الفصل التاسع ( الجزء الاول )

29.5K 859 19
                                    

الفصل التاسع
وقفت تتطلع إليهما بصدمة شديدة ... تحاول استيعاب ما يقوله...
" انت بالتأكيد تمزح ..."
لاحت ابتسامه خفيفة على شفتي سها بينما أردف هو بنبرة جادة :
"منذ متى وانا امزح معك ...؟ سها زوجتي ... "
" وانا ...؟ ماذا عني ...؟"
قالتها بنظرات مصدومة وهي تشير بيدها إلى نفسها ليجيبها بتهكم :
" ماذا بك انت...؟ أردتِ الزواج مني وها قد نفذتِ ما اردتِ..."
كانت تشعر بالضياع الشديد بينهما ... الألم طغى على ملامح وجهها... الدموع ملأت عينيها ... لم تشعر يوما باهانة و ذل كالتي شعرت بهما اليوم ...
" سها ... اتركينا لوحدنا قليلا ...."
قالها عثمان بنبرة جديه لتخرج سها من الغرفة على الفور ...
تقدم ناحيتها وهو يقول بجدية :
" اظن ان كل شيء بات واضحا امامك ....سهى هي زوجتي الأولى... تزوجتها قبلك بثلاث ساعات ...."
" انت كيف تفعل بي شيء كهذا ...؟ كيف ..؟"
قالتها بعينين مضمحلتين وشفاه مرتجفةليجيبها ببساطة:
" ماذا فعلت ...؟ تزوجت حبيبتي...؟ هذا حقي ..."
" لماذا تزوجتني اذا ... لماذا ...؟ "
" لماذا ...!!! انت تسألين لماذا...؟ من السبب في هذه الزيجة ... اخبريني..."
هدر بها بعنف مما جعل جسدها يرتجف بالكامل...
" سوف اخبر جدي بكل شيء... هو لن يسمح بشيء كهذا ..سوف اتطلق منك ..."
" أذهبي يا عزيزتي .... لكن قبل ذهابك اسمعي هذا التسجيل ..."
قالها وهو يخرج فلاش صغير من جيبه لتسأله بعدم فهم :
" ما بها هذه الفلاشة...؟"
كان قلبها يدق بعنف شديد وهي تسمع جوابه القاتل :
" قبل زواجنا بيوم اتصلتي بي ... تتذكرين حينها حديثك واعتذارك مني ... حينها طلبت منك ان تعترفي بما فعلتيه فقلت انك لا تستطيعين فعل هذا ... وانك ندمت على كذبتك تلك لكن لا تستطعين فضح نفسك ... لقد سجلت المكالمة بالكامل يا صفا... موجودة على هذه الفلاشة... "
اضمحلت عيناها بصدمه شديده ... لا تصدق الفخ الذي وقعت به ... كيف كانت بهذا الغباء...؟
" ماذا تنتظرين يا صفا ... اذهبي إلى جدي واشتكي له ما فعلته معك ... ولأخرج انا التسجيل له ... حتى يسمعه ويحكم بيننا ... "
تطلع إليها فوجد وجهها أصبح أصفرا باهتا وقد تجمعت الدموع في عينيها ... استرسل في حديثه قائلا :
" هذا غير أن والدك لن يتحمل ما يسمعه ... تخيلي موقفه حينما يعرف بأن ابنته العروس سوف تتطلق يوم زفافها ... وهو مريض بالقلب ويعاني بشده ..."
عضت على شفتيها السفلى وهي تشعر بدموعها تنسكب على وجنتيها لتقول بكره:
" انت احقر مما تخيلت ..."
" لن احاسبك الآن يا صغيرة... فانت ما زلت في وضع الصدمة... عموما انا رتبت كل شيء... انت لن تخبري أحد بزواجي هذا ... سوف تبقين أمام الجميع زوجتي الوحيدة حتى يأتي الوقت المناسب وانا أخبرهم ... سوف تعيشين في شقتنا معنا ... لقد جهزت لك غرفة خاصه... سوف تبقين فيها ..."
رمقته بنظرات حاقدة قابلها بابتسامة باردة ... هم بالخروج إلا أنه توقف فجأة وهو يقول :
" صحيح ... انا وسهى سوف نسافر غدا إلى اسطنبول لقضاء شهر العسل ... نحن مضطرين لان ناخذك معنا ... فلا استطيع تتركك لوحدك ... حجزنا لك جناح منفصل فنحن عرسان جدد ونريد أن نأخذ راحتنا ..."
...........................................................................
في صباح اليوم التالي
استيقظ غسان من نومته ليجد الفراش خاليا بجانبه ... نهض بسرعه من مكانه واتجه خارجا من الغرفة باحثا عن أزل... وجدها واقفة في المطبخ تعد طعام الفطور ...
اقترب منها متسائلا بجدية :
" ماذا تفعلين يا أزل ...؟"
التفتت ناحيته وهي تجيبه :
" اعد الفطور لنا..."
" لماذا تعدينه انتِ...؟ سوف يجلب عمال الفندق الطعام لنا حالما نطلب منهم ذلك ..."
اجابته بابتسامة خجولة ووجه محمر:
" رغبت بأن اعد الطعام بنفسي لك..."
ابتسم لها بحب وهو يحتضن وجنتيها بكفي يده قائلا :
" جيد ما فعلتِ... ارغب لتذوق الطعام من يديكِ بشدة ...."
بادلته ابتسامته ثم حررت وجهها من كفي يده وعادت بتركيزها ناحية الطعام ... اكملوا تناولوا طعام الفطور ثم نهضت أزل وهي تحمل الأواني متجهة بها إلى المطبخ ... تبعها غسان وهو يحمل بيده علبة صغيرة حمراء اللون ...
أدارها ناحيته ثم فتح العلبة وأخرج منه اسوارة ذهبية أنيقة... البسها الاسوارة ثم قبل يدها بخفة لتبتسم بسعادة وهي تتأمل الاسوارة الأنيقة.... سألته بحبور :
" لماذا كلفت نفسك...؟"
اجابها بحب:
" هذه من عاداتنا ... يجب أن نهدي العروس هدية مميزة يوم الصباحية... هل أعجبتك...؟"
" أنها رائعة ... شكرا كثيرا ..."
عاد وقال بعدد تردد:
" البارحه... اعتذر عما حدث البارحه ... لقد ارعبتك دون أن أدري..."
اخفضت اهدابها خجلا ثم قالت بخجل مفرط :
" لا تعتذر ... انا من يجب أن تعتذر ... لقد خيبت ظنك..."
قاطعها بسرعة نافيا ما تنوي قوله :
" اياك ... انت لم ولن تخيبي ظني ابدا ..."
قبض على كف يدها قائلا بجدية :
" ما حدث البارحه لن يتكرر... انا لن المسك حتى تكوني مستعدة لهذا ... وتطلبيه انت بنفسك... وتريديه مثلي تماما ...مفهوم ...؟"
اومأت برأسها موافقة على حديثه بينما أكمل هو قائلا:
" والان يجب أن نجهز حقائبنا... لم يتبق سوى ساعات قليلة على موعد طائرتنا..."
...........................................................................
كانت واقفة أمام المرأة تعدل من هندامها وتتأكد من كمال مظهرهاحينما اقترب منها لبيد من الخلف ووقف ورائها مباشرة مخرجا من جيب بنطاله علبة زرقاء ثم فتحها ومدها إليها ...
تطلعت إلى العلبة بتعجب ثم التفتت ناحيته وسألته بجدية :
" ما هذا...؟"
اجابها ببساطة :
" أنه عقد ..."
" اعرف انه عقد...لكن ما المناسبة لتهديني اياه ....؟"
اجابها موضحا سبب هديته الغريبة :
" والدتي تقول ان العريس يجب أن يهدي عروسه قطعة من الذهب صباحية زفافها...."
ابتسمت بخفوت ثم قالت بجدية :
" ولكن نحن لسنا عرسات حقيقيين..."
" حتى لو .. سوف يظل هذا أول زواج لكلينا ... لذا يجب أن نطبق جميع مراسيمه دون استثناء..."
صمتت ولم تعلق بينما سألها هو بدوره :
" هل أعجبك العقد ...؟"
إجابته بصدق :
" كثيرا ..."
" إذا اعطني ظهرك لاضعه حول عنقك.. "
التفتت إلى الجهة الأخرى ليتقرب منها أكثر ويزيح شعرها من الخلف ثم يضع العقد على رقبتها ... شعر بشيء غريب حينما لامست يديه بشرتها وهي الآخرى توترت كثيرا ...
التفتت ناحيته وهي تبتسم بارتباك ليقول بجدية :
" هل انتهيت من إعداد حقيبتك ...؟"
اجابته:
" نعم انتهيت ...."
" ارجو الا تكوني قد وضعت بيجامة الضفادع في الحقيبة..."
" أول قطعة وضعتها اصلا..."
تأفف بضيق ثم قال بجدية:
" لنخرج الآن اذا ... حتى لا نتاخر على موعد الطائرة..."
...........................................................................
في مطار اسطنبول
خرج كلا من عثمان وسها من بوابة المطار بعد أن اتما جميع الاجرائات المطلوبة تتبعهما صفا التي تجر حقيبتها خلفها وهي تدمدم ببعض الشتائم ...
ركب الثلاثة سيارة جاهزة لاستقبالهم اتجهت بهم إلى الشقة التي استأجرها عثمان لهم ... كان عثمان وسها مندمجين في احاديثهم بينما تتأكل هي من شدة الغيظ ...
ما أن وصلوا إلى الشقة حتى دلفا إلى غرفة نومهما ولم يخرجا منها حتى صباح اليوم التالي ... حيث خرجا من الصباح الباكر للقيام ببعض السياحة تاركين صفا لوحدها في الشقة...
كانت تسير داخل رواق الشقة ذهابا وايابا وهي تكاد تنفجر من شدة غضبها ... لا تصدق أنها يعاملها بهذه الطريقة الحقيرة وكأنها شيء زائد لا أهمية لها...
" حقراء...سفلة ....حمير ..."
كانت تتمتم بغضب شديد وهي تتوعد لهما بالكثير :
" والله لم أكن صفا اذا تركت الموضوع يمر هكذا ..."
فجأة لمعت في بالها فكرة جعلتها تبتسم بشغب وهي تركض بسرعة ناحية غرفتها و تخرج ملابسها من الخزانة ... ارتدت ملابسها بسرعة ثم خرجت من الشقة متجهة إلى المكان المطلوب...
بعد حوالي نصف ساعة كانت صفا جالسة بجانب امرأة في الخمسينات من عمرها تحتضنها بشده وهي تقول بترحيب حار :
" لا أصدق انني رأيتك يا صفا ... لو تعلمين كم اشتقت اليك ..."
"وانا اكثر خالتي . .. اين مصطفى ...؟"
" سوف أخبره بمجيئك في الحال ..."
قالتها خالتها وهي تنهض من مكانها متجهة إلى غرفة ابنها لتبلغه بمجيء صفا ...
خرج الشاب بلهفة واضحه وتقدم ناحية صفا وضمها بقوة وهو يقول بترحيب حار:
" اهلا صفا ... الحمد لله على سلامتك... اشتقنا اليك .."
" وانا اكثر..."
قالتها صفا وهي تبتعد عن احضانه ليجلسا بعدها على الكنبة ويتحدثان سويا بحماس شديد فهم لم يروا بعضهما منذ أكثر من عام...
...........................................................................
" ليست موجوده ..."
قالها عثمان بعد أن خرج من غرفة صفا ... كان قد عاد الى المنزل منذ حوالي ساعة ... وجد الشقة فارغه وهادئة فشعر بان هناك شيء غريب حدث وهو في الخارج ... خاف من فكرة ان تكون قد فعلت بنفسها شيء ... الا انه لم يجدها حينما بحث عنها في ارجاء الشقة ليفهم أنها هربت منه ...
" ماذا يعني ليست موجوده...؟"
سألته سها بعدم فهم ليجيبها عثمان:
"هربت...."
" ماذا يعني هربت ...؟ يجب أن تجدها حالا..."
" هل تدركين نحن اين ...؟ نحن في اسطنبول يا مدام ... اين سأجدها...؟ اين سأبحث في هذه المدينة الكبيرة...؟ اللعنه ... ماذا سأفعل الآن..."
قالها وهو يكاد ينفجر من شدة الغضب ...
" تلك الحقيرة... لا ترتاح حتى تسبب لنا المشاكل.. "
رمقها بنظرات مستاءة ثم خرج من الشقة ليبحث عنها تاركا سها تكاد تموت من شدة الغيظ فصفا قد خربت جميع مخططاتها لهذه الليلة بسبب هروبها هذا ...
..........................................................................
كان عثمان يسير في شوارع اسطنبول باحثا عنها ... شعر بالقلق الشديد من أجلها ... خاف ان تفعل شيء بنفسها ... أو أن تكون هربت بلا عودة... كانت الكثير من الأفكار السيئة تعصف داخل رأسه...
توقف في مكانه للحظه وهو يتذكر شيئا هام غفل عنه ... صفا لديها خالة تقيم في اسطنبول... من الممكن أن تكون ذهبت إليها... اتصل على الفور لوالدة صفا ليأخذ منها عنوان اختها متحججا بأن صفا تريد رؤيتها ..
بعد فترة ليست بقصيرة كان عثمان يقف أمام منزل خالدة صفا .. رن جرس الباب لتفتح خالتها له الباب و قد عرفته فورا :
" عثمان...اهلا يا بني..تفضل ... قبل قليلا سألت صفا عنك ...."
سألها بابتسامة متصنعه:
" كيف حالك خالة نهلة ..."
إجابته بابتسامه مرحبة:
" بخير ..تفضل إلى الداخل... "
دلف إلى داخل الشقة وتحديدا إلى صالة الجلوس لينصدم بالمشهد الماثل امامه ... كانت صفا تجلس على أرضية الصالة وأمامها ابن عمها يلعبان سويا " الدومنة" ويبدوان مندمجين للغاية في اللعب ...
نهضت صفا من مكانها ما أن شعرت بوجوده ثم تقدمت ناحيته وهي تقول بترحيب مصطنع:
" اهلا حبيبي ...متى أتيت...؟"
لم يجبها ؛ فقط اكتفى بتحية مصطفى ببرود ثم حدثها قائلا:
" هيا يجب أن نذهب ...."
قاطعته خالة صفا:
" انتظروا قليلا... لنتناول العشاء سويا ..."
" لا استطيع... لدي موعد مع أصدقائي... يجب ألا اتأخر عليهم ..."
" على راحتك بني .."
قالتها نهلة وهي تقبل صفا وتودعها... استدارت صفا ناحية مصطفى الذي ضمها إليه بابتسامة واسعة ثم قبلها من وجنتيها مودعا أياها تحت أنظار عثمان الذي يشتاط غضبا وهو يرى زوجته يحتضنها ويقبلها رجل آخر ....
.........................................................................
" ادخلي..."
قالها عثمان وهي يدخل صفا إلى غرفتها راميا اياها على السرير...
" هل جننت...؟ كيف تدفعني هكذا ..؟"
" من الذي جن ...؟انا ام انت...؟"
،" وماذا فعلت انا ...؟"
اجابها قائلا:
" بعيدا عن موضوع هروبك..."
قاطعته مصححه:
" انا لم أهرب... انا ذهبت لزيارة خالتي ..."
" دون اذني ..."
زفرت أنفاسها بضيق بينما أكمل هو قائلا بنبرة حادة :
" كيف تسمحين له أن يقبلك هكذا ويضمك إليه...؟"
" تقصد مصطفى.."
" وهل يوجد غيره...؟"
" إنه ابن خالتي ..."
قالتها ببساطة ضاعفت غضبه منها ...
" اسمعيني جيدا ...هذا الكلام لا ينفع معي ... ابن خالتي... ابن عمتي ... اخي في الرضاعة ... لا يوجد شخص يحق له أن يمسك أو يقبلك أو يضمك... انا لا اقبل بشيء كهذا..."
" لكن هذا تخلف..."
" سميه ما تشائين ..."
أردف بعدها قائلا بجديه:
" أما بالنسبة لخروجك دون إذن مني ...فله عقاب ..ظ
سوف تبقين في غرفتك ولن تخرجي منها ابدا إلا من أجل تناول الطعام . ."
" ماذا تقول انت...؟"
اجابها بسخرية :.
" واضح جدا ما قلته ... لا يوجد خروج من هذه الغرفة بعد الآن ...."

سجينة هوسه Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt