الفصل الاول

ابدأ من البداية
                                    

_أما هو فقد اكتفى من قسوة الحياة التي مازالت تسلب ايامه وريحانة شبابه لتتركه مجرد أعجاز نخلٍ خاوية  في مهب ريحٍ عاتية بأرضٍ قاحلة  جف  ماؤها وانهكها البوار..

اخذت تتابعه بألم واعين اغرورقت بالدموع. واخذ الجندى يسحبه مكبلا بالأصفاد الحديدية ليخرجه من القفص ومن رواق المحكمة بأكمله وصولا لسيارة الترحيلات.. وسط صرخاته بأسمها..

شريف : رحماااااااه.. خدى بالك من نفسك يارحمة.. متقعديش في البيت لوحدك روحى صالحى عمك واستسمحيه وعيشي معاه.. سامحينى يارحمة انى جبتك مكان زى ده وبهدلتك ياحبيبتى.. تابعى مع المحامى ومتسيبنيش يارحمة..

* لم يسعفها لسانها على التفوّه بحرف واحد وكأنه قد اصابه البَكَم..امّا قلبها - الذى كان ينزف دما لذلك المشهد الذى لم تتوقعه حتى بأسوأ كوابيسها الليلية - فقد اخذت صرخاته المدوية تعلو حتى كادت ان تخترق اسماع الجميع لهول ما شعرت به.... لم تستطع فعل شئ سوى إماءة صامتة بوجهها بانكسار دليل على امتثالها لكلماته...

رحل بعيدا رغما عنه تاركا خلفه تلك الروح الممزقة..

فأقسمت بربها وبذلك الحب الفطري الذى كُتِبَ له المهد بمهدها. على الانتقام مهما كلفها الأمر.. حتى إن اقتضى الامر ان تزهق روحها في سبيله فستفعل...

وبتلك اللحظة نفضت عنها رحمة الهادئة البريئة التى اعتادتها واعتادها الجميع، لتحل محلها رحمة جديدة عنيفة، شرسة اشتعلت نيران الغضب بداخلها وستحرق كل ما يقابلها بطريقها من اخضر ويابس في سبيل انتقامها.. الذى سيكون حتما انتقام بلا رحمة!

حقا (إتّقِ شر الحليم اذا غضب)

رفقا بذاتك أيتها الرحمة...

________


بعد فترة من الوقت.
بأحد المناطق الشعبية

دلفت لمنزلهما تجر ازيال الحسرة والقهر. وسرعان ما تبعتها جارتها تطمئن عليها..

هبة : حمد الله على سلامتك ياحبيبتي، معلش انتى عارفة ان انهاردة معاد جلسة غسيل الكلى بتاع ماما لولا كده كنت جيت معاكي المحكمة ومسبتكيش وحدك في موقف زى ده، طمنيني ايه اللى حصل؟

رحمة : عارفة ياحبيبتي ربنا يشفيها، للاسف اخد حكم سنة وحجزو على كل حاجة بإسمه، يعنى هياخدو المكتب والعربية..

هبة وهى تخبط صدرها بكف يدها بحزن هاتفة : يالهوي ليه ده كله؟ طب مفيش اى تصرف المحامي يعمله ويخفف حتى الحكم؟

رحمة : للأسف لأ. دي آخر جلسة بعد النقض وخلاص اتقفلت على كده.

هبة بحزن صادق : معلش يارحمة ربنا يهون عليه وعليكي ويرجع بالسلامة.

رحمة وقد تورمت عيناها من كثرة البكاء : يارب..

هبة : طب وشقتكو دى حجزو عليها هى كمان؟

رصاصة الرحمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن