الجزء السابع ( أثيرة قرار )

9.3K 216 1
                                    

كانت تنظر نحوه بدهشة و قد برقت عيناها بلمعان غريب شعرت بأنها تهزي ... ربما هي احلام اليقظة المرافقة لها منذ الصغر و كان هو بطلها دون منافسين ....
ظلت تنظر في عمق عيناه و كأنها تسأله .. هل حقا انت هنا ؟!! ... هل حقا انت معي و لم تبتعد ؟!!
و لكن سرعان ما اختفت كل تلك الأسئلة بابتسامة ناعمة شقت وجهه من الجانب فظهرت تلك الغمازة الرائعة التي تزين جانب و جهه الأيمن و بنبرة حانية قال
_ مالك : وحشتيني
لم تعقب و لم ترمش فقط استسلمت لصوت البحر الذي كان يتناغم مع سحره في تلك اللحظات التي لم تتأكد بعد من حقيقتها ...
كانت يداه لاتزال علي كتفها تملس عليها بنعومة فشهر بارتجاف جسدها ....
_ مالك : وحشتيني يا مروة
لمعت عيناها بدموع غائرة و ابتعدت عنه عنوه ... نظر لها بشئ من الحزن
_ مروة بهمس : ابعد
_ مالك مقتربا منها : مروة
_ مروة بصراخ : بقلك ابعد عني
و ضربته علي صدره و هي تجري بعيدا عنها و دموعها تساقطت عليها كالثلج في ارض صحراء ... تابعتها عيناه التي كانت تحكي كل قصص الالم .. فهو يعرف أن معاناتها في الماضي كانت بسببه و هاهي تعاني مجددا منه في الحاضر ...
لكن سحقا لقلبا يأبي أن يدق لغيرها حتي و أن كان سلم نفسه لقلب اخر ...

****************
دخلت غرفتها و اجهشت البكاء و بعدها بدأت تبكي بصراخ الم في تلك اللحظة دخلت نور التي صدمت لرؤية صديقتها في تلك الحالة ...
_ نور : مروة في ايه
_ مروة : انتي كنتي عارفة انو هنا
_ نور : هو مين يا مروة
_ مروة : مش عارفة مين .. مالك كنتي عارفة أنه موجود هنا
_ نور : مالك !!! هو هنا
_ مروة : يعني مكنتيش تعرفي أنه هنا
_ نور : و الله العظيم ماعرف حاجة عن الكلام الي بتقوليه دا يا مروة
_ مروة : سيبيني لوحدي
_ نور : مش هسيبك و انتي كدا يا مروة
_ مروة بصراخ هيستيري: بقلكو سيبوني في حالي بقااا
_ نور : حاضر حاضر هخرج خلاص متتعصبيش بس انا جنبك يا مروة
خرجت من الغرفة لتصرخ مروة بألم وهي تهتف _ يا رب تفضلي جنبي
سحقا لألم كخنجر يغرز ليدمي ..

**************
نزلت نور لتسير قليلا بجوار البحر مرتدية فستانا فضفاضا باللون الكريمي الناعم و قد وضعت قبة أنثوية علي رأسها لينسدل من خلفها شعرها الاسود المسترسل بجاذبية كانت تسير شاردة الذهن تفكر في أمر صديقتها و كيف وصل الامر الي تعقيد لم تكن تتوقع أن صديقتها عشقت لدرجة وصلت بها الي انهيار بات متوقع ...
بينما هي تسير لمحت طيف رجل طويل القامة قوي البنية كان واقفا امام البحر وكان البحر يلفحه بقوة وهو مغمض العينان و كأنه يتحداه بهدوء ...
لمعت عيناها عندما تيقنت بأنه هو فتقدمت نحوه بخطوات لم تكن تعرف مصدرها فقد شعرت أن قدماها تسيران بها بلا شعور ...
تنحنحت لتعلمه بوجودها إلا أنه لن يفتح عيناه وظل في حالة السكون الغريبة تلك ...
_ نور : حضرتك كويس يا دكتور
فتح عيناه بهدوء ونظر لها مدة قبل أن يتدارك أنه لا يزال واقفا في مكانه منذ ما يزيد عن ساعتان ...
_ عاصم : اه كويس شكرا
_ نور : بس حضرتك لابس خفيف و الجو برد
ابتسم لعفويتها بنعومة وعاود النظر للبحر و ها هو قد شرد مجددا و لكن تلك المرة بعينان مفتوحتان ....
وقفت نور جواره و كان هو بالنسبة لها عملاقا ونظرت له قبل أن تقول بعفوية ...
_ نور : حضرتك في حاجة مزعلاك
لا تعرف من اين حلبت تلك الجراءة هي فقط شخصية خجولة جدا و لكن سرعان ما اختفت كل أفكارها و هي تسمع اول تنهيدة و عقبها كلامه ..
_ عاصم : واحد صاحبي بيحب واحدة جدا و كل مايقرب يحس أن بقربه منها هيأذيها
_نور : غريبة
_عاصم : هي ايه الي غريبة
_ نور : انا كمان ليا صاحبة بتحب واحد جدا و لما جه يقرب لها بعدت هي لمجرد أنها خايفة من الماضي
_ عاصم : و انتي رايك ايه
_ نور : غلط طبعا انا شايفة انهم يواجهو بعض لو بيحبو بعض فعلا وينسوا الماضي لأن الي بيحب بيسامح و الحاضر مش مترتب عليه ماضي و لا حاجة
_ عاصم : و انا كمان شايف أنهم الاتنين غلط ... هو غلط لأنه استسلم و قرر يهرب و طالب منها بعد كدا انها تسامحه و هي كمان غلط لانها لسه بدور في الماضي فمش قادرة تنسي و تغفر .

و أكمل كلامه بنبره خصت صديقه المتألم ...
_ عاصم : بس هو بيحبها أوي لدرجة انو مشتحملش أن قلبه يعيش مع حد غيرها
_نور : وهي كمان بتحبه لدرجة أنها من صدمتها فيه مش قادرة تغفر لان الضربة جات من حاجة كانت بالنسبالها كل حاجة

صمتا قليلا وقد جالت مأت الأفكار في عقولهم  كان عاصم يعرف انها تتكلم عن مروة و لكن نور لم تكن تعرف أنه يتكلم عن مالك اشتد الهواء فنظرت له بحنان و قد برقت عيناها الفيروزية ...
_ نور : الجو بقاا بارد جامد
_ عاصم بلامبالاة : ايوه جدا
_ نور بحنان : طب ادخل انت كدا هتتعب اكيد
_ عاصم ضاحكا : حاضر .. حاضر يا ماما
كانت أول مرة تراه يضحك فتأملته قليلا قبل أن تسمعه يقول لها أمرا ...
_ عاصم : و انتي كمان الفستان الي انتي لبساه دا خفيف ادخلي يا تتعبي
_ نور مبستمة : حاضر عن اذنك يا دكتور
_ عاصم : سلام يا نور
رغم عتمه الليل عرف انها هي فقد كانت قريبة و نبرتها الحانية خاصة جدا .... رغم عتمه الليل لمعان عيناه الرمادية انارت طريقها إلي غرفة أحد صديقاتها فهي لن تنام اليوم مع مروة لأنها طلبت أن تبقي وحيدة و لها هذا طالما ستصبح علي ما يرام ....
دخل هو واضعا رأسه علي الوسادة قبل أن يغض في نوم عميق بحلم ...
حلم كانت بطلته صاحبة الفستان الكريمي

****************
استيقظ في صباح اليوم التالي و دخل الحمام ليأخذ حمامه اليومي خرج و هو يرتدي ملابس خفيفة الي الشرفة المطلة علي البحر وهناك وجد صديقه جالسا و كالعادة شارد التفكير بعينان غائرتان ولا شك أنه لم ينم منذ ليلة البارحة .. 
وضع يده علي كتفه لينبهه بوجوده فنظر له مالك بابتسامة وهو يلقي عليه تحية الصباح
_ عاصم : مالك يا صاحبي ؟؟
_ مالك : انا خلاص تعبت يا عاصم دي رافضة الموضوع تماما دي رافضة حتي تشوفني أو تسمعني
_ عاصم : يا مالك اديها شوية
_ مالك : الكلام دا لو انا متاكد من موافقتها انما هي رافضة تشوف وشي انت مشفتش هربت ازاي اول ماشفتني
_ عاصم : مالك الي اتعمل فيها مش قليل و انت عارف كدا كويس
_ مالك : عارف و مقدر بس انا رجعت عن الغلط و رجعتلها و طلبت منها بقالي تلات شهور ببعت و مبتردش علي ولا رسالة حتي وانا مسافر
_ عاصم : مروة لسه بتحبك يا مالك
ابتسم ساخرا وهو يميل رأسه نحو البحر الذي مع ابتسامته علت أمواج البحر ليتراقص لونه مع لون السماء في ذلك الوقت الباكر من الصباح ...
_ عاصم  : بتضحك علي ايه
_ مالك : علشان أنا كمان بحبها بس انا عاجز و مش قادر ادافع عن نفسي قدامها
_ عاصم : لا يا صاحبي انت مش عاجز خالص انت بتعجز نفسك بتحبها يعني تحارب علشانها تعادي الكل و تجبرها بحبك أنها تعادي نفسها و تخليها تنسي الماضي و تبدأوا من الاول
_ مالك : بس هي ...
_ عاصم : مفيش هي ... في أنت و انت الي لازم تبدأ
_ مالك : بس انا حولت
_ عاصم : تحاول تاني و تالت
ابتسم وقد لمعت في باله كلمات عاصم و نظر لها بلمحة امل
_ مالك : صح انا بحبها و مستعد احارب علشانها و مستعد اخليها تنسي الماضي بكل ما فيه
ابتسم عاصم لصديقه برضا و سمعا طرقات متواصلة علي الباب فتوجه عاصم ليفتحه و هناك فوجأ لها تقف امام الباب مرتدية منامة من اللون البنفسجي و طالقة شعرها كالاطفال مشعثة و حمراء الوجه يظهر عليها معالم الإضراب و الخوف و بنبرة فزعة ...
_ نور : الحقني يا دكتور عاصم

******************

على أوتار العشق ( الجزء الأول : مكتملة )Όπου ζουν οι ιστορίες. Ανακάλυψε τώρα