١٧؛ في غَيّاهِب السِجن.

4.8K 443 995
                                    

مرحبًا يا صغيرات 💙

المقطع هديّة.

_

ذات ألم، وُلِد الحب يتيمًا. ووسط الخراب وجد لنفسه ملجأً في قلوب المُحبين واستوطنهم محتميًا بسلامهم الداخلي، ومتغذيًا على أرواحهم. ثم هلك وإياهم!

ذلك لأن الحب والأدب لا يجتمعان. ولم يعرف بيكاسو أن كل ما كتبتهُ أحلام كان حقيقيًا. كانت محقة عندما قصت له بين سطور ذاكرتها أن الحب ليس وجهًا للسعادة. أن الأدب هو السعادة!
لم يفهم فاتحة روايتها مطلقًا مهما حاول قراءتها والآن فقط لما وعي ما أرادت قوله. وتمنى لو ظلّ أميًا عن نصول الحقيقة في ربوع كلماتها.

« الحب هو كل ما حدث بيننا والأدب هو كل ما لم يحدث »

فهنيئًا للأدب على فجيعتنا إذن؛ فما أكبر مساحة ما لم يحدث. إنها تصلح اليوم لأكثر من كتاب. وهنيئًا للحب أيضًا؛ فما أجمل الذي حدث بيننا. ما أجمل ما لم يحدث. ما أجمل ما لن يحدث.

الآن حقًا فهم ما قصدته بالأدب. اليوم فقط عرف ما هو أدب الحب ويا لهول ما اختلف الحب عن أدب الحب. وسحقًا لسخافة البشر لإلباسهم الأمور غير حقائقها!
مساء الألم، دعاه الحنين على طاولة أخرى، بها صنفٌ آخر. أطباقها أخرى. كل ما في اللقاء مختلف عدا كونه - مجددًا - خسر شيئًا منه ليكون طبقًا رئيسيًا في الوليمة. خسر بيكاسو كبرياءه أمام أنوثتها المتوجعة!

عبرّ من جوارها مُصَفدًا بالأغلال وأمام عينيها رأت الهوان في عينيه. رأت الموت في عينيه ويا لشدة ما أفجعها بهوت البريق. أعينه - الشيء الوحيد الذي بقي محتفظًا ببريقه - ها هي توشك على الانطفاء و ها هي تُغرِق بيديها عالمها الكائن بين جفنيه بالدماء.
ابتلعت لعابها واهتز السيف في يدها يختنق قلبها بغصته، وتتلعثم خفقاتها في حضرة ألمه المهيب.

عضّت لسانها داخل فمها بقوة عندما اقترب الحارس ولف العصابة حول عينيه حاجبًا عنه الضوء وحاجبًا عنها الوطن.
كذلك أمسك بذراعه وقاده نحو سجن القصر وباستسلام مؤلم سار برفقته مستكينًا، فودّت لو أنه صرخ رافضًا!

اختفى من مجال نظرها، فحولته للمحاربَين اللذين مايزالان واقفان بصدمة. أرخت أصابعها فسقط السيف على الأرضية مطلقًا صوتًا عاليًا خفت تدريجيًا حتى تلاشى تمامًا كصوت أنفاسه عمّا قريب.

هل سيتلاشى من عالمها كحلم اليقظة القصير؟

رفعت أصابعها تتحسس زاوية صدرها، حيث تربع القلب في تلك المساحة باكيًا دون توقف. جرّت خطواتها ببطء تحوّل تدريجيًا لركض نحو غرفتها. أغلقت الباب خلفها وظلت تنزلق بظهرها حتى تقعدت الأرضية فضمت قدميها لصدرها تحدق في الفراغ بأعين مرتعشة وتمتمت :
- بيكهيون، أحتاج لك، لأنفاسك، لكل ما يتعلق بك!

بِيكَاسّو || A war of bloodحيث تعيش القصص. اكتشف الآن