الفصل الخامس

33.6K 925 36
                                    

الفصل الخامس
اتجهت راكضة الى داخل غرفتها ووالدها يتبعها صارخا باسمها ... دلفت الى الغرفة ووالدها خلفها ...
" ما هذا الذي فعلتيه يا فتاة ...؟ ماذا يعني ترفضين الزواج ...؟"
رمت حقيبتها على السرير وهي تقول ببكاء :
" يعني انني  ارفضه يا ابي ... انا لن اتزوج هذا العجوز لو مهما كان..."
قبض على شعرها بعنف قائلا بغضب كاسح :
" سوف توافقين غضبا عنك ... انا لا اخذ برأيك من الاساس ..."
" اتركني ..."
صرخت ببكاء وهي تشعر به يجرها من شعرها متجها بها الى صالة الجلوس ... اقتربت ياسمين منه محاولة منعه مما يفعله الا انه دفعها بقوة حتى سقطت ارضا...
نهضت ياسمين من مكانها بسرعة وتقدمت ناحية حقيبة ازل ... اخرجت الهاتف من حقيبتها وبدأت تقلب فيه ... كان صوت بكاء ازل ونحيبها يصل اليها ... حاولت ان تفعل شيء واحد يساعد اختها ... ان تقدم المساعدة لها باي طريقة ... دخلت على سجل المكالمات لتجد احد الأرقام الغريبة موجود به ... توقعت بانه الرقم الخاص بمديرها الذي نست اسمه فضغطت بسرعة على زر الاتصال ليأتيها صوته بعد لحظات قليلة ...
" ارجوك تعال وأنقذ ازل اختي فوالدي يريد تزويجها بالإجبار ..."
'.....................................................................
كان يقود سيارته بسرعة كبيرة  ... لا يصدق ما سمعه على لسان اختها ...ذلك النذل يريد تزويجها ... ضغط على فرامل السيارة بقوة اكبر وهو يدعو ربه ان يصل اليها في الوقت المناسب ... فكرة ان يحدث لها اي مكروه ترعبه ... هو لا يتحمل ان يمسها الهواء حتى فكيف اذا تزوجت باخر غيره كما قالت اختها ...
لقد جن جنونه حينما علم من السائق انها تركت شقته ... خرج من مكتبه بسرعة متجها الى منزلها الذي بالتأكيد عادت اليه ... كل ما فكر به انها ستتعرض الى الاهانه والضرب من والدها المختل مرة اخرى ... ليأتيه هذا الخبر الصادم وهو في طريقه اليها ...
" سوف اقتلك يا جابر ...هذه المرة لا احد سوف ينقذك من يدي ..."
قالها وهو يشدد من ضغط كفيه على مقود السيارة ...
وصل اخيرا الى المنزل ... دق الجرس عدة مرات لتفتح له ياسمين الباب وهي تقول ببكاء :
" تأخرت ..."
دلف راكضا الى الداخل ليجد ازل واقفة بجانب رجل عجوز يحتضنها بشكل مقرف بينما هي تبكي بصمت ... جن جنونه مما يراه فكيف يتجرأ ذلك الرجل ويحتضنها هكذا ... تقدم ناحيتهم بملامح تنقط غضبا وسوادا لينتبه اليه جابر والذي تقدم ناحيته قائلا بابتسامة خبيثة :
" اهلًا بك سيد غسان ... من الجيد انك اتيت حتى تبارك لازل زواجها ..."
تطلع الى ازل بنظرات جامدة لا توحي بشيء جعلتها ترتجف بشدة من رآسها الى اخمص قدميها ...عاد ببصره ناحية جابر راميا اياه باستامة تهكمية اتبعها بصفعة قوية أسقطته ارضا ... هجم عليه وضربه بقوة وهو يصرخ به بجنون :
"ايها النذل كيف تتجرأ وتفعل بها هذا ... الا تعلم انتي لا اسمح لأي كان ان يقترب منها او يلمسها ..."
ظل يضربه بعنف وقوة حتى اغمى عليه من شدة الضرب ... نهض من مكانه وتقدم ناحية عماد الذي ابتلع ريقه بتوتر :
" ابتعد عنها ..."
ظل عماد واقفا مدهوشا في مكانه لا يفهم اي شيء مما يحدث حوله حينما صرخ غسان به بقرة اكبر :
" ابتعد عنها ..."
ابتعد عدنا عنها بخوف واضح من هذا المجنون الغريب الماثل أمامها بينما اهتز جسد ازل بقوة شديدة ما ان سمعت صوت صراخه ...
" طلقها ..."
إمرة بنبرة حازمة لا تقبل جدالا ...
" هل جننت يا رجل ...؟ انها زوجتي وانا لن أطلقها ..."
" اذا كنت تريد الخروج من هنا سالما فطلقها ..."
" طلقها يا عماد ...طلقها قبل ان يحصل بك ما حصل بجابر ... انه زواج منحوس يا اخي ..."
" انت طالق ..."
" بالثلاثة ..."
" انت طالق بالثلاثة ..."
" والآن خذ معارفك واغرب من هنا في الحال ..."
خرج عماد بسرعة يتبعه اخاه ومحسن صديق جابر ليتفاجئوا بالشرطة تقتحم المنزل ...
تقدمت احد أفراد الشرطة  من غسان قائلة :
" اين هو جابر العاني ...؟"
أشار له غسان على جابر وهو يجيبه :
'-" انه ممدد على الارضيه ..."
" هيا احملوه ..."
امر الضابط جنوده لتسأله ازل بخوف :
" الى اين تأخذون ابي ...؟"
اجابها الضابط بإيجاز :
" انه متهم في قضية نصب واحتيال ..."
............................................................
عاد غسان الى منزله مساء ليجد والدته في انتظاره ... ما ان رأته حتى نهضت متجهة اليه وهي تقول :
" غسان أريد الحديث معك ..."
تقدم ناحيتها بوهن وهو يتسائل قائلا :
" خير يا أمي ... ماذا حدث ...؟"
" اجلس اولا ..."
جلس أمامها لتقول بجدية :
" ما هذا الذي سمعته يا غسان ... لبيد معجب بعاملة النظافة تلك ..."
" نعم ...!"
صرخ بعدم تصديق ثم سألها بسرعة :
" من اخبرك بهذا ...؟"
" هو من اخبرني ... كما انه اخبرني عما تحاول فعله لابعاد تلك الفتاة عنه ..."
" لبيد هذا مجنون ... كيف يعجب بتلك الفتاة ...؟"
قالتها ناريمان بضيق شديد ثم أردفت بجدية :
" تخيل حجم الكارثة التي سنقع بها اذا استمر في ملاحقتها ..."
" ماذا اذا كان يحبها ...؟"
سألها بجدية لتجيبه بصوت صارخ :
"مالذي تقوله يا غسان ...؟يحب من ...؟ عاملة النظافة تلك ..."
" ولما لا ...؟"
" غسان لا تصب عقلي بالجنون ... اذا حدث ما تقوله فسوف تكون مصيبة كبيرة تقع فوق رؤوسنا جميعا ... انها فضيحة سوف تنهي علينا ..."
أردفت قائلة بجدية :
" غسان بني تحدث معه ... انت عاقل وتعرف كيف تتصرف بحكمة وتحل أمور كهذه ... أقنعه بان يترك تلك الفتاة وشأنها ..."
" حسنا ..."
قالها وهو ينوي النهوض من مكانه الا انها أوقفته متسائلة :
" صحيح ... لم تخبرني عن رأيك بفرح ..."
" عن اي فرح تتحدثين ...؟"
اجابته بعدم تصديق من نسيانه لها بهذه السرعة :
" فرح الناصري ... التي تعرفت عليها في الحفل ..."
" نعم تذكرتها ...ما بها ...؟"
" انا من يسألك يا غسان ... ما رأيك بها ...؟"
اجابها غسان بلا مبالاة :
"تبدو فتاة جيدة ..."
اكملت والدته عنه :
" ليس ذلك فقط ...انها طبيبة ... والدها هاشم الناصري جراح القلب المعروف ... ووالدتها السيدة سليمة طبيبة تجميل تملك مركز كبير للغاية في مجال التجميل ... انهم عائلة راقية للغاية ..."
قاطعها بملل :
" الا تملين من تكرار نفس الموضوع في كل مرة وتعديد المميزات المعتادة ..."
" ماذا افعل ...؟ اريد ان أفرح بك ... ان اراك عريسا لفتاة تليق بك وبمركزك ..."
زفر انفاسه بضيق ثم قال بجدية :
" قلتها الف مرة ... لن اتزوج بهذه الطريقة ... لن اتزوج حسب رغباتك ..."
" هل هناك فتاة اخرى ... اخبرني ..."
" نعم توجد ..."
"من هي ...؟ "
سألته بتب ليجيبها كاذبا :
" مهندسة تعمل لدينا في الشركة ..."
صرخت بعدم تصديق :
" تقول مهندسة وتعمل في الشركة ... هل جننت يا غسان ...؟ على اخر الزمن سوف تتزوج من موظفة لديك ... وبالتاكيد من عائلة  متوسطة الحال وليست غنية ... يا الهي هذه مزحة بالتأكيد ..."
" ما المشكله اذا كنت انا احبها وأريدها ... اخبريني اين المشكله ...؟"
نهضت من مكانها بعصبية مجيبة اياه بحدة :
" توجد الف مشكله ... اسمعني جيدا انت لن تتزوج الا بفتاة من نفس طبقتنا الاجتماعية ... فتاة مثقفة متعلمة تفتخر بها امام أصدقائك وأقاربك ...هذا اخر كلام لدي ..."
اندفعت مبتعده عنه تاركا إياها يغلي من شدة الغضب والحيرة ...
.........................................................
في يوم التجمع العائلي المعتاد
كانت واقفة في احد الأركان البعيدة الموجودة في الحديقة تراقب المكان باكمله منتظرة الوقت المناسب لتنفذ خطتها ... مسكت هاتفها الخلوي وبدأت تكتب رسالتها ثم ارسلتها الى رقمه ...
" تعال فورا الى ركن الحديقة القريب من الباب الخارجي ؛ لدي شيء مهم يخصك ... وان لم تأت فإنني سأفتعل فضيحة امام العائلة باكملها ..."
ما ان قرأ رسالتها حتى نهض على الفور من مكانه متجها الى ذلك الركن وهو يلعنها في داخله ... لقد خاف بالفعل من ان تقوم بشيء ما يسبب الفضيحة لكليهما فهو يعرف تصرفاتها المجنونة ...
وصل الى المكان الذي تقف به ليصيح بها بصوت غاضب :
" ماذا تريدين ...؟"
كانت تقف امامه على بعد مسافة صغيرة منه تعقد ذراعيها امام صدرها وترميه بنظرات ساخرة مستهينة ... ازداد غضبه منها أضعافا وهو يرى السخرية والتهكم في نظراتها ...
" قلت ماذا تريدين ...؟ الا تسمعين ...؟"
" هل تتذكر ماذا قلت لك في اخر مرة رأيتك بها ...؟"
حاول ان يتذكر متى اخر مرة رأها بها فتذكر بانه رأها الأسبوع الفائت في نفس هذا التجمع وتذكر كلامها وثقتها الزائدة بنفسها ...ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها وقد ايقنت بانه تذكر ما قالته لتكرره على مسامعه مرة اخرى :
" أخبرتك بأنك سوف تكون لي إجبارا عنك ..."
" في أحلامك ..."
رد عليها بجمود لتزداد ابتسامتها اتساعا وهي تقول بنظرات واثقة :
" ما رأيك اذا قلت لك انك ستكون لي والآن ايضا ......؟"
" ماذا تعنين ...؟"
سألها بنظرات حادة لتنقض فجأة على شفتيه مقبلة اياه بقوة ... أنصدم بشدة وهو يشعر بشفتيها تلتصق على شفتيه دون إرادة عنه ... وقبل ان يحاول ابعادها وجدها تدفعه بقوة وهي تصرخ به ببكاء :
" ايها النذل الحقير ...كيف تتجرأ وتفعل بي شيء كهذا ...؟ انا ابنة عمك ايها المختل ..."
وفِي نفس اللحظة سمع صوت اصطدام شيء ما بالأرض ليتفاجئ بإحدى الخادمات تقف أمامهم تتطلع اليهم بنظرات مصدومة ويبدو انها رأت كل شيء ... ركضت صفا بسرعة مبتعدة عنها وهي تصرخ ببكاء حاد :
" جدي ... ابي ..."
استوعب عثمان في تلك اللحظة ما تحاول هي فعله فركض خلفها محاولا ايقافها الا انها كانت أسرع منه كثيرا وهي تصل إليهم في صالة الجلوس ...انتفض الجد من مكانه وكذلك والدها والذي سألها بسرعة :
" صفا ابنتي ... ماذا بك ...؟ "
اجابته من بين شهقاتها المفتعلة :
" عثمان يا ابي ... "
" ما به عثمان ......؟"
سألها الجد هذه المرة بقلق واضح لتجيبه بنبرة جادة :
" عثمان حاول ان يعتدي علي يا جدي ..."
انتفض الجميع من مكانهم بعدم تصديق وصدمة حقيقية ... محاولين استيعاب القنبلة التي ألقتها صفا على مسامعهم ...شحب وجه نادية وقد ادركت من ان صفا نفذت خطتها وفعلت ما نوت عليه ...
" كاذبة ابني لا يفعل شيء كهذا ..."
صرخت بها  رجاء  والدة عثمان والدي وصل بنفس اللحظة قائلا بصوت عالي نسبيا :
" كاذبة ..."
" ماذا يعني كاذبة ...؟ لماذا ابنتي سوف تكذب يا عثمان ...؟"
قالها ممدوح والد صفا بملامح مكفهرة ونبرة تتقد غضبا ليرد عثمان عليه :
" نعم يا عمي ... ابنتك كاذبة وتتبلى علي ..."
هنا تدخل الجد قائلا بجدية موجها حديثه الى صفا :
" هل ما يقوله عثمان صحيح يا صفا ...؟ انت تتبلين عليه ...'"
تطلعت صفا الى عثمان فوجدته يرميها بنظرات حادة متوعدة لم تبال بها وهي تجيب جدها بثقة :
" كلا يا جدي ... انه يكذب ... لقد حاول ان يعتدي علي ... قبلني عنوة عني ... الخادمة رأته بإمكانك سؤالها ..."
تطلع لبيد وغسان الى بعضهما بعدم تصديق مما يسمعانه على لسانها فهما يعرفان عثمان جيدا ويدركان بانه من سابع المستحيلات ان يفعل شيء كهذا ... اما صفا فأكملت بنفس الثقة والاصرار :
" بإمكانك سؤال نادية ايضا ... هي تعلم انه يتحرش بي منذ وقت طويل وانا اصده ... حتى انها تحدثت معه من قبل وطلبت منه ان يبتعد عني ..."
" هل هذا الكلام صحيح يا نادية ...؟"
اضطربت نادية بشدة من سؤال جدها ولم تعرف بماذا تجبه ...اخذت تتطلع الى صفا بنظرات لأئمة الا انها لم تهتم بها بتاتا اما عثمان فصرخ بها :
" تحدثِ يا نادية ... اخبريهم بان ما تقوله ابنة عمك كذب ... "
بالكاد استطاعت نادية السيطرة على دموعها وهي تجيبهم بصوت خافت متردد :
" صحيح يا جدي ... ما قالته صفا صحيح ..."
تطلع اليها عثمان بصدمة غير مصدق لما تقوله اخته اما ممدوح فحاول الانقضاض على عثمان وهو يصرخ بأعلى صوته :
" ايها النذل الحقير كيف تجرؤ ...؟"
الا ان كلا من غسان ولبيد اوقفوه ومنعوه مما ينوي فعله ... كانت والدة صفا تتطلع اليها بنظرات مصدومة ... كانت تعرف جيدا بان جميع ما يحدث هو لعبة من قبل ابنتها الا انها لم تستطع ان تفعل شيئا ... فهي بالتأكيد لن تفضح ابنتها أمامهم جميعا ...
" اين الخادمة اجلبوها ...؟"
امرهم الجد بصرامة لتركض ناريمان وتنادي على الخادمة والتي أجابت على تساؤل الجد قائلة :
" لقد رأيت السيد عثمان وهو يقبلها ...وبعدها الآنسة صفا دفعته وصرخت عليه ... "
هز الجد رأسه بتفهم ثم امرها بالعودة مرة اخرى الى عملها ... ذهب ببصره ناحية عثمان الذي يقف امامه بجموده المعتاد قائلا بنبرة جليدية باردة :
" جميع ما سمعته كذب يا جدي ... هذا كله مخطط من قبل الآسنة صفا ... فعلت هذا لأنني رفضتها مسبقا حينما حاولت التقرب والتودد مني ..."
"ما يقوله عثمان صحيح ... صحيح انه لم يخبرني به ...لكن انا متاكد من كونه صحيح ..."
همس لبيد بهذه الكلمات بجانب إذن غسان والذي قال بدوره :
" للاسف لا يوجد شيء يثبت صحة كلامه ...الجميع بات ضده ... حتى اخته شهدت ضده ..."
" صفا تكذب وأختك ايضا تكذب ..."
قالها الجد ردا على تبرير عثمان ودفاعه عن نفسه ليصمت عثمان وهو لا يجد شيئا اخر يدافع به عنه ...
" عثمان ... ممدوح ... وليد ... اتبعوني الى غرفة المكتب ..."
توجه الجميع خلف الجد الى غرفة مكتبه تاركين باقي أفراد الاسرة لوحدهم وكلا منه تدور الأفكار داخل رأسه ؛ بعضهم يصدق كلام صفا والآخر متيقن من ان عثمان لا يفعل شيئا كهذا ...
...........................:.................................
دلفت الى داخل غرفتها ووالدتها تتبعها بعصبية شديدة ... اغلقت الباب خلفها ثم تقدمت من ابنتها التي تخلع سترتها ثم ترميها على الارض باهمال ...
" هل انت سعيدة الان بما فعلتيه ...؟"
قالتها والدتها بعصبية واضحة لتجيبها ببرود :
" اكثر مما تتخيلين ..."
قبضت والدتها على ذراعها ثم اخذت تهزها من خلالها بقسوة وهي تقول بنبرة عالية غاضبة :
" ماذا تظنين نفسك فاعلة يا هذه ...؟ كيف تتجرئين على فعل شيء كهذا ...؟ لقد فضحت ابن عمك واتهمتيه بشيء لم يفعله ..."
نفضت ذراعها من كف يدها بقوة وهي تقول بجدية :
" لم يكن امامي حلا اخر ... هذه الطريقة الوحيدة التي كنت سأناله من خلالها ..."
" تنالينه ...! هل هذا كل ما يهمك ...؟ ان تنالي عثمان حتى لو لم يكن يريدك ..."
هزت رأسها مؤكدة كلامها مجيبه إياها :
" نعم ... هذا اهم شيء لدي الان ..."
" انت مريضة ... أنتِ ابنتي صحيح لكنك مريضة ... مريضة بالتملك والغرور ... تصرفات كهذه لل تصدر من انسانة طبيعية ابدا ..."
مطت شفتيها الى الامام بلا مبالاة وهي ترسم ابتسامة ساخرة على ثغرها ... اما والدتها فاستمرت في حديثها قائلة :
" ولكن ليكن بعلمك ... عثمان لن يمرر ما فعلتيه بسهولة هكذا ... هو سوف ينتقم منك أشد انتقام ... وسوف يندمك على جميع ما فعلتيه ...كوني واثقة من هذا ..."
" ليفعل ما يشاء ... المهم انه بات لي ... وعن قريب سيُصبِح خطيبي وبعدها زوجي ..."
رمقتها والدتها بنظرات نافرة ثم تسائلت بملامح متآسفة :
" بماذا هددتِ نادية ...؟ "
تطلعت اليها ولم تجبها بينما اكملت والدتها بسخرية :
" حتى صديقتك المقربة خسرتيها ... "
خرجت بعدها من الغرفة تاركة إياها لوحدها تفكر في صمت ... عادت بذاكرتها الى خطتها وكيف نفذتها ... ابتسمت بخبث وهي تحدث نفسها قائلة :
" كم كان طعم شفتيه مثير وممتع ...؟ "
............................................................
" لن أتزوجها ... على جثتي ان أتزوجها ..."
كان صوت صراخ عثمان يعم ارجاء المنزل ...
" اهدأ يا بني ... اهدأ ودعنا نتحدث  ..."
قالها والده محاولا امتصاص وتخفيف غضبه حينما صرخ عثمان :
" لم ألمسها ابدا يا ابي ... ولم افعل بها اي شيء ... انا بالأساس لا أطيقها ... "
" اصدقك يا بني ... والله اصدقك ..."
قالها الأب بصدق شديد فهو يعلم ابنه وطبيعة تصرفاته ويدرك جيدا ان عثمان لا يفعل شيء كهذا مع أيا كان ...
اخذ عثمان نفسا عميقا وزفره ببطأ وقد أراحه كلام والده وثقته به قليلا ثم جلس على الكرسي المقابل لوالده متسائلا بوهن :
" ماذا سآفعل يا ابي الان ...؟ كيف سأخرج من هذه الورطة ...؟"
" تزوجها يا عثمان ... جدك لن يرتاح الا اذا تزوجتها ... "
" هل تظن انني ساتأثر بكلامه ... وتهديداته ... هل تظن بأنني سوف اتزوج تلك الحقيرة من اجل الورث ...؟"
اجابه والده بجدية :
" ستفعل يا عثمان ... لا يوجد أمامك حل اخر وإلا ستخسر كل شيء ..."
تطلع عثمان اليه بنفاذ صبر ثم نهض من مكانه متجها الى غرفته وشياطين الغضب تلاحقه من كل جهة وصوب ...
...............................................................
بعد مرور ثلاث أشهر
كان جالسا في احد المطاعم الراقية  ينتظر قدومها بفارغ الصبر ... وجدها تدلف الى داخل المطعم وتتقدم ناحيته بعد ان بحثت عنه بعينيها ووجدته ... جلست على الكرسي المقابل له وخلعت نظارتها الشمسية واضعة إياها على الطاولة المقابلة لها ...
" ماذا تريد مني يا عثمان ...؟ لماذا أردت مقابلتي ...؟"
سألته بنبرة باردة وملامح مكفهرة ليجيبها بتعجب من لهجتها الباردة معه :
" ما هذه اللهجة يا سهى ...؟ لماذا تتحدثين معي هكذا ...؟"
اختفى البرود المسيطر عليها وحل محله الغضب والحنق الواضحين وهي تجيبه بعصبية :
" وكيف تريد مني ان اتحدث معك وخطبتك في الغد ...؟"
تأفف بضيق ما ان ذكرت موضوع خطبته امامه ... حاول ان يهدأ من أعصابه المثارة قليلا وهو يجيبها :
" انت تعرفين ان ما يحدث خارج عن ارادتي ... فلا داعي لهذا الكلام ... لا تتحدثِ وكأن ما يحدث برضاي ... انا مجبر يا سهى على كل هذا ..."
" وما ذنبي انا ... أحببتك كثيرا وانتظرتك طويلا لتتزوج ابنة عمك في نهاية المطاف ... "
كانت تتحدث بلهجة حزينة ودموع محبوسة فهاهو حبيبها سوف يرتبط باخرى غيرها ... بالرغم من معرفتها بدوافع هذا الارتباط وأسبابه الا انها لم تستطع ان تمنع نفسها من الحزن الشديد في وضع كهذا ...
شعرت به يلامس كف يدها بكف يده وهو يقول بنبرة مترجية :
" حبيبتي ... لا تحزني ارجوك ... لا شيء يستحق حزنك ... صدقيني انها مجرد خطوبة زائفة لا اكثر ... وسوف انتهي منها قريبا ..."
" وماذا اذا أحببتها وغيرت رأيك ... ؟وجعلتها خطبة حقيقية ......؟"
سألته بغيرة واضحة ليجيبها بجدية :
" مستحيل ... انت اكثر من يعرف بأنني لا اطيقها ... كما انني احبك انت ... أنتِ حبيبتي الوحيدة ... افهمي هذا وثقي بي ارجوكِ ..."
تطلعت اليه بنظرات متردده ... هي تعرف جيدا انه يحبها منذ وقت طويل ... لكنها خائفة رغما عنها ... فكرة ارتباطه باخرى تخيفها بل ترعبها ... وجدته يقبض على كفها بقوة بينما يمنحها ابتسامة مطمئنة على شفتيه لتبادله باخرى مصطنعة ...
.....................................................................
دلفت السيدة ماجدة والدة لبيد الى غرفة نومه لتجده نائما بعمق ... اقتربت منه وهزته برفق وهي تقول بنبرة جذلة :
" لبيد عزيزي استيقظ ... هناك ضيفة من اجلك ..."
نهض من نومته على صوتها وهو يسألها بعينين نصف مغلفة ونبرة ناعسة :
" ضيفة من يا أمي ...؟"
" انها جوان ااطائي ... جائت من اجلك ..."
انتفض من مكانه بسرعة وقد اختفى نعاسه فجأة قائلا بعدم تصديق :
" تقولين من ...؟"
" أقول جوان الطائي ..."
" حسنا فهمت ... سوف أغير ملابسي وانزل لها في الحال ..."
سحب بعض الملابس من خزانته ودلف بسرعة الى الحمام ليغير ملابسه و يتجهز  لاستقبالها ...
بعد حوالي ربع ساعة
كان لبيد يهبط درجات السلم متجها الى جوان التي تجلس في صالة الجلوس تتناول قهوتها مع والدته ...
ما ان رأته حتى نهضت من مكانها بملابسها الأنيقة وشعرها الاشقر الطويل ثم تقدمت ناحيته وحيته بحرارة ...
استأذنت ماجدة منهم وقررت تركهم لوحدهم ... ما ان اختفت من أمامهم حتى همست جوان له قائلة :
" اشتقت اليكِ ..."
" وانا اكثر ..."
" الحمد لله على سلامتك ... كيف كانت رحلتك ...؟"
اجابها وهو يبتعد عنها جالسا على الكنبة التي تتوسط صالة الجلوس بينما هي اتجهت الى الكنبة الاخرى :
" جيدة للغاية ... عدت ومعي صفقات مهمة للشركة ..."
أردف قائلا بصدق :
" استغربت مجيئك الى هنا ... لكنها لفتة جميلة منك ..."
ابتسمت له وهي تقول :
" أردت ان أفاجئك... ويبدو ان مفاجئي أعجبتك ..."
شرد لبيد في تفكيره وهو يتذكر التحول الذي حدث  في علاقته مع جوان خلال ثلاثة أشهر ... بعدما كانت جوان لا تطيقه وترفضه دائما أصبحت تعشقه ... استطاع ان يوقعها في غرامه بسهولة بعد عدة محاولات منه ... لا ينكر انها أتعبته الا انها وقعت في المصيدة في نهاية المطاف ... وهاهو لأول مرة يستمر في علاقة مع فتاة لأكثر من شهرين ... والادهى انها ما زالت علاقة بريئة لم تتعدى اللقائات التقليدية بلا اي تلامس مباشر ... وهذا ما يستغربه كثيرا فهو لا يصبر على اي أمرآة لمدة كهذه دون ان ينال منها ما يريد ......
............................................................
على طاولة الطعام
كان كلا من حسن وناريمان والدا غسان جالسان يتناولان فطورهم حينما اقترب غسان منهم والقى عليهم تحية الصباح ثم جلس بجانبهم وتحدث قائلا بجدية :
" أمي ؛ ابي ... اريد الحديث معكما في موضوع هام ..."
تطلع الاثنان اليه بتعجب فهو نادرا ما يتحدث معهما باي مواضيع تخصه ... تحدث والده بجدية :
" خير يا بني ... موضوع ماذا تريد التحدث به ...؟"
اخذ غسان نفسا عميقا ثم زفره وقال بهدوء :
" لقد قررت ان اتزوج ..."
" حقا ... هذا اسعد خبر اسمعه في حياته ... وأخيرا يا بني ..."
قالها الأب بسعادة حقيقية الا ان زوجته قاطعته :
" حسن ... انتظر قليلا قبل ان تفرح ..."
وجهت حديثها الى غسان متسائلة :
" من هي العروس ...؟"
اجابها بجدية :
" اسمها ازل ... تعمل لدي في الشركة ..."
" ماذا تعمل ...؟ "
سأله الاب باستغراب ليجيبه غسان وهو ينظر الى والدته التي ترميه بنظرات مترقبة :
" عاملة نظافة ...!"
.........................................................
وقفت امام مرأتها تتطلع الى جسدها الرشيق والذي يغطيه فستان ابيض اللون قصير يصل الى منتصف فخذيها مع أكمام طويلة بيضاء اللون ايضا  ... تأملت ملامح وجهها التي تغيرت كثيرا بعد ان نحفت فقد أصبحت ناعمة رقيقة وجذابة ... عيناها بدت جذابة للغاية خصوصا حينما تخلت عن النظارات الطبية ... انفها دقيق وشفتيها مكتنزه ... اما شعرها فبدا جذابا للغاية هو الاخر خاصة بعدما صبغته باللون البني ... كانت تضع القليل من مساحيق التجميل على وجهها التي اضافت لها جاذبية وأنوثة اكثر ... اخذت نفسا عميقا ثم زفرته ببطأ ... شعور غريب بالراحة احتل كيانها وهي تخطو أولى خطواتها بشكلها الجديد ... ابتسمت بسعادة حقيقية قبل ان تحمل حقيبتها وتغادر شقتها متجهه الى الشركة لتباشر وظيفتها من جديد ...
.........................................................
نهاية الفصل

سجينة هوسه Where stories live. Discover now