لقاء صديق قديم

3K 119 5
                                    

ركن سيارته على جنبات الطريق، وساد صمت مقيت، فالتفتت و بقيت تنظر إليه في قلق، ولوهلة أشاح نظره إليها يحدق بإعجاب وسعادة، ما لبث أن تحولت إلى نظرات جادة وصوت واثق ،فأنطق جملة جعلتها عاجزة عن الكلام.

-آنسة روز.

نظراته المريبة جعلتها تشيح نظرها عنه، وبينما تداعب قطرات المطر المنساب على نافذة السيارة، تلقت نداءه الجاد، لتلتفت له فجأة وعيناها تحملان اهتمام كبير لما يود قوله.

-ماذا هناك؟

دون تردد، ولا خوف من ردة فعلها وما ستؤول إليها علاقتهما الحالية بعد طلبه، نطق عما جال خاطره، خشي أن يضيع منه الفرصة ورأى أن هذه هي فرصة سانحة قد لا تأتي مجدداً.

-هل تواعديني من فضلك؟

طلب اعتباطي غير مبرر، هكذا أحست فعلاقتهما لم تبدأ إلا من فترة قصيرة، فمنذ متى بدأ يكن مشاعراَ ناحيتها؟ أحست بعدم الارتياح، لربما فتاة غيرها كانت ستشعر بالسعادة، فهو شاب وسيم قد يتمناه كل فتاة، و ثري لا ينقصه شيء، صديق جيد وقت الحاجة، شاب لا يشوبه شائب، إلا أنها شعرت باستنكار من أن يكون مشاعر سيده حقيقة، دوامة من الأفكار المبعثرة تجولت في ذهنها خلال تلك اللحظة، ما جعل لسانها عاجزاً عن الإنطاق، وبقيت متسمرة للحظات، بعد أن رتبت أفكارها، وأحست بغرابة الموقف، اعتدلت جلستها ونظرت ناحية الرصيف، ثم نطقت بارتباك مدعية أنها رأت شخصاً تعرفها، لتشير بدهشة تقول:

-أوه، إنها لورا! سيد رودلف هل يمكنك أن تسبقني إلى المنزل؟

فتحت الباب بعجالة مع ربكة جعلت أغراضها تتناثر أرضا، صرخت تنادي: هيه، لورا توقفي عندك.
ثم التفتت تنظر ناحية رودلف تقول: اعتذر سيد رودلف علي الذهاب أراك لاحقا.

فهم من هروبها تلك أنها ترفضه لكنه لم ينزعج ولم يتضايق، فربما مشاعره الوليدة ما هي إلا مشاعر امتنان لمعروف قديم،  فسره في لحظة أنها إعجاب، هكذا حدث نفسه، لذا تفهم الأمر، وانتظر لحين جمعت أغراضها ثم مضى بسيارته نحو المنزل.

في تلك الأحياء المظلمة مساءً، حيث تقبع شقة السيدة فيفيان تعالت أصوات شجار بين مارسيلو وزوجته، فيما السيدة هادئة لا تتحدث إلى أحد، منذ أن عادت ساندرا ومعها ملاين من اليوروهات والبيت في جدال دائم، فقد شعرت السيدة بالإهانة، فهي لن تحط من كرامتها لتطلب المال من صبي رمته منذ سنين وتخلت عنه، أمرتها بإعادة المال ولكن عنادها ورغبتها في بناء مستقبل ابنها جعلتها ترفض أوامرها، فيما زوجها يهددها بالطلاق ما لم تعد المال.

-ساندرا تعلمين أننا لم نعامل ذلك الولد بحسن و متأكدة أن ذلك المال لم يخرجه شفقة لحالنا

-وماذا في ذلك! أليس المهم أن نسدد ديوننا ونرتاح من السفر والترحال؟ عملك في ذاك الملهى لا يؤتي بقوت يوم فما بالك بقسط من الدين.

بجعة في عرين الأسدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن