الاداب الباطنيه للسجود

Start from the beginning
                                    

  

السجود الواجب والمستحب

.٢٣ إن في القرآن الكريم خمسة عشرة موضعا يجب أو يستحب السجود فيه، وكأن العبد يريد أن يتأسى بالساجدين كلما سمع ذكرا لهم في كتاب ربه، فتارة يكون السجود فيه منسوبا للعباد الصالحين كقوله تعالى: ﴿إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا﴾ ، وتارة للملائكة المقربين في مثل قوله تعالى  : ﴿إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته  ويسبحونه وله يسجدون﴾ ، وتارة لكافة الموجودات كما في قوله تعالى: ﴿ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال﴾

  

محسنات السجود

.٢٤ إننا نرى السجدة تكليفا بدنيا بسيطا، تأدى بمجرد وضع المساجد السبعة على الأرض، إلا أنها محاطة بالكثير من المحسنات التي تزيدها بهاء وتوهجا، حيث بلغت في بعض كتب الفقه عددا لم يطلع عليها أغلب المصلين، وآخرها كما ذكر فيها: الواحد والثلاثون وهي زيادة تمكين الجبهة وسائر المساجد في السجود.

و

الغريب أن أهل الدنيا كم يتعبون أنفسهم في تزيين دنياهم بما لا طائل تحته، ولكنهم لا يزينون وقفتهم بين يدي الله تعالى بهذه المزينات المعنوية!.

  

الذكر قبل التسبيح

.٢٥ إن التسبيحة الكبرى أو الصغرى في السجدة الواجبة والمستحبة، هي قوام السجدة وروحها؛ لأنها الذكر الواجب فيها، فمن المناسب أن يدعو قبلها بما ورد في محله: ] اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت وعليك توكلت وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره، الحمد لله رب العالمين تبارك الله أحسن الخالقين [ ، فمن الطبيعي أن من أثار مشاعره الباطنية بهذه الكلمات النيرة، يكون أقدر من غيره لإتقان التسبيح، كما يريده رب العزة والجلال.

  

التلذذ بالسجود

.٢٦ إن من الطبيعي لمن لم يصل إلى ملكوت السجود، أن يكتفي بالأقل الواجب من الذكر، حتى من دون الصلاة على النبي وآله عليهم السلام والحال أنه ورد استحباب إطالة السجود، والإكثار فيه من التسبيح والذكر، فمثل المصلي العامل بهذا الاستحباب، كمثل من دخل بستانا مليئا بصور الجمال، فلا تطاوعه نفسه للاستعجال للخروج منه، وخاصة إذا انتابته في صلاته حالة من الرقة المصاحبة للبكاء، فإنه سيعيش عالما من البهاء والسناء لا يمكن وصفه، وهو ما أشار إليه على ما روي عن الصادق (عليه السلام): ] وجدت النور في البكاء والسجدة [ وهذا هو ما أدركه أصحابهم في سجودهم، فدعاهم إلى ما ذكره الفضل بن شاذان : ] قال: دخلت على محمد بن أبي عمير، وهو ساجد فأطال السجود، فلما رفع رأسه وذكر له طول سجوده، قال: كيف ولو رأيت جميل بن دراج؟ ثم حدثه أنه دخل على جميل بن دراج فوجده ساجدا فأطال السجود جدا فلما رفع رأسه: قال محمد بن أبي عمير أطلت السجود، فقال: لو رأيت معروف بن خربوذ [ ، وقد قيل عن محمد بن أبي عمير: ] إنه سجد بعد صلاة الفجر فما رفع رأسه إلا عند الزوال [

أسرار الصلاة Where stories live. Discover now