إبتسم يحيى وتابع: دايمًا كانت شرسة، بتجري وراك في كل مكان وكل ما تلاقيك مع واحدة تانية تديهملك، وانت عمرك ما شوفتها ولا حسيت بيها.

- خايف عليها المرة دي أوي، قلبي مقبوض مش عارف ليه! حاسس كأن هيحصلها حاجة! أول مرة ألاقيني متعلق بيها بالشكل ده!

- بعيدًا عن الأفكار السوداوية دي، إحساسك ده عشان فعلًا بدأت تحس بيها، بس السؤال هنا، إيه سر وجودها عندنا؟! بسبب فتحية... ولا... ولا... ولا بابا!

-هه!

- أنا سمعت كل حاجة يا أدهم، سمعت اللي زينة سمعته، الحوار اللي دار بين بابا وفتحية، رغم إني اتصدمت بيه لما اكتشفت إنه بيتمم صفقاته بالرشوات، لكن صدمة إنهاردة حاجة تانية، عارف إنه ناوي على تدميري! مش لأي سبب إلا إني ما وافقتهوش، طول عمري كنت أبص في وش ماما وأشوف حزن دفين طالل من عينيها، كنت بشوفها بتعيط من غير ماافهم، لكن لما كبرت بدأت أفهم كأن قلبها مجروح، يا ترى عارفة بجواز بابا من واحدة تانية؟! ولا عشان إتغصبت تتجوزه بالإكراه وهو أساء لها كتير.

- للدرجة دي حاسس بمامتك يا يحيى!

أومأ يحيى بمرارة مجيبًا: أيوة، عمره ما كان زوج كويس ولا حتى أب!

أطال النظر نحو أدهم متفحصًا وقال: كأنك عارف!

- سمعتها كتير وهي بتحكي لأمي كلام شبه كده، رغم إنها حاولت كتير معاه، لكن...

ثم أكمل أدهم: هدي نفسك يا يحيى.

مسح يحيى وجهه زافرًا بقوة، ابتلع ريقه ثم تسآل: عايز أعرف يا أدهم إزاي أقدر أساعدكم!

إتسعت حدقتا أدهم وأومأ برفض قائلًا: تساعدنا في إيه؟! لا طبعًا!

- كأن زينة جت للإتنين، لفتحية ولبابا، هو بيتاجر في المخدرات ويسلّط مراته الأولى تقتل أولاده غير الآلاف غيرنا اللي بيتسبب في موتهم، سمعته ناوي عل الهروب بعد صفقة قريبة، ومؤكد سيهرب بالحية دي وياخد كل فلوسه، ده لو مش هيحولهم قبل ما يسافر، حافظ كويس عزيز البنداري وحيله.

- من فضلك يا يحيى، أرجوك إهدى! إنسى إنك ممكن تشارك معانا بحاجة أو أطلب منك طلب زي ده.

- يا أدهم، صورته اتهزت خلاص، أنا وقفت أدامه وسيبته واشتغلت لوحدي، وقدرت أقف على رجلي، لكن مقابل ده هو أعلن الحرب عليّ والود وده ينتقم مني، كل ده ممكن السكوت عنه لكن كونه بيشتغل في أعمال مشينة ومشبوهة، إزاااااي؟! إطلب مني اللي محتاجه يا أدهم زي ما بتعمل وإلا هروح بنفسي للقائد بتاعك وهطلب منه مباشرةً.

- الأمور ما تتاخدش كده يا يحيى.

- يبقى اتفضل رتبها وشوف الأمور والإجراءات المناسبة واطلب مني وهتلاقيني عند حسن ظنك، واتأكد إني في إنتظار الأوامر.

تنهد أدهم بوجع وأهدر بضيق: أنا عارف كويس صدقك وطيبة قلبك بس هتأكد الأول، لكن يا يحيى في مشاعر إنسانية آدمية بتتحكم دايما في تصرفاتنا وأحكامنا، ويمكن تضعف بسببها ويكون وقتها صعب الرجوع.

- ما تخافش يا صاحبي.

- كل اللي أقدر أوعدك بيه، إني لو احتاجتك فعلًا هطلب منك، لكن أهم طلب بالنسبة ليّ، هو تأمين وجود زينة أقصد داليا عندكم.

- يبقى توكلنا على الله، وهفضل منتظر دوري.

انتهى الحوار الساخن اللامعقول، ترى في عالمنا هل يوجد شخص له من القدرة على التحدي والتضحية مثله هكذا؟! ربما يكون لكن قليلًا جدًا، ربما يكون هناك من يحارب من أجل مبدأه الخيّر أمام أي فرد مهما بلغت صلته مثلما يكون هناك الكثير ممن يحارب من أجل مبدأه الشرير مهما كان من يحاربه.

أما عن داليا قد عادت مسرعة قبل أن يكتشف أحد غيابها أو خروجها أصلًا، جلست في الحديقة تفكر في حالها وفي أدهم، كيف تحول فجأة! تبدّلت أحواله! هل فعلًا أخيرًا بدأ يبادلها شعورها أم هي مجرد لعبة جديدة يتسلى بها؟!

لكنها قرأت الصدق والعشق المتيم في نظراته لها، ظلت هكذا لا تدري أتصدق وتسير خلف شعورها أم تظل كما هي بثباتها ووقفتها أمامه ندًا بند إلى ما لانهاية!

بينما هي هكذا إذ رأت فتحية عائدة مع عزيز، توقفت السيارة، ظلا بداخلها لفترة يحكيان، فتح عزيز حقيبته ممسكًا بيده ورقتين، ظل يتحدث مجددًا ثم أعطاها إحداهما ووضع الأخرى بداخل حقيبته وأغلقها.

ترجلت فتحية من السيارة والسعادة الشديدة مرسومة على وجهها، تكاد ترقص من فرحتها.

لكن ترى ما تلك الورقتان؟! لماذا أخذ إحداهما وترك لها الأخرى؟!

عادت رانيا بصحبة أمجد منهكة، اتجهت نحو غرفتها، عاد يحيي هو الآخر في نفس توقيت عودة أخته، دلف إليها وأكد عليها ما طلبه أمجد في أنها لا تطلب أي شيء من فتحية ولا تثق فيها مع مواظبتها على العلاج، تحمل بعض الآلام التي ستعاني منها، يمكنها فقط أن تطلب من داليا مؤكدة عليها أن تفعل بنفسها دون أي تدخل وهي ستتصرف بطريقتها التي ستلهي بها فتحية.

مرت بضعة أيام، جاء يوم الزفاف، كان العمال في حديقة الفيلا منذ اليوم السابق يعملون على قدمٍ وساق، معهم أمجد، يحيى وأدهم لإعداد مكان الحفل على أفضل حال والتأكد من كل تفاصيل الحفل من بوفيه، باقات الزهور، أشكال المناضد، الكراسي، كوشة العروسان، الإضاءة وكل شيء............................

NoonaAbdElWahed

(يا أنا يا أنت)         By:Noonazad.   Where stories live. Discover now