فِي مَكانٍ مَا، بَين أمْوَاج الرِّيَاح وأمْوَاج البَحَر، هَا أنَا أقِف عَلَى تِلك الرّمال الدَّافِئَة التِي تَتَخَلخَل حُبَيبَاتَها دَاخِل أصَابِع قَدَمَيأقِف مُقَابِل الرِّيَاح أوَاجِه البَحر بِهَيئَة جَسَدِي الضَّعِيفة وَخُصْلاَت شَعرِي تَتَعَارَك مَع الهَوَاء
فَتَحت ذِرَاعَي أحتَضِن بُرُودَة شَهَر فِبرَايِر وَطَبَّقت عَينَاي بِبَعضِهِمَا لِأقَابِل السَّوَاد بَعدَهَا أرخَيت جَسَدِي لِأغَادِر الحَيَاة
لِأكُن صَرِيحًا، أنَا لاَ أرِيد أن أعِيش لَكِنَّنِي خَائِف مِن المَوت لَكِن لاَ أملِك هَدَفًا لِلعَيش وَرَحَل كُل مَا كُنت أحْتَاجَه وَحَاوَلت أن أشْرَح مَشَاعِري المُعَقَّدَة لِأصْدِقَائِي لَكِنَّهُم لاَ يَستَمِعُون إلِي لَم يَفهَمُني أحَدهُم أنَا لَم أتَوَقَّع فِي يَومٍ مَا أن يَسخَر مِنِّي أصْدِقَائِي وأن لاَ يهَتَمُّوا لِسَمَاعِي بَينَمَا كُنت كَذَلِك وَعِندَمَا أرحَل لَن يَهتَم بِي أحَدَهُم سَيَرحَل كُل جُزء كَان مِنِّي، سَعَادَتِي حُزنِي صَوتِي وكُل شَيء
كُنت أقَاوِم اليَأس، وَكُنت أجَاهِد وَأجبِر نَفسِي علَى البقَاء
شَعَرت بِالخَذَلاَن، تَم إسْتِبدَالِي بِشَخص آخَر تَم التَّجَاهُل بِي مِن قِبَل أصْدِقَائِي خَيَّبُوا ظَنِّي وَفَقدَّت ثِقَتِي بِالعَالَم وَإكَتَشَفت أن غِيَابِي سَيَكُون نَفس وُجِودي لاَ رَسَائِل لاَ إتِّصَالاَت وَلاَ حَتَّى تَوَاصُل
لِذَا ...
"أنَا قَادِم إلَيك تِين، إسْتَقبِلنِي بِأحَر التَّرحِيبَات"
لَكِن ..
أوقَفُني أحَدَهُم بِجَذبِه لِطَرَف مِعطَفِي لِأنزِل مِن حَافَّة الصَّخَر للأرض
إنَّه ذَلِك الصَّبِي!
شَبِيه تِين!
كَان يَنظُر إلَي بِنَظَرَاتٍ بَارِدَة، مُمِيتَة بِعَينَيه الشَّاحِبَتَين ..بِثِيَابِه المُمَزَّقَة وَلَدَيه الكَثِير مِن النُّدُوب فِي جَسَدِه وَالرِّمَال لَوَّثت جَسَدِه لَكِن عَلَى الرُّغم مِن كُل هَذَا إلاَّ أنَّه يَبدُو لَطِيفًا بِسَبَب وَجَنَتَيه الوَردِية المُمتَلِئَة مَع شَعرِه المُبَعثَر وَشِفَتَيه المُتَشَقِّقَة مُنفَرِجَة عَن بَعضِهَا