الفصل الثالث عشر

Start from the beginning
                                    

استيقظت ميار من نومها لتجد لبيد واقف أمام المرأة وهو يعدل ربطة عنقه ... نهضت من مكانها وتقدمت ناحيته قائلة بنبرة مترددة:
" صباح الخير ..."
اجابها بهدوء وقد انتهى من تعديل ربطة عنقه:
" صباح النور ..."
" لبيد ... أريد أن اتحدث معك ..."
تنهد بضيق ثم التفت إليها متسائلا :
" عن اي شيء تريدين التحدث ...؟"
اجابته بجدية :
" عما قلته في تلك الليلة ... انا اعتذر منك ..لقد تسرعت فيما قلته..."
" لم يعد ينفع ..."
" ماذا يعني لم يعد ينفع ...؟"
سألته بعدم فهم ليجيبها بنبرة متأسفة :
" لقد تأخرت يا ميار ... تأخرت كثيرا ..."
" لما تتحدث هكذا ...؟ ماذا حدث ...؟"
ابتعد عنها وحمل سترته الموجوده على السرير وارتداها ثم قال بنبرة جادة :
" لم يحدث شيء مهم ... لم يحدث شيء سوى انك تأخرت في اعتذارك هذا وتبريرك...  الآن لم يعد له أهمية ... لقد تدمر كل شيء وانتهى ..."
ابتعد عنها بعدها خارجا من الغرفة بينما ظلت هي واقفة في مكانها وصدى كلماته تتردد داخل اذنها وهي تحاول إيجاد تفسير لكلامه الغامض ...
...........................................................................

وصل لبيد إلى الشركة بعد حوالي ساعة قضاها يسب ويلعن بهذا وذاك ... دلف إلى الشركة وشياطين الغضب تحوم حوله ... اتجه بسرعة إلى مكتب غسان... فتح الباب ودلف إلى الداخل ليجد غسان كالعادة منهمك في أعماله ...
جلس على الكرسي المقابل له وهو يقول بنبرة جامدة :
" غسان ... أريد أن اتحدث معك في موضوع هام ..."
تطلع إليه غسان بنظرات متعجبه فهو يبدو متضايق من أمر ما وبشدة... سأله بجدية :
" ما بك ...؟ تبدو متضايقا من شيء ما ..."
" انا في الأساس اكاد أنفجر بسبب ما يحدث معي..."
" ماذا حدث ...؟"
" انا في مصيبة غسان ... ولا اعرف كيف اتصرف ... منذ أن علمت بهذا الخبر وانا في حالة صدمة وذهول... لم انم طوال الليل من شدة التفكير ..."
سأله غسان بقلق واضح:
" تحدث يا لبيد ... ماذا حدث ...؟"
صمت لبيد للحظات مرت كالدهر على غسان ثم ما لبث أن قال:
" جوان حامل ... حامل مني..."
" جوان الطائي..."
ردد غسان الاسم بذهول تام ليومأ لبيد رأسه مؤكدا ما قاله ...
" كيف ... ؟ كيف حدث هذا ...؟"
سأله غسان ليجيبه لبيد بخجل :
" كنت سكرانا و حدث ما حدث ..."
" اللعنه عليك يا لبيد ... الم تجد غيرها ...؟ "
اطرق لبيد رأسه بصمت بينما أكمل غسان بغيظ :
" ماذا ستفعل الآن ...؟ كيف ستتصرف في مصيبة كهذه ...؟"
" لماذا جئت اليك اذا ..؟ حتى تساعدني..."
رماه غسان بنظرات كارهة ليشيح لبيد بوجهه عنه...
بعد حوالي خمس دقائق قضاها الاثنان في صمت تام تنحنح لبيد قائلا بضيق :
" هل ستظل صامتا هكذا ...؟ اخبرني ماذا يجب أن أفعل...؟"
تنهد غسان بصمت ثم قال بجدية :
" لا يوجد سوى خل واحد يا لبيد ... هو أن تتزوجها... يجب أن تتزوجها حتى لا تحدث فضيحة..."
" ولكن انا من الأساس متزوج ..."
" يحق لك ان تتزوج مرتان وثلاث واربع ..."
" وهل برأيك أن ميار قد تقبل بشيء كهذا ؟"
" وأين كانت ميار حينما فعلت ما فعلته ... ؟ الآن باتت ميار مهمة بالنسبة لك وتفكر بها وبوضعها..."
" أنها زوجتي ..."
قالها لبيد بصوت عالي جاد ليزمجر غسان غاضبا :
" ولماذا ترفع صوتك هكذا ... فهمنا أنها زوجتك ... انت تسألني عن حل لمشكلتك... والحل واحد لا يوجد غيره ... انت حر في قرارك... لكن فكر جيدا في الفضيحة التي ستحصل اذا اكتشف أحد ما هذا الأمر..."
اغمض لبيد عينيه بنفاذ صبر ... هو يدرك جيدا ان كلام غسان صحيح ... فلا حل امامه سوى الزواج من جوان ... لكنه لا يحبها ... ولا يريدها... فكيف سيتخذ خطوة كهذا ...؟ وماذا عن ميار وموقفها  من هذه الزيجة ...؟  كيف سيخبرها بشيء كهذا ...؟ ماذا لو طلبت الطلاق.. ؟ ماذا سيفعل حينها ...؟ أفكار كثيرة تعصف داخل رأسه لا يعرف كيف يتخلص منها ...
نهض من مكانه وخرج من مكتب غسان تاركا الأخيرة يتابعه بنظرات مشفقه على حاله وما وصل إليه...
............................................................................
في المساء
دلف إلى داخل غرفته ليجدها جالسة على الكنبة وملامحها تنطق بالعصبيه الواضحة... خلع ساعته ووضعها على الطاولة ثم خلع سترته وعلقها على الشماعة لتنهض هي من مكانها وتقول بضيق :
" لقد تأخرت كثيرا كالعادة ..."
اجابها بملل :
" لدي أعمال كثيرة ...."
" الا يوجد غيرك بالشركة ...؟"
" بلى يوجد... ولا تتدخلي مرة أخرى فيما لا يعنيك..."
" إلى متى ستعاملني هكذا عثمان ...؟ انا لا افهم لماذا تتصرف معي على هذا النحو ...؟ الم يأن لعقابك أن ينتهي...؟"
رفع بصره نحو الأعلى بنفاذ صبر ثم التفت إليها قائلا بنبرة حادة :
" وانت لا تملين من تكرار نفس الموال ... "
" انا احاول ان اصحح مسار علاقتنا ..."
قالتها وهي تضع يدها على صدره ليبعدها عنه وهو يقول بضيق :
" لا تتعبي نفسك ..مهما حاولتِ سوف تظل علاقتنا كما هي ..."
رمقته بنظرات مستاءة بينما اتجه هو إلى الحمام ليأخذ دوش سريع يزيل آثار تعب اليوم الطويل...
خرج بعد عشر دقائق ليجدها جالسة على نفس وضعيتها السابقة... تقدم ناحية  المرأة وبدأ يمشط شعره بلا مبالاة حينما هتفت به :
" عثمان ... لماذا لا نعود إلى شقتنا ...؟"
" لماذا ...؟ مابه هذا المنزل حتى تطلبي العودة إلى تلك الشقة ...؟"
" بصراحة غير مرتاحه هنا ... هناك كنت أشعر براحة أكبر ..."
ابتسم بتهكم ثم قال باستخفاف:
" وهل تريدين مني أن أترك منزل والدي فقط لأن حضرتك لا تشعرين بالراحة به..."
" عثمان انا ..."
قاطعها بصرامة:
" انا لن أترك بيت والدي لأي سبب كان... مكوثي في تلك الشقة كان لأسباب خاصة ... هذه الأسباب انتهت.... والان سوف اسكن هنا ... اما بالنسبة لك بإمكانك الذهاب أينما شئت ..."
...........................................................................
كان جالسا على الكنبة يفكر بعمق حينما دلفت هي إلى الداخل وهي تحييه بهدوء :
" مساء الخير..."
نهض من مكانه وتقدم ناحيتها متسائلا بنبرة حادة :
" أين كنت ...؟"
اجابته بضيق واضح :
" كنت لدى والدتي..."
" والدتك.. هل تصالحتما...؟"
سألها باستغراب لتومأ برأسها وهي تجيبه:
" نعم ، تصالحنا حينما كنت مسافر..."
هز رأسه بتفهم ثم تسائل :
" وماذا عن عائلتك الحقيقية ... ؟ هل يحاولون الاتصال بك أو مضايقتك..."
اجابته بنفي:
" ابدا .."
" جيد ... "
غمغم بخفوت ثم أردف قائلا:
" أريد الحديث معك في موضوع مهم..."
ركزت انتباهها عليه لتجده يقول :
" انا سأتزوج..."
رمقته بنظرات مستغربة وهي تقول بدهشة :
" ماذا يعني ستتزوج...؟"
أردفت قائلة بنبرة ساخرة :
" هل هذه مزحة ..."
هز رأسه نفيا وهو يقول بثبات :
" انا لا امزح ... انا سأتزوج جوان الطائي..."
اضمحلت عيناها بصدمة سرعان ما اختفت ليحل محلها الغضب الصاعق...
" تطلقني اولا ... تطلقني قبل أن تفعلها ..."
" مستحيل... انا لن اطلق ..."
" ماذا يعني لن اطلق...؟ انا لن أصبح زوجة ثانية هل فهمت ...؟"
قالتها بعصبية كبيرة ليهتف بها :.
" هي من ستصبح زوجة ثانية ... انت الأولى..."
" وهل هذا هو المهم ...؟"
صرخت بعينين متسعتين من كلامه الذي يثير غضبها وغيظها ليتحدث بنبرة هادئة:
" اسمعيني يا ميار... الطلاق ليس من صالحك... اهلك لن يتركونك وشأنك... هم الان لن يقتربوا منك كونك زوجتي... في حمايتي... ولن يجرؤوا على الاقتراب طالما انت هنا معي ..."
" هل تظن بكلامك هذا بأنني سأوافق... سأرضى بوضع كهذا ...؟"
" على اساس ان زواجنا زواج مصلحة لا أكثر..."
" ماذا تقصد ...؟"
سألته بارتباك ليجيبها بتعقل:
" انت من قلت هذا ... نحن تزوجنا لغرض محدد ... لماذا اذا مهتمة اذا تزوجت بواحدة غيرك أو اثنتين او ثلاثة حتى .. "
لم تعرف بماذا تجيبه بينما أكمل هو بخبث  :
" طالما انني آخر همومك ولست الرجل المنشود بالنسبة لك ... لماذا اذا متضايقة من زواجي بأخرى...؟"
" انا لست متضايقة...؟"
" واضح ... واضح ..."
قالها بسخرية جعلتها تكز على اسنانها بغيظ وهي تنهره بعصبية :
" لا تستفزني..."
" اسمعيني ميار ... هذا ليس وقت التصرفات المتخلفة... يجب أن نفكر في تعقل ... انت لا يجب أن تتطلقي مني ... الان على الأقل ... حتى لو انت أردت هذا فأنا لن اقبل ... انت أمانة لدي ... هل فهمت ...؟ فكري بعقلك وستجدين أن بقائك معي هو افضل حماية لك ... فطالما انت معي لا يجرؤ أحد من اهلك على الاقتراب مني ..."
نهاية الفصل

سجينة هوسه Where stories live. Discover now