الفصل 16

6.5K 205 4
                                    


الفصل السادس عشر


إنطلقت جوليانا للسوق برفقة كارل مرافقها حسب أوامر ليو ومعه كتيبة من الحراس ، إمتطت صهوة حصانها وقد إستعادت شخصية جوليانو لتخرج بها دون قيود أو مراقبة .فالجميع يظن أن جوليانو هو شقيق خطيبة الملك التوأم كما نشر الملك فبقي سر تنكرها مخفيا عن الجميع عدا بعض الخدم الذي رأوها عندما أتت للقصر تبعت كارل فهي لأول مرة تذهب للسوق العاصمة رغم أنها لا تريد كل هؤلاء الحراس برفقتها ، ولكنه أمر الملك والمهم أنه أذن لها بالخروج من قفصه ولو لبعض الوقت .فوجئت بكبر السوق وكثرة عدد المحلات والأكشاك ، ترجلوا عن الأحصنة ليكملوا تجوالهم على الأقدام .لاحظت جو وفرت البضائع وتنوعها ، وقد أخبرها كارل أن الملك يهتم بجلب كافة أنواع البضائع التي تنقص المملكة بأسعار معتدله عكس التجار كي يستطيع الجميع الحصول عليها .بينما يتجولون سمعت أصوات رجال ومن بينهم صراخا أنثويا يصدر من أحد الشوارع أسرعت بإتجاه الأصوات برفقة كارل وحراسها لتصدم مما رأت . فأمامها ساحة كبيرة وفيها منصة عالية و قد وضع عليها قفص خشبي كبير في داخله نساء وأطفال مكبلين بقيود حديدية ورجال ضخام الجثة يمسكون ببعض الفتيات الجميلات بينما هناك رجل يحاول السيطرة على فتاة شابة ،
والتي كانت تقاومه بشدة بينما رجل آخر يحمل طفلة باكية بين ذراعيه وعشرات الرجال أسفل المنصة يصرخون .
قال كارل يفسر لها : إنه سوق الجواري سموك .
شعرت بالغضب وهي ترى تلك المعاملة الوحشية تجاه الفتيات ، سمعت ذلك الرجل الجالس على المنصة يقول :
كما ترون لدينا فتاة جميلة وعذراء ، غير مروضة لم يمسها بشر ، هي لمن يدفع أكثر ، وتلك الطفلة الجميلة شقيقتها بإمكانكم شرائهما معا هيا أروني عروضكم ، من يريدها .
إشتعل الرجال من الحماس و تعاقبت العروض ، وتلك الفتاة توقفت عن المقاومة و قد إستسلمت لقدرها ، تنهمر دموعها على خديها بصمت وهي تنظر لشقيقتها ، وأولئك الهمش يزايدون عليها ، بينما تسمع تلك التعليقات المهينة لأي أنثى .
قبضت جو على مقبض سيفها وهي تتقدم تجاه المنصة بينما سارع حراسها لشق الطريق لها وإبعاد أولئك الرجال عنها ، بينما أطلق أحد حراسها صوتا من بوقه ، دفع الجميع للإبتعاد والتزام الصمت فهذا الصوت خاص بالأسرة المالكة فقط .
صعدت جو على المنصة وهي تنظر لذلك الرجل الذي وقف أمامها بإرتباك وهو يتسائل عن شخصية هذا الشاب الذي يبدوا من ملابسه وحراسه أنه شخصية مهمة .
بصوت جهوري أمرتهم جو : إترك الفتاة حالا ... هيا فك قيودها ألا تسمع ... أردفت بصوت قاسي آمر : فورا هيا تحركوا .
تحدث : أرجوك سيدي نحن لم نخالف القانون لا يمكنك إلغاء مزادي حتى لو كنت من النبلاء ، وستكون الفتاة هدية لك إن أعجبتك .
توترت جو لهذا الموقف المهين لتلك الفتيات بينما إنطلق كارل بسرعة ولكمه بقوة وهو يقول :
إحفظ لسانك في حضرة الأمير جوليانو أصيب الجميع بالذهول لينحنوا لجو ويسقط رئيسهم على ركبتيه وهو يقول :
أرجوك سامحني سمو الأمير لم أقصد ... سامحني أرجوك إنه رزقي .
أشارت جو بيدها فضربه كارل : إصمت في حضرة سموه وأنتم هيا نفذو ما أمر به سمو الأمير حررت الفتيات والنساء .
بعدها رمى جو بضع أكياس من النقود الذهبية ثمنا لهن ليضحك ذلك الرجل ببشاعة وهو يرى مبلغا لم يحلم به في حياته .
سحبت جو سيفها لتضعه على عنقه : إسمعني جيدا أنت والجميع منذ اليوم أي شخص يعامل الجواري بسوء سأقتص منه بنفسي هل فهمت ، هز رأسه بخوف شديد وهو يقبض على أكياس النقود .
تركته جو ببطء لتلتفت للفتيات : إسمعوا جميعكن توجهن مع حارسي إلى مزرعتي ستعملون بها دون أن يتعرض لكم أحد ، تعالت هتافات النساء والفتيات بالشكر والبكاء بعد ما مروا به .
إقتربت من تلك الفتاة المقاتلة التي فقدت وعيها من الإرهاق بعد أن إطمأنت بأنها لن تفترق عن أختها ، بحثت بعينيها إلا أنها لم ترى الطفلة الصغيرة .
أمرت أحد الحراس بنقل الفتاة للقصر بينما نزلت بسرعة من المنصة وهي تصرخ : من يدلني أو يحضر لي الطفلة سيحصل على جائزة مالية .
ساد الهرج والجميع يبحثون عن الطفلة ، كانت جو على وشك الإبتعاد بحثا عنها إلا أنها عادة للمنصة وإقتربت منها لتنظر أسفلها وترى تلك الطفلة متكورة على نفسها ومختبئة خلف الدرج لتبتسم بخفوت وتحملها بعيدا عن هذا المكان وقد أرسلتها وأختها للقصر .
كارل : لنعد إلى القصر سموك لن يكون الملك سعيدا بإختلاطك مع هؤلاء الرعاع أرجوك لنعد .
قاطعته : لا تقلق أريد رؤية المزيد ، أخبرني هل هناك سوق آخر للجواري و العبيد هنا فهذا السوق ليس فيه إلا النساء .
