رد الدين

4.1K 125 0
                                    

مساءً خرج رودلف من سيارته الرياضية أمام مدخل منزل والده، فاستقبله رئيس الخدم وأخذ منه حقيبته مع القاء التحية عليه.

-مرحبا سيد رودلف

-أهلا هل والدي في المنزل؟

-الجميع على مائدة العشاء باستثنائك سيدي.

- إذا سأقابلهم على الفور

دخل إلى صالة الطعام وبالفعل الكل على المائدة، مأدبة فاخرة تحتوي ما لذ وطاب وكل أصناف الطعام، وبسبب التوتر التي تحيط المكان لم يحرك منظر الأطباق شهية الافراد الذين يجلسون حولها، ودخول رودلف زاد من الطين بلة.

-مرحبا جميعاً، او عمي ادوين! كيف حالك؟ لقد مضى وقت طويل لم اراك، ستيف! كيف هي اللعبة الجديدة؟ هل لقى رواجاً لأن منذ بث المؤتمر لم أجد له صيت في الأرجاء حتى أني دخلت في موقع عالم اللاعبين المحترفين فوجدتهم يتحدثون عن لعبة (pnj)لشركة سكواتش.

ظل يستفزهم واحداً تلو الآخر ولم ينطق أحداً بكلمة، البعض كان ينفر من الطاولة والآخر يكتفي بقطب حاجبيه وعض شفاهه قهراً، سكون حل في المكان. مضى وجلس يتناول الطعام بهدوء ولم يهتم بمن حوله، أنهى وجبته وغادر إلى جناحه فوراً.

دخل غرفته وألقى بجسده المتهالك على فراشه، يسترجع أحداثاً لا يكاد ينساه حتى يطرق ذاكرته مجدداً، تذكر تلك اللحظة التي أعطاه الرجل ساعته الثمينة وأخبره بأنه سلمه الذي سيجعله يصعد مجدداً، لم يفهم وقته ما كان يعنيه، ولكن بعد أن خطيا بأقدامهما بوابة منزل عائلة ادوين ماركانتونيو، أدرك المقصد. وهو أن عليه أن يغدو محارباً يحارب من أجل حياته.

كان منزلا بسيطاً لمحام يعمل في شركة ضخمة مشهورة في البلد، به زوجته وأبناءه الأربع سايمون، فرانك، ستيف وأماندا. عاشا في ذلك المنزل وهما يتحملان الأعباء، وذلك لتحقيق غايتهما، لم يفهم كيف لعمه أن يكون بوضع أحسن من والده، فعلم فيما بعد أن والده الذي تبناه السيد روبرت كان عالماً فيزيائياً، امتلك مختبراً لتجاربه، لكنه بعد أن فشل في مشروع له أفلس تماماً وأصبح مشرداً، تخلى عنه زوجته وابنته ليصبح تائها في الأرض، لا يملك قوت يومه. لم ينسى ما قاله والده ذلك اليوم.

-رودلف تحمل اليوم فغداً ستكون شخصا عظيما، يهابه الجميع. لدي بصيرة أستطيع أن أرى مستقبلك في عينيك.

ظن أن والده يحاول التخفيف عنه بهذا الكلام، لكن حين وجد أنه يكد؛ فيعمل بستانيا لدى أخيه في الصباح، وفي الليل يجمع النفايات فلا يعود إلا بعد منتصف الليل، هالك الجسد، ليصبح طريح الفراش دون أن يتناول عشاءه. أدرك كم أن عليه بذل مجهود ليرد له صنيعه واحسانه.
كانا بمثابة حملان ثقيلان على عائلة ادوين. وتحملا تذمر مارسليا الدائم (زوجة ادوين)، كما اضطرا إلى استعطاف الأبناء خاصة ستيف الذي كان بعمر رودلف للحصول على ثيابه، كون تكلفة شراء الملابس باهظ الثمن، فعمل رودلف بعد المدرسة في تنظيف الثياب وحل واجباتهم، ورغم ذلك تفوق رودلف، فكان يحصل على أعلى النتائج، ليحصل بذلك على منحة في أرقى الجامعات، وتخرج في مجال علوم الحاسوب، ثم بدأ بصحبة فريق عمل صغير مكون من أصدقاء الجامعة بمشروع صغير في انتاج لعبة ثلاثية الأبعاد. لكنه اضطر إلى إكماله بنفسه فيما بعد، فأصحابه الذين عملوا معه حاولوا خيانته بالعمل مع ستيف لبيع مشروعه الذي وضع حياته فيه. ولطالما غار منه، فمنذ أن كان متفوقاً في المدرسة، شهد ستيف مقدار الحب الذي تلقاه رودلف من والده وتشجيعه له، بعكسه الذي كان يتلقى توبيخا بسبب مستواه الدراسي، كان بينهما جفوة غير مبرر، فبسبب عدم تلقى أي اهتمام لأموره، تولد في نفسه الحقد والكراهية فصب غضبه على رودلف المسكين، وأخذ يكيد له المكائد ويضعف عزيمته في كل مرة. ورغم محاولاته الدائم لإفساده عمله إلا أنه كان ينجو من مكائده بسهولة، نجح رودلف وغدا ثريا يملك كل شيء، إلا أن المحام العظيم السيد ادوين خسر كل شيء، بعد فضيحة فساد الشركة التي عمل فيها، مما جعلهم يعتمدون على رودلف، فعاشوا معا في قصره ، لحين طور ستيف أعماله ثم انتقلوا بعد ذلك.

بجعة في عرين الأسدWhere stories live. Discover now