الفصل التاسع والعشرين

2.3K 54 16
                                    

الفصل التاسع والعشرين
اسف حبيبتى
"ماما حبيبتى وحشتينى "
احتضنت ابنها بشدة ربما يعوضها عن حزنها قالت " “ حبيبى وانت ايضا ما رايك برحلة الى الساحل فى الشاليه الخاص بنا "
ابتسم وقال " مع اونكل يوسف ام وحدنا "
ابتسمت وقالت " لا عنده عمل لو انهاه سيأتى  "
كانت تعامله على انه شاب كبير وليس ابن ثلاث سنوات ارادت ان تبتعد به كى لا يعرف به الان ولو انها تعلم انه سيعرف الامر ليس بصعب عليه وهو لن يتركها وهى لن تظل على قوتها كثيرا ولكنها تعلم ان جاسر لو اراد ان يجدها مرة اخرى فسيفعل لانه الان عرفها وعرف طريقها ولم يعد من الصعب الوصول اليها
  "الو جاسر بيه ارسلت لحضرتك كل ما طلبته عن مدام جولى هل وصلك "
هز راسه وهو يخرج من المشفى وقال " نعم هل من جديد "
قال الرجل " هى الان فى طريقها الى الشاليه بالساحل العنوان مع البيانات التى ارسلتها لك "
ضاقت عيونه وقال " تمام لقد انتهى دورك "
" اوك يا فندم تحت امرك "
اغلق الهاتف وهو يحاول ان يجمع نفسه لم ينظر الى كل البيانات وانما فقط عنوان الشالية ولو فعل لعرف ان له ابن منها ولكنه لم يهتم خاصة وهو يتذكر كلمات حسام امس فقد كانت كلماته مؤثرة الى حد انه لم يعد يعرف ماذا يفعل هل من الممكن ان يعترف انه اخطأ ولم لا انها جى نعم الحب الوحيد بحياته فهل يتركها تضيع هكذا هل كان يظن انها ستجرى عليه بمجرد ان تراه وتطلب منه الغفران ولكنها لن تفعل لان جرحها اكبر من ان تتركه دون علاج وهو كما قال حسام علاجها نعم لن يتركها انها له منذ ان عرفها وهو قرر ان تكون له حارب الجميع من ان اجل ذلك وقد كانت له الى ان تخلى عنها كما قالت وسط الطريق لذا عليه هو ان يعيدها ولكن هل سترضخ له وتسامحه هل مازال حبه بقلبها هذا هو السؤال؟؟
  انطلق بها السائق الى الساحل ومعها احمد الصغير ومربيته كان الشاليه على البحر مباشرة ورغم خوفها من البحر الا انها تغلبت على خوفها ايضا يوم ان اشترت الشاليه وسارت الى المياة ووقفت فيها ربما تتحدى مخاوفها 
امضوا اليوم على الشاطئ يلعبون بالرمال ونزلت المربية بأحمد البحر ثم عادت الى الشاليه فى المساء اطمأنت على ان احمد نام ثم انهت اعمالها على اللاب واتصالاتها ثم قررت ان تخرج الى الشاطئ ربما تجد مع الليل سكينتها
عادت اليها كلمات يوسف هو يحبك هل بالفعل مازال يحبها وهى ايضا انها تحبه وتريده نعم ولكن الالم والجرح القديم يمنعها..سارت الى ان وقفت امام البحر وتذكرت عندما كانت معه فى شرم الشيخ اغمضت عيونها وهى تتذكر قربه منها وسعادتها وهى بين يديه ...