تردد كارل فهو يخشى رد فعل الملك.... ولكنها الآن بشخصية الأمير ...
جو : كارل هذا أمر هيا أخبرني ولا تقلق لن أتدخل سأنظر فقط .
كارل : هناك سوق بالطرف المقابل من السوق ولكنه خطر يباع به العبيد من الذكور وأحيانا يحدث به شجارات دامية .
تنهدت جو بينما تتبع كارل لمكان مزاد العبيد الذي فاجأها بشدة فشتان بين هذا وذاك المخصص للنساء .
فأمامها كان هناك رجالا راكعين ومقيدين بالحديد دون حول ولا قوة ، محاطين برجال ضخام الجثة تظهر عليهم مظاهر الوحشية ، وهم يحملون أسواطا مجدولة لتسبب ألما أكبر بكثير من ألم السوط العادي .
ما أثار شجنها أكثر ذلك الشاب المثبت على خشبة ويقومون بجلده بقسوة شديدة حتى فقد وعيه ليصرخ مديرهم بأنها جزاة كل من يفكر بالهرب ، أعادت قسوة هذا المشهد ذكرى ذلك اليوم وهي ترى توماس مكان هذا الشاب و ليو يجلده بقسوة ويرفض قبول إستعطافها من أجله .
أدرك كارل ما تشعر به من تعابير وجهها المتعاقبة ويخشى تهورها فهو لا يملك الحراس الكافيين لحمايتها .
تقدمت جو بتهور فهي لن تسكت على مثل هذه الوحشية إلا أن كارل أمسك بذراعها وقد أحاط بها حراسها .
ليقول كارل بإحترام : آسف سموك لا أستطيع السماح بتهورك فهذا المكان خطر عليك كما أن نصف حراسنا قد عادو للقصر .
جو وهي تحاول تحرير ذراعها : دعني أنا آمرك ... هيا إترك ذراعي وإبتعد حالا عن طريقي .
كارل بإعتذار : آسف سموك ولكنها أوامر الملك عند تعرضك للخطر ، عليك الرجوع للقصر حالا .
حاولت جو مباغتته لتخلص نفسها إلا أنه وبمهارة فائقة قام بإيقاف حركتها فهو مرافق الملك ويمتلك مهارات وخبرات قتالية عالية المستوى ، وقد إئتمنه الملك على خطيبته وأعطاه حرية التصرف حين تتعرض للخطر .
حملها بين يديه بينما أحاط بهما الحرس يحجبوهم عن الأنظار ليتجهوا إلى مكان أحصنتهم ويغادروا نحو القصر وسط غضب جو التي بعد أن تركها كارل أسرعت و إمتطت حصانها و جرت به عائدة نحو القصر الملكي .
بعد ساعتين
جلست جو في جناحها ، تشرب قهوتها ، وتنتظر الفتاة التي أنقذتها اليوم .
مازال عدم التصديق و ألم المشاهد التي رأتها يحتل أفكارها .
هي لا يمكنها إلغاء قانون تملك الجواري ولكنها تقسم بالحصول على قانون يحمي الجواري والعبيد من التعذيب والألم .
دق الباب لتدخل تلك الفتاة الشابة وقد ظهر جمالها بعد إستحمامها وإرتدائها ثيابا نظيفة .
إنحنت بلباقة للأميرة وقد عرفت أنها شقيقة الأمير الذي أنقذها :
_ تحياتي سمو الأميرة جوليانا أتمنى أن تكوني بخير .
_ ما إسمك يا فتاة ؟
_ إيفانيا لورنسن سموك .
جو : إجلسي إيفانيا .
إيفانيا : لا يجوز سموك أنا مجرد جارية هنا .
جو بنبرة آمرة : إجلسي .
جلست إيف بإرتباك شديد وهي ترى الأميرة تطلب منها صب فنجانا من القهوة الموضوعة على الطاولة .
تأملت جو حركاتها وطريقتها الراقية في صب القهوة والتي تؤكد شكها فهذه الفتاة ليست من عامة الشعب .
جو : أخبريني عنكي عزيزتي من والديكي وما الذي جرى كي تصلين لذلك الوضع الذي رأيتك به فأنتي لست فتاة عادية بل تلقيتي تربية وتعاليم رفيعة أريد الحقيقة .
إيف : كله بسبب زوجة أبي ، توفيت أمي منذ كنت صغيرة فتزوج والدي بقريبته التي لم تحبني وكنت أتجنب أذاها ، حتى توفي والدي منذ ثلاثة أشهر وبدأت معاناتي ، فقد باعتني وأختي لرجل يمتلك ديونها لذا أخذنا مقابل الديون ، رغم أن والدي يمتلك أراضي واسعة ، وكما ترين ففي النهاية أصبحت جارية لا أملك من أمري شيئا .
نظرت جو وهي تتأمل تلك الفتاة وتسمع معناتها ، هي فتاة جميلة متوسطة الطول ، تملك شعرا كستنائيا وعينان بنيتان واسعتان وملامح جذابة ملفتة للنظر ، وشخصية قوية .
جو : والطفلة هي أختك ولكن والدتك متوفية منذ زمن .
إيف : لقد أنجبها والدي من إحدى الجواري التي توفيت عند الولادة ، ولولا توسلاتي لوالدي لأبعدها حسب رغبة زوجة ابي .
جو : ما إسم والدك إيفانيا ؟
إيفانيا : الكونت جورج لورنسن توفي بسبب حادثة تسميم الجنود .
صدمت جوليانا : أنا إلتقيت به إنه مسؤول العمليات العسكرية وكان صديقا لوالدي ، ولابد أنه له كثير من الممتلكات والأموال وزوجة والدك أبعدتكم بسبب جشعها .
إيفانيا : للأسف هذا ما حصل ولكني لا أملك الإثباتات وهي أبعدتنا فورا عن طريقها .
وقفت جوليانا وإقتربت من إيفانيا التي وقفت بدورها ، أمسكت يديها وهي تنظر في عينيها المليئتان بالدموع وقالت بعطف :
منذ هذه اللحظة اليوم أنتي لست جارية بل ستكونين مرافقتي الخاصة وتحت حمايتي شخصيا ، وأعدك بأن أرجع لك ولشقيقتك حقكما الذي سلب منكما .
إنحنت إيف تريد تقبيل يد جوليانا ، إلا أن جو منعتها وهي تضمها برقة فهي أثارت عطفها لما مرت به وإعجابها بشخصيتها .

*************************

عند ليا
إستيقظ روبير على منظر حبيبته الغارقة بالنوم بين ذراعيه لم يصدق كيف تستطيع هذه الصغيرة إستمالة عطفه عليها وضعفه أمام حزنها ودموعها فرغم رقتها وضعفها إلا أنها متهورة بشدة .
مد يده يتلمس بطنها الضامر والذي يحمل بين جنباته طفله الصغير ، تملمت ليا وهي تشعر بلمسات رقيقة تداعب بطنها بلطف ، نظرت لأميرها وهي تستوعب وضعيتهما وتتذكر ما حدث ، إحمرت بشدة تحت أنظاره التي توجهت إليها ليزيد إنبهاره بها وببشرتها الرائعة .
روبير : كيف تشعرين صغيرتي .
إبتسمت بخجل : بخير وأنا بخير سموك .
وضع أنامله على شفتيها وهمس : أنا الآن حبيبك وسأكون زوجك المستقبلي حبيبتي لذا يمكنكي مناداتي بإسمي .
هزت رأسها بطاعة ، ليقهقه ويكمل : آخ كم أتعبتني وأتعبتي نفسك بتهورك منذ اليوم عليك ضبط أعصابك وعدم التهور ...... والآن سأتركك لهزي نفسك لنتناول الغذاء فلابد طفي جائع بسببك فقد حرمتيه من العشاء والفطور عليكي مراعات وضعك فثمرة حبنا بين يديك .
إبتسمت بسعادة بكلماته اللطيفة ، والتي أعطتها بعض الثقة لمواجهة مستقبلهما معا وتتمنى أن يبقيان سعداء إلى الأبد .
قضى روبير ما عليه من أعمال لينشغل حتى المساء .
بينما جو إطمأنت من ميرتا عن وضع ليا وأسعدها أنهم حلو خلافاتهم وتشعر بالسعادة لأنهما سيتزوجان .

**************




بين أسوار مملكته مكتوبة كاملة سلسلة قيد الجواريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن