1- في المستشفى

5K 69 0
                                    

جاءت مكالمة هاتفية لشاني, وقبل أن تتاح لها الفرصة للرد دخلت الأخت غلوفر الى الغرفة وهمست:
-" الرئيسة تريد أن تراك".
-" الآن؟".
وتحدثت شاني الى براين واعدة أن تتصل به بعد دقائق.
-" هل ستقرع أجراس الزفاف قريبًا؟".
ولاحت تقطيبة على جفن شاني وقالت:
-" ما حان الوقت بعد يا جيني".
-" لكنك ستتزوجينه؟".
-" لم يطلب مني الزواج حتى الآن ولكن...".
وظهرت الأبتسامة على وجه شاني مرة أخرى وأكملت عبارتها بنبرة الثقة:
-" بالطبع سأتزوجه".
ورمقت جيني صديقتها بفضول . ولاحظت التغيير في لون وجهها , ثم واصلت كلامها قائلة:
-" أهذا لأنك لا تستطيعين تحمل فكرة رحيلك عن هذا المكان؟".
-" ينبغي أن أعترف بأن الفكرة تضايقني"؟
اعترفت شاني بذلك وهي تتمسك بالسؤال الثاني كوسيلة لتجنب الرد على السؤال الأول.
المستشفى تطل على خليج لوتراس ولأنها أكبر المستشفيات في قبرص, وأكثرها كفاءة, كان المستوطنون البريطانيون يفضلونها على سواها كما تمكنت ممرضة أو أكثر من الممرضات الأنكليزيات الحصول على عمل فيها , وكانت رئيسة الممرضات انكليزية أيضا , كذلك اثنان من الأطباء.
ألقت الرئيسة نظرة على شاني وابتسمت لها وقالت:
-" تفضلي".
ونهضت الرئيسة وأغلقت أحد مصاريع النافذة , فحرارة الشمس أصبحت لا تحتمل , ثم أضافت قائلة:
-" أرسلت في طلبك لأخبرك بأنك ستنقلين الى غرفة العمليات حسب ارادتك".
شكرتها شاني , لأن العمل في غرفة العمليات كان دائماً يجذبها, وعندما جاءت الى مستشفى لوتراس كانت تتمنى أن تعمل مع الدكتور روجرز كبير الأخصائيين في وحدة جراحة الأعصاب, لكن الدكتور روجرز اضطر الآن للأعتزال بسبب صحته, وأجمع كل من في قسم جراحة الأعصاب على أن المستشار الجديد لن يكون لطيفاً مثل الدكتور روجرز مهما كانت شخصيته.
ومضت الرئيسة قائلة:
" الجراح الجديد سيصل بعد ظهر الغد , وأريد أن تستعدي لمقابلته فهو غريب الأطوار على ما سمعت , ويحتمل أن يطلب مقابلة أعضاء الفريق الذي يعمل معه حالما يصل".
وعدت شاني الرئيسة قائلة:
-" سأبقى ... متى سيكون هنا؟".
-" بعد نحو ساعة".
ثم مضت الرئيسة تتحدث عن عملية الآنسة فورستر المقبلة التي سيجريها الجراح الجديد.
-" حسبما سمعت عنه فأن الدكتور مانو لن يصبر كثيراً على عصبيتها".
وغاض الدم من وجه شاني وهي تقول:
-" مانو ؟ أندرياس مانو؟".
-" هل تعرفينه؟".
نظرت اليها الرئيسة بقلق, اذ كان واضحاً أن الأخت ريفز اهتزت اهتزازاً شديداً.
-" أعتقدت ... أعتقدت أن اسم الجراح الجديد مانوليس".
-" يبدو أنها كانت غلطة, هل تعرفينه؟".
كررت الرئيسة سؤالها.
-" كان ... أحد.... زملاء أبي".
وبذلت شاني جهدا لتستعيد رباطة جأشها ونجحت ظاهرياً , لكن خفقات قلبها كانت خارجاً عن ارادتها.
-" منذ متى توفي أبوك؟".
-" منذ خمس سنوات...".
هل مرت كل هذه المدة الطويلة؟ كم يمضى الوقت سريعاً!
-" الدكتور مانو لا يزال يعمل في مستشفى لندن ... أو على الأقل كان هناك حتى الأمس . سيبقى هنا في لوتراس حوالي سنة.".
وتوقفت الرئيسة عن الكلام, وفي تلك اللحظة رن الهاتف وكان كل ما قالته الرئيسة:
-" لا تنسي أيتها الأخت أن تكوني مستعدة لمقابلته".
عندما وصلت شاني الى غرفتها شعرت أنها ضعيفة. منذ أدركت حقيقة شعورها اتجاه براين أرادت أن تتصل بأندرياس , لكنها لم تفكر على الأطلاق في مقابلته.
وهبطت درجات السلم واتصلت ببراين تلفونياً . كان همه أن يؤكد موعد تناولهما العشاء في تلك الأمسية.
وبعد اثنتي عشرة ساعة كانا يتناولان العشاء بالقرب من البحر, والهلال يسطع عاكساً نوره على مياه البحر كالقوس الفضي في السماء المتلألئة.
تناولا سمك البوري الطازج المزين بالبطاطا والسلطة, واختتما الوجبة بثمار التين الطازجة والقهوة التركية, ورقصا على أنغام البوزوكي قبل أن يتجها الى السلالم المؤدية الى الشاطىء وضع براين ذراعه حول كتفيها كمن يريد امتلاكها , كانت الليلة ساحرة , ولم يكن الوقت أكثر ملائمة منه الآن. وبعدما سارا في صمت لحظة أو اثنتين , همس براين :
-" أريد أن أطلب منك شيئاً يا شاني..... وأنا واثق أنك تعرفين ما هو؟".

الأمواج تحترقWhere stories live. Discover now