الجزء الرابع

202 7 0
                                    

- قلت منذ متى و أنا هنا قلتها بلكنة إيطالية واضحة لا أعرف لماذا أو من أين أتت هذه اللكنة ، عم الصمت للحظة و هي تنظر الي و كأنها لم تتوقع لكنة كهذه من شخص مثلي او بمظهري ثم تابعت حديثها قائلة بالتحديد منذ مساء يوم السبت الساعة الثامنة نظرت إليها و قلت في اي يوم نحن لم تجبني قالت لا تحاول النهوض من الفراش سيحضر الطبيب لرأيتك خلال دقائق و خرجت لم يكن لدي شيء لأفعله بقيت عدة دقائق ادقق في جوانب الغرفة و اثاثها ، و أفكر في سبب لهذه اللكنة و سبب وجودي هنا رفعت رأسي كانت الساعة امامي مباشرة انها التاسعة صباحا ، فتح باب الغرفة دخل الطبيب و قبل ان يقول اي كلمة قلت له ببعض العصبية أولا في اي يوم نحن ثانيا لماذا أنا هنا تغيرت ملامح وجهه بطريقة تدل على التفاجئ لم يتوقع كل هذا النشاط و الاندفاع من شخص عاد إلى وعيه لتو ، حقيقة لم أكن بهذا الاندفاع الغبي و العصبية في حياتي لكن الوضع لم يكن مريحا اقصد انني استفيق من غيبوبة لا أعرف كم استمرت بضمادة ملفوفة على رأسي و صداع رهيب ولا اتذكر لما انا هنا هذا ليس مريحا على الاطلاق .
خلال هذا كنت قد قيمت الطبيب بمعاييري الخاصة كمحقق ، شخص يعتبر ضخما شعر بني لحية خفيفة عمر بين 35 و 40 ملامح وجهه تبدو ملامح شخص طيب متزوج محب للمساعدة مرتاح غير مهموم او مكتئب او مجهد يبدو شخصا محافظا وضعته في قائمة الأشخاص الموثوق بيهم على الفور .
- قال الطبيب بسخرية هون على نفسك أولا أنا الطبيب آرثر و اليوم هو الثلاثاء اما السؤال الثاني لن اجيب عليه حاول تذكر ذلك بنفسك سيساعد على تنشيط ذاكرتك يا سيد........ كان يبحث في أوراق مرضاه و الذي أنا من ضمنهم ثم رفع رأسه نظر الي و قال
- هل تتذكر اسمك
- نعم اسمي .... اه لا لا يمكنني تذكر اسمي
تذكرت آخر مرة نطقت فيها بإسمي كانت في سيارة الأجرة  أتذكر كل شيء بوضوح لكن عندما أنطق بإسمي يختفي الصوت من المشهد كل شيء ماعدا إسمي لكن لماذا كنت في سيارة اجرة الى اين كنت سأذهب لم استطع التذكر زاد هذا من غضبي لكني لم اظهر ذلك للطبيب قلت له لا ...... لا أتذكر قال سأعود على تمام الساعة السادسة ان لم تتذكر اسمك سأخبرك به اما بالنسبة لسؤالك الثاني فسأعطيك يومين لتتذكر ما حدث
- يومين ! لا يمكنني البقاء بالمشفى ليومين لدي عمل
- دعنى الآن نزل هذه الضمادات عن وجهك ثم نناقش امر البقاء من عدمه ، جاءت الممرضة و ازالت الضمادات و مسحت جروح وجهي بالمطهر ثم قال حسنا ، لماذا لا يمكنك البقاء هنا ليومين ؟
- كما قلت لك لدي عمل
- هل تتذكر ما هو عملك
- نعم انا محقق جرائم جنائية
- هل تعرف أين انت الآن ؟
- نيويورك
- و هل يبدو لك هذا المشفى المتواضع و كأنه في نيويورك ؟
- لا أعرف ، أعرف شكل المشفى من الخارج فقط
- هل نظرت من النافذة ؟
- لا لم أفعل
- تفضل و ألقي نظرة
- أشرت اليه بعيني لكي أخرج حقنة التغذية من يدي فأتى هو و أزالها ، نهضت عن الفراش ببطأ و أزحت الستائر الزرقاء بيدي و ألقيت نظرة
- التفت الي الطبيب و قلت له في أي طابق نحن ؟
- أعلى طابق
- هذا المشفى بالفعل ليس في نيويورك لأنني في الطابق الأعلى و لا أبعد عن الأرض الا القليل ربما 15 مترا فقط مستشفيات نيويورك ضخمة و سيكون المشهد مختلفا إذا كنت في الطابق الاخير 
- ارتبكت و بلعت ريقي ، إذا أين أنا ؟
- انت في ساكرامنتو
- ماذا ساكرامنتو ؟!! مالذي اتى بي الى هنا ؟ لماذا قطعت كل هذا المسافة ؟
- الا يذكر هذا الاسم بشيء "ساكرامنتو " ؟
عدت و جلست على حافة الفراش و انا انظر الى الارض احاول التفكير كيف وصلت الى هنا ، لا على الاطلاق ردا على سؤال الطبيب
- سأكون صريحا معك حدث شيء ما ليس هنا بالضبط و أنما في مكان قريب يدعى نيفادا سيتي الا يذكرك هذا الاسم أيضا بشيء ؟
- لا ، ماذا حدث ؟
- هذا ما لا يمكنني إخبارك به من الافضل لك ان تعرف ذلك بنفسك و لكن ان لم تفعل سأضطر لأخبارك أما الآن سأتركك وحدك ، حسنا ؟
- هل يمكنني الحصول على شيء مهدأ الأعصاب او أي شيء قد يريحني لدي هذا الذكريات السيئة تهاجمني بعنف ، اليوم تحديدا لا أعرف لماذا
- تفاجأ الطبيب ، اي ذكريات ؟
- الحرب
ما إن نطقت هذه الكلمة "الحرب" حتى نظر الطبيب في عيني بنظرة مختلفة شعرت ان تلك النظرة تحمل بعض الأسى تجاهي لكن بالطبع لم أعرف السبب
- حسنا ، ستجلب لك الممرضة الفطور و معه حبتي دواء تناولهما بعد ان تتناول الطعام
كان متجها إلى الباب للخروج و عيناه تنظران إلى الأرض ثم قال حاول التذكر ، صدقني انت تريد معرفة ذلك بنفسك .

طريقة حديثة تدل ان ما علي تذكره هو شيء سيء او ربما كارثي ، عادت الممرضة الشابة آني و أحضرت لي الفطور و معه الدواء وضعت الصينية أمامي كنت شارد الذهن أفكر فيما حدث منذ قليل ، كانت شابة شقراء جميلة حقا و ودودة ، من الصعب عدم ملاحظة هذا بالنسبة لرجل حتى لو كنت شارد الذهن او حتى ان كنت متخلفا لأنها كانت بالفعل جميلة ، قالت لي تناول الطعام ببطأ و أمضغه جيدا و لا تأكل كثيرا لان معدتك فارغة منذ أيام ثم غادرت ، تناولت الفطور و الدواء ثم أتت ممرضة أخرى و أخذت الصينية ، شعرت ببعض التحسن لكني ما زلت لا أفهم ماذا أفعل هنا في ساكرامنتو قضيت الظهيرة ذهابا و إيابا داخل الغرفة أحاول ان أتذكر ثم تناولت وجبه الغذاء الساعة الواحدة و النصف و بعدها أخذت قيلولة طويلة ربما بسبب الدواء ، لا أعلم ، حتى الساعة الخامسة و النصف .


الساعة السادسة و ست دقائق بالضبط كنت واقفا عند نافذة الغرفة نافذة زجاجية واسعة كنت انظر فقط و كأنني انظر الى الاشيء شارد الذهن المنظر جميل يمكنني الشعور بدفء الشمس على وجهي الشمس بدأت تغرب ، يفتح الباب و يدخل الطبيب لم التفت و لم اتحرك
- قال هل تذكرت أي شيء ؟
كنت لازلت أنظر من النافذة ، التفت و قلت لا للأسف لا شيء
- حسنا ، دعنا نبدأ بما وعدتك به ، اسمك ، اسمك هو توماس هانسون بايكر
- ماذا عن الآن ؟
لم أجب
- دعني أنعش ذاكرتك قليلا ، عمل ، إجازة ، عطلة ، ساكرامنتو ، نيفادا سيتي ، حريق ، سيارات إطفاء الا يذكرك كل هذا بشيء ؟
أنا متوتر و يكاد عقلي يتوقف ، لا لا يذكرني بشيء
- أنت محقق انت شخص ذكي لماذا برأيك ستكون في حقيبتك ساعة نسائية و لعبة ؟
- هذا ما كنت سأحدثك عنه ، الحقيبة هل هي لي ؟
- نعم
- و الساعة و اللعبة ؟
- انت اشتريتهما
- لماذا ؟ لمن ؟
- لزوجتك و أبنك
صدمت كيف لا يمكنني تذكر زوجتي و أبني التفت و عدت انظر من النافذة أنظر الى السماء فإذا بسحابة  بيضاء صغيرة يتخللها ضوء الشمس البرتقالي اثناء غروبها تمر من أمامي هذا المشهد أعاد الي ذاكرتي أعاد تشغيل شريط ذكرياتي للأيام الخمسة الماضية نفس المشهد الذي رأيته و أنا أنزف على النقالة ، كان الطبيب يقف خلفي على وشك ان يقول أسميهما رفعت يدي فصمت الطبيب قلت تاتيانا ، بن ، ساكرامنتو ، نفادا سيتي ، الاجازة ، فرانك تولمان ، تذكرت سائق الأجرة الروماني كولاروف تذكرت اتصالات تاتيانا بعد العمل تذكرت المنزل المحترق و عراكي مع رجال الاطفاء و الجري كالمجنون في الشارع تذكرت شرائي اللعبة و الساعة تذكرت حديثي مع بن عن الكشافة تذكرت رؤيتي لبن و تاتيانا و هما جثتين هامدتين على النقالة تذكرت كل شيء ....... توقف الزمن بالنسبة لي تسمرت في مكاني بدأت اتصبب عرقا باردا و دقات قلبي تتسارع يكاد قلبي يقفز من مكانه ظننت انني سأصاب بسكتة قلبية لم اعد استطيع الوقوف التفت الى الطبيب و أنا ألتقط أنفاسي بصعوبة و عيناي واسعتان بشكل مرعب أسرع الطبيب تجاهي ، سقطت تحت النافذة جلست على الارض و أسندت ظهري على الحائط و مددت ساقاي كان الطبيب يتحدث لكني لم أكن استمع أصبح حديثة مجرد صوت بعيد و مشوش لا أفهمه حاول مساعدتي على الوقوف لكني لم اتجاوب معه ، كأنني خرجت من هذا العالم لا أتذكر حتى ما الذي كنت أنظر إليه انظر فقط الى الإمام بدون حركة ، عيناي جامدتان لا ترمشان كأنني جثة عدا انني جثة تتعرق ، كأنني فقدت السيطرة على هذا الجسد أصبحت أشاهد فقط.......

كذبة باندورا Pandora's LieWhere stories live. Discover now