34

1.8K 66 4
                                    

أوقف "عاصم" سيارته بصورة تدريجية أمام ساحة قصره ..
ترجل أولا ، ثم دار حول السيارة و فتح الباب المجاور لمقعد السائق ..
فترجل شقيقه ببطء و تمهل و هو يعلق علي كتفه حقيبة ظهره المتوسطة .. أحاط "عاصم" كتف أخيه بذراعه بلطف أذهل "شهاب" لكنه مضي في إثره دون أن يتفوه بحرف ..
عبرا الردهة الداخلية ، ثم دخلا إلي البهو حيث إصطف جميع أفراد الخدم هناك في إنتظار وصول "شهاب" ..
إستقبلوه إستقبالا حارا ، و عبروا له عن سرورهم بعودته إلي المنزل أخيرا ..
شعر "شهاب" بغبطة شديدة و شكرهم بإمتنان .. بينما أصرفهم "عاصم" بلباقة .. ثم جلس و دعا شقيقه للجلوس .. :
-حمدلله علي السلامة !
قالها "عاصم" بصوته العميق ، فإكتفي "شهاب" بإيماءة خرساء من رأسه ، فتابع "عاصم":
-الدكتور قالي انك المرة دي ساعدته بنفسك في العلاج .. و قدرت تتخطي الازمة ، ماصدقتش نفسي.
صمت "شهاب" و لم يجب ، فسكن "عاصم" للحظات ، ثم نهض و إتجه صوب الآريكة التي جلس شقيقه فوقها .. فجلس إلي جواره ، و وضع يده علي كتفه ، ثم قال بجدية هادئة:
-انا ماعنديش استعداد اخسرك يا شهاب .. انت مش بس اخويا ، انت ابني و وريثي الوحيد .. مش ممكن هسمحلك تآذي نفسك تاتي و لا هسمح لمخلوق انه يآذيك و لو حد اتجرأ و عملها هيكون مصيره زي مصير الكلب ده اللي كان عامل فيها صاحبك.
عند ذلك .. تطلع إليه "شهاب" و سأله:
-شادي ؟ .. انت عملت ايه في شادي يا عاصم ؟؟
أجابه "عاصم" بفم ملتو:
-ماعملتش فيه حاجة .. هو خد جزاءه بس مش اكتر.
ثم أضاف بعزم:
-انت لازم ترجع زي الاول و احسن يا شهاب .. لازم ترجع لحياتك ، ترجع شهاب الفنان الجميل ..ايه ماوحشكش الجيتار ؟ المزيكا عموما ! .. الصدمات اللي مريت بيها لازم تكون قوتك ، و مش لازم ترجع تضعف تاني ، انا المرة دي حاسس اني اقدر اعتمد عليك ، و عايز اثق فيك.
حدجه "شهاب" بنظرة غامضة لثوان و قال:
-انا مش مصدوم من اللي مريت بيه و بس يا عاصم.
قطب "عاصم" مستغربا ، فإستوضحه:
-مش فاهم ! يعني ايه ؟؟
-يعني انا طول عمري مصدوم !
قالها "شهاب" بشيء من الإنفعال ، و تابع بمرارة:
-من يوم ما وعيت علي الدنيا و انا مش فاهم اي حاجة .. لما سألت علي بابا انت و ماما حكيتولي اللي حصله ، مافهمتش ليه حصل فيه كده ، و انت .. لما سألت علي اللي حصلك ..
و أشار إلي الندبة الغائرة بجانب وجه أخيه الأيمن ، و أضاف:
-حكيتلي و مافهمتش بردو ليه حصلك كده .. تجاهلتتي و نسيتني ، انشغلت في السوق و في صفقاتك و في الانتقام ، نسيتني.
رد "عاصم" بإستنكار ذاهل:
-انا نسيتك يا شهاب ؟ .. انا عمري ما نسيتك و يا ما عرضت عليك تيجي تشتغل معايا و اعلمك عشان تمسك انت الشركة و تديرها بنفسك لكن انت اللي ماوافقتش و دايما كنت بترفض.
-ايوه كنت برفض عشان ماكنتش محتاج و لا حاجة من دول .. انا كنت محتاجلك انت .. كنت محتاجلك تقف جمبي دايما و تفهمني .. انت مش بتقول انك بتعتبرني ابنك مش بس اخوك ؟ .. انا كمان بعتبرك اب ليا .. بس انت ماكنتش عارف تتعامل معايا صح.
هز "عاصم" رأسه بإنفعال متآثر و قال:
-انت مافيش حد بيحبك في الدنيا دي كلها اكتر مني .. كل اللي معايا ليك و بتاعك و انت عارف ده كويس.
أومأ "شهاب" قائلا:
-عارف يا عاصم .. بس انا بردو مش محتاج اي حاجة معاك .. انا محتاجلك انت.
مد "عاصم" يده و ربت علي شعره بلطف و هو يقول بعاطفة أبوية:
-انا جمبك يا شهاب .. علي طول جمبك.
في تلك اللحظة .. اتت إحدي الخادمات ، و أعلنت بصوت خفيض:
-عاصم بيه .. الفطار جاهز.
أومأ "عاصم" رأسه و سألها:
-طلعتوا الفطار للانسة هانيا ؟؟
-حالا هطلعوا انا بنفسي.
و إنسحبت الخادمة في هدوء ، بينما قطب "شهاب" متسائلا:
-مينالانسة هانيا يا عاصم ؟؟
إبتسم "عاصم" و تمهل قليلا قبل أن يقول:
-خطيبتي.
-هممم !
همهم "شهاب" متفهما ، لكنه سرعان ما أدرك معني كلمته ، فعاد يحدق به في قوة و هو يسأله مشدوها:
-مين ؟؟

المظفار والشرسهDonde viven las historias. Descúbrelo ahora