الفصل الثالث عشر

28.9K 879 41
                                    

" غسان ...."
ترددت الكلمة على شفتيها بعدم تصديق ... لا تصدق انه وجدها بعد أن فعلت المستحيل لتختبئ منه ... سيطر الشحوب على ملامح وجهها بينما نهض هو من مكانه اخيرا وتقدم ناحيتها...
" غسان انا ...."
قبض على ذراعها بقسوة وهو يميل بجانب اذنها هامسا :
" ولا كلمة واحدة حتى... تلملمين اغراضك فورا لنذهب إلى منزلنا ..."
اومأت برأسها وهي تبتعد بسرعة عنه لتنفذ ما قاله وياسمين تتبعها ...
............................................................................
اوقف غسان سيارته أمام قصر عائلته ... فتح باب السيارة وهبط منها ففعلت أزل المثل وكذلك ياسمين ... تقدم إلى الباب الداخلي للقصر ففتحت الخادمة لهم الباب... دلف الثلاثة إلى الداخل ثم صعدوا إلى الطابق العلوي ...
" بامكانك الذهاب إلى غرفتك حبيبتي ..."
قالها غسان موجها حديثه إلى ياسمين التي نفذت كلامه على الفور واتجهت إلى غرفتها المعدة لها مسبقا في القصر بينما عاد غسان بتركيزه ناحية أزل فأشار لها قائلا :
" إلى غرفتنا..."
اطاعته فورا واتجهت إلى غرفتهما يتبعها غسان الذي شكر ربه بأن والدته وخالته لم يروهم حينما دخلوا إلى القصر ...
دلفت أزل إلى الغرفة ودلف غسان خلفها ... أغلق الباب خلفه وتقدم عدة خطوات مقتربا منها بينما هي مولية له ظهرها وترتجف بوضوح...
تكونت على شفتيه ابتسامة ساخرة ثم مد يده واضعا اياها على كتفها ليزداد ارتجافها اضعافا...
قبض على كتفيها وادارها نحوه لتلتقي عيناها المرتعبتين بعينيه الساخرتين...
" تخافين يا أزل... تخافين مني..."
اومأت برأسها دون أن تنبس بكلمة واحده ليصيح فجأة بها :
" طالما انك تخافين منك ... كيف تتجرئين وتهربين مني...؟ كيف فعلت هذا ...؟ هيا اخبريني.."
كان يتحدث وهو يهزها بعنف لترجوه ببكاء :
" غسان أرجوك..."
اوقف عن هزها اخيرا حينما لاحظ بكائها... حرر كتفيها من قبضته ... اخذ نفسا عميقا عدة مرات وزفره ببطأ...
" كيف تفعلين بي هذا ...؟ بعد جميع ما فعلته من اجلك ... هل استحق انا منك تصرف كهذا ...؟ اجيبيني..."
" انا اسفة.."
قالتها ثم انهارت في البكاء ليقول بضيق :
" ابكي... استمري في بكاءك... من الأساس انت لا تجيدين شيء سوى البكاء..."
" انا حامل ...."
قالتها من بين بكائها لتضمحل عيناه بعدم تصديق ...
" حامل ..."
قالها بصدمة حقيقية لتومأ رأسها مؤكدة ما قالته...
اقترب منها فجأة قابضا على ذراعها بقسوة قائلا بنبرة غاضبة متوعدة:
" ليلتك سوداء يا أزل... لماذا لم تعودي حينما اكتشفت حملك ...؟ علام كنت تنوين بالضبط...؟  "
" انا ..."
" انت ماذا...؟ متى كنت تنوين العودة ...؟ حينما تنجبين طفلنا...؟ أو حينما يصبح عمره عشرة سنوات ....؟أو لم تكونِ تنوين أن تعودي لي ابدا ...؟"

اخفضت عينيها نحو الأرض بينما اخذ هو يرميها بنظرات نافرة... لا يصدق بانها استمرت في هروبها حتى بعدما علمت بحملها منه ...
" غسان ... انا اسفة ..."
اعتذرت له بعينين دامعتين ووجه أحمر من شدة البكاء لينهرها بعصبية:
" اصمتي ... لا أريد سماع صوتك ... "
زفرأنفاسه بضيق ثم أمرها بخشونة:
" غيري ملابسك ونامي... "
ثم اتجه خارجا من الغرفة لتسأله بسرعة :
" إلى أين ستذهب..؟"
التفت إليها وهو يجيبها بحدة :
" إلى الجحيم ... لا علاقة لك بي ...."
ثم خرج من الغرفة بينما جلست هي على السرير تستمر في بكاءها...
...........................................................................
في صباح اليوم التالي
دلف غسان إلى غرفته ليجد أزل جالسه على سريرها والتي انتفضت حالما رأتها وتقدمت نحوه قائلة بلهفة :
" وأخيرا عدت..."
ابتعد عنها متجها إلى خزانة ملابسه حيث فتحها وأخرج ملابسه منها وهو يقول ببرود:
" عدت لاستحم واغير ملابسي..."
حمل ملابسه بعدها وتوجه إلى الحمام تحت أنظار أزل الحزينة ...
خرج بعدها وهو يجفف شعره بالمنشفة ... وقف أمام المرأة وبدأ يسرح شعره فاقتربت هي منه بخطوات مترددة ... وقفت بجانبه وهي تقول :
" غسان ... سامحني أرجوك ..."
توقف عن تمشيط شعره ثم استدار ناحيتها وأخذ يرميها بملامح مزدرءة ثم قال :
" علام اسامحك بالضبط...؟ على هروبك مني...؟ أم على استمرارك في الهروب حتى بعدما علمتِ بحملك...؟"
صمتت ولم تردد بينما أكمل هو بنبرة حادة :
" هل تدركين معنى هروب امرأة من زوجها...؟ في بعض العوائل يقتلون المرأة التي ترتكب جرم كهذا... هل أنت واعية لمدى قباحة فعلك...؟"
اخفضت عينيها ارضا وبدأت تبكي بصمت بينما رماها هو بنظرات حانقة وحمل سترته وارتداها على عجل...
التفت إليها قبل أن يخرج قائلا :
" سوف اقفل باب الغرفة... فانت ممنوعة من الخروج منها حاليا ... الطعام سوف تجلبه الخادمة لك ... واذا اردت اي شيء آخر اتصلي بي ..."
...........................................................................
في صالة الطعام
جلس غسان على مائدة الطعام وبدأ يتناول طعامه بهدوء ... كانت والدته تتناول طعامها هي الأخرى اما رويدا فكانت شاردة كالعاده منذ تلك الحادثة وهروب أزل...
" رويدا...تناولي فطورك من فضلك.."
قالتها ناريمان لتهز رويدا رأسها نفيا وهي تقول :
" ليس لدي شهية اطلاقا...".
" لكن هذا ليس جيد من أجل صحتك ..."
قالتها ناريمان بقلق لتشيح رويدا وجهها عنها بضيق ... دخلت الخادمة إلى الداخل في هذه الأثناء ليهتف بها غسان بهدوء:
" اعدي الفطور وخذيه للسيدة أزل في غرفتها ..."
رمشت ناريمان بعينيها محاولة استيعاب ما قاله بينما انتفضت رويدا من مكانها وهي تقول بعدم تصديق:
" ابنتي عادت..."
الا انها توقعت في مكانها وهي تسمع سؤال غسان الساخر :
" إلى أين...؟"
سألها بجمود لتجيبه بلهفة :
" أريد أن أرى ابنتي..."
" ممنوع ..."
" ماذا يعني ممنوع...؟"
سألته باستغراب ليجيبها :
" ابنتك سوف تبقى في غرفتها ... ولن أسمح لايا كان أن  يدخل إليها ..."
" هل جننت يا غسان ...؟ تريد أن تمنعني عن ابنتي ...؟"
" اهدئي قليلا رويدا هانم ... منذ فترة قصيرة كنت تنعنيتها الخادمة اللقيطة... "
" غسان ..."
قاطعها بصرامة :
" كلامي منتهي... انت لن تري ازل حتى اقرر انا هذا ... ماذا تظنين ...؟ انني سأسمح لك برؤيتها بهذه السهولة ... ؟ كلا يا خالتي ... انا لن انسى انك كنت السبب في هروبها مني... لهذا انت ستعاقبين على فعلتك تلك... وابنتك المصون ستعاقب ايضا على فعلتها تلك ..."
" ولكن ..."
" لا يوجد لكن .. كلامي واضح ولا اقبل نقاش فيه ..."
نهض من مكانه بعدها بنية الخروج إلا أنه توقف للحظة والتفت إليها قائلا بتحذير:
" إياك أن تفعلي اي شيء أو تخبريها باي شيء من خلف الباب ... فانا اعرفك جيدا انت انت لن ترضي بوضع كهذا ... لكن يجب أن تعلمي أن أزل حامل ولن تتحمل أي صدمة في الوقت الحالي ..."
" حامل ..."
صرخت ناريمان بعدم تصديق ليؤكد ما قاله:
" نعم ،حامل ..."
ثم خرج بعدها تاركا كلتيهما تتطلعان إلى بعضيهما بصدمة وعدم تصديق ...
...........................................................................

سجينة هوسه حيث تعيش القصص. اكتشف الآن