احلامي🌿ان هامبسون 🌿 روايات عبير القديمه 🥀 Where stories live. Discover now