٢٦؛ رجلٌ يَضجُ بالصَمتْ.

Start from the beginning
                                    

من إحدى الممرات المظلمة في المكان، صدح وقع أقدام يقترب .. أشار بيكهيون للرجل أن ينظر، فلف عنقه ببطء خانق تتخبط أسنانه ببعضها بعدما شخبت حبات العرق من منابت شعره، ازداد وقع الأقدام مصاحبًا أنين لم يكن غريبًا على سمعه ..

اتسعت أعينه بزاوية أكبر حالما خرج الجسدان من الظلام، فتى الواضح من هيئته أنه أحد أفراد العصابات، بؤبؤه بالكامل رمادي مما يعني أن بيكهيون بالتأكيد قام بالسيطرة عليه .. يدفع أمامه فتاة عشرينية موضوع في معصميها أصفاد مرافقة للاصقة فوق فمها تسببت في خروج أنين بكاءها مكتومًا لهذا الحد ..

- لا لا !! أتوسل إليك لا .. ماذا ستفعل بابنتي؟!!!

تعثرت الأحرف بشفتيه مراتٍ لا تحصى قبل أن يدفعها أخيرًا متلعثمة بلوعة .. فتنهد بيكهيون بملل قبل أن ينهض مرة أخرى على قدميه، مرر أنامله الرشيقة في ظلمة شعره يعيده للخلف مساويًا خصلات غرته مع الأخريات .. فك تشنجات عنقه من الجانبين مصدرًا طرقعة سببت نفضة قوية في جسد المقيد البائس .. طالع تقدمه ناحيته بدموع انفجرت من ينابيعها ..

توقف بيكهيون أمامه مباشرة ومال بجزءه العلوي ليصل لأقرب حيز أمام وجهه .. دحرج عدستيه راسمًا تعابيره المفزوعة لوحة ستبقى في دماغه لتزيل ذات ما رأه على وجهها البريء، تمتم بخفوت أول نوتة في مقطوعته الفريدة :

- أتعرف؟ لقد نزفت إيرين كثيرًا وأجرت جراحة مؤلمة حقًا .. أخاطوا الجرح لها بخياطة تجميلية لكنهم قالوا أنه رغم ذلك سيترك ندبة، أيضًا .. نصحني الطبيب بعرضها على طبيب نفسي لتخضع للعلاج .. للآسف إيرين الخاصة بي لم تستطع التأقلم مع حقيقة أن الرجل الذي اعتبرته والدها قام باغتصابها !

اعتدل بهدوء مموضعًا كفه اليسرى فوق جسده، دار حوله دورة كاملة قبل أن يستقر خلفه تمامًا .. ولاتزال راحته ساكنة فوق كتفه، صمته وهدوءه كان مخيفًا أكثر من قوله ملايين التهديدات، شيء يميل في سريرته للسيكوباتية في التعذيب ..

أن تقتل وأنت تبتسم ببراءة، لا يقوى على فعلها الكثيرين .. من يحملون الجبروت فقط، وكما كان متفردًا بعِظم الألم تفرد أيضًا .. بالقدرة على القتل بهمسة!

- أنا آسف !!!

لم يجد في حوزته كلمات غير تلك، فلكأن الأبجدية كلها التي شخذ بها قريحته في سنين طفولته قد محيت إلا من هاتين الكلمتين، وكل الحجج التي يملكها تلاشت شأن السراب تاركة رعشته في زيادة ودموعه تتكاثف كالسيول ..!

" توء " أخرجها بيكهيون بسخرية، ليتشدغها كنغمة تحت ضرسيه .. أخرج من جيبه خيطًا وإبرة حياكة ثم مال من الجانب ليراقب ملامحه المفزوعة :

- آسف لن تفيد في شيء، إنها كلمة سخيفة لا أحبذ سماعها .. أسرفت في قولها يا رجل .. ( ضم شفتيه فجأة ليحل الصمت، ثم صحح ) عذرًا .. أنت لست رجلا حتى! ليس مهمًا .. على العموم يجب أن تعرف بأنك ستخوض تجربة رائعة اليوم ..! أخرج لسانك لو سمحت؟

بِيكَاسّو || A war of bloodWhere stories live. Discover now