فتّح عينيه، وجد نفسه لا زال في حجرته صادعًا جواره صوت المنبه، نهض جالسًا وأطفأه، انتبه لنفسه أن لا زال على قيد الحياة، ظن أن ليلته هي الأخيرة، لكنه لا زال  شاهدًا ميلاد يومٍ جديد، بل وُلد مع اليوم ياسرٌ جديد لا يشبه ياسر الأمس إلا في ملامحه.

صار أكثر غموضًا، قليل الكلام، ابتسامته لا تصل إلى عينيه، لم يعلق أبواه؛ فهي نتيجة طبيعية لحالته التي يحياها، ربما تطول حتى تثبت حالته ويتقبل واقعه.

مرت أيام ولم يعد هناك إلا ياسر الجديد، في حين أن عشق مشغولة بكتابة رغبات كليتها وانتظار التنسيق، وانشغالها بإعداد ملابسها الجديدة للذهاب إلى الجامعة.

وهاهو جاءها خطاب التنسيق بشرها برغبتها الأولى، أن التحقت بكلية التربية.

وذات يوم قرابة العصر، دلفت نبيلة وعشق شقتهما، عائدتان محملتان بعدد من الأكياس المكتوب عليها أسماء لمحلات للملابس الجاهزة وأخرى للأحذية وحقائب اليد النسائية.

وضعت نبيلة ما في يديها وألقت بجسدها الممتلئ على الأريكة محرّكة قدميها في مختلف الاتجاهات ببعض التأوه، بدأت تفك حجابها، أمسكت بجريدة موضوعة أمامها على المنضدة تحركها يمينًا ويسارًا لجلب بعض نسائم الهواء لوجهها اللامع من العرق.

بينما عشق تجمع أكياس المشتروات لتدخل بهم حجرتها، فصاحت فيها أمها: إستني عندك، قبل ما تخشي اعمليلي كوباية ليموناتة ساقعة.

- طب غيري هدومك الأول.

- يابت ريقي ناشف اخلصي، آه يآنا!

وهنا فُتح باب الشقة وكان سيد عائدًا من عمله توًا، دلف وجلس جوار زوجته بعد أن ألقى السلام سألها: مالك! تعبانة ولا إيه؟

أجابت: هلكت ورجلي اتفرمت من كتر اللف لحد ما جابت اللي هي عايزاه، كل الهدة دي عشان رايحة الجامعة! أمال لما تتجوز هتعمل فيّ إيه؟!

هنا اقتربت عشق واضعة كوب عصير الليمون على المنضدة أمام أمها قائلة بدعابة: هلففك برضو...

وضحكت، أخذ سيد كوب العصير، بدأ يشربه فازدادت ضحكاتها بينما علامات الغضب تعتلي وجه أمها وهي تنظر بينهما بغيظ.

انتهى سيد ووضع الكوب فارغًا وأهدر: تسلم إيديكِ يا قلب ابوكِ.

أجابت ضاحكة: تسلم يا بابا...

ثم نظرت لأمها ونهضت ضاحكة وتابعت: هعملك غيرها خلاص ما تزعليش يا بلبلة.

واقتربت قبّلتها بدلال، فأهدرت نبيلة: أيوة كلي بعقلي حلاوة يا ختي!

تابع سيد: سيبيها براحتها يا أم عشق، المهم جبتِ اللي نفسك فيه؟

تحركت عشق أحضرت أكياس المشتروات، أخرجت ما فيها تريه لأبيها، فابتسم قائلًا: مبروك عليكِ يا حبيبتي.

(سيظل عشقك مرادي)   By:NoonazadWhere stories live. Discover now