الاداب الباطنيه لصلاة الليل

189 8 0
                                    

تأكيدان نادران

.١ قلما ورد تأكيد على فعل مستحب مثل التأكيد على مستحبين وهما : صلاة الليل، وصلاة الجماعة.. ومن اللافت في المقام أنهما مستحبان من لونين مختلفين، فإحداهما تؤدى سرا في جوف الليل ـ كما هو الغالب ـ والثانية تؤدى جهرا في ملأ من الناس. ومن المعلوم أن من تعود على وقفه خالصة بين يدي الله تعالى في جوف الليل، فإنه يؤمن عليه من الرياء لو اتفق أن صلى جماعة في الناس، فإنه على موعد في الحالتين معا مع من عظم في نفسه، فصغر ما دونه في عينه.

  

وصية النبي لوصيه

.٢ عندما أوصى النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) بصلاة الليل، طلب من الله تعالى أن يعينه عليها، حيث قال (صلى الله عليه وآله): [ أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها عني ثم قال: اللهم أعنه، إلى أن قال:  وعليك بصلاة الليل ] ولعل السر في ذلك هو علم النبي (صلى الله عليه وآله) بالمواقف الصعبة التي ستمر عليه كليلة الهرير، فهو الذي قال بعد ذلك: [ ما تركت صلاة الليل منذ سمعت قول النبي صلى الله عليه وآله صلاة الليل نور فقال ابن الكوّاء : ولا ليلة الهرير ؟ قال : ولا ليلة الهرير ] أو بلحاظ توقع النبي (صلى الله عليه وآله) أن يكون وصيه في أعلى درجات الإقبال فيها، ليشابهه أيضا في هذه الحالة التي عبر عنها قائلا: [ إن لي مع الله حالات لا يحتملها ملك مقرب ولا نبي مرسل ]

  

السفر بصلاة الليل

.٣ خير ما يصور لنا تأثير صلاة الليل في إيصال العبد إلى غايته، هو ما روي عن الإمام العسكري (عليه السلام) حيث قال : [ الوصول إلى الله سفر، لا يدرك إلا بامتطاء الليل ] ، وكأن هذا السفر الشاق لا يسهله إلا ركوب هذا المركب أي قيام الليل الذي وإن بدأ صعبا لمن لم يستذوق حلاوة القيام فيه ـ لما يستلزمه من هجران النوم ـ إلا إن الغاية التي يحققها وهو الوصول إلى الله تعالى، مغرية في المقام أيما إغراء!.. فأين نسبة هجر ساعة من نوم، من الوصل بمبدأ كل فيض في الوجود؟!. وليعلم أنه لم يعهد في تاريخ الأولياء والصالحين، أن وصل أحدهم إلى شيء من الكمال، من دون أن يكون من أهل الليل، وهو الذي يفهم من هذا الحديث الشريف.

  

الجزاء المبهم

.٤ إن القرآن الكريم ذكر الجزاء المترتب على التهجد، وذلك في حالة من الإبهام حيث قال: ﴿ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا﴾ ، والحال أن القرآن الكريم طالما ذكر الجزاء حول مختلف الطاعات في مطاوي آياته، حول مختلف الطاعات، وذلك تحفيزا لأهلها وخاصة مع موجبات التكاسل، وذلك بالقول أن الأمر لا يحيطه به وصف أو ذكر جزاء، فإن الواردات الإلهية على قلوب المتهجدين بالأسحار تدرك ولا توصف، فغير المستذوق لها في مقام العمل، لا يمكنه فهم هذه المعاني القلبية، فكأن الإبهام في محله.

أسرار الصلاة Where stories live. Discover now