الفصل الثالث

242 8 8
                                    


الفصل الثالث

** تسللت الخيوط الأولى لشعاع الشمس مشيرة لانتشار الصباح بالأُفُق، صاحبه شقشقة العصافير القابعة خلف شُرفة غرفتها التي خُصِّصَت لها.مُعلنة بداية يوم جديد.
_________

استيقظت بوَهَن تفرك عينيها المتورمتين من أثر البكاء ليلة البارحة و قد كسا الإرهاق ملامح وجهها.
اصابتها غصة موجعة إثر تذكُّرها للكابوس الذي داهمها بسُباتها ليلا فتلك المرة لم تكن هى بطلة ذلك الكابوس كما اعتادت بل أخاها مما زاد شعورها بالألم والقلق عليه فلأول مرة يبتعد عنها لأيام.
حقا هى ايام فقط بحسابات العقل و  الرياضيات، أمّا بحسابات رحمة فقد تخطت أبد الدهر. اضحت هى خلال تلك الفترة كنجمة خافتة ابتلع الظلام بريقها و ضلّت طريقها بفضاء ليل سرمديٍ حالك.
و ليتها ستظل اياما فقط بل ستتعدى لأسابيع وشهور، بل عام كامل، ذلك الشخص الذي لم يفارقها قط، فارقها مُرغما كما تفارق الروح الجسد تلبيةً لنداء القدر.
*************

بعد فترة من الوقت انهت خلالها صلاتها وقراءة وِردها اليومي، جلست تحتسي كوبا من الشاى لتصفية ذهنها وترتيب أفكارها لما انتوت فعله ولكن قاطعها صياح ابنة عمها المشاكسة حينما دخلت متعجلة تدعوها لتناول الإفطار..

شهد : صباحوووو عنب على مُزة العرب

انتفضت رحمة مذعورة من فعلتها واطلقت شهقة قوية هاتفة : حرام عليكي خضتيني، هو انتي لسة فيكي الخصلة المهببة دي؟

شهد : هههههه عيب عليكي من فات قديمه تاه، ومعرفش أودامه من وراه، طب والله انفع ابقا شاعرة
تجنن..

لاحت ابتسامة باهتة فوق شِفاها رغم الضجيج الذي يئِن بداخلها

فهتفت : من ناحية تجنني ف انتي تجنني فعلا..

عقدت شهد حاجبيها بغضب مصطنع

شهد : هعتبره مدح مش ذم عشان محطكيش في البلاك ليست.. يلا قومي عشان نفطر كلنا..

رحمة : لأ روحي انتي مليش نفس

شهد : لا ده الفطار انهاردة معمول خصوصي على شرفك بابا عامل احلى طبق فول محوج وماما بتقلي الطعمية وبتجهز طبق مِشّ معتق من اللى جايلنا م البلد يعني فطار ميتقالوش لأ

رحمة : هو لسة عمو بيعمل الفول كل جمعة زى زمان؟ .. بس انهاردة مش الجمعة

شهد : منا قولتلك معمول علشانك يامزة يلا قومي قبل ما الغولة اللي اسمها عهد تخلص الطعمية السخنة.

أخذت تجذبها من يدها فصرخت رحمة بقوة

نظرت ليدها فوجدت آثار لبعض الجروح بمرفقها وأصابعها

شهد : مالك يارحمة؟ وايه اللي عمل في ايدك كده؟

تتابعت نظرات رحمة بألم بين يدها الجريحة وأعين شهد التي تطالب بتفسير، صمتت لوهلة تسترجع ما حدث منذ أيام.

رصاصة الرحمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن