الآداب الباطنية في التهيؤ النفسي

215 14 0
                                    

موجبات الشفاعة

.٥١ إن العبد مهما حرص على إتقان العمل، فإنه سيأتي يوم القيامة وعليه الكثير من التبعات التي توجب رد العمل، أضافة إلى ذلك، انكشاف الخلل الذي لم يكن يعذر فيه في مجمل أعماله، ومن هنا لا بد أن تتداركه الرحمة الإلهية بوسائطها، ومنها شفاعة أولياء الأمر في عرصات القيامة. ولكن ليعلم أن هذه الشفاعة لا تمنح إلا لمن خرج من دائرة الاستخفاف بالصلاة، ومن الممكن أن يصدق هذا العنوان على من أمكنه الإقبال في صلاته، ولكنه لم يقبل فيها عمدا وباختياره. واللافت هنا إن هذا التحذير هو آخر ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال أبو الحسن الأول عليه السلام: [ إنه لما حضر أبي الوفاة قال لي : يا بني إنه لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة ]

  

هالة العظمة

.٥٢ إن من بركات الصلاة الخاشعة، هي إحاطة المصلي بهالة من العظمة والهيبة، تجعل الشياطين تخاف الاقتراب منه؛ لأنه صار شأنا من شؤون المولى، وحاشا لإبليس أن يقترب ممن تولى الله تعالى الدفاع عنه، مصداقا لقوله تعالى: ﴿ان الله يدافع عن الذين امنوا﴾ ، بل إن الشيطان يكتفي بالدعاء بالويل والثبور على نفسه، كما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال:[ إن العبد إذا سجد فأطال السجود نادى إبليس يا ويله أطاعوا وعصيت وسجدوا وأبيت ] وليعلم أن العكس صادق أيضا، فإن من ضيع الصلاة ـ ولو بتركها في أو ل الأوقاتـ طمع الشيطان فيه؛ لأن من صرف وجهه عن الله تعالى صرف الله تعالى وجهه عنه، وبذلك صار مطمعا للشياطين الحاقدة على بني آدم بعد أن ترفع الحصانة عنه، وهذا هو الذي بينه النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بقوله: [ لا يزال الشيطان هائباً ذعراً من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس فإذا ضيعهن تجرأ عليه ، فأدخله في العظائم ] ومن هنا يحسن بالمصلي أن يكثف من عبارات الالتجاء والاستعاذة بالله تعالى من همزات الشياطين وذلك قبل تكبيرة الإحرام، ليدخل الحرم الإلهي المعنوي بهذه الحالة من الحصانة، كما أن المحرم بعد عقد الإحرام في الميقات، يدخل حدود الحرم الإلهي المادي.

  

موقع العبد من ربه

.٥٣ إن بعضهم يحب أن يعرف موقعه من رب العالمين، وهل هو راض عنه أم ساخط عليه؟! وطوبى لمن يعيش هذا الهاجس المقدس، ولكن بشرط عدم الالتجاء إلى ما لا يورث له اليقين، كالسؤال من الغير ـ وإن كان من الصالحين من زمانه ـ أو ينتظر مناما، أو كشفا، أو تجليا حسيا أو ما شابه ذلك، والحال أن من لا يعرف واقع نفسه، كيف يشخص واقع غيره، ومن هنا يأتي دور الصلاة للكشف عن حقيقة الإنسان ومدى قربه من ربه، فإن الصلاة لقاء من الرب المتعال، فإذا كان اللقاء مصحوبا بشوق وحنين، انكشفت بذلك قوة العلاقة بين المتلاقين كما هي العادة. ولنذكر بهذا الصدد رواية ملفته عن الإمام الصادق (عليه السلام) حيث جعل الملاك في المدح والثناء، هي كيفية الإتيان بهذه الصلاة، حيث يقول: [ ذكرت لأبي عبدالله عليه السلام رجلا‌ً من أصحابنا فأحسنت عليه الثناء ، فقال لي : كيف صلاته؟ ]

أسرار الصلاة Tahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon