البارت الحادي عشر

255 21 0
                                    

صمت رهيب اجتاح المكان لدرجة أنك لو ألقيت إبرة لسُمِعَ صوت رنينها. كان واقفًا هناك، صامتًا ومصدومًا. حسنًا، يبدو أنه غاضب أيضًا... لكن حقًا لا أفهم ماذا كان يتوقع أن تكون ردة فعلي. أنا أشعر بتيه وضياع لم أشعر بهما قط في حياتي. أحبه وأريده، لكن لا... لا أريد أن يتعلق قلبي به أكثر، ففي النهاية هو روح تائهة زارتني في منامي، ومجرد قبر في حديقة منزلي كنت أعتبره ملاذي. آه من قلبي ونبضه المتسارع، أشعر أنه سيخرج من صدري. كل ما أريده الآن هو الهرب من هذا التيه. أريد الاستيقاظ حالًا.

حازم: لماذا؟ ماذا هناك؟

نيرمين: ماذا تريد مني بالضبط؟

حازم: ماذا أريد منك؟ أعلم أنك تحبيني كما أحبك، أين المشكلة؟ هل يمكنك أن تشرحي لي ما يؤلمك بالضبط؟

نيرمين: ألمي؟! تريد أن تعرف ألمي؟! أنت ألمي يا حازم... حتى الآن، لا أستطيع أن أحب، ولا أستطيع أن أتزوج، ولا أستطيع أن أفعل أي شيء، فقط لأبقى هنا بجانب قبرك. فقط لأني شعرت أنك تسمعني وتفهمني. لقد أحببتك دون أن أراك، ولا أستطيع أن أحب مثل الناس العقلاء. لقد جننت بسببك، والآن تأتي لتسألني ما ألمي؟ والآن تظهر لي في المنام وتجعلني أراك وأتعلق بك أكثر، وتريد أيضًا أن تقبلني! لماذا... تعرف لماذا؟ لتجعلني أجن أكثر وأبقى نائمة طوال عمري لأبقى بجانبك، أليس كذلك؟... الله يسامحك، كم أنت قاسٍ!

قلت هذا وأنا أمسح دمعة هاربة من عيني قبل أن يلاحظها. لقد كان واقفًا على بعد خطوتين مني، استغرق قليلًا في التفكير، ثم رفع رأسه ونظر إلي وابتسم. أوه، سحقًا له ولهذه الابتسامة التي أخذت قلبي. كان هذا ما ينقصني... لقد كان يمعن النظر إلي نظرات ملؤها الحب والإعجاب. شعرت بالخجل، ليس بسبب نظراته فقط، بل عندما هدأت تذكرت كل الكلام اللعين الذي قلته. لا أكذب إذا قلت إن وجهي صار أحمر بلون الدم من شدة الخجل. أطرقت برأسي إلى الأسفل حتى أتجنب نظراته... شعرت به يقترب مني، وضع يده على ذقني ورفع رأسي حتى التقت أعيننا مجددًا. أرجو أن لا يفعل ما أفكر فيه... حسنًا، لقد تجمدت أطرافي ولم تساعدني قدماي على الهرب. أطال النظر في عيني، ولا أكذب إذا قلت إنني غرقت في عينيه أيضًا. مسح بيده على شعري بكل حنان... شعور من السكينة يعتريني لم أشعر به من قبل. دون أن ينطق بكلمة، ضمني إلى صدره. كنت قريبة جدًا من قلبه، واستمع إلى نبضاته. يبدو أن قلبه مضطرب مثل قلبي... كم أتمنى أن لا ينتهي هذا الحلم. سحقًا لهذا... هذا ما أخاف منه، أن أبقى حبيسة أحلامي. سأقلق بهذا الشأن لاحقًا، الآن لا أريد أن أضيع جمال اللحظة... ابتعد عني قليلًا وقال:

حازم: حبيبتي، لا أريد أن أتركك، أريدك بجانبي دائمًا.

نيرمين: أكذب إذا قلت لك إنني لا أريد ذلك أيضًا، لكن لا أحد يستطيع أن ينام طوال العمر. حتى لو نمت، سيأتي أحدهم ليوقظني.

حازم: هههههه، هل تريدين أن تنامي طوال العمر؟ تفاحة سنو وايت قد تناسبك هههه.

نيرمين: ههه، دمك خفيف جدًا يا سيد حازم... حتى الآن لا أفهم كيف أحببتك ولم أرك قط، ولا أعرف عنك شيئًا. ويا ليتك كنت حيًا... لا بأس، الظاهر أنني جننت رسميًا. مبروك عليك يا أبي، جنان ابنتك هههه، مبروك هههه.

حازم: هههه، دمك عسل يا مجنونة أنتِ.

نيرمين: حقًا يا حازم، ألا تريد أن تفهمني ما الذي يجري؟

حازم: حياتي، ستفهمين كل شيء، لكن يبدو أن هناك من جاء ليوقظك. في الحلم القادم سأشرح لك الكثير، لكن الآن استيقظي واجتهدي لتنامي بعمق هههه. وداعًا يا حلوة.

قبلني على جبيني برقة، وفجأة اختفى كل شيء، وسمعت صوتًا يناديني:

نيرمين... نيرمين... نير...مي...ن!

نيرمين: من... من؟

رشدي بك: اهدئي... اهدئي قليلًا يا ابنتي. لا تخافي، فقط جئت لأطمئن عليك، فوجدتك تهلوسين، خفت أن يكون حلمًا مزعجًا.

نيرمين: هههه، لا تخف يا أبي، كان حلمًا جميلًا جدًا، لكن جيد أنك أيقظتني، فأنا جائعة جدًا.

رشدي بك: يا روح أبيك، الإفطار جاهز... اغسلي وجهك وغيّري ثيابك وتعالي، أنا في انتظارك.

نيرمين: حاضر يا أبي، دقيقة وسأنزل.

... يتبع.

قبره ملاذي Hikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin