الفصل الثامن

Start from the beginning
                                    

ولكن!

ما أحزنها بشدة هو ذاك الصوت المردد بالدعاء الذي يضج بأذنيها منذ سماعها إياه ممتزجاً بقهر وانكسار ذلك العجوز المُعدَم الذي يخشى فُقدان قوت يومه، فانتابتها الخشية هى الأخرى من عقاب الله على فعلتها التي زَجَّت بذلك  العامل البريء بطريقها فيلحقه أذاها عن دون قصدٍ منها.

حسبي الله
مؤذي
السبب
قطع عيشي
علاج بنتي.

مهلاً مهلاً...

أغمضت عينيها بألم مع بعض الهزّات المتتالية لرأسها يميناً ويساراً تحاول نفض تلك الكلمات.

وما أخرجها من تلك النوبة سوى صوت  إحداهن فتشبثت بها كطوق نجاة حتماً سينقذها من الاستغراق بتلك الدوامة.

فهتفت الزائرة : إيه يابنتي مالك؟ قال وانا اللي فاكراكي هتفرشي الأرض ورد وانتي بتستقبليني، قوم آجي الاقيكي بتنامي على نفسك

وقفت رحمة تحتضنها بحب وشوق جارف قائلة :  إزاي بس ده انتي نورتي المكتب ياحبيبتي، وحشاني أوي ياهوبا.

هبة وهى تجلس بالمقعد المقابل لرحمة : انتي أكتر يا حبيبتي.

رحمة : وأخيراً عرفنا نتقابل، طمنيني خالتي عاملة إيه دلوقتي؟

هبة : الحمدلله خرجت من المستشفى امبارح، سامحيني غصب عني كنت مشغولة معاها الفترة اللي فاتت طول ماهى في المستشفى، ومكنتش عارفة اطمن على أخبارك، ها ياستي احكيلى كل حاجة وبالتفاصيل..

أخذت كل منهما تقص على الأخرى ما فاتها من أحداث بالفترة الماضية، كما أخبرتها رحمة بكل ما عَلِمَتهُ عن عاصم  حتى صاحت هبة بدهشة :

بــجـــد؟ عملتيها ازاي دي؟

قاطعتها رحمة بنظرة مشتعلة كي تُسكِتها نظراً لاقتراب العم حامد من المكتب وهو يحمل المشروب الذي طلبته لهبة، فصمتت كلتاهما، ثم شكرت العم حامد وتتبعت أثره بناظريها حتى اختفى من أمامهما.

فأخذت تهمس بارتجاف خشية أن يكن سمع حديثها عن مخططها : ربنا يستر وميكنش سمع حاجة، ده بيحبه أوي، وانتي كمان وطي صوتك بدل مانروح في داهية.

هبة : لالا مفتكرش ده كان بعيد ، واديني وطيت صوتي قولي بقى.

رحمة بخفوت : من يوم ما اشتغلت وانا بفتش في كل الملفات اللي موجودة وكمان على الكمبيوتر واكتشفت ان في اختلاف بين أرقام الأرباح الحقيقية والأرقام اللي بيقدمها للضرايب، يعني تهرب ضريبي وتزوير وطبعا بلغت عنه بدون ذكر اسمى وبعتّ ظرف فيه صور من الملفات دي وجم قبضو عليه، وعلى ما وصل هناك كان في مفاجأة تانية مستنياه.

هبة بزهول : تاني؟

رحمة بثقة : أيوة، وانا بقلب في الملفات لقيت مبالغ كتير مكتوبة تحت بند إكرامية، وطبعاً في بلدنا الحلوة دي إكرامية يعني رشوة، وأكيد دى كان بيدفعها في مناقصات او للموظفين عشان يخلصوله شغله، فصورتها بردو وبعتّها في ظرف تاني وفي النيابة  واجهوه بيها، وأخد أربع أيام على ذمة التحقيق، والنهار ده آخرهم، المحامي قال يا يتسجن يا يخرج بكفالة ويدفع غرامة للضرايب

رصاصة الرحمةWhere stories live. Discover now