٢٦؛ رجلٌ يَضجُ بالصَمتْ.

Start from the beginning
                                    

لم يعرف أن الحياة غيورة، ولا تحب لأحدٍ أن يخطو على نسق خطواتها .. فارتدت قناع البراءة الذي بات مقززًا عليها، وأشهدت الإله ~

قالت :

- أقدامه تجرهُ إليّ، مهما لاذ بالفرار يهرب مني إليّ ..

ليقول القدر :

- ماذا تعنين ..؟

تجرعت من كأسٍ كان بيدها، لإحدى ضحاياها مملوء بدماءها ثم تمتمت :

- أشتهي تذوق دماءه، لا أظنني سأفعل وهو مشمول برحمة الرب!

- لقد جننتي أيتها الحياة، من تظنين نفسكِ لتخادعيه؟

زجرته بعتاب أنثى، ووضعت إصبعها فوق شفتيها مخرجة أحرف ملتاعة :

- شش أيها الأحمق، ما الذي تقوله؟ أتريد لنا الهلاك بكلماتك تلك؟

- إذن .. ماذا تعنين!؟

- وحده الرب من يحاسب المخطئين، فليجرؤ أحدهم ويتعدى على ذلك .. تلك خطتي!

- يا لكِ من بائسة، ذلك الفتى يملك حجة دفاع قوية بسبب اعتداء هذا الرجل، أتظنين الإله سينصفه وهو الجاني؟ العين بالعين والسن بالسن والجروح قِصاص ..يسمونه قصاصًا !

- أحمق! أنا أرسم له طريقًا .. بعناية، سيطرد من رحمة الإله وسترى، أنا فقط سببت له الأسباب وهو سيرتكب .. خطيئته!

وحقًا سار بيكهيون مكبل بالأصفاد بعيدًا عن إرادته .. معصوب العينين عن مؤامرة تخوضها الحياة ضده، وخطأ سيرتكبه لن يغتفر ..!

أيام من العذاب النفسي، الخوف والترقب طوت نفسها من عمر الرجل وهو يرى ظله في كل مكان .. يحس بلمساته وهو نائم، يخترق كوابيسه .. يسمع همسه، حتى تحول الظل لجسدٍ كامل وصحيح وتحول الهمس لأحرف واضحة كأنها الشمس بكبد السماء ..

مستودع مهجور، يضرب أوصاله برد كانون مسببًا ارتجافة حتى في جدران المكان .. كرسيين متواجهين، لا تعرف مَن مِمن يجلس فوقهما هو الجاني والضحية، لكن أحدهم مقيد بالسلاسل الحديدية والآخر حر، لذلك ربما هو الجاني .. أو سيصبح جانيًا !

فتح سوجون عينيه بشهقة متحشرجة أفلتتها حنجرته فور أن سكب بيكهيون فوقه دلو ماء مثلج، ثم ابتسم بهدوء ولوح له :

- تادا مفاجأة !

ارتعشت فرائص سوجون دون أن يعرف سببًا محددًا .. أهو البرد والماء، أم هول ما يحسه من خوف .. أمام هذا، الوحش؟

- أنـ أنت !!

عاد بيكهيون بخطوات متباطئة ناحية كرسيه، دس كفيه في جيبي بنطاله وهو يطرقع لسانه بسقف حلقه قبل أن يعاود تقعد الكرسي .. رفع قدمًا للأخرى مخرجًا من جيبه مبرد وانشغل بمساواة أظافره متمتمًا :

- لستُ وحدي على الأرجح .. ( رفع عينيه المبتسمتان بطفولية ليواجه بها العائدة للرجل حيث كانت تتحرك بلا توقف تكاد الرهبة تمزق أضلعه .. نفث بعض الهواء على أظافره قبل أن يهتف ) تعال!

بِيكَاسّو || A war of bloodWhere stories live. Discover now