الفصل الأول : الجزء الثاني

15 1 0
                                    

لا أحد سوى ذلك الرضيع، قمت بفتح باب السائق وأخدت الرضيع إلى أحضاني لكنه كان خفيفًا بشكلٍ يدعو للشك ولم يحدث أي صوت!، أبعدتُ القماش عن وجهه لأكتشف أن الرضيع كان دميةً فحسب! ما لذي يحدث؟ هل هناك شيءٌ قد أصاب رأسي ؟ ، لم أستطع المضي قاصدة تلك المرأة فقد شعرت أن شيء قد اخترق احشائي فجأة، أشحت النظر الى جسدي لأجده قد تلطخ بالدماء التي تدفقت من جرحٍ قد أصابني، أشحت حينها ناظري باحثةً عن السبب ، لأجد ذلك الرجل يبتسم لي وهو يمسك بتلك السكين التي غرزها فِيَّ، حاولت ضربه لكنه أزاح السكين وغرسها بي مجددًا ،  بدت أتحرك بخطواتٍ عشوائية حتى تعثرت وسقطت في الأرض جاثيه، رأيت صخرة كبيرة تفي بالغرض لقتله ، التفتُ لأجد أن لا شيء خلفي ، و لا حتى السيارة !، نظرت للمرأة التي تمسك بعربة طفلها ، لأجدها تلاعب طفلها، لكن ما أصابني كان حقيقي ، سقطت على الأرض مستلقيةً أسعلُ الدماء وبينما أنا أنظر للسماء الصافية بات لونٌ أسود يختلط في ناظريّ حتى فقدتُ قدرتي على الرؤية، وكما أن روحي قد باتت تخرج من مكانها في تلك اللحظة ، لكن .. ماحدث بالفعل هو أن ذلك الحارس الضخم لحق بي فوجدني مغشًى عليّ في منتصف الرواق الطويل ..

اِستيقظت بفزعٍ في المشفى ، شعرت أنني عدت من الموت ، هل يعقل ان كل ما حصل لي كان وهمًا فحسب ؟! ، قدمت الممرضة باِبتسامة عريضة وباتت تتحدث عما أصابني ، وهو نقصانٌ للغذاء لا أكثر وسيتحسن كل شيء بعد ذلك لكن كنتُ لا أدرك ما يحدث في الواقع فقد خضتُ في تجربة الموت منذ قليل يحال أن يكون محض كابوس!، بعد مدة بسيطة من الوقت دخلت فتاة مبتهجة واندفعتْ نحوي لتجلس امامي تسألني:

- " هل انتِ على ما يرام؟ "

كنت موجهة أنظاري للممرضة ملتزمة بالصمت وأشعر بالقلق في كل مرة أرى بها وجهًا جديدًا، قهقهت تلك الفتاة كي تمد يدها وهي تقول:

- "ظننت أن شقيقتي أخبرتك بِكل شيء، إذًا وأخيرًا سأكون أنا من يخبرك بمن أكون، أنا كارين ومن رأيتها قبل قليل كانت ميرا، شقيقتي الكبرى وذلك الضخم هو كين اللطيف جدًا .. وأنت تكونين...؟
- "لا أستطيع تذكر اسمي، لكنها قد أخبرتني أنها ستطلق عليّ اسم (إيريس) "
- "إيريس؟، إن الإسم يليق بك جدًا "

لم أستطع التركيز مطلقًا فيما تقوله بعد أن رأيت أحد الأطباء يحدق بي كأن عينيه ستخرجان من مكانهما وتدخلان داخل الغرفة، صمتت كارين وهمت راحلة، وهي تحمل في عينيها الخيبة بسبب عدم تجاوبي معها، قصدت طريقها نحو دورة المياه، لترحل الممرضة خلفها، بقيت وحدي ليدخل ذلك الطبيب، تمسكت بالغطاء وهو يسألني بضعة أسئلة وانا لاأزال صامتة، فعينيه لم ترحلا عني رغم أنه يكتب في دفتر ملاحظات، دس شيئًا في محلول المغذي، لأنزعه فورًا من يدي، وأهلع من مكاني ..

- "ماذا هناك؟ ما لذي حدث؟"
صرخت كارين وهي تراني أقف بعيدًا، لم انطق بكلمة بل نظرت للطبيب فورًا الذي تبدلت ملامحه لملامحٍ أخرى، وقفت أمام النافذة لأرى مالم أتوقعه، تعجبت كارين من قلقي لتصيح في الطبيب:

- "ما لذي فعلته لها بحق السماء؟"
- "لم افعل شيئًا، أقسم!"

أجابها الطبيب بخوف، لتقترب حينها كارين مني وحاولت وضع يدها على كتفي لكنني اِبتعدت عنها فورًا، لتبتسم وهي تتأمل ما خلف النافذة وتهمس:

- "إن الجو جميلٌ اليوم، أليس كذلك؟ "

التفت لها لأنني أرى السماء قد تغير لونها من الحريق الذي يضرم بالمباني والأشجار وليس جوًا جميلًا كما تراه هذه الفتاة.

الثُقب الأسود | THE BLACK HOLEWhere stories live. Discover now