▪ اَلشَّمْسُ فِي طَرِيقِهَا إِلَيْكْ

83 10 3
                                    

- لستُ أمّك! لستُ أمّك! لا تعدها.. أنت لست إبني

رددت في عناء تجهش في نشيجها تشد قبضتها لصدرها، أما والدي كان قد لبس السكوت، لحظة بصرتُ فيه أدار وجهه غير راغبا في رؤيتي

كان ذلك قاسيا أن يتخليا عني بعد هذه السنين، بعد كل هذا الدفء و الحنان الذي مدّان به بسبب ميولي

كنت هشا أتظاهر بالقوة، إلا أن الدمع نفسه لم يقدر على القبع طويلا في داخلي، ابتسمت ماسحا وجنتي التي تبللت فجأة و نهضت عن مكاني في هدوء

أخذت سترتي و العود ، آخر ما أملك ببيتي غير الآثاث و ألقيت نظرة على الأركان،  فيا لها من أجواء سمحت لي بالمغادرة دون رجعة

- شكرا على كل عطاء، أردت أن أكسب الرضاء فاتّضخ أنّكم جماعة متدينة لدرجة أنكم تبريتم مني

وداعا

تهكمت ببسمة صغيرة و رفعت ناظراي أرى أمي الباكية و أبي الغاضب كلٌّ في مكانه، أخذت بخطواتي للباب لأهمس لهم مجددا

- آسف هذا ابتلاء ليس بيدي حيلة فيه، شكرا لكم

.
.
.
.

كانت الخامسة صباحا، ندى النسيم الصيفي قليل البرودة، أقف عند الباب، أتأمل إحدى الغيمات و رفيقاتها يسبحن في دربهن ببحر السماء

- لننطلق!

هتف جمين لأهمهم له و ألتفت لليسو و أشد كتفيها، حدقت بي بأعين تغرق دموعا و على حين برهة فاجأتني بعناق هادئ

- لازلتُ أحبّك كما أنت، حتى و إن أحببت غيري
فتا أو فتاه

همست بحب، و صوتها الأثنوي كله دفء أعطاني السكينة

- آسف

رتبت بتردد على ظهرها لتبتعد قليلا و تمسح خدّيها و تضحك بعفوية

- لتحظى برحلة جيدة، و كن بخير من أجلنا

- سأحرص على هذا، وداعا

.
.
.
.
.

على نغمات بعض من الموسيقى الكلاسيكية كان جمين يغني معها مجرما في حق الكلمات، و كنت أنا لا أنفك عن اتباع الغيوم بعيناي

لست أفهم نفسي، كم أني مليء بالتناقضات،
الخوف و التردد يهزان أفكاري، الفرح و الحزن يرقصان في فؤادي، و تايهونغ كل راحتي و هدوءي الذي أنا عليه من البارحة

أتذكر كيف دخلنا القرية، مرحبين، مبجّلين، آل جانغ قد أتو هو كل ما يسمع في الزّناقِ و الخلاء،

و أتذكر أول لحظة الثورة على حقوق البيئة، بوضع يده بيدي من أجل مصافحة التحية

- لا أصدق أني أخرج خلسة عن أعين الناس!

تذمّرت بنبرة جافة لتهبط يد جمين علي بضربة قوية، أهلكت كتفي لأتأوه بألم

- متشائم لقيط! كن ممتنا أني أقود بك في وقت نومي، و لا تنكد لي يومي!

عاتب في لغة ركيكة لأفكّ عاتق كتفي و أطرق رأسه ليصرخ بانزعاج، الهي نحن الإخوة لا نستطيع البقاء على وفاق

عم الهدوء مغتصبا بصوت الموسيقى لحظاتٍ، ثم اذ بجمين يصرّح

- على الأقل أنت ستحصل على من تحب، ليسو لن تكون من نصيبي البتة، حقا أحسدك يا هيكل الفزاعة

ها نحن ذا بهذه الألقاب المبتذلة

- أبي قرر خطبتكما، مصر أن يربح من  البنت المسكينة

لم يرد، فقط واصل القيادة طوال الطريق يغني، يشاركني بعض الأحاديث منها الطريفة و الأخرى الجدية، يلقي النكت أحيانا، و أشاجره أحيانا أخرى

كان الطريق طويل من البيت للميناء، فما بالي من الميناء الى الجزيرة شرقا؟ أشعر بالفخر فقط لأني أحقق لك مرادك و ألحق بك يا قمري

أشعر أني أخيرا صرتُ حرا
أخيرا أطير إليك

شمسك آتٍ اليك
فانتظره قمر

انتظره

- ☉ -

.
.
.
.
.

Infinito || اَلشَّمْسُ وَ اَلْقَمَرْWhere stories live. Discover now