البارت ٤٧ ... لا اريد الطلاق

118 8 5
                                    

طرقت الباب و دخلت كانت عجوز متوسطة القامة في الستين من عمرها انيقة المظهر ترفع شعرها الرمادي للاعلى و وجها الجميل الذي خطه الزمن عليه سطوره .. .. ابتسمت ابتسامة حانية و هي تنظر بشوق لطفلها الذي حرمت من رؤيته منذ سنين .. لكنها ازالت الابتسامة عن وجهها بسرعة و قمعت عاطفتها كا يجب ان تحاسبه و تعاقبه و ان تمنعه من الاستمرار في طيشه و الا سيؤذي نفسه و الاخرين من حوله و ربما اذى اعز انسان على قلبه ... ذلك الذي سامحه كثيرا رغم خطاياه الكثيرة و لايزال يقف هنا بجانبه حتى بعد كل ما حدث بينهما ...
عطيات : تفضلو الفطار جاهز
احمد : داد عطيات انا...
عطيات : انا سابقاكم ع المطبخ
احمد : داد لحظة استني
حازم : انا بستأذنكم خارج
احمد : ع فين انت كمان
حازم : هو في ايه يا راجل انا معاك من امبارح انا ورايا اشغال
احمد : قول مش قادر على فراق المدام
حازم : اه مش قادر على بعدها عندك مانع ، لو عزت تتضرب على قلبك و تسكر تاني اشرب في بيتكم مش تجريني وراك من مكان للتاني مفهوم
احمد : هههه امرك حازم بيك ، اي اوامر تانية
حازم : اخرس
احمد : حاضر
اخذ سترته التي وضعها على الاريكة الليلة الماضية ارتداها بسرعة
حازم : عن اذنك عطيات هانم
عطيات : مع السلامة حازم بيك
حازم : خدي بالك منه و افهميلي هو فيه ايه
عطيات : متخفش حازم بيك انا هتصرف ، احمد ده ابني و انا مش هسيبو يضيع و اوقف اتفرج
حازم : ان عزتي اي حاجة اتصلي فيا تاني و اي وقت انت عارفة ان احمد مهم بالنسبة لي كمان
عطيات : و احمد كمان بحبك اوي حازم بيك و انا متأكدة ان الي عملو معك في شركتك مش هيتكرر تاني
ودعها حازم و توجه الى منزله اغلقت الباب الامامي للمنزل .. و توجهت الى المطبخ كان احمد يجلس على مائدة الطعام في المطبخ
احمد : حازم مشي
عطيات : ايوا مشي يا حبة عيني تلاقي مراتو قايدة نار من خوفها عليه ، انت ايه الي عملتو ده
احمد : اسف
عطيات : اسف على ايه بالضبط ،انك بتسرق رفيق عمرك و لا انك قاضيها صرمحة و سهر للصبح بالكبريهات و كل شوي لامينك من هناك و امبارح تسكر طينة فالبيت و تطلع تكملها برى انت تجننت لا اكيد جرى لدماغك حاجة ، اكتر حاجة زاجاعني انك تقاطع حازم و تغدر فيه كمان .. ليه بتعمل كده معاه بتغير منه بتكره عاوز تخلص منه فهمني مش ده حازم رفيق عمرك
احمد : انا ...
نهض من كرسيه و توجه الى حيث تقف مربيته
حاول عناقها و لكنها صدته و ابتعدت عنه
عطيات : انت مش ابني الي ربيته انت حد تاني
لقد غص بدموعه لم يعد يستطع حبسها اكثر مربيته ترفضه و كأن عذاب ضميره تجاه صديقه ليس كافيا و كأن كوابيسه و عذابه لن ينتهيا انهار ركع على الارض و اخذ يبكي بحرقة دموعه كلها لم تستطع اطفاء النيران في قلبه .. تلك النيران التي اشتعلت منذ ان احرق صديقه ذلك الكابوس اللعين كان واقعيا لدرجة الموت ... الموت الذي كان يتمناه في هذه اللحظة اكثر من اي شيء اخر
عطيات : احمد.. مالك يا حبيبي
اسرعت له و انحنت لمستواه ضمته الى صدرها و مسحت على شعره كما تفعل الام الحنون لطفلها ... لم تفهم سبب استمراره بالبكاء
عطيات : حبيبي مالك بس اهدى شوي
عانق مربيته بقوة و كأنه خاف ان تتركه لوحده في هذا العالم القاسي تمنى ان يعود طفلا صغيرا .. عندما كان يبكي كانت تحمله و تحاول تهدئته و تغني له اغاني لطيفة لكي ينام ... تمنى ان يعود لذلك الوقت حيث كانت هي و والدته يعتنيان به و يحيطانه بحبهما ...
احمد : انا .. انا حلمت بكابوس فضيع(يشهق .. يشهق )... فضيع جدا انا خايف لا يتحقق انا خايف اوي .. خايف .. مستبنيش يا داد برتجاكي
عطيات : انا معاك يا ابني مش هسيبك ، انت حلمت بايه
اخذته الى الصالون جلست على الاريكة .. وضع رأسه على حجرها كما كان يفعل عندما كان طفلا اخذت تمسد شعره بلطف حتى هدئ ، حكى لها تفاصيل حلمه .. طبعا من غير ان يذكر زوجة حازم ، حبه لحبيبة صديقه كان سره اللعين و عاره الفضيع الذي لن و لم يخبر احدا به .. اخبره من غير ذكر نيرمين عن ادق تفاصيل كوابيسه ... هدئ اخيرا ارتاح لانه اخبر احدا احدا بمواخفه ....
عطيات : سمي بالرحمان يا حبيبي تلاقي ده كلو احساسك بالذنب تجاه حازم بعد كل الي عملتو معو
احمد : قولتك كدة
عطيات : ايوا كدة يحبيبي
احمد : مش هتسبيني تاني
عطيات : اكيد يحبيبي ، بس كان لازم اقسي عليك عشان ما تعملش الاشياء السيئة الي عملتها تاني .. ده حازم يا احمد اكتر حد حبك و قف جنبك حتى بعد ما رشيت المحاسب تبعه و سرقت عروض المناقصات منه ما كرهك بالعكس ده كان يعطيك المناقصات بنفسو
احمد : انا لازم اعتذر منو .. انا..
غفى احمد من غير ان يشعر استغرق في النوم اخير كطفل صغير لاول مرة منذ مدة نام من غير كوابيس

قبره ملاذي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن