|11|

18.3K 475 11
                                    


مجهول ضعت فيه ولا أعلم هل لطريقي نهاية أم لا
مجهول غرقت فيه ولا أعلم هل لم من فكاك!!
مجهول مخيف ليس له ملامح ولا أشباه هل لي من مفر!!

في الغرفة المظلمة ذات الفراش المتسخ والنافذه المتهالكة كانت ترقد وراء الباب علي الأرض ضامة ركبتيها إلي صدرها تفكر في هذا الشخص المثير للفضول..فضولها كان أكبر من خوفها كانت تشعر بالفضول ناحية هذا الشخص الغامض من هو؟ وما هي هذه الحياة التي عاشها جعلته بقلب بارد وعيون حاده ودائماً عاقد حاجبيه ، ألا يعرف أنه يوجد ما يُسمي بالإبتسامة في هذا الكون ؟!
كانت كل هذه الأفكار تعصف برأسها حتي كاد أن ينفجر ، لابد أن تعرف من هذا الذي يسمي قاتلها وحاميها بنفس الوقت...وضعت يديها علي وجهها لتغطي خصل شعرها الهاربة من الحجاب طوال الأيام الفائتة كانت تحافظ علي ألا يظهر منها أي جزء ولكن عندما إنتفض من نومه وإنقض عليها كما ينقض الأسد علي فريسته لم تشعر بشئ سوي نظرته النارية ولمسته الحارقة فوق ملابسها ولم تلاحظ هروب خصلاتها الكستنائية من تحت الحجاب...لأول مرة تري عينيه عن قرب ولكنها لاحظت وراء كل هذه القسوة لمحة من الحزن للحظة واحدة فقط ولكن لابد أن أعلم ما يختبئ وراءك أيها الحامي والقاتل.

_______________

كان يتلمس الصورة في حنان وحب وظهر علي شفتيه شبح إبتسامة ضم الصورة إلي قلبه كأنه يحفرها بداخله أسند رأسه إلي الوراء مغمضاً عينيه ومازالت الصورة في داخل قلبه والمشهد محفور في ذاكرته ولا يستطيع نسيانه أبداً ومهما مر وطال الزمان لن ينساه..آه منك يا قلبي..أتنشد الراحة وأنت لا تستحقها! ، أتنشد الحياه وأنت لا تستحق العيش! ، هنا في هذا الكوخ تكمن مصدر الإزعاج تريد مني الشعور والشفقة ولكن هيهات فقد فقدت تلك الأشياء منذ زمن طويل ولن أسمح لأحد أن يغيرني حتي لو كانت مزعجه متطفلة آتية في رحلة من العالم الخارجي.

_________________

إنطلق مازن إلي القاهره بأقصي سرعه بعدما أخبر والده أنه لديه شئ ربما سيكون خلاص أسيل ، وصل إلي المنزل وبدأ يبحث في غرفة نادين عن هذا الفيديو حتي وجده مخبأ في الدولاب حمد الله في سره واخذه إنطلق إلي مكتب وكيل النائب العام عندما أخبر السكرتير عن إسمه أدخله فوراً ، وجد رجلاً في منتصف الخمسينيات غزا الشيب رأسه قام الرجل من مكتبه مُرحباً بمازن...
السيد عبد الرحمن:أهلاً وسهلا دكتور مازن إتفضل.
مازن(ماداً يديه):أهلاً بحضرتك يافندم ،  (وهو يجلس) متشكر
عبد الرحمن:تشرب إيه ؟
مازن(يتنهد):لأ متشكر مش عاوز حاجه انا جاي أقول لحضرتك علي المعلومات اللي عندي وبيها إن شاء الله نلحق ننقذ أسيل .
عبد الرحمن:إتفضل إتكلم أنا سامعك.
مازن:أسيل وزميلتها كانوا رايحين يصوروا عملية تبادل مخدرات تبع طارق الحديدي أكيد حضرتك عارفه..المهم هما صوروا المهمة دي كلها وانا معايا الفيديو وواحد من الاتنين اللي فيه هو اللي أخد أسيل.
تململ عبد الرحمن في جلسته واضعاً الكاميرا التي أعطاه إياها مازن علي المكتب...
عبد الرحمن:بس هو إيه اللي مخليك متأكد أن الصفقة بتاعة طارق الحديدي هو كان في الفيديو؟
مازن(بضيق وقد فهم مقصده):لأ مكانش في الفيديو بس أظن بابا قال لحضرتك أن زميلة أسيل هربت منهم وهي وأسيل كانوا عارفين كل حاجة وكمان السكرتيرة بتاعته هي اللي مبلغاهم الكلام ده.
عبد الرحمن:أنت عارف مين طارق الحديدي يادكتور؟
مازن(بعصبية):أنا ميهمنيش أي حاجة غير أختي اللي مخطوفة وأمي اللي في المستشفي علشان متعرفش بنتها عايشة ولا ميتة يا فندم.
عبد الرحمن(مُحاولاً تهدئته):إفهمني بس طارق باشا ده عضو في مجلس الشعب وصاحب أكبر مصانع في البلد يعني لو الصفقة دي تبعه يبقي أكيد عارف موضوع أختك وخصوصاً بعد المقال اللي نزل عنها وبكدا يبقي هو أكيد عارف اللي خطفوها.
مازن(فرك ذقنه بعصبية):بص يافندم عضو في المجلس الشعب أو غيره أنا هجيب أختي وهاخد حقها أنا بوري حضرتك الفيديو ده علشان تدورو عندكم في ملفات المجرمين لو عرفتوا حد من الاتنين اللي فيه يبقي شكرا لحد كدا مع أني أعرف يعني أن الشرطه في خدمة الشعب يعني المفروض لو طارق ده متورط في صفقة بشعة زي دي يتحاسب حتي لو كان رئيس الجمهورية نفسه.
إنتفض عبد الرحمن إثر جملته الأخيرة قائلاً...
عبد الرحمن:دكتور مازن كفاية لحد كدا أنا مقدر قلقك علي أختك وهشوف الفيديو واللي أقدر عليه هعمله.
نظر له مازن شزراً ولم يرد فقط الصبر حتي تعود شقيقته ، شاهد عبد الرحمن الفيديو ثُم إستدعي مساعده قائلاً...
عبد الرحمن:محمد تعالي شايف الاتنين اللي في الفيديو ده.
محمد(نظر للشابين):أيوة يافندم مالهم ؟
عبد الرحمن:تروح تدورلي عليهم في ملفات المشبوهين في جرايم القتل والمخدرات دلوقتي حالاً مفهوم.
محمد:مفهوم كلام سعاتك يافندم أي أوامر تانيه.
عبد الرحمن:لأ إتفضل إنت.
مازن:متشكر لو سمحت الفيديو!
عبد الرحمن:هتاخدو ليه؟
مازن(هم بالوقوف):طول ما هو معايا حياة أختي مش هتكون في خطر إن شاء الله .
أخذ مازن الكاميرا دون أن ينتظر رد عبد الرحمن وخرج من مكتبه متخذاً طريقه إلي المشفي ليري والدته ويطمئن علي حالها
سال عن غرفتها ووجد والده يقف مستنداً علي باب الغرفة ذهب إليه مسرعاً الخطي محتضناً إياه...
ياسر:حمد الله علي السلامة ياحبيبي.
مازن(مقبلاً رأسه):الله يسلمك يابابا ، ماما عاملة إيه دلوقتي ؟
ياسر(بحزن):لسه مفاقتش كانت صدمة شديده عليها فاكرة أسيل بعيد الشر ماتت.
مازن(تنهد بحزن):بعيد الشر أقدر أدخل أشوفها ؟
ياسر:هي نايمة بس دموعها عمالة تنزل والدكتور مانع أن حد يدخل عليها خالص تقدر تبص بس من برا.
نظر مازن بلهفة إلي والدته وجدها بين الأجهزة وهناك كمامة الاكسجين علي فمها هربت دمعة من عينيه مسحها سريعاً وأخذ والده من يديه يُجلسه علي أحد المقاعد...
مازن(بنبرة حانية):بابا ملوش لازمة حضرتك تفضل هنا أنا هفضل جنب ماما وأول ما تفوق هقول لحضرتك.
ياسر(فرك عينيه بأرق):طمني الأول إيه الحاجة اللي كانت معاك ويمكن تنقذ أسيل؟
مازن(بضيق):أسيل ونادين كانوا مصورين فيديو والفيديو ده الحمد لله كان مع نادين وفيه صورة لواحد من الاتنين اللي أخدوا أسيل وديتو لوكيل النائب العام اللي حضرتك بتقول عليه صاحبك.
قال كلمته الأخيره بنبره ساخرة...
ياسر(بامل):والله طب الحمد لله ها وإيه اللي حصل؟
مازن(بتساؤل):هو حضرتك تعرف طارق الحديدي؟
ياسر(بتفكير):إمممم بيتهيألي أعرفه مش هو ده عضو مجلس الشعب وصاحب أكبر مصانع للحديد والصلب!
مازن(بأسف):أيوة هو بالظبط..ده بقي رجالته هما اللي خاطفين أسيل يابابا لأن الصفقة دي بتاعة مخدرات وكانت تبعه تخيل عضو مجلس شعب بيتاجر فى المخدرات!!
ياسر(بدهشة):مش معقول! حسبي الله ونعم الوكيل طمني يامازن يابني إيه اللي حصل بعد ما عبد الرحمن شاف الفيديو ؟
مازن(بضيق):عبد الرحمن بيه ساعة ما سمع إسم الحديدي كأن في حية لدغته ومرضيش يشوف الفيديو لحد ما قلتله أنا اللي يهمني سلامة أختي وميهمنيش حاجة تانية علي الرغم من أن طارق الحديدي وأمثاله لازم يتحاسبو المهم يعني شافه وخلي واحد من اللي عنده يدور في الملفات بتاعة المشبوهين عنهم وهيكلمني لو فيه حاجه بس أنا أخدت معايا الفيديو تاني.
ياسر(بدهشة):حتي عبد الرحمن كان خايف ؟
مازن:ده كان مرعوب مش خايف ، بس متخافش والله لو وصلت أني أطربق الدنيا علي دماغ طارق الحديدي هعملها أنا أهم حاجة عندي أسيل.
ياسر(أمسك يديه):لأ يا مازن أنا مش ناقص أخسر حد تاني حرام كفاية هى إن شاء الله هنلاقي أسيل من غير ما ندخل في خلافات مع طارق ده واظن زي ما أنت شايف مفيش حاجة عليه خالص وكمان ده عنده حصانة.
مازن(بتفاؤل):بس حضرتك بردوا ليك إسمك وسمعتك ومش قليل في البلد علشان طارق ده يؤذي حد من أهلك.
ياسر(يتنهد):أيوة بس أنا مش عاوز أعمل زيه وأستعمل نفوذي أنا بنيت بنفسي يا مازن وأسيل علي الرغم من اللي عملته كان غلط بس أنا كان نفسي تظهر حقيقة البني أدم اللي الناس مخدوعة فيه.
مازن(أمسك يديه):أنا هريح حضرتك يابابا ومش هعمل شوشرة بس لحد ما أطمن أن أسيل كويسة.
نظر ياسر إلي غرفة زوجته بحزن والإرهاق باد علي وجهه شعُر مازن بوالده فالحمل أصبح ثقيل عليه من ناحية والدته التي مازالت بالعناية المركزة ووالده الخائف علي صغيرته وشقيقته التي لا يعلم أين هي إلي الأن ومن ناحية آخري هناك عنيدة متمرده أضاعت حياتها ، ربت علي يد والده يسانده في هذه المحنة نظر له ياسر شاكراً الله أنه لدين إبن مثل مازن يقف بجانبه ويسانده ويحمل بعض العبء عنه...
مازن(بحب):يلا بقي ياحبيبي أنت روح إرتاح شوية لحد ماما ما تفوق وأنا هكلم حضرتك علي طول.
ياسر(بإعتراض):مينفعش أسيبها يا مازن بجد مش هرتاح إلا لما أشوف سميحة وأطمن عليها.
همَ مازن بالإعتراض ليريح والده...
ياسر(مقاطعه):خلاص يا مازن مش عاوز نقاش أنا مش همشي من هنا غير ووالدتك معايا.
مازن(بإستسلام):خلاص ياحبيبي أنا هقوم أجيبلك حاجة تاكلها.
ترك والده يُفكر في زوجته وحبيبته وطفلته وهذا الطارق الذي يملك الكثير ولن يتهاون في سحق كل من يقف في طريقه.

فى جحر الشيطانWhere stories live. Discover now