الولد المختلفُ

138 3 0
                                    

جَالِسٌ أنت الآن فِي غرفتك أو مهمَا كان المكان الذي تقبع فيه، و قرّرت أن تفتح هذه الروايةَ، حسنا يا عزيزي، أنت الآن على وَشكِ أن تذهب معي في رحلةٍ داخِلَ دوّامةِ حياتِي الغريبةِ، وَ لكِنْ أوّلًا ضَع في الحِسبانِ أنَّ الطريقَ غَادِر فقد تُطوفُ بِك المياهُ لحظاتٍ فتشعُر فيها بأَمَنٍ و في اللحظة المواليَةِ تجِد نفسكَ تَتخبطُ بين أَموَاجٍ تتضارب لِتطحن كلَّ صنتيمترٍ من عَقلِكَ، لِذا جهّز نفسك و إستَعِدَّ للغوصِ، أمَامَنا طريقٌ طوِيلةٌ.

أهلاً! إسمِي إيثان، وأنا في سَنتي الأولى بالثّانويةِ، في العادةِ، الأناسُ العاديّونَ يكونونَ متحمِّسينَ لِإنتِقالهِم لِمرحَلَةِ جديدةٍ فِي حَيَاتِهم، بَيدَ أَنَّني لم أكُن كَذلِك، فَكل ما كنت أفكِّر فيه هو أنّ الدِّراسةَ ستَشتدُّ أكثرَ وَ لَم تَبقَ سِوى بضع سنواتٍ لتخرُّجِنَا و عِندهَا سنُصبِحُ راشِدين و تَتَرَاكَمُ عَلى ظهورنَا المسؤوليّاتُ وَ أعبَاءُ الحَيَاةِ.
كانَ بُعدُ تَفكِيرِي أعمَق من باقِي النَّاسِ فرغم صغرِ سنّي إلا أن مسألة العمل و الإستقرارِ في المستقبلِ تُرَاوِدنِي منذ دخلتُ المَرحَلةَ المتوسّطةَ، أَرى أننِي في غضونِ الخَمسةَ عَشرَ سنَةِ الّتِي عشتُهَا تعَلمتُ أكثرَ من بقيةِ النَّاسِ الّذينَ أعرفهُم، و بالعكسِ تمَاما أَنَا لا أعتبِرُ هذِه ميزةً البتَّةَ بَل هَذَا أوَّل سببٍ جعَل حَيَاتِي جحِيمًا، و جَعَل عقلي متبلِّدًا -أي أنَّك لست حزينا أو سعيدًا بمعنى آخر بلا مشاعرٍ- في أغلب الأحيانِ، محاولةُ فهمِ و تفكيك الأشياء طوال الوقت أمرٌ مزعجٌ حتى لو لم أكن قاصدا سأقتبسُ إستنتاجًا لأي ظاهرة أراها.
قد يكون هذا مرضًا نفسيا أو ما شابهَ لكِن هذا لا يهمُّ.

كانت محاولة التأقلمِ مع الصف صعبةً و مرَّ شهرٌ تقريبا، و أصبح الأمرُ عاديا الكُل صار يعرِفُ بعضهُ البَعض سرعان ما أصبَحُوا يَتَجاذبون أطرافَ الحَدِيثِ و يَتبادلونَ المُزحَ، «إلا أنا، إيثان، كالعادَةِ لا أحَدَ يكَلّمه، و مَن سَيرغَبُ في الحدِيث مع غريبِ أطوارٍ بِربِّك؟» أقول في نفسي ، عندَمَا يسأَلُنِي شخصٌ عن أمرٍ أرد عليه لكِنّ ما ألَاحظُهُ من إيمَاءاتِ أجسادِهم أنَّهم غَيرُ مُرتاحِينَ و هم يكَلِّمونني.

ذات يَومٍ، فِي الصّفِ، بينَما كنتُ جالسًا، شَعرتٌ بنظراتٍ بعثت لي شعورًا غريبًا، حاولت اختلاس النظرِ، أوه! إنّه ذلك الشابُّ الذي يبتَسِمُ دائمَا، ماذا كان إسمه؟ صحيح دانيال أو شيءٌ من هَذا القبيل. بَقِيَ ينظر لي طوالَ الحصةِ كَان الأمرُ غريبًا هَل قُمتُ بشيءٍ ما له؟ فِي العادَةِ لا أحد يعيرنِي إهتِمَامًا، خرجنا من الحصةِ و لاحظت أنّه لم يخرج إلا بعد خروجي بالضبطِ.

دَعوني أخبِركُم قليلا عن دانيال هَذا، لا أعلم عن معلوماته الشخصية شيئًا فبالكادِ عرفتُ إسمهُ لكِن بمتابعتي لتحركات الطلاب أعرف نوع شخصية كل إمرئٍ.
إنَّه شابٌ متفَوِّقٌ و صدِيقٌ لكُلِّ الناسِ قد لا يبدو عليه لكن ما لاحظته في تعامله مع الطلابِ أنَّه جيِّدٌ في قراءة لغة جسدهم كما أنه ذكي و له تقنياتهُ في التخطيط فقد كنت دائما ما أستمع إلى خططه عندما نلعب الكرة الطائرة و كان دائما ما يتنبأُ بحركات الخصم و دائما ما يربح الفريق الذي يكون فيه، مما جعلني أريد معرفة المزيدِ عنه لأن ما أراه في باقي الناسِ هو غباءٌ في عقولهم.
علاوةً على ذالك إن كنتم تريدون ملامحه الخارجية فهو ولد وسيمٌ ذو شعرٍ أسوَدَ و عينانٍ زرقَاوَانِ كزرقَةِ المحيطِ هو أطول مني بقليلٍ كما أن بنيته الجسدية جيدة.

و كما يقولونَ "تجري الرياحُ بِما لا تشتهِي السُّفنُ" ظننتُ أنني انعجبت فقط بشخصية هذا الشابِّ و طريقة تفكيرهِ لكِن لم أضع في الحسبَان أن هذا البشريَّ سيغير حياتِي كُلِّيًا.

يَتبعُ...

♚ ولدٌ إسـمُهُ دانـيال↷'· | 𝐀 𝐠𝐮𝐲 𝐜𝐚𝐥𝐥𝐞𝐝 𝐃𝐚𝐧𝐢𝐞𝐥࿐Where stories live. Discover now