الآداب الباطنيه للمسجد

74 5 0
                                    

مزايا البيت الإلهي

.١ جرت العادة أن تكون البيوت متناسبة مع أصحابها، فقصر الملك لا يقاس ببيت الرعية، ومن المعلوم أن المسجد هو بيت الله عز وجل الذي يستجمع كل المزايا المتصورة في عالم الضيافة الإلهية، ومن لوازم زيارة بيته تعالى:

الإغاثة: فقد جرى العرف البشري على إغاثة من يلتجئ إلى دار كريم أو وجيه من وجهاء الدنيا ـ ولو كان الملتجئ ـ ظالما، بل كانت تقع الحروب عند مخالفة هذا العرف كما هو واقع في تاريخ الجاهلية؛ فإذا كانت هذه البيوت محمية من التعرض لمن يلتجئ إليها، فكيف ببيوت الله تعالى؟!..

ومن هنا نعتقد أن سلطة الشياطين وقوتها تضعف في المساجد، وإن الذي يصلي في المسجد جماعة يكون إقباله أسهل بكثير ممن يصلي في المنزل، وذلك من جهة أن الحماية الإلهية للمصلي تتضاعف في جمع المؤمنين، وفي بيت من بيوت الله تعالى.

ونقول هنا بالمناسبة: إن بعضهم يحرم نفسه إتيان المساجد، بدعوى طلب الإقبال في المنزل فرادى، ومن الواضح أن هذه وسوسة من الشيطان، وهو يغريه بذلك ليحرمه الثواب الجزيل، فالمؤمن يجمع بين الصلاة في المسجد والخشوع فيه أيضا؛ لأنه عندما يقف في صفوف المصلين، فإن هنالك رحمة غامرة تحيط بهم جميعا حتى لو أقيمت هذه الجماعة خارج المسجد، فكيف إذا أقيمت الصلاة جماعة، وفي بيت الله تعالى وبحالة من الإقبال ؟!. وبذلك تجتمع أركان الكمال في الصلاة أعني: جماعة المؤمنين، والبيت الإلهي، والخشوع الصلاتي.

الضيافة: فعندما يقوم الإنسان بزيارة أحدهم، فإن أول خطوة يقوم بها المزور ـ كحق ثابت للزائرـ هو إكرامه بما أمكنه، فكيف الأمر عند أكرم الأكرمين؟!. وخير ما يجسد هذا المعنى ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: قال الله تبارك وتعالى: [ إن بيوتي في الأرض المساجد، تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض، ألا طوبى لمن كانت المساجد بيوته، ألا طوبى لعبد توضأ في بيته ثم زارني في بيتي، ألا إن على المزور كرامة الزائر، ألا بشر المشائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة. ] ، ومن المعلوم أن المقصود بالمساجد – في الرواية ـ مطلق المساجد، فرب العالمين لا ينظر إلى صور الناس وأبدانهم، ولا ينظر إلى بناء المساجد وزخرفها!.. فالبيت إذا صار لله تعالى وإن كان من قصب لا سقف لهـ كما كان بناء مسجد النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)ـ فإنه يبارك فيه بما ذكر في الرواية.

زيارة الله تعالى: [ ألا طوبى لمن كانت المساجد بيوته، ألا طوبى لعبد توضأ في بيته ثم زارني في بيتي ] فكلمة طوبى ، يوازي كلمة ويل بفارق أن الويل يستعمل في العذاب وطوبى في الثواب، وانطلاقا من هذا الحديث فإن بعضنا يتعمد الوضوء في منزله، ليكون مصداقا دقيقا لهذه الرواية، وقد روي أيضا عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: [ عليكم بإتيان المساجد فإنها بيوت الله في الأرض، ومن أتاها متطهرا طهره الله من ذنوبه وكتب من زواره ] فرب العالمين لا يحده زمان ولا مكان، ولكن بيوته في الأرض هي هذه المساجد، فكما أن استلام الحجر في حكم استلام يمين الله تعالى في الأرض، فيقول العبد:

أسرار الصلاة Where stories live. Discover now