نفث بدخان سجارته ببطئ فاتنٍ من بين شفتيه  " أظنّ البقاء بتابوتٍ لستة مئةٍ سنةٍ يجعلك شرهًا.." بعينيه الناعستين اللامباليتين
ألقى بنظرةٍ سريعةٍ للمجزرة التي أحدثها بيديه لاعقًا شفتيه بجوعٍ..لإمتصاص المزيد من القوة الروحية ، تنهدّ بضجرٍ محدثًا نفسه بتعابير ميتةً  " ولكن..لنقم بزيارةٍ قصيرةٍ أولًا ".

كان الأمر يستغرق بضع لحظاتٍ حتى بات بالمكان الذي أراد زيارته.. ، تأمل بحدقتيه المتعالتين في البحيرة التي إنعكس القمر على مياهها الصافية الأشجار و الورود الوردية اللون بكل مكانٍ تقع عليه عينيه الورود الجميلة ورود البوفارديا.. فقط ماكان بمرمى بصره ، أزاح قلنسوة قميصه عن رأسه كان يبدو كأيّ شابٍ طبيعي بملابسه الحالية بغض النظر عن وسامته أو وقفته التي تبعث الجلالة والعظمة..، إحتاج الأمر فقط منه جعل عينيه ذات الزرقة القوية الممتزجة بالرماد البرّاق يشعان بتنافسٍ مع القمر حتى تخرج إمرأةٌ من وسط البحيرة بتاج متلالئ على رأسها و بحدقتين خضراوتين عدوانيةٍ مفترسةٍ حدجته محذرةً بصوتٍ رخيم " من تكون يا هذا حتى تقتحمّ حدود مملكة السايرن بطريقةٍ هوجاءٍ كهذه ؟! " .

لم يكترث بلّ تفحصها من الأعلى للأسفل بنظراتٍ تفحصيةٍ خرجت
من تعابيره الباردة متجاهلًا نظراته التي بكل ثانيةٍ تمر تزداد عدوانيتها ، فهو لم يكتفي بإقتحام المملكة بلا إحترام فحسب بل وبعث طاقةً مهددةٍ منه..! تكونت إبتسامةٌ هازئةٌ على شفتيه ليردفها ببرودٍ مستفزٍ " لما تسأليني هذا السؤال..ألا يمكنكِ معرفة ذلك بالنظر فقط لجبيني ؟ " .

حدقتيها الخضرواتين فورًا توجهت لجبينه وبذات اللحظة عقدا حاجباها وضيقت بعينيها بإستغرابٍ لم يدم طويلًا حتى إتسعت عينيها بعدمٍ تصديق وإنكارٍ تامٍ وقد شحب وجهها " آه.." فرّت بين شفتيه بنبرةٍ مزيفة واضحة لتتسع إبتسامته ويرفع رأسه بإستعلاءٍ خبيثٍ إستوطن عينيه مكملًا " أنتِ لا تستطعين رؤية أي شيئ..أتسائل لما جيرماني..؟ " لم تجب وإنما فورًا هي رفعت يدها بإرتجافٍ كأمرٍ للسايرن اللاتي إختفنّ فور رفعها ليدها لتبقى هي وحدها وبمفردها..معه.

كل خليةٍ بداخلها ترتعش.. أنفاسها المرتجفة تصل لمسامعه كمخدراتٍ تجعله تنتشي يُحب رائحة الخوف والذعر بذات المقدار التي يحب بها رائحة الدماء ، أما هي..فقد عرف جسدها الذي إرتعش وقلبها الذي خفق بجنونٍ علم قبل عقلها بهوية من أمامها..الكارثة التي تحدثت عنها مع كتاليا قد وقعت..حقًا الكارثة بعينها تقف أمامها.. الشخص الوحيد التي لا تستطيع السايرن رؤية إسمه على جبينه..كيف لم تلاحظ حتى رائحة الدماء الملتصقة به..؟! وليس دماء تعود لشخصٍ واحد فقط..بل لعدد مهوّلٌ من الأشخاص الذي من المحتمل بأنه قتلهم قبل أن يأتي إليها..! " مـ-..ماينارد.." بلا وعي تمتمت بين شفتيها بصوتٍ منخفضٍ عينيها الخضرواتان أسيرتان خاضعتان لعينيه وكأنها سترى موتها إن أشاحت ناظرها عنه..عن حاصد الأرواح الذي يقف أمامها ، بإستمتاعٍ بالوضع عدل من هندامه دون أن يقطع وصل أعينهم " إذًا كيف سننهي هذا جير..؟ " إختصر إسمها بنبرةٍ فاتنةٍ مميتة لتكمش وجهها بتقزز ناطقةً بإشمئزاز منفعلٍ " ما الذي تريده..؟! " رغم أنها تعرف كلا بل تجزم إنه يدرك رغم كل الثبات المزيف الذي تظهره إلا نبضات قلبها تخونها..ساقيها التي ترتجف كالهلام تحت الماء تخونها..

 أعين السماء || EYES OF SKYWhere stories live. Discover now