" كانت اجمل لحظة بحياتى "
كان صوته فتحت عيونها ونظرت تجاه الصوت وراته نعم هو اقترب وقال " مازلت اذكر فقد كانت اول مرة ادرك فيها حبى لكى "
ابتعدت ولكنه امسك يدها وقال " جى بحبك "
اغمضت عيونها ولم تنظر اليه ولكنه جذبها برفق فلم تنظر اليه همس كهمس الرياح " لم اعد اتحمل بعدك "
نظرت اليه بدموع كانت عيونه هى العيون التى احبتها نفس الحنان قربها قال وهو يمسح دموعها" كفاكى عندا ارجوكى كفاكى قسوة لم اعتادها فيكى "
قالت وهى تبعد وجهها عنه " تعلمتها منك "
اعادها امامه وقال " هى غيرة وليست قسوة تعلمين انى لا املك ان اقسو علي نفسي وانتى نفسي يا جى "
نظرت اليه وقالت " جرحتنى وانا نفسك اهنتى وانا نفسك "
زاد قربه وقد رأى لين صوتها وقال " عشت معكى الم الجرح وشعرت بنفس الاهانة لحظة جنون فقدت فيها كل شئ سلمت نفسي لندى وندمت والله ليست اعذار وانما ندم حقيقي نابع من الم بعدك  "
تأملته هل هذا جاسر هل يتنازل هكذا اخفضت وجهها فهمس " انا اسف "
نظرت اليه ابتسم وقال " نعم انا اخطأت وظلمتك ودمرت كل شئ فى لحظة ولكن كما قلت ندمت ... جى انا بحبك ولم اعد استطيع ان اتحمل بعدك سامحينى "
زادت الدموع بعيونها وعاد القلب يدق بحبه وينبض بغرامه لم تعد تريد بعده لم تعد تريد للغضب ان يعود وانما تريده فهى تحبه لامست يده وجهها فاغمضت عيونها لقد اعتذر تنازل وادرك خطأه فلم تملك الا ان تلقى نفسها بين احضانه وهو يجذبها بقوة احاطته بذراعيها كما احاطها
همس " وحشتينى حبيبتى كم اشتقت اليكى "
ابعدها لينظر بعيونها وقال " وحشتنى عيونك..صوتك ابتسامتك كل ما بك هل سامحتينى "
هزت رأسها وقلبها لا يتمالك نفسه من السعادة قالت من بين دموعها  "لا املك الا ان افعل "
مسح دموعها وقال " خشيت ان يموت حبي بقلبك "
هزت راسها وقالت " وقتها سيكون قلبي قد مات فحبك هو الذى يبقينى على قيد الحياة كان عليك ان تدرك اننى عندما احببتك سلمتك قلبي وعقلى وروحى انت ايضا بدمى يا جاسر لم املك ان اغير دمى "
جذبها اليه مرة اخرى وكان من السهل ان يقول " اسف حبيبتى على كل شئ ونادم على ما ضاع منا ارجوكى لا تتركينى مرة اخرى لن اتحمل بعدك حبيبتى "
ابعدها واحاط وجهها بيده ثم انطلق الى شفتيها فى قلبة شوق طويلة كلا منهما كان فى احتياج اليها تذكرت احمد فابتعدت
نظر اليها وقال " ماذا بكى؟  "
ابتعدت وقالت " هناك شئ اخفيته عنك و.."
اعادها امامه وقال " اى شئ لا يهمنى طالما لن يبعدك عنى "
نظرت اليه وقالت " بل هو يقربنى منك اكثر "
ضاقت عيونه وقال " تتحدثين بغموض "
ابتعدت وقالت " لقد كذبت عليك "
اتجه اليها ووقف امامها وقد دخل الشك قلبه ولكن لا لن يعود لجاسر الذى يخسر كل شئ بتهوره قال
" هلا تتحدثى انا لا املك صبرا كثيرا انتى تعلمين"
نظرت اليه واستجمعت شجاعتها وقالت "انا.. انا لم افقد حملى كما اخبرتك "
دقات قلبه تعلن عن امل لاح فى الافق امسكها من ذراعيها وقال " ماذا ولكنك قلتى ؟"
قالت " كنت غاضبة منك واردت ان اجرحك مثلما جرحتنى "
لم يتركها وقال " انا لى طفل "
عادت الدموع لعيونها وهى تهز راسها هزها وقال " حقا ام تلعبين بى جى ردى ارجوكى انا لى طفل ولم يموت بسببي "
قالت من بين الدموع " بعدما ضربتنى كدت اجهض ذهبت للمشفى وهناك انقذني دكتور وائل وظللت بالمشفى عدة ايام حتى اطمئن على الدكتور وثبت حملى "
تركها وابتعد مرر يده بشعره ولم يصدق نفسه ماذا يفعل ما هى مشاعره اقتربت منه وقالت بخوف " انا اسفة ولكن انت والده ولن استطيع اخفاء الامر اكثر من ذلك "
لا يمكن للغضب ان يحل محل ذلك الشعور الذى ملاء قلبه كم تمنى ان يكون اب وان يكون له ولد منها كم حلم بالأسرة والاستقرار وهى بعيدة عنه والان ها هى تحقق حلمه نظر اليها وقال
" ولد..هو ولد "
هزت راسها وقالت " احمد سميته احمد حمدا لله على انه نجا "
لحظة مرت كالدهر ولم يملك الا ان يمسكها من ذراعيها ويقول " اين هو اريد ان اراه "
مسحت دموعها فقد تأكدت انه لم يعد جاسر الذى لا يهمه سوى كبرياؤه وانما هو شخص اخر تمنته واحبته ابتسمت وقالت " وهو ايضا يريد رؤيتك "
وامسكت يده وجذبته الى داخل الشاليه وهى تقول " تعالى "
تقدم معها ومع كل خطوة كانت دقات قلبه تزداد هل اصبح اب له ابن هل سيعيش مثل باقى الناس ستعود اليه اسرته سيصبح الحلم حقيقة
وقف امام باب غرفته وهى تقف امام فراش احمد...شعر ان قدمه لا تحمله تحرك ببطء الى الطفل الجميل الراقد على الفراش وترقرقت الدموع بعيونه ركع على الارض بجانبه ومرر يده على شعر الطفل النائم فتح احمد عيونه وهو ينظر اليه ثم هب فجأة وقال
" دادى انت دادى اليس كذلك انت تشبه الصور "
سالت دموعه لا مجال لان يخفى مشاعره كما اعتاد انه ابنه جزء منه نما وكبر بعيد عنه والان هو امامه هز راسه وقال
" نعم انه انا "
انطلق الطفل لاحضانه بقوة فاجأته ووجد نفسه يحيطه بذراعيه اغمض عيونه وزادت انفاسه وزادت دموعها ابتعد الطفل الذى قال
" مامى قالت انك ستأتي من اجلى لم اكن اصدقها ولكن الان صدقتها اسف مامى "
ابتسمت نظر اليها قام وهو يحمل الطفل وقال " وماذا قالت مامى ايضا عنى ؟"
قال ببراءة " قالت انها تحبك جدا وتتمنى ان تراك مثلى تماما "
نظر اليها فأخفضت عيونها فقال " تعلم انى ايضا احب مامى جدا واحبك انت ايضا واسف لانى بعدت عنك وعن مامى ولكن اعدك الا اترككم مرة اخرى ابدا "
ابتسم الطفل وقال " ستنام بجانبي "
نظر اليها وقال " واترك مامى وحدها "
قال الطفل بنفس البراءة " ليست وحدها كل يوم تأخذ صورتك بحضنها وتنام "
شعرت بالحرارة فى جسدها فها هو ابنها يفشي كل اسرارها امامه نظر اليها وقال " هكذا اذن وانت لا تحب صورى "
" بلى غرفتى مليئة بصورك مامى وضعتها "
كم كان غبيا عندما تركها ولم يدرك حبها كم حرم نفسه من السعادة ولم يري كم ظلم نفسه وظلمها
قبل ابنه بحنان وقال " الان انا اصبحت معك ولن تحتاج الى الصور "
قالت " هيا لتنام لقد تأخر الوقت "
تذمر الطفل وقال " اريد دادى ... تعالى نام معى "
قبله وقال " حاضر حبيبي "
ابتسمت وهى تراه يضعه فى الفراش ويرقد بجانبه أطفأت النور وتركته معه واتجهت لغرفتها كانت سعيدة وتشعر بالراحة رن هاتفها كان يوسف لم تعرف ماذا تفعل
سمعت صوته يقول " الن تردى؟ "
نظرت اليه وقالت " انه يوسف "
اقترب منها وقال " لم اسالك "
لم يعد للشك مكان بقلبه ليس بعد ما ادركه وراه وربما تعلمه من انين قلبه فى سنوات الفراق
ردت " اهلا يوسف "
اجاب يوسف " كيف حالكم وانتم وحدكم تفتقدونى اليس كذلك ؟"
نظرت له وهو يتابعها ثم زاد قربه منها فارتبكت وقالت " لسنا وحدنا جاسر معنا "
طال الصمت وشعرت بيد جاسر تفك طرحتها ثم ازال مشبك شعرها سمعت يوسف يقول " انتى بخير ؟"
قالت بضعف من لمساته " نعم لقد عدنا "
صمت مرة اخرى وشعرت بيد جاسر فى شعرها وهو يقف خلفها قال يوسف " هذا هو الصواب الى اللقاء "
سمع جاسر هذه الجملة ليتأكد من ان زوجته له هو وان يوسف كما قالت مجرد شريك فقط حتى ولو كانت عيونه تنطق بغير ذلك ولكن بالنسبة لها مجرد شريك....
لم يعد يريد ان يفكر فى اى شئ سوى انها معه بين ذراعيه جذبها اليه وانطلقت شفتاه الى عنقها وهو يهمس
" وحشتينى "
اغمضت عيونها وسقط الهاتف من يدها وهى تنهار امام لمساته ادارها امامه فنظرت اليه وعادت انفاسه تخترق بشرتها وقال
" انا لا اصدق انك معى اخيرا حبيبتى انتى معى لقد تعبت فى بعدك "
لم تشعر وهى تحيطه بذراعيها وهمست " انا ايضا تعبت جدا يا جاسر لا تتركنى مرة اخرى لا معنى للحياه بدونك "
قبل وجنتيها برقه وداعب ازرار بلوزتها ثم قبض على شفتيها بقبلة طويلة وكأنما يستعيد كلا منهما الماضي السعيد ويطردون الذكريات السيئة واخيرا ترك شفتيها وهمس
" اعشق قبلتك تعيدنى للحياة "
اخفت وجهها فى صدره فحملها وانطلق ليشبع عطش شوقه ليعتذر بحبه وحنانه عن اخطاؤه وليتأكد انه اعادها لقلبه ولن تتركه مرة اخرى ابدا 
يتبع....

رواية انين القلوب     بقلمى داليا السيدWhere stories live. Discover now