الجزء السابع

1.1K 85 11
                                    

"انت لا تعني ذلك" قالت ماريا وهي تحرك عربتها لتبعدها عن الطريق. "وعلى أية حال، ماذا تفعل هنا؟"
سألته بأستغراب.
كيف له أن يتبضع وحده دون مساعدة؟
"لقد احتجت إلى بعض المؤن،  ولا لم اكن اتبضع بمفردي، كان إيرل يساعدني قبل أن يذهب ليقضي عمله، ثم أوصى بحفيدته لمساعدتي وشاهدتي ما حصل"
"اها" قالت ماريا وهي تلعق آخر قطرة من الآيس كريم. 
"حسناً اذاً، حظاً سعيداً" إجابته وهي تلوح وتسير بعربتها بعيداً، أرادت أن تبتعد وحسب، تلك الكاريزما والابتسامة الخلابة والغموض الذي يحيط ببلو سيدفعها لعمل أمر قد لا يعجبها،  فهي تكره أن تكون كالفتيات البقية، كلوسي مثلاً....
سارت الفتاة دون أن تنتظر إجابته وقررت أن تشغل نفسها بأكمال قائمة المستلزمات بأسرع وقت. فبدأت تمشي بسرعة وصوت عجلات عربتها يترك صدى واضح في الممرات الشبه الخالية ، وحين وصلت إلى المنظفات،  قامت بوضع علبة ذات الحجم الكبير وهي آخر ما كتبته جولي في القائمة ، حتى سمعت صوت عربة تسير ببطئ في الممر ذاته.
استدارت ماريا لتنظر إلى من خلفها ولم يكن سوى مايكل!
بقيت تنظر إليه بعينيه التائهتين وهو يمرر يده على ملطفات الملابس دون أن يرى ما هي، وبعد وهلة بدا في حيرة من أمره فتنهد ثم تناول واحدة ذات النوع الرديء وسار مكملاً طريقه.
اوه تباً....قالت ماريا في نفسها، لم لا يمكنني تجاهله فحسب؟
"انتظر!" صاحت ماريا لتجفل بلو الذي توقف واستدار ناحية صوتها. "انسة ماريا،  لقد اجفلتني" .
" أنا اسفة، لكني لم اسألك حتى أن كنت بحاجة للمساعدة."
أجابت ماريا وهي تتجه إليه تاركة عربتها في الممر خلفها.
" لا بأس، لقد تدبرت امري بسلاسة "
قال مبتسماً، وكيف لا تعشق الفتيات تلك الابتسامة الهادئة اللطيفه؟
سكتت ماريا ونظرت إلى جميع الأماكن الا وجهه، لم تكن لتقع في الفخ، لن تقع في الفخ! شجعت نفسها بهذه الأفكار حتى شاهدت علبة الملطف وتنهدت..
" اعتقد بأنك أخطأت في اختيار الملطف"
قالت له وهي تطالع عربته، ولوهلة شعرت بالاحراجكما لو كانت تنظر داخل خزانة شخص غريب دون أذنه...
" حقاً؟"
فتح عينيه الزرقاوتين بتعجب فأجابت "اها....، هل ترغب بنوع محدد؟"
" كلا، في الواقع، أي شيء سيفي بالغرض، شرط أن لا تبدو رائحة ثيابي كرائحة الفتيات"
لم تتمكن ماريا من كبح ضحكاتها حين شاهدت أن ما اختاره،  كان بالفعل مخصص لثياب الفتيات ويحتوي على رائحة الأزهار...
" اعتقد......اعتقد انك تحتاج للمساعده"
قالت له من بين نوبة ضحكها،  ولم تغفل عن ابتسامته التي داعبت شفتيه، فتنحنحت حين شاهدتها واستقامت.
" هذا سيفي بالغرض"
تناولته إحدى العبوات المخصصة للثياب العادية وأعادت ما اختاره إلى مكانه.
"ماذا ايضاً؟"
سألته فأجاب "في الواقع، هذا كل شيء، شكراً لكِ"
" لا شكر على واجب"
إجابته وهي تسير لتحضر عربتها.
" لقد انقذتني مرتين"
" كنت لتفعل الشيء ذاته من اجلي" قالت له موجهة كلا عربتيهما ناحية المحاسب.
"ربما..." اجاب بلو وهو يتبعها بالامساك بعربته ليستشعر الطريق.
"ربما؟" سألته ماريا بتعجب، لقد كانت متأكده بأن الرجل كالفارس الشجاع على حصان ابيض. أنه جندي بحق السماء، الامر يسري في عروقه.
" انا ..امزح فحسب." اجابها بأبتسامة صغيرة جعلت عينيه الزرقاوتين تلمع يمرح.
" مايكل بني"
قاطعهما إيرل ، "هل وجدت كل ما ترغب به؟"
سأله الرجل المسن فقال الجندي بلكنته الجنوبية " أجل سيدي، أنسة ماريا قدمت لي الكثير من المساعدة."
" أحقاً؟" تعجب إيرل "الم اقل للوسي ان ترشدك الى كل ما تريد؟ تلك الفتاة الشقية."
قال الرجل بأحباط، ربما كان طاعناً في السن واحب حفيدته، لكنه غالبا ما وجدها طائشة لدرجة ما وكثيرا ما رغب ان ترافق اشخاصاً ذوي تأثير جيد، كماريا على سبيل المثال.
" لا بأس يا إيرل ، كنت قد انتهيت على اية حال"
اجاب بلو وهو يأخذ حقائب البضائع من متناول ماريا.
تنهد إيرل و ابتسم بعد ذلك ليمحي نظرة الاحباط عن وجهه وقال للفتاة " اخبري جولي بأني ارسل تحياتي، وأيضاً مرحباً بعودتكِ يا صغيرة"
" سأفعل! وشكراً لك" اجابت ماريا وسارت مبتعدة مرشدة بلو الى الخارج.
لم يلحظ إيرل حفيدته وهي تقترب منه وتتكئ على طاولته الا بعد ان وخزته بأصبعها فأستدار متفاجئا ليرى وجهها ذي العينين البريئتين وشفتيها الممتلئتين باحمر الشفاه وفمها المملوء بالعلكة.
" لوسي، لِمَ لَم تساعدي بلو كما طلبت منكِ؟" قال الجد مؤنباً. فمضغت الفتاة العلكة دون مبالاة واجابت " لقد جائت حبيبته لمساعدته"
ضحك إيرل وقال " بلو ليس لديه حبيبه"
" بل لديه" اجابت حفيدته بأنزعاج " لديه تلك التي كانت برفقته"
بدا إيرل يفكر قليلاً ليتذكر من التي كانت برفقة بلو...
" لكن لم يكن هناك أي احد معه سوى ماريا"
" هي ذاتها" قالت لوسي وهي تضع يديها على خصرها.
" لقد كان يبحث لها عن نوع من الشامبو، هو يحب رائحة شعري، هذا ما قالته لي ، كما انها نادته بمايكل"
بدا إيرل مدهوشاً لثواني ثم عادت ابتسامته المعتادة الى وجهه واجاب الفتاة التي تملكتها الغيرة والحسد " هي فتاة صالحة، وهو شاب جيد ومسكين ، انهما يليقان ببعضهما البعض، ربما لو اتبعتي خطاها وتركتي عصابة المتمردين اللذين تذهبين برفقتهم كل ليلة لحصلتي على شاب مثل مايكل"
كان وجه لوسي محتقناً باللون الاحمر حين ابتعدت بخطى ثقيلة عن جدها غير راغبة بسماع المزيد، وفي اللحظة ذاتها دخلت كات صاحبة المخبز عند نهاية الشارع الى المتجر.
" اهلا كات!" قال إيرل وهو يشير لها بأن تأتي ناحيته، فأقتربت المرأة وحيته بأبتسامة.
" كات، هل رأيتي بلو؟" سأل إيرل فأجابت المرأة بعينين خضراوتين متلئلئتين "أجل، لقد كان برفقة ماريا، دخلا إلى متجري لشراء بعض الخبز"
ابتسم إيرل وقال " إذن ، فالاخبار صحيحه..."
"أية اخبار؟"
سألت كات فدنى منها العجوز وبدأ يهمس لها بما جرى اليوم وما شاهدته حفيدته، وبما ان المخبز كان مركزا لتداول جميع اخبار البلدة لكسب الزبائن ،رحبت كات بأي خبر قد يزيد من شعبية محلها....
.
.
.
.
يتبع..

In the soldier's dark paradise  فْيّ جَـنّةِ أَلجُنْــديّ أَلمُظّلِــمّةWhere stories live. Discover now