الرابع و العشرون & أراكِ بعين قلبي & صابرين شعبان

6.6K 339 124
                                    

الفصل الرابع و العشرون

كانت عودته لحياته السابقة كمن عاد ليسجن نفسه في تابوت من الخشب ليعود لثباته من جديد . كان يعيش على أمل لقاءهم و عودتهم لبعضهما يوماً أما الآن فقد فقد كل أمل للقاء . هل هذه ستكون حياته منذ الآن هل هكذا سيعيش كحي ميت لا روح و لا قلب ينبض من جديد . ظلت ريتشل تطارده منذ علمت أنها تركته و عادت تاركة إياه وحده و كأن الطريق أصبح خاليا دون شبحها الذي كان يقف لها بالمرصاد . لتستمر بالعودة لمنزله و تضايقه في العمل حتى سأم و كاد أن يتسبب لنفسه في فضيحة عندما وجدها العاملين معه في المرحاض تحاول تقبيله عنوة بعد أن ذهبت خلفه دون أن ينتبه . و كانت القشة التي قسمت ظهر البعير هى نظرات العاملين معه الساخرة المستهترة بهذه المصيبة كأن مطاردة ريتشل له مزحة يتناولها فيما بينهم لتمضية الوقت . ليجد نفسه يذهب لمديره ليحادثه و لم يتبق من عامين عمله إلا أشهر قليلة ...

بينما عند مهيرة كانت الحياة هادئة إلا من لقاءتها مع لمياء التي كانت تعيد على مسامعها كلماتها المبطنة عن خسارتها لداري و عمها حفيظ الذي تلاحظ الحزن في عينيه و لكنه لا يظهره لها . ذهبت معه لزيارة لبسام لتظل معهم شهرا كاملاً بينما عاد حفيظ لمنزله مخبرا إياها أنه سيأتي و يأخذها . شهران و أسبوعين مرا على سفره و لم يعد للأن لتتأكد شكوكها أنه عاد لزوجته الأولي . هذا الشعور داخلها بالحزن غريب عليها لتفهمه لم يحزنها أي شيء يفعله لم تشعر و كأنه خانها بعودته لتلك الزوجة . نسيتِ أيتها الحمقاء حديثك هى زوجته لا أنتِ . لم غاضبة إذن . تبا أنا لست غاضبة أنا فقط فقط غاضبة لأني لأني على حق و أنه وغد حقير مبتز كاذب كما توقعت . هذا المخادع . لم تعد تتحمل البقاء لدى بسام ستهاتف عمها ليأتي و يأخذها .

"رتيل يكفي حبيبتي لقد مرت أشهر طويلة " هذا ما قالته لمياء لرتيل الباكية . فقد مرت أشهر بالفعل لتصبح طليقة حذيفة للمرة الأخيرة و قد انتهيت عدتها و لا سؤال عنها أو ما حدث معها بعد أن أرسل إليها ورقتها . لتستنتج أنه بالفعل كان مرتبطا بها لطريقة طلاقها منه و قد فعلها بإرادته الأن . لم يعد بحاجة ليثبت لها شيء و هى من طلبت و هو من نفذ طلبها و لا رابط بينهم بعد الأن . مازال والدها يرفض عودتها للمنزل إلا إذا قبلت الزواج من عثمان و بالطبع لن توافق و لو ظلت هذا عمرها كله . كانت قلبها يحترق من كل شيء أبيها حذيفة حياتها التي خربت . ماذا ستفعل هل ستظل هكذا حبيسة منزل عمها حسين للأبد . يجب أن تبدأ في التفكير الجاد بحياتها فالحزن لن يفيد هذه مهيرة تخبرها لمياء أنها عادت للجامعة لتنهي عامها الأخير . و تبدأ في التفكير في مستقبلها . لم لا تفعل هى مثلها . لم لا تبحث عن عمل . تبدأ دراستها التي حرمها منها والدها بعد أن أنهت الثانوية . حسنا هذا هو أفضل حل لتخرج من هذا الحزن و إلا ستموت كمدا . خاصةً أن داري له أشهر لم يعد و لم يسأل عنها كمن قرر بالفعل عدم العودة كما يقول عمها حسين . هل حقاً لن يعود . لن يعودها داعمها و سندها مع عمها حسين بعد تخلي والدها و حذيفة عنها . حسنا يكفي . يكفي بالفعل كما قالت لمياء يجب أن تفيق و تكف عن هذا التخاذل . قالت للمياء بحزم بعد أن مسحت دموعها براحتها بقوة . " أخبريني لمياء هل أمين زوجك مازال عند وعده لي عن تلك الوظيفة ... "
أجابت لمياء بحماس " بالطبع عند وعده فقط أنت وافقي "
قالت رتيل بحزن " موافقة . أخبريه الأن "
و فعلت لتبدأ العمل بالفعل و تستعلم عن كيفية أكمال دراستها محاولة أن تكمل ما توقفت عنه منذ سنوات بأمر والدها ..

بينما داري كان قد أستنفذ صبره و هو مستمر بالسؤال عن تمكن الشرطة من إلقاء القبض على ماكين أم لا . فمنذ أفاقت جانيت لتخبرهم بما حدث معها و الشرطة تبحث عنه . فمنذ رفضت أن تتحدث مع داري ثانياً رافضة الانصياع لأوامر ماكين و هو قام بتعذيبها و منع الطعام عنها غير الاعتداء المستمر عليها . ظلت لأشهر حالتها سيئة للغاية و ترتعب كلما تحدث معها أحد أو لمسها مالك الصغير . لم تكن تحتمل أن يلمسونها و لو بالخطأ ليأخذها داري لطبيب نفسي ليساعدها للعودة لحالتها الطبيعية كان مالك دائم الحزن و البكاء على ما أصاب والدته خاصةً أنها كانت تصرخ به بعض الأحيان لتبعده . كان داري يحاول أن يفهمه ما حدث معها بقدر الإمكان و حتى لا يغضب منها أو يحزن و بالفعل بدأت تتماثل للشفاء و ها هى عادت لتتحدث معهم من جديد مما جعل مالك سعيدا . كان داري يأخذها و مالك للخارج بعض الأحيان لتغير مناخ لعل ذلك يساعد في زيادة تحسن حالتها . حتى جاء وقت الحديث الجاد معها عما حدث في تلك الشهور . سألها داري بهدوء " أخبريني ماذا حدث معك بالضبط جانيت . و كيف لم يعلم أحد عن ما يحدث معك هنا "
عادت للبكاء بحرقة متذكرة كل ما كان يفعله بها الحقير . لا تستطيع أن تخبر داري ما كان يفعله بها . لا تستطيع أن تسقط من نظره أكثر مما هى بعد رؤيته لخيانتها بعيناه . ليته قتلها و قتله ذلك الحقير ماكين ذلك اليوم . كانت ستكون نالت عقابها لفعلتها . قالت له باكية بعصبية " و ماذا سيفيد معرفتك لقد أؤذيت و أنتهى الأمر . أذا أردت العودة لمصر عد و لا تقلق على أعلم أنك تريد العودة من أجل زوجتك "
لم يشأ أن يخبرها أن لا زوجة له غيرها . زوجة لا يريدها حقاً . قال داري بهدوء " حسنا جانيت أنا لن أعود قبل أن يقبض على هذا الحقير و يسجن . هل تظنين أني أستطيع أن أرحل و أتركك ليتكرر معك ما حدث من جديد "
قالت باكية " لا تخف هذه المرة لن أجعله يأخذني غدرا سأكون منتبهة "
رد داري ساخراً " بالطبع منتبهة جيداً بالفعل . أيتها الحمقاء لقد كاد يقتلك "
صمتت باكية بصمت فقال داري مفكرا " هذا الحقير يعلم أني هنا معك لذلك لم يعد للأن . الحل الوحيد لعودته و ظهوره هو أن أرحل من هنا .."
نظرت إليه بخيبة . يريد أن يتركها و يعود . فرضا لم تستطع الشرطة القبض عليه قبل أن يصل إليها . ماذا ستفعل . حسنا هى تستحق . تستحق كل هذا و أكثر . لقد دمرت حياتها بلحظة طيش و نزوة مع رجل حقير لا يستحق أن تضحي ببيتها و ابنها من أجله . قالت بحزن "  حسنا داري عد و مالك لا تخف علي سأكون بخير و بالتأكيد الشرطة ستقوم بمساعدتي "
قال داري يجيبها بسخرية " عزيزتي الشيء الوحيد الذي أعلمه جيداً هو أن الشرطة هى الشرطة في أي مكان دوماً ما تصل بعد فوات الأوان . و لذلك أنصتي إلي و هذا ما سيحدث "

أراكِ بعين قلبي (2 )  علاقات متشابكة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